ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 23/11/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

ليس الاستبداد بديلاً صالحاً للاستعمار..بل وكيلاً له:

النظام السوري بين صراع الإرادات والخيار الوطني

لؤي عبد الباقي/ملبورن

تتكرر في الإعلام السوري الرسمي، في الآونة الأخيرة، المقولات التي تحاول إقناع الشارع السوري، والعربي بشكل عام، بأن البديل الوحيد للاستبداد القائم هو الاستعمار الجائر الذي يهدد بإحراق الحرث والنسل. في حين أن الخطاب الرسمي حينما يتوجه، على ألسنة المسؤولين، إلى الدول الغربية، وأمريكا بشكل خاص، يد فع باتجاه آخر ملمحاً، أو مصرحاً، بأن البديل له، فيما لو سقط، هو نظام إسلامي متشدد يشكل خطرا على مصالح الغرب الإستراتيجية في المنطقة. أما عندما يتخاطب النظام السوري مع أشقائه من زعماء العرب فتبرز رواية ثالثة وهي أن المنطقة ستدخل في حالة من الفوضى تهدد عروشهم المستقرة، وتستفز مجتمعاتهم المتململة. هذه هي السيناريوهات الشهية المطروحة على المائدة الرسمية وعلى كل من الشعب السوري، والمجتمع الدولي، والنظام العربي، أن يختار وجبته الشهية من بينها، كل حسب ذوقه. عبقرية فذّة قلّ نظيرها تلك التي ترسم السياسات الإستراتيجية وتعد الوجبات السريعة في مطبخ سلطتنا العتيدة!

ما يهمني هنا هو إبراز الازدواجية البهلوانية التي يخاطب بها النظام شعبه، من جهة، ودول العالم الغربي، من جهة أخرى، أي أنني سأتجاهل تماما ذلك الخطاب الموجه إلى النظام العربي، لأن هذا النظام مصاب بالشلل، فليس هناك ما يرجى منه.

أمامنا إذا صراع إرادتين، لا ثالث لهما: الإرادة الغربية، أو الأمريكية، والإرادة الشعبية السورية. تلك هي المعادلة التي يعزف على أوتارها أقطاب النظام في سوريا. النظام يقول للأمريكان لو أزحتموني عن السلطة فإن الشعب (الحاقد عليكم) سوف يهدد مصالحكم ويختار سلطة إسلامية متشددة تقف في وجه مشاريعكم، وتعرقل مخططاتكم. فالنظام بهذا الخطاب المزدوج يعترف، بدون وعي وبشكل غير مباشر، أن وجوده، الذي هو ضروري لحماية مصالح الغرب في المنطقة، إنما هو مخالف لإرادة الأمة ومغاير لخيار الشعب! وبهذه الطريقة يتكشف دور الاستبداد على حقيقته، بأنه العصا الضاربة التي يضرب الاستعمار من خلالها الشعوب المقهورة كي لا تمتلك قرارها بيدها، وتدافع عن مصالحها التي قد تتعارض مع مصالحه. فالاستبداد ليس بديلا للاستعمار، كما يحاول النظام السوري وأبواقه الإعلامية التسويق له، بل إنه الوكيل التنفيذي للاستعمار، بغض النظر عما إذا كان راضياً بهذا الدور ومدركاً له ولأبعاده أم لا.

قد يكون من السذاجة أن ينظر الإنسان بعدوانية إلى العصا التي تنهال عليه ضربا دون أن يعير أدنى انتباه إلى اليد التي تمسك بتلك العصا وتتحكم بها. ولكن إذا كان من المتعذر قطع اليد الممسكة بالعصا، في حين أنه بالإمكان كسر أو تجنب العصا الغليظة، أليس من الغباء بمكان أن يعمل المقموع على حماية هذه العصا التي توجعه ضربا، وأن يحافظ على شدتها وصلابتها، بل ويتلوى أمامها مستسلما دون بذل أدنى جهد  في العمل على تكسيرها والتخلص من آلامها الموجعة؟!

لو افترضنا جدلاً أن رغبة النظام بالتحرر من الضغوط الخارجية تنطلق من سعيه الجاد في الحفاظ على كرامة الشعب وسيادته على أرضه، وليس لمجرد الحفاظ على عرش السلطة وما تدره عليه من مكاسب شخصية ضيقة، من هذا المنطلق على الشعب السوري أن يتضامن مع النظام. ولكن يبقى السؤال المطروح ما هو مصداق هذا الزعم؟ إذا كان النظام متمسكا بالسيادة الوطنية، ورافضا لتقديم تنازلات تضر بالمصلحة العليا، فما هي التنازلات التي قدمها لشعبه الذي لا يملك قراره ولا يمارس سيادته وحريته في وطنه. إن الشعب المحكوم بقوانين الطوارئ، والمكبل بالقيود الأمنية، والمحاكم الاستثنائية، لا خيار له في أن يساند أو يعارض السلطة، وما يصدر عنه تحت وطئ التخويف والتهديد لا يؤخذ على محمل الجد. أما إذا ما اختارت السلطة أن تخدع نفسها وتأخذ هتافات الروح والدم والتضحية والفداء، وغير ذلك مما تلقنه للجماهير تحت سلطان السيف، على محمل الجد، فإن الحقيقة المريرة سوف تتكشف لها بعد فوات الأوان، حيث ستتخلى عنها تلك الجماهير في أحلك اللحظات. إذا أصرت السلطة على أن تتمسك بدور العصا الغليظة المسلطة على رؤوس العباد والبلاد، وأن تستخدم السخط الشعبي على السياسات الغربية كورقة تهدف من خلالها إبرام صفقة مع الإدارة الأمريكية، تضمن لها استمرارها، على حساب المصلحة الوطنية، فإن ذلك يعني أن على الشعب أن يتخذ قراره في هذا الظرف المناسب، إما لقطع اليد التي تتحكم بهذه العصا الغليظة، وإما لتكسير العصا التي تنال من كرامته وتسلبه إرادته.

إذا آمنا أن الأمة العربية، والشعب السوري بشكل خاص، هما المستهدفان من قبل المؤامرة الغربية (ولا أظن أن هناك طفل صغير في العالم العربي لم يحفظ هذا الدرس بعد!)، ألا ينبغي لنا أن نكشف الوسائل والأدوات التي يستخدمها هذا العدو الذي أصبح شماعة الجلادين والطغاة؛ تماما كما يفعل الآثم حيث يبرئ نفسه ملقيا اللوم على الشيطان الرجيم. ليس من الحكمة أن نستمر بشتم الاستعمار والإمبريالية والشيطان دون العمل على إعداد الظروف الموضوعية، التي تحصن الوطن وتعزز اللحمة بين أبنائه للحؤول دون فتح الثغرات التي يعبر من خلالها المغرضون. إن الذي لم تسعفه نباهته لأخذ العبرة من دروس التاريخ الغابر، ومن تجارب الشعوب البعيدة، ألا يتدارك مصيره عبر قراءة متأنية لواقعه الماثل أمامه، وهل دروس التوأم البعثي عنا ببعيد؟!

ينبغي على النظام أن يدرك أن لا مصداقية للخطابات والشعارات بدون قرارات على أرض الواقع. ولن يثبت النظام مصداقيته ما لم يبادر مسرعا بتنفيذ الإصلاحات الداخلية الحقيقية، وما لم يفخر بالنزول عند المطالب التي أجمعت عليها كافة القوى السياسية عبر "إعلان دمشق". آن لهذا النظام، وللعقلاء فيه، إذا سلمنا جدلا أنه مازال لديه عقلاء، أن يدرك بأن المخرج من المأزق الذي حشر نفسه فيه لا يأتي عبر طرق أبواب واشنطن، من أجل صفقة مشبوهة، ولا من خلال الاستعراضات البعثية، التي وصلت بها الصفاقة إلى إخراج الأطفال المصابين بالشلل الدماغى، والمعاقين ذهنياً، كما ذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" بتاريخ 14/11/2005، بل إن المخرج الوحيد هو الخيار الوطني الشجاع كما بينه له "إعلان دمشق" الذي توافقت عليه الأطياف السياسية الحكيمة والغيورة على مستقبل هذا البلد.

‏ باختصار شديد، هناك باب واحد لخروج النظام من الأزمة الراهنة، ألا وهو إعلان دمشق... وعلى ضوء ذلك ينبغي على كافة شرائح الشعب، وعلى جميع التيارات والأطياف السياسية والاجتماعية، أن تحدد موقفها من هذا النظام في هذا الظرف المناسب وقبل فوات الأوان!

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ