هَتّـافة
الفراعنة
ودورهم
في إسقاط الدول
عبد
الله القحطاني
أ
ـ يمكن أن ينقسم الهتافون إلى
نوعين من التقسيم:
1 ـ التقسيم الجغرافي: ويتضمّن
صنفين من الهتـّافين:
*هتافي الداخل
*وهتافي
الخارج
2-
التقسيم السببيّ " الذي يحدّد
سبب الهتاف لدى كل فريق "
ويندرج
تحت هذا التقسيم ، ثلاثة أنواع،
أو أصناف " تشمل هتافي الداخل
وهتافي الخارج "، وهم:
*هتافو
" العصا " : وهؤلاء هم
الذين يساقون سَوقا ً إلى ساحات
الهتاف ، بالأوامر الصارمة
والعصيّ الغليظة . وهم الشرائح
الواسعة من المواطنين داخل
الدولة التي يحكمها الفرعون ،
ومنهم " العمال _ الطلاب _
الموظفون _ الفلاحون .. "
*
هتافو الدرهم والدينار "
والليرة .. والدولار ":
وهؤلاء
موجودون داخل دولة الفرعون
وخارجها ، من المرتزقة ، وأصحاب
المصالح الماديّة الخاصّة ..
ويشمل
هذا الصنف ، أنماطا ً شتى من
البشر ، وهم غالبا ً أحسن حظا ً(
دنيوياً) ، من سابقيهم هتـّافي
العصا ..!
ومِن
هؤلاء: كتاب _ مثـقفون _
إعلاميـّون _ ساسة _ نقابيـّون _
تجـّار_ وجهاء مدن _ زعماء قبائل
.. "
*
هتافو الفكر الفاسد :
وهؤلاء
متطوعون مجّانيون.. لا يساقون
بالعصا ، ولا يقبضون أموالا ً ..
وما يسوقهم إلى الهتاف للفرعون
والتصفيق له ، هو نوع من فساد
الفكر ، المدعوم بنوع سيــّئ من
الجهل ، ونمطٍ عاديّ مألوف من
السذاجة، وطراز مميـّز خاص من
الحماسة الحمقاء ، أو الحماقة
الحماسية .. كل ذلك ضمن خَـلطة
خاصـّة شاذة _ مألوفة برغم
شذوذها _ يسمّيها أصحابها، زورا
ً، وخداعاً لأنفسهم ، مسمـّياتٍ
شتـّى ، مثل : الإحساس الوطني _
النزعة القوميـّة ..
وهذا
الصنف الأخير من الهتــّـافين ،
هو أخطر الأنواع ، وأشدّها فتكا
ً بالدول ، وأسرعها تدميراً
للأوطان ، برغم نظافة الأيدي
والقلوب لدى أصحابها المصابين
بفساد العقول .
ب
_ كيف يدمـّر الهتافون الدول
والأوطان التي يحكمها الفراعنة؟
الجواب
واضح وبسيط :
يتبادل
هؤلاء مع الفرعون المحاصـَر _ في
الأزمات _ أنواعا ً بدائيـّة
سمجة من الخداع :
الفرعون
يخدعهم بشعارات جوفاء ، يظهر
لهم فيها أنـّه : وطنيّ – حرّ –
شريف – صامد في وجوه الأعداء –
لا ينحني لغير الله – لا يفرّط
بذ ّرة من تراب وطنه –لا يسمح
بأن يدنـّس الغرباء أرض بلاده ...
وبهذه
الشعارات :
-
يسوق عبيدَ العصا، الذين يعيشون
في بلاده ، ويعرفون جيـّدا ًزيف
شعاراته .. يسوقهم إلى ساحات
الهتاف والتصفيق ، ليسلـّط
عليهم عدسات الإعلام ، التي
تنقل صورتهم إلى العالم كلـّه ،
وتوجـّه رسائل شتـّى إلى
الفرقاء جميعا ً(الأصدقاء،
والأعداء، والمحايدين) ، مؤداها
أنّ الفرعون محبوب من شعبه ،
مدعوم من هذا الشعب المستعدّ
للتضحية بدمائه، في سبيل
المحافظة على كرسي ّ فرعونه
العزيز ..!
-
ويسوق عبيد المال ، إلى ساحات
الهتاف داخليـّا ً وخارحيـّا ً
، للهدف ذاته ، ولإيصال الرسالة
نفسها ، إنما بنكهة ٍ خاصـّة ،
ذات طعم ( ثقافي –سياسي –
إعلامي - .. محلي ّ وعربي ّ ودولي
ّ ) .
-
وينساق عبيد الفكر الفاسد (
والنيـّات الطيّـبة ) من تلقاء
أنفسهم ، إلى ساحات الهتاف ،
منجذبين بجاذبيـّة سحريـّة ، هي
جاذبيـّة الشعارات البرّاقة
التي يرفعها الفرعون وزبانيته ..
وهذا
الصنف ـ كما أشرنا من قبل – هو
الأخطر والأشدّ
فتكا ً بمصائر الدول ،
ومصائر الفراعنة أنفسهم ..! وذلك
لأنّ الفرعون يصدّقهم ، لأنهم
متطوّعون مجانيـّون " أصحاب
مبادئ ومُثل " لا عبيد عصا ،
ولا عبيد مال ..!
لقد
خدعهم بشعاراته ، فانخدعوا بشكل
حقيقي ّ فصدّقوه . وحين صدّقوه
صاروا حمَـلة لشعاراته ،
يسوّقونها _ تطوّعا ً واحتساباً!
_ في كل مكان ، وفي كل منبر ٍ
إعلامي ّ .. فيشّد ظهره بهم،
متوهــّما ً أنّهم سند ُ حقيقيّ
له ُ ، في مواجهة الازمات ، وأن ّ
القوى المعادية التي تراهم
ملتفـّين حوله في بلده ، ضمن
مؤتمرات صاخبة ، أو حول شعاراته
في دولهم ومنابرهم الإعلاميـّة
.. أن ّ هذه القوى المعادية سوف
تتردّد طويلا ً ، قبل أن تقدِم
على مهاجمة الفرعون ، أو الضغط
الشديد عليه ، أو محاولة إسقاطه
..! وبهذا يظل ّ الفرعون مصرّا ً
على سياساته الخرقاء ، يسوس
شعبه بالعصا، وهو سنده الوحيد
وحصنه القوي ّ .. ويخدع نفسه
بهتافات الآخرين ، ـ الذين
ساقهم بالمال ، والذين خدعهم
بشعاراته فصدّقوه ـ ، فرفعوا له
شعارات النصرة و المؤازرة
فانخدع بها، فصدّقهم ..
حتـّى
إذا جاءته الطـّامـّة ، لم يجد
أحدا ً حوله يدافع عنه، أو يبكي
عليه :
ـ
لأنّ شعبه المبتلى بظلمه ،
سيفرح بالخلاص منه .
-
ولأن ّ عبيد المال ، أخذوا "
أجرتهم " وأدّوا وظيفتهم ،
وانتهت صفقتهم معه .
-
ولأنّ عبيد الفكر الفاسد ،
ليسوا من النوع المؤهّـل لحمل
السلاح أصلاً .. فأسلحتهم هي
ألسنتهم وأقلامهم ، وهذه لا
تجدي شيئاً في مواجهة الصواريخ
والدبابات و قنابل المدافع
والطائرات ..! ولأنّ هؤلاء ،
ليسوا مندوبين أساساً لحمل
السلاح .. ولأنّ الكثيرين منهم
يعيشون في دول لا تسمح لهم
أصلا ً بالحركة ، إلاّ ضمن حدود
ٍ وقيود .. هذا فيما لو فكـّر
أحدهم بحمل مسدّس أو بندقـيّة،
للدفاع عن عرش الفرعون المهدّد
بالسقوط ..!
يضاف
إلى هذا كله، أنّ عبيد الفكر
الفاسد هؤلاء، يملكون القدرة
على تغيير مواقفهم بسرعة واتخاذ
مواقف أخرى جديدة ، بعد سقوط
الفرعون .. كما يملكون القدرة
على تسويغ مواقفهم السابقة،
الداعمة للفرعون ، بإلقاء
التبعة على الفرعون نفسه، وعلى
عجزه وإخفاقه، وسياساته
الرعناء التي أوردته موارد
التهلكة..! إذ ماأسرع مايقول
قائلهم: كنا نحسبه قوياً صلباً،
وسياسياً محنكاً بارعاً، يعِدّ
للأمور العظيمة ماتحتاجه من قوة
وعتاد وحكمة.. فإذا هو ضعيف هشّ
أخرق ، ورّط نفسه وشعبه بخوض
معارك لاقِبلَ له بها، وخَدعنا
بعنتريّـات فارغة جوفاء ،
فصدقناه وأيدناه .. فليذهب إلى
الجحيم.. لاردّه الله..!
ج-
ويبقى سؤال :
إذا
كان النظام العراقيّ السابق ،
حالة صارخة تمثـّل كلّ ما ذكِر
آنفا ً، من أنواع الهتـّافين ،
ومواقِفهم من الفراعنة ..
أفلا
ينبغي للهتـّافين – وأخصّ منهم
هتـّافي الفكر الفاسد ، لأنّ
الهتافين الآخرين لا قِبلَ لهم
بمقاومة إرهاب العصا وإغراء
المال – أن يحاولوا ، مجرّد
محاولة ، النظرَ في طرائق
تفكيرهم ، عَبر الإفادة
الواعية، من النموذج العراقي
الحيّ الصارخ ، والعودةَ إلى
دائرة التفكير السليم ،
فيَنصحوا الفراعنة الآيلين
للسقوط ، بالاحتماء بشعوبهم
،الحامية الحقيقية للأوطان ،
بدلا ً من التعويل على الشعارات
الخادعة ، والانخداع بهتافات
المرتزقة والمستعبَدين
والمخدوعين ، التي أسقطت قبلَهم
فراعنة ودولا ًوأوطانا ً !؟
هذا
إذا كان عبيد الفكر الفاسد
هؤلاء ، مخلصين حقاً في دعمهم
للفراعنة ونصحهم لهم..!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|