العلمانية
وفصل الدين عن الدولة
دعوة
قديمة جديدة
الحلقة
الرابعة
موقف
المسلم من دعوة فصل الدين عن
الدولة
وموقفه
من إقامة النظام الإسلامي
طريف
السيد عيسى
مازال نفر مصرين
على دعوتهم تلك رغم أنها دعوة
نشأت في بيئة غير بيئتنا وثبت
لديهم أن مشروعهم غير قابل
للنجاح ومآله للفشل لأن
المسلمين في معظمهم حسموا أمرهم
بالنسبة لمرجعيتهم الاسلامية.
وحديثنا موجه الى
أولئك الذين يعيشون حالة تردد
وتخبط واختراق فكري فالى هؤلاء
نقول تعالوا الى كلمة سواء بعقل
منفتح بعيد عن أي مؤثرات
وارجعوا الى ثوابت ديننا لنقرأ
مع بعض النصوص التي تؤكد وجوب
قيام النظام الاسلامي الشامل
لكل مناحي الحياة .
- أول هذه النصوص في قوله تعالى – ان
صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمين .
هذا النص يؤكد أن
الاسلام دين شامل لكل نواحي
الحياة وعلينا العمل بكل
اماكانياتنا لقيام هذا النظام .
- كما أن هناك نصوص كثيرة تؤكد وجوب
قيام هذا النظام ومنها على سبيل
المثال لا الحصر :
- له مافي السموات ومافي الأرض
ومابينمها وماتحت الثرى . طه 6
- ألم تعلم أن الله له ملك السموات
والأرض . البقرة 107
- لله الأمر من قبل ومن بعد . الروم 4
- أليس الله بأحكم الحاكمين . التين 8
- اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم ولا
تتبعوا من دونه أولياء . الأعراف
3
- ثم جعلناك على شريعة من الأمر
فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين
لايعلمون . الجاثية 18
- ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الكافرون . المائدة 44
- ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم
الظالمون . المائدة 45
- أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من
الله حكما لقوم يوقنون . المائدة
50
ان النصوص أعلاه
تؤكد بما لايحتمل الشك أو
التفسير الكيفي أن المسلمين
مأمورون باقامة النظام
الاسلامي .
وهناك نصوص في
القرآن تكلمت عن الحكم والطاعة
والشورى والعقوبات والسياسة
والاقتصاد فاذا كانت كل هذه
النصوص لاتعني الحكم الاسلامي
فما هو الحكم اذا .
- وعندما نستعرض النصوص في السنة فنجد
هناك مئات النصوص التي تكلمت عن
وجوب اقامة حكم الله في الأرض ,
واذا بقيت هذه النصوص حبرا على
ورق ولم تطبق واقعا على الكون
والانسان فما هو مبرر وجودها
اذا , وهل يعقل أن هذه النصوص
والتشريعات جاءت لتطبق على
مجتمع وهمي افتراضي أم لابد من
وجود مجتمع تطبق عليه هذه النظم
والتشريعات .
- واذا كانت هذه التشريعات لاتطبق على
بني البشر فماهو مبرر الرسول
صلى الله عليه وسلم أن يضع أول
وثيقة تنظم علاقة المسلمين فيما
بينهم وتنظم علاقتهم مع الغير
في المدينة المنورة بعد الهجرة
مباشرة , ثم أليس هذه الوثيقة
دلالة واضحة على تنظيم العلاقات
بين البشر واذا كانت هذه
الوثيقة ليست من اختصاص الدولة
فمن اختصاص من تكون .
- ورد في السنة مما رواه أبو داود أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال
اذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا
أحدهم . فهل يعقل أن يتم تنظيم
علاقة مجموعة صغيرة من خلال
مسؤول عنهم ثم يترك مجتمع
بأكمله دون تنظيم ودون حاكم .
- ثم دعونا نأخذ معنى الحكم والدولة
مما توصل اليه عقل الانسان من
مسلمات قيام الدولة ثم نرى هل
هذه المسلمات
تتوفر في المسلمين أم لا ,
لاينكر أي شخص أن أي دولة تتمثل
من السكان والأرض والسيادة
والحكومة ولاينكر عاقل أن العدد
والمساحة لاعبرة لهما في ذلك
لأن هناك دولا اليوم لايتجاوز
عدد سكانها ومساحةى أراضيها نصف
سكان المدينة المنورة ومع ذلك
تم الاعتراف بهذه الدول بشكل
رسمي فهل يعقل أن يتم الاعتراف
بهذه الدول بينما يحرم على أكثر
من مليار مسلم أن يقيموا حكمهم
الاسلامي .
- ألم يسجل التاريخ بما لايدع مجالا
للشك أنه وجد سكان ووجدت أرض
قامت عليها الدولة الاسلامية
وكان لها نظامها وقانونها فاذا
تعرضت لأي عدوان هبت الدولة
والشعب للدفاع عن كيانها
ووجودها فهل يتم ذلك كله دون
وجود حكم ودولة واذا كان هذا ليس
حكما ولاسياسة فماهو الحكم اذا
وماهي السياسة .
- واذا كان الاسلام دينا روحيا يربط
الانسان بخالقه ولا شأن له
بالحياة العامة فما هو مبرر
وجود هذا الكم الضخم من كتب
الفقه التي دونت الفقه السياسي
في الاسلام ثم لمن دون ذلك اذا
لم يكن هناك حكما أصلا , حيث اننا
نجد هذا الفقه تحدث عن العلاقات
والتعامل مع الغير وتحدث عن
شروط ومواصفات الامام وتحدث عن
أهل الحل والعقد وتحدث عن أن
الأمة هي مصدر السلطات لعدم
تسلط الفرد في الحكم فاذا لم كل
ذلك سياسة وحكما ونظاما ودولة
فما هو الحكم اذا .
- وعندما نستعرض جوانب الحياة
للمسلمين عبر التاريخ فنجد أن
النظام الاسلامي نظم كل شؤون
الحياة لهم :
- ففي مجال القضاء وجدت القوانين التي
تنظم هذه المؤسسة بحيث تفض
المنازعات بين
المتنازعين بغض النظر عن وظيفة
الشخصين ومكانتهم
فاذا كان القضاء
ليس من شؤون الحكم فما هو الحكم
اذا .
- وعندما نستعرض المجال الاقتصادي في
أحد جوانبه كالزراعة مثلا من
حيث
تنظيم الأراضي
فلقد قال صلى الله عليه وسلم
لاحمى الا لله ورسوله , فاذا كان
هذا ليس من شؤون الحكم فما هو
الحكم اذا .
- ثم عندما نتحدث عن مخصصات رئيس
الدولة وماجاء فيها ألا يدل ذلك
أن
هناك حاكما له
مخصصات فهل يعقل أن يكون هناك
حاكم بلا دولة ولا شعب .
- ثم عندما نتحدث عن المعاهدات والصلح
والحرب أليست هذه كلها من شؤون
الحكم الم يسجل
التاريخ مئات المواقف في هذا
الجانب فهل يعقل أن يتم كل ذلك
بين دولتين وهميتين أم أنه تم
بين دولتين من خلال نظام يرجع
اليه كل منهما فاذا كان كل ذلك
ليس من شؤون الدولة والحكم
والسياسة فما هي اذا الدولة
وماهي اذا السياسة وماهو شأن
الحكم .
- ياقومنا تعالوا الى كلمة سواء الى
رسالة السماء ولا تغرنكم هذه
الدعوات البراقة فليس كل مايلمع
ذهبا .
- ونضع فيما يلي نص قرار مجمع الفقه
الإسلامي في العلمانية :
المصدر موقع
اسلام أون لاين – نشر بتاريخ
8-9-2005
عنوان : قرار مجمع الفقه الإسلامي في
العلمانية
نص السؤال
: بعض الناس يتنادى بالعلمانية
اليوم، ويرون أنها هي المخلص
للأمة من أزمتها ، وأنه البديل
الحقيقي للإسلام إذا أراد
المسلم أن ينهضوا ويلحقوا
بالركب ، ويسيروا مع البلاد
المتقدمة فما مدى صحة هذا
الكلام ؟ وهل تقدم المسلمين
مرهون بنبذ الإسلام
واستبداله بالعلمانية ؟
التاريخ 08/09/2005
نص الإجابة
بسم الله ، والحمد
لله ، والصلاة والسلام على رسول
الله ، وبعد :-
لقد نشأت
العلمانية في الغرب كرد فعل على
موقف الكنيسة من العلم، فقد
وقفت الكنيسة باسم الدين مع
الجهل ضد العلم، ومع الجمود ضد
الفكر ، ومع الملوك ضد الشعب.
فنشأ في وجدان هذه الشعوب أنه لا
خلاص لهم من هذه الويلات إلا
بنبذ دين الكنيسة فكانت
العلمانية .
أما في مجتمعات
المسلمين، فالإسلام عندنا
يبارك العلم ويؤازره، ويجعله
فريضة من فرائضه.
وعلى ذلك فإبعاد
الدين وإقصاؤه عن الحياة والحكم
وشؤون الناس ردة فكرية،وتلمس
الحلول في غير منهج الإسلام
خروج عن الإسلام، وقصر الدين
على محاريب المساجد وقلوب
الناس، وإبعاده عن حياتهم
وعقولهم ليس هو الإسلام الذي
ارتضاه الله للناس.
وهذا ما قرره مجمع
الفقه الإسلامي في دورته
الحادية عشرة، وإليك نص القرار
:-
فإن مجلس مجمع
الفقه الإسلامي الدولي المنبثق
عن منظمة
المؤتمر الإسلامي
في دورة انعقاد مؤتمره
الحادي عشر بالمنامة في دولة
البحرين ، من 25 - 30 رجب 1419هـ
(14 - 19 نوفمبر 1998م).
بعد اطلاعه على
الأبحاث المقدمة إلى المجمع
بخصوص موضوع: (
العلمانية
)، وفي ضوء المناقشات التي
وجهت الأنظار إلى خطورة هذا
الموضوع على
الأمة الإسلامية.
قرر ما يلي:
أولًا: إن
العلمانية
(وهي الفصل بين الدين
والحياة) نشأت بصفتها رد فعل
للتصرفات التعسفية التي
ارتكبتها الكنيسة.
ثانيًا: انتشرت
العلمانية في الديار الإسلامية بقوة
الاستعمار وأعوانه ،وتأثير
الاستشراق
، فأدت إلى تفكك في
الأمة الإسلامية
، وتشكيك في العقيدة
الصحيحة، وتشويه تاريخ أمتنا
الناصع، وإيهام الجيل بأن هناك
تناقضًا بين العقل والنصوص
الشرعية، وعملت على إحلال
النظم الوضعية
محل الشريعة الغراء،
والترويج للإباحية، والتحلل
الخلقي، وانهيار القيم السامية.
ثالثًا: انبثقت عن
العلمانية
معظم الأفكار الهدامة التي
غزت بلادنا تحت مسميات مختلفة
كالعنصرية
، والشيوعية
والصهيونية
والماسونية
وغيرها، مما أدى إلى ضياع
ثروات الأمة، وتردي الأوضاع
الاقتصادية، وساعدت على احتلال
بعض ديارنا مثل
فلسطين
والقدس
، مما يدل على فشلها في
تحقيق أي خير لهذه الأمة.
رابعًا: إن
العلمانية
نظام وضعي يقوم على أساس من
الإلحاد يناقض الإسلام في جملته
وتفصيله، وتلتقي مع
الصهيونية العالمية
والدعوات الإباحية
والهدامة، ولهذا فهي مذهب
إلحادي يأباه الله ورسوله
والمؤمنون.
خامسًا: إن
الإسلام هو دين ودولة ومنهج
حياة متكامل، وهو الصالح لكل
زمان ومكان، ولا يقر فصل الدين
عن الحياة، وإنما يوجب أن تصدر
جميع الأحكام منه، وصبغ الحياة
العملية الفعلية بصبغة
الإسلام، سواء في
السياسة
أو الاقتصاد، أو الاجتماع،
أو التربية، أو الإعلام وغيرها.
التوصيات:
يوصي المجمع بما
يلي:
أ - على ولاة أمر
المسلمين صد أساليب العلمانية
عن المسلمين وعن بلاده، وأخذ
التدابير اللازمة لوقايتهم
منها.
ب - على العلماء
نشر جهودهم الدعوية بكشف
العلمانية
، والتحذير منها.
جـ - وضع خطة
تربوية إسلامية شاملة في
المدارس والجامعات، ومراكز
البحوث وشبكات المعلومات من أجل
صياغة واحدة، وخطاب تربوي واحد،
وضرورة الاهتمام بإحياء رسالة
المسجد، والعناية بالخطابة
والوعظ والإرشاد، وتأهيل
القائمين عليها تأهيلًا يستجيب
لمقتضيات العصر، والرد على
الشبهات، والحفاظ على
مقاصد الشريعة
الغراء.
والله أعلم .
والى لقاء مع
الحلقة الخامسة
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|