ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 24/12/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

في مصر، هيئات المجتمع المدني تكسب

مواقع جديدة  .... فماذا عن سورية؟

الطاهر إبراهيم*

بين آونة وأخرى يكسب الشعب المصري مواقع جديدة في تحركه الديموقراطي،الذي يتطلع إليه أشقاؤه من شعوب الأقطار العربية الأخرى. و تتمنى تلك الشعوب أن تدرك بعض ما أدركه الشعب المصري ،على ضآلة مكتسباته، في رحلته الطويلة مع حكامه على مدى أكثر من نصف قرن .

ولا يفهم من كلامنا أن مصر أصبحت في مصاف الدول الديموقراطية في أوروبا وأمريكا،  فما تزال الخطوات الديموقراطية متواضعة، والعمل الحزبي يتعثر، والحريات تصادر بين آونة وأخرى. بل لا يزال قطاع كبير من المصريين ،ومنهم جماعة الإخوان المسلمين، لا يسمح لهم بتشكيل أحزاب يمارسون السياسة من خلالها، مع أن الدستور المصري لا يحظر  إلا الأحزاب التي تتنافى مبادئها مع الدين الإسلامي .

لا نريد أن نشقّ على القارئ باستقصاء أحداث حصلت في مصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ونكتفي ببعض ما حصل في مطلع القرن الواحد والعشرين مما شهدناه من تحرك سلمي دؤوب، قامت به هيئات انبثقت ،تلقائيا، عن القاعدة العريضة للشعب المصري ،وكان لها دورٌ كبير في تنمية الشعور الوطني والديموقراطي بين أفراد الشعب التواق دائما إلى مزيد من هذه المكتسبات .

وأول ما يلفت الانتباه، هي تلك الحركة الفتية "كفاية" التي انبثقت من مختلف تيارات الشعب المصري، وضمت في مكوناتها مجموعات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وجمعت الإخوان المسلمين إلى العلمانيين،وكان فيها المسلم والقبطي،بل إن الناطق باسمها والمتحدث عن نشاطاتها هو رجل قبطي .

وكان مجال تحركها السلمي هو الذي لفت الانتباه أكثر مما لفته تنافر مكوناتها. فقد رفعت حركة "كفاية" في المظاهرات التي سيّرتها "لافتة": (لا للتجديد لمبارك .... لا للتوريث –أي لجمال مبارك)، وخصوصا عندما أعلن البرلمان المصري عن نيته تعديل المادة ( 76 ) من الدستور، لكي يسمح لأكثر من مصري بدخول المنافسة على الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية. ومع شحوب الصيغة المعدلة للمادة، فقد كان لافتا أن تعديل المادة (76) لم يمر مرور الكرام حيث اعتُرِض عليها قضائيا، وأخذت وقتا حتى أقرت .

ومع ما في هذه "اللافتة" أعلاه من تحدٍ للرئيس مبارك وللحزب الوطني الحاكم،فإن البوليس المصري لم يستعمل العنف لتفريق المتظاهرين أو الزج بهم في المعتقلات. وأقصى ما كان يقوم به هو رش المتظاهرين بخراطيم المياه. وعندما تعرض شرطي لإحدى المتظاهرات، وبدت منه "قلة أدب" معها قامت قيامة المتظاهرين ولم تقعد .

السوريون يختزنون في أذهانهم صورة مغايرة لتعديل الدستور. وذلك عند ما عدلت مادة في الدستور السوري ليصبح عمر رئيس الجمهورية السورية 34 عاما -وهو عمر الدكتور بشار الأسد المرشح الوحيد والقسري- بدلا من 40 عاما،غداة وفاة الرئيس السوري "حافظ الأسد" يوم 10 حزيران "يونيو" من عام 2001 .

فقد انعقدت جلسة مجلس النواب عصر ذلك اليوم. وأثناء "المناحة" البكائية التي قام بها "عبد القادر قدورة" رئيس المجلس،دخل ضابط برتبة كبيرة وسلم "قدورة" قصاصة ورق، أوقف بعدها "المناحة"، وأعلن عن تعديل الدستور، وتم ذلك بسرعة قياسية ،وبإجماع الحاضرين والغائبين ،لمرض أو لعذر. وبعد اختيار الدكتور "بشار الأسد" مرشحا وحيدا، وقف النواب ليهتفوا وبصوت واحد "بالروح بالدم نفديك يا بشار". وقد كذبوا والله، فلولا الخوف لما فداه واحد منهم ولو بجرح في إصبعه .

"أحمد منصور" من قناة "الجزيرة" القطرية، استضاف "رياض نعسان آغا"، -سفير سورية الحالي في الإمارات- وكان يومها مستشارا في ديوان رئاسة الجمهورية ،في حلقة لبرنامج "بلا حدود" قدمت بعد أقل من أسبوع،وسأله عن السرعة القياسية التي تم بها تعديل الدستور السوري وأنها ما جاوزت خمس دقائق؟ وقد أجاب معالي السفير -بحضور بديهة يتمتع بها الذين كتب عليهم أن يخدموا في أنظمة استبدادية- قائلا : "إنها خصوصية سورية". الأديب السوري الكبير الراحل "أنطون مقدسي" ،في حوار أجرته معه "الحياة" اللندنية، علق على "الخصوصية السورية": بأنها كلام فارغ .

وإذا تجاوزنا صورة تعديل الدستور السوري شكلا، إلى ما يحصل على أرض الواقع فعلا، وقارنا احتجاج منظمة "كفاية" المصرية وتساهل البوليس المصري معها نسبيا، مع ما حدث عندما قام ناشطون سوريون يطالبون بالإصلاح، في ما سمي "ربيع" دمشق. فقد تم قمعهم بعنف، واعتقل عشرة منهم كان فيهم النائبان "رياض سيف" و "مأمون الحمصي" و آخرون منهم "رياض الترك" و "عارف دليلة" .

القضاء في مصر صورة أخرى مشرّفة، يستحق القضاة المصريون الثناء عليها. فقد وقفوا في وجه تشريعات خاطئة شرّعها نواب الحزب الحاكم في مصر. وقد حكم القضاء بحل مجلس النواب ،أكثر من مرة،لأن القانون الذي انتخب بموجبه لم يكن دستوريا .

ولا يفوتنا أن ننوه بموقف نادي القضاة في مصر أثناء الانتخابات الأخيرة ، حيث هددوا بترك الإشراف القضائي ما لم يوقف الحزب الوطني ممارساته في تزوير نتائج الانتخابات. ومع أن الاستجابة كانت ضعيفة فقد كان موقف القضاة مشرفا .

أما القاضي في سورية فلم يكن ليقل نزاهة واستقامة عن أخيه القاضي المصري، يوم كان رؤساء الجمهورية منتخبين، مثل الرؤساء شكري القوتلي وهاشم الأتاسي وناظم القدسي، ويوم كان هناك نواب منتخبون ومجلس وزراء ينبثق عن مجلس النواب.

غير أن القرارات الحزبية الخاطئة فرضت على وزارة العدل توظيف البعثيين في المحاكم. فانتشرت الرشوة، وأصبح القاضي يحكم لمن يدفع أكثر. والقضاء الذي ينبغي أن يكون خط الدفاع الأخير في الدولة، بدأ سوس الفساد ينخر فيه .

وهنا يحضرني -بمناسبة تعيين قضاة بعثيين فاسدين- سؤال يكاد يكون أحجية، وهو: ما هي الطريقة التي يستطيع فيها أولو الأمر البعثيون، أن يعرفوا بها الفاسدين من الصالحين من حملة شهادة الحقوق، فيعينونهم قضاةً في سورية، مع أنهم لما يجرّبوا بعد؟   

النقابات المهنية، هي الأخرى مثال على رسوخ أقدام هيئات المجتمع المدني في مصر. فرغم ضغوطات الحزب الحاكم عليها، حتى تأتي بمجالس نقابات "معلبة" و"مدجنة"، رأينا النقابات صورة مختلفة تماما عما كان يريدها النظام. ولقد فشل مرشح الحكومة لمركز نقيب المحامين أمام "سامح عاشور" رغم أن جماعة الإخوان المسلمين لم تدعم "عاشور" هذا رسميا، وتركت منسوبيها ليختاروا، كلٌ حسب قناعته .

أما في سورية وكما أشرنا في أكثر من مقال، كان آخرها "إلا في سورية!"، الذي نشر في هذا الموقع في يوم 18 ديسمبر الجاري، فقد انتهت الحياة النقابية تماما في نيسان من عام 1980 .فقد صدر مرسوم رئاسي يقضي بقيام رئيس الوزراء بتعيين إدارات النقابات، بعد اعتقال قياداتها المنتخبة يوم 31 آذار عام 1980 لإعلانها الإضراب العام. ولمن لا يعلم فإن إدارات النقابات التي اعتقلت، كما أسلفنا، كان منهم علويون ودروز وإسماعيليون وسُنّة ونصارى. بل ولم يكن فيهم أيّ عضوٍ ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين .

النظام المصري نظام شمولي، كما هو النظام السوري. ولكن الممارسة فيها تباين واسع بين النظامين كمّا وكيفاً. حادثة "المنصة"التي اغتيل فيها الرئيس السابق "أنور السادات" عام 1981، حكم فيها بالإعدام على المنفذين فحسب. مع أن الذين اعتقلوا على خلفية الانتماء الإسلامي يعدون بالآلاف .  

محاولة اغتيال الرئيس السوري "حافظ الأسد" الفاشلة التي جرت في "يونيو" من عام 1980 ،شارك فيها ثلاثة فقط، استطاعوا الإفلات جميعا. ومع ذلك فقد أصدر النظام السوري على معتقلين -في سجن "تدمر" الرهيب- كانوا أثناء المحاولة يقبعون في السجن، حكما بالإعدام ،ونفذ الحكم رميا بالرصاص بألف معتقل منهم وهم نيام. كما أصدر الرئيس "حافظ الأسد" القانون 49 لعام 1980 ،الذي يحكم بالإعدام على عشرات الآلاف من جماعة الإخوان المسلمين، لمجرد الانتماء. وهذه المقارنة تبين إلى أي مدى أصبح النظام السوري خطرا على الشعب السوري قبل غيره؟ .....

*كاتب سوري يعيش في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ