ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 11/06/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قراءة موضوعية في نتائج الدورة الثانية

لانتخابات المجالس البلدية الفلسطينية

د. أسامه محمد أبو نحل

إن المتمعن في نتائج الدورة الثانية لانتخابات المجالس البلدية في مناطق السلطة الفلسطينية، بإمكانه أن يستشف عدداً من المدلولات التي سيكون لها تأثير بارز على الساحة السياسية الفلسطينية في المنظور القريب، ففوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في عددٍ كبير من مجالس البلديات ذات الوزن السكاني الكثيف، سوف ينعكس سلباً على شعبية حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، الممثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية، الأمر الذي سيضع علامات استفهام كثيرة وغالباً ما ستكون مبهمة حول إجراء الانتخابات التشريعية القادمة في موعدها المحدد سلفاً.

ومن نافلة القول، أن الانتخابات البلدية التي تجري حالياً على عدة مراحل أو دورات، تعتبر الترمومتر الذي سوف يُقاس به وزن كل القوى السياسية العاملة على الساحة الفلسطينية، ما سيؤدي إلى تغيّرات مهمة، بإمكان المراقبين السياسيين من ناحية، والجمهور الفلسطيني من ناحيةٍ أخرى، أن يشعروا بها قريباً.

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن على الجميع هو: ما الذي أدى إلى هذه النتيجة؟ وما مدلولاتها؟

أولاً: حركة فتح وقعت في المحظور الذي وقع فيه العديد من القوى السياسية على مستوى دول العالم. هذا المحظور تمثل في اعتبار تنظيمٍ ما ـ كحركة فتح مثلاً ـ ولأنه صاحب النفوذ الأوحد في السلطة الفلسطينية، أن شعبيته سرمدية ما دامت السماء والأرض، ولا يمكن الرهان على انخفاض شعبيتها، فالقوى السياسية الحاكمة في دول العالم الثالث تكمن مشكلتها، بل إن جاز التعبير ورطتها، في أنها تقيس مدى شعبيتها على كثرة انضمام الأعضاء لها.

والحقيقة التي لا مناص منها، أن بعض وليس كل من ينضمون لتلك القوى يكونون من الفئات الوصولية النفعية، خاصة طبقة المراهقين، التي هدفها الرئيسي الاستفادة من المزايا التي سيحصلون عليها نتيجة هذه العضوية، التي هي في أغلب الأحيان ـ صورية، لأنهم في الواقع لا يفقهون من العمل التنظيمي سوى القشور السطحية.

ثانياً: أن حركة فتح أيضاً وشأنها في ذلك شأن القوى السياسية في العالم الثالث، وصلت إلى حد الترهل والتفسخ ـ حيث جاوزت في هذا العام من عمرها سن الأربعين ـ ومرد ذلك لعدة أسباب منها:

1ـ كثرة الانشقاقات التي وقعت داخل صفوف الحركة على مدار عمرها الطويل، خاصةً قبل نشأة السلطة الفلسطينية.

2ـ مؤهلين لتوليها، وليس لديهم أي خبرة فيما أوُكل لهم من أعمال، فأثروا سلباً على شعبية السلطة بين الجماهير.

3ـ بعد عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى أرض الوطن عام 1994م، وتشكيلها للسلطة الفلسطينية، أصاب الغرور والزهو حركة فتح، أكبر تنظيمات المنظمة المذكورة، فاعتبر بعض أعضائها ـ أي أعضاء فتح ـ أنهم الوحيدون الذين يملكون زمام الأمور في أراضي السلطة، ولا يحق لغيرهم منازعتهم فيما هم فيه، غير أن الأمور لم تقف عند هذا الحد، بل سرعان ما دبَّ الصراع داخل أروقة الحركة نفسها، فتصارع الجميع ليكون له قصب السبق على غيره، رغم محاولة البعض من قادة الحركة في إدارة الأزمة بشيء من العقلانية، للرسو بها إلى بر الأمان، غير أن هذه المحاولة على ما يبدو لم تجدِ نفعاً.

4ـ إن حركة فتح التي كانت متواجدة على الساحة سواء في خارج الوطن أو داخله قبل ولادة السلطة الفلسطينية، لم تعد هي التي صارت بعد الولادة. وهذا أمر منطقي، فالعمل الثوري قبل عام 1994، تحوّل بعد هذا التاريخ لعملٍ سياسي تحكمه المعطيات الوطنية والإقليمية والدولية، فأي تنظيم عسكري بعد أن يحقق نجاحاً في الميدان الحربي ثم يتحول للعمل السياسي، تتبدل أهدافه واستراتيجياته، مما يؤدي في التحليل الأخير إلى أن ثوار الأمس لن يعودوا هم الذين كانت تُحاك عنهم الروايات البطولية والأمجاد، وبالتالي تتبدل نظرة الجماهير لهم، بعدما يبدأون بالتنافس للحصول على مناصبٍ مهمة في العهد الجديد. وبمرور السنين أصبح لبعض رموز الحركة مريدين يدينون بولائهم المطلق لهم لا للحركة، فكثرت الانشقاقات غير المرئية بحكم عوامل عدة.

ثالثاً: إن القارئ للتاريخ الآني للشعب الفلسطيني داخل الوطن، يستطيع أن يُدرك وبغير كثير عناء، أن ما حققته حركة حماس من نجاحات بارزة لا يعود في المقام الأول لكثرة المنضمين لصفوفها أو مريديها، بل يعود أولاً لرغبة الجماهير الفلسطينية بالتغيير، خاصة الوجوه التي حفظها العقل الفلسطيني عن ظهر قلب، لدرجة أن الملل تفشّى بين الجميع من تصرفات تلك الوجوه، وثانياً لكثرة ما عانوه من تفاقم الفساد والمحسوبية، فتلك الجماهير كثيرٌ منها لا ينضوي تحت لواء أيٍّ من التنظيمات العاملة على الساحة الفلسطينية، وثالثاً وهو الأهم اعتماد الحركة النهج الديني المؤثر، الذي لاقى نجاحاً منقطع النظير بين فئات الشباب المتدين، خاصة الذين يتلقون تعليماً جامعياً أو حتى بين طبقة المثقفين العاديين.

رابعاً: إن السرَّ وراء نجاح حركة حماس، يعود أساساً للبرنامج الذي تتبناه ونجحت حتى الآن في تحقيقه، وهو برنامج المقاومة والكفاح والتكافل الاجتماعي بين طبقات المجتمع، الأمر الذي مسَّ صميم قلب الجماهير، في وقتٍ كانت فيه حركة فتح بعد ولادة السلطة الفلسطينية، قد قننت من ـ بل قل جففت ـ عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، فملأت حماس الفراغ الثوري والنضالي الذي تركته فتح ردحاً من الزمن، ثم عادت إليه مع نشوب انتفاضة الأقصى في 28 أيلول (سبتمبر) 2000م. وهذا لا يعني في المطلق أن نضال حماس ضد الاحتلال بدأ مع ولادة السلطة، بل إن نضالها بدأ مع نشوب الانتفاضة الأولى عام 1987م.

خامساً: إن حركة حماس إذا ما حققت نصراً سياسياً في الانتخابات البلدية والتشريعية المقبلة، فقد تقع في المحظور ما لم تأخذ العبرة من الآخرين، وهو اللهث وراء المغانم السياسية، والصراع داخل أروقة الحركة للحصول على الكراسي، الذي سيؤدي إلى تصادم وتقاطع المصالح بين كوادرها وأُطرها.

سادساً: إن حركة حماس إذا ما فازت بعددٍ من المقاعد في الانتخابات التشريعية، فسوف تكون مؤهلة لإحدى أمرين: إما تشكيل حكومة فلسطينية، وبالتالي ستقع عليها تبعات جسام، فهي ستكون أمام خيارين أحلاهما مر. الأول: قطع الاتصالات تماماً مع الجانب الإسرائيلي، وهذا يعني عدم اعترافها بما تمَّ الاتفاق عليه من اتفاقيات سابقة، الأمر الذي سيعطي إسرائيل الذريعة للتنصل تماماً مما سبق الاتفاق عليه، وكذلك الإجهاز على بنية السلطة الفلسطينية، وما سيترتب على ذلك من سحب الاعتراف بهذه السلطة دولياً، والعودة إلى المربع الأول. والخيار الثاني وهو الأصعب، هو الاستمرار في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، مما يعني اعترافها ضمنياً بما تمَّ التوصل إليه من اتفاقيات سابقة، الأمر الذي سيؤدي إلى تحول بعض مريديها عن الحركة، لأنها بهذا التصرف تكون قد حادت الطريق عن المبادئ التي نادت إليها وناضلت من أجلها، ومن أجلها أيضاً كسبت الكثير من شعبية الجماهير في الداخل والخارج. والأمر الثاني: هو اكتفاء حركة حماس بالمشاركة في حكومة ائتلافية مع قوى سياسية أخرى، يكون لها تأثير فاعل على مقرراتها، وإفشال أي محاولة لتمرير اتفاقيات تكون رافضة لها سلفاً، وهي بذلك تحتفظ بشعبيتها التي حققتها من قبل، من قبيل الترنم بمحافظتها على حقوق الشعب الفلسطيني.

وخلاصة القول، إن محاولة تنظيم فتح في إعادة ترتيب أوراقه من جديد، وما يترتب عليه من استرداد الشعبية الغالبة التي بقيت تحتفظ بها لفترةٍ طويلة من الزمن، ليست بالأمر الهيّن بل تحتاج لبذل المزيد من الجهد، قد تصل للبدء من نقطة الصفر، وذلك للتخلص من الأدران التي علِقت بها بفعل فئة غير مسئولة من كوادرها، أضرت بسمعتها التي كانت محل احترام وتقدير العديد من أبناء الشعب الفلسطيني، وإلاَّ فسوف يكون مصير فتح كمصير بقية القوى السياسية التي انضوت تحت جناح منظمة التحرير الفلسطينية، من إفلاس سياسي قد لا يُحمد عقباه، واحتجابها عن الأضواء السياسية والعيش على ذكريات الماضي، كما هو الآن حال العديد من القوى السياسية على الساحة الفلسطينية.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ