محاكمة
خدام
أم
محاكمة النظام !!!
م.
أبو إسلام
زلزال سياسي هائل
ومدوي لمصدره وتوقيته هو ما
أثارته تصريحات نائب الرئيس
السوري السابق عبد الحليم خدام
مساء الجمعة من على شاشة
العربية ، زلزال لأنه صدر من أحد
أقطاب الحكم في سوريا على مدى
أكثر من أربعة عقود ، ولأن مصدره
شخصية من مركز وقلب القرار في
سوريا وعلى إطلاع ودراية
ومشاركة بدقائق وتفاصيل الأمور
، زلزال لأنه يكشف حقائق
وتفاصيل من الصعب معرفتها وخاصة
لنظام مغلق كصندوق أسود يمارس
السياسة بوجهين الأول مستور
وخفي لا يعلمه إلا أهله يعتمد
مبدأ التنازلات والصفقات
والاستجداءات على أبواب أمريكا
وغيرها وهو الحقيقي والفعلي (
ويكفيه عاراً في هذا السياق
تصريحات أعداءه الإسرائيليين
المفترضين وآخرها مطالبات رئيس
الوزراء أرئيل شارون من أمريكا
بعدم إسقاط هذا النظام الذي
يحمي خاصرة إسرائيل من جبهته
التي لم تُطلق منها طلقة واحدة
منذ وقف إطلاق النار في منتصف
السبعينيات ) ووجه آخر إعلامي
تسويقي تثويري موجه للداخل ولكل
الأغبياء على امتداد الساحة
العربية الذين لا زالوا ينظرون
إلى هذا النظام على أنه القلعة
العربية الصامدة ويجب أن يفرقوا
إن كانوا مخلصين وشرفاء بين
واجب الدفاع عن الوطن سوريا
والشعب وليس عن النظام وأخص
منهم متسولي المؤتمر القومي
العربي ، زلزال أيضاً لأنه يكشف
حقيقة الحكم في السوري المتمثل
بكونه حكماً فردياً حكماً
أمنياً ومخابراتياً ، حكماً
عائلياً !! زلزالاً سياسياً
يستحق التوقف عنده كثيراً لمن
يرغب ويتمنى كشف حقائق وخبايا
وأسرار هذا النظام من جهة وحتى
للنظام الرسمي السوري بكل
مكوناته وأركانه ووسائل إعلامه
للتأمل والتروي والتعقل في
عملية الرد .
وعلى العكس من ذلك
جاء رد الفعل الرسمي السوري
والذي صدر من خلال وسائل
الإعلام متأخراً كعادته سطحياً
تخوينياً بل وربما أقول تافهاً
إذ أشار إلى أن خدام أصدر
تصريحاته من قصره الفخم في
باريس وتساءل باستغراب ببغائي
وغبائي عن الأموال التي يمتلكها
ومن أين جاءت وعن غير ذلك من
الكلام الذي جاء وكأنه إكتشافاً
يجهله أبناء وطننا ، فالجميع
يعرف أن أركان النظام كافة
متورطين بسرقة ونهب خيرات
هذا البلد ، من رأس النظام
ودائرته القريبة جداً ومروراً
بكل الدوائر المحيطة بمركز
القرار قريبة أم بعيدة .
وبشكل غير مستغرب
أو مفاجئ عقد مجلس الشعب السوري
جلسة نُقلت مباشرة على الهواء
وخصصت للرد على عبد الحليم خدام
، وكان واضحاً كالعادة سخف و
سطحية ونفاق تلك الدمى
والخطابات الخشبية والأسلوب
واللغة المنقرضين في الردود
التي ترتد من الناحية العقلانية
والمنطقية على رأسي النظام
الحالي والبائد وتشكل إدانة
للنظامين لسكوتهم عن فساد
مستشري بمنطق كلامهم ويعلمون به
وعلى إطلاع كامل ولكن لم يُتخذ
أي إجراءات حياله .
وقد كان ملفتاً
للنظر مقاطعة مداخلة النائب حبش
وتدخل المذيع السوري والتشويش
عليه عند حديثه عن حقيقة موقف
خدام وتصريحاته تجاه المنتديات
وتجاه معتقلي الرأي رياض سيف
ومأمون الحمصي وعارف دليلة هذا
التشويش والمقاطعة التي لم تأت
مصادفة لأن من غير المسموح
التحدث عن الممنوعات والمحرمات
وبشكل علني وبهذه الطريقة ،
وأسأل هذا العضو الذي لطالما
أتحفنا بخطاباته المغلفة باسم
الإسلام وأقول له نعم لقد كانت
هناك تصريحات للسيد خدام معادية
للمنتديات ولأعضاء المجتمع
المدني ولكن خدام لم يكن هو من
أعطى الأوامر لفروع الأمن لكي
تغلق المنتديات ، ومنتدى جمال
الأتاسي أُغلق مؤخراً بعد خروج
خدام من السلطة بأشهر كثيرة ،
وماذا يجيبنا هو وأمثاله كأحمد
الحاج علي وفائز الصائغ وغيرهم
عن استنفار الجهات الأمنية
بأعظم قواها لمنع أي اجتماع
علني لأي شخصيات وطنية مهتمة
بأمور الوطن وترغب بالحوار
والنقاش للبحث عن وسائل وأدوات
تجاوز هذا المنزلق الذي يتجه
إليه الوطن ، أما الشيء الآخر
وغير الملفت للنظر فهو الإجماع
المطلق والذي جاء بالتأكيد بعد
جلسة مغلقة تم إعطاء التعليمات
الأمنية فيها والتوجيهات لهم
قبل أن تبدأ الجلسة العلنية حول
المطالبة بمحاكمة خدام بتهمة
الخيانة العظمى وهنا أذكّر
معدّي هذه التمثيليات الباهتة
والسخيفة بأنّ خالق هذا الكون
وهو الله سبحانه وتعالى وجد
معارضاً له وهو إبليس ، أما في
سورية فلا يوجد إلا الإجماع
المطلق ولا يحق لأحد أن يتجرأ
ويعارض وينتقد سياسات النظام
ورأس النظام المقدّس الذي لا
يخطئ أبداً !!!
أقول لكل هؤلاء
وغيرهم بأن المواطن البسيط يعرف
كل الحقيقة وأن خدام هو أحد
أركان الحكم السوري وهو جزء من
نظام فاسد ومفسد حكم البلاد ولا
يزال ، وإنني لن أدافع عنه أو عن
أي أحد غيره
ولكن ما يجب أن يراه ويعترف
به كل ذي عقل وبصيرة أن خدام
قدّم جزءً من الحقيقة وهي حقيقة
النظام في سوريا وأنه نظام حكم
فردي عائلي بمعناه العام نظام
متناقض ومختلف تماماً مع
المؤسسات والقانون ومختلف حتى
عن البعث الذي يحكم باسمه والذي
هو ليس أكثر من حصان يركبه
للوصول إلى أهدافه على مستوى
العائلة وذوي القربى ، وأن
كثيراً مما أورده عن مواقف مع
الرئيس بشار وحول اتخاذه مواقف
تتناقض مع تصريحاته هي حقائق
دامغة وهنا أود أن أذكر حادثة
بسيطة من عشرات الأمثلة
المعروفة لدينا وهي أنه وفي
إحدى زيارات
السيد بشار لمدينة حلب قبل وفاة
والده بأشهر ، فحدث أن تجمع حوله
عشرات المواطنين والذين كانوا
يهتفون (
دخلك يا أبو حافظ شيل هالمحافظ )
والمقصود هو ميرو الذي كان
يُسمى في مدينة حلب بالإسفنجة
لشراهته في النهب والسرقة ،
وردً عليهم السيد بشار حينها
أنه يعدهم خيراً وأنهم سيسمعون
أخباراً طيبة في القريب العاجل (
هذه الرواية نقلت مباشرة لي من
أحد أصدقائي في حلب وكان من بين
المتواجدين ) وبالفعل لم يخلف
السيد بشار وعده وتم معاقبة
محافظ حلب وتكليفه برئاسة
الوزراء بعد أسابيع قليلة
واستمر خلال فترة حكمه لاحقاً
لفترة ليست بالقليلة !!!!!!!!!!!!!! .
أقول لكل هؤلاء
المنافقين لهذه الكراكوزات
والدمى أعضاء مجلس الشعب في
جلستهم العتيدة وفي جلسة الرد
على عبد الحليم خدام هل يتجرأ
أحدهم ويسأل عن المليارين دولار
التي شحنها رامي مخلوف قريب
الرئيس إلى دولة الإمارات
العربية منذ فترة قريبة ، أم هل
بإمكانهم أن يسألوا عن مليارات
الدولارات التي أثارت إشكالية
في طريقة استردادها بعد مقتل
الفارس الذهبي ولا نعلم إن
استردت عائلته وليس الوطن طبعاً
هذه المبالغ أم لا ؟!! أم يحق لنا
أن نسأل ونتساءل عن أملاك
القائد الخالد والذي يستطيع أي
ملم بالقراءة أن يتعرف على وضعه
المادي ووضع عائلته تاريخياً أو
من خلال زيارة مسقط رأسه
والتعرف على بيته الأصلي في
الخمسينيات من القرن المنصرم
ويقارن ذلك مع اليوم ، أو عن
أملاك أي أحد من أخوة الرئيس
حافظ كرفعت أو جميل أو ..... !!!!! .
إذاً نحن لا نختلف
معكم أيها المنافقون في حقيقة
فساد عبد الحليم خدام ولكن يحق
لنا أن نوجه لكم أسئلة كما
توجهتم بكل هذا النقد للسيد
خدام والذي أوضحتم أن كل دلائل
وقرائن الفساد كانت معروفة على
مدى السنوات الكثيرة الماضية
ومنذ عهد حافظ الأسد ، فلماذا لم
يتم محاسبة خدام على هذا الفساد
خلال عهد حافظ الأسد ؟! وأين
إنجازات القائد الخالد في دولة
البعث دولة التقدم ، دولة
الإنجازات والتي حفرتموها ولا
تزالون في أسماعنا رغماً عنا عن
طريق وسائل الإعلام التي تنعق
كالغربان منذ عشرات السنين ؟!
ولماذا لم يحاسب باني سورية
الحديثة الفائت وقائد مسيرة
التطوير والتحديث الحالي وصاحب
نظرية مكافحة الفساد تلك الكذبة
الكبيرة التي تبناها قبل توريثه
عن كل هذا الفساد ، ألم يقل
الخليفة عمر بن الخطاب يوماً
والله لو تعثرت شاة بأرض العراق
لخشيت أن أُسأل عنها يوم
القيامة ؟!! وبالتالي ما حساب من
دمرّ وطناً وشعباً ؟! أم أننا
أمام نكتة جديدة تافهة لمجلس
الشعب وتصوير بعضهم لخدام بأنه
رأس الفساد ، وأن الأمور انكشفت
والخير قادم بعد طول غياب !!!! .
نسأل لماذا أُبعد
خدام في اليوم الأول لوفاة حافظ
الأسد وتم تكليف رئيس الوزراء
ميرو حينها بإدارة شؤون البلاد
على الرغم من أنه كان يفترض
إدارتها من قبل خدام لكونه
نائباً للرئيس ؟؟؟!!! ولماذا
أُعيد خدام في اليوم التالي إلى
الواجهة وما هي الخلافات التي
أبعدته في البداية وما هي
الصفقة التي أعادته ؟!! إنها
أسئلة برسم الإجابة موجهة إلى
السادة خدام وبشار وكافة أركان
هذا النظام وأين صوت عراب وراعي
عملية التوريث مصطفى طلاس من
ذلك .... !!! .
وبعد كل ما رأينا
وسمعنا ونحن نتابع على الهواء
مباشرة هذا الحماس المتأجج وتلك
المشاعر الوطنية والخطابات
التي أتحفنا بها كركوزات
برلماننا العتيد وهم يتحدثون
بأسلوب لا يبتعد كثيراً عن
سخافة وتفاهة وهزالة ما تحدث به
رئيسهم في خطابه الأخير وما صدر
عنهم من عبارات نابية وسوقية
تجاه قناة العربية ( والتي هي
أولاً وأخيراً منبراً إعلامياً
هدفها تقديم وجهات النظر
المختلفة سواءً أعجبتنا أم لا ،
على الرغم من أن لي تحفظات أكثر
منهم تجاهها من زاوية أخرى أوسع
وأصدق ) أو تجاه بعض الساسة
اللبنانيين أو حتى تجاه السيد
خدام الذي لم يتفوه بأي كلام غير
لائق تجاه النظام أو أركانه
وإنما تحدث عن حقائق معروفة
وانتقادات لم تبتعد عن تحليلات
كل العقلاء في هذا الوطن خلال
السنوات الماضية على الرغم من
المسافة التي تفصلهم عن مراكز
اتخاذ القرار وهي ليست جديدة
إلا لكونها تأتي من قلب النظام
وبشهادة
شاهد من أهله .
بعد كل ذلك من
حقنا أن نتساءل عن هذا التطرف
الطائفي والانتهازي والإنبطاحي
لكل المنافقين على امتداد الوطن
، ونقول لماذا لم تُخصص جلسة
مشابهة لجلسة محاسبة خدام وذلك
لأجل مجرم وسفاح سوريا رفعت
الأسد الذي قاد انقلاباً
عسكرياً على النظام في يوم من
الأيام على أخيه وشنّ حرباً لا
هوادة فيها في فترة تسليم
التركة للوريث ؟! لماذا لا
يُحاسب اليوم كما يُحاسب خدام
عن قناته الفضائية ANN المعادية للنظام السوري
والتي تبث برامجها على مدار
اليوم ؟!! أم أن القضية تتوقف على
هوية الشخص !!! .
إنني وباختصار
شديد لست في موقع الدفاع عن فساد
خدام ولن أدافع في أي يوم من
الأيام عن أي شخص سرق ونهب وأفسد
وارتكب القتل والتشريد والظلم
لأي مواطن سوري أياً كان .
لكن في المقابل
فإننا نقولها وبالصوت العالي
وليسمعها القاصي والداني بأننا
نرفض وبالمطلق إجراء تصفية
حسابات مع البعض تحت اسم مكافحة
الفساد وليس ضمن قضية محاسبة
على مستوى كل الوطن وبغض النظر
عن هوية وانتماء أي شخص ونرفض
بأي شكل كان أن يكون خدام
الحاوية التي نملأها بأوساخ
وأقذار هذا النظام كما حدث
عندما تمت تصفية السيد محمود
الزعبي وإيهامنا أن مرحلة جديدة
قادمة بعد سقوط رمز الفساد حسب
تعبيرات بعض الدمى .
إنني كمواطن سوري
على استعداد لتقبل كل ما طُرح في
مجلس الشعب ولأن أضم صوتي إلى
أصواتهم لفتح ملف الفساد للسيد
خدام بل ولمحاسبته بتهمة
الخيانة العظمى وفتح ملف
النفايات النووية التي يتهم بها
أبناءه ( والتي طالما تحدثت بها
المعارضة ولم يُسمع صوتها في
هذه القضية وفي كافة القضايا
الأخرى ولكن ليس من مجيب ) ولكن
بشرط فتح كل الملفات أي دون
استثناءٍ لأحد.
وبغض النظر عن
الأسباب والدوافع التي كانت
وراء تفجير هذه القنبلة
السياسية وفي هذا الوقت فإنها
بلا شك نقطة أولية يمكن أن
أسجلها للسيد خدام في كشف حقيقة
وواقع هذا النظام الرديء
والمتعفن والمتفسخ ، هذه النقطة
يمكن أن تكبر أكثر وأكثر وأن
تتحول إلى منحى إيجابي في حال
استعداد خدام لكشف وفضح كل
ممارسات النظام وخاصة في
المجالات السياسية والأمنية
التي طالت الشعب السوري بدءً من
تدمر ومروراً بحماه وكل ذلك
السجل الهائل من ممارسات النظام
الأمنية والقمعية والإفسادية ،
ولتكن هذه دعوة من المعارضة
للسيد خدام و لكل من يرغب من أهل
النظام لكشف هذا النظام الممتد
منذ أربعة عقود تقريباً ، وعلى
قاعدة اعترافه بذنوبه
واستعداده لإعادة ما يمكن
إعادته ضمن المنطق والعقل وبشرط
ألا يكون متورطاً بجرائم قتل أو
تعذيب بأي شكل وصورة لأي مواطن
سوري .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|