برلمان
العرب الذي نريد
بقلم
: محمد علي شاهين
عاش الشارع العربي
حالة إقصاء ويأس، وانسداد سياسي
واجتماعي، في ظل الأزمة
الديمقراطيّة المتفاقمة التي
زادتها الأزمة الاقتصاديّة
احتقاناً .
وبدا جليّاً مدى
تمسّك الأنظمة المعمّرة
بالسلطة وممانعتها للاصلاح
والتغيير والتحوّل الديمقراطي
السلمي، وعجزها التام عن تحقيق
أيّة مكاسب في مجال حقوق
الإنسان وإغلاق ملفات
المفقودين والمعتقلين والقبور
الجماعيّة .
وأقصي الآخر وشوّهت
صورته، وزوّرت إرادته، وقمع
وغيّب، واتهم بالخيانة
والعمالة باسم الديمقراطيّة .
فلا عجب أن ينفضّ
الناس عن هذه الكلمة ويزهدوا
فيها، ويمقتوها بسبب ما أصابها
من تشويه وتذييف وتفريغ من
محتواها الحقيقي .
والأعجب من ذلك أن
تمتد يد التزييف في أعقاب العرس
الديمقراطي الذي وصفت به
الانتخابات الأخيرة إلى كلمة
الوحدة، فتخرج علينا الجامعة
العربيّة ببرلمانها المؤقّت،
لتقنعنا بأنّها لا زالت حيّة،
وأنّها قادرة على توحيد أمّة
العرب، وحماية أمنها ومصالحها،
وخاصّة بعد فضيحة احتلال العراق
.
برلمان غير مزوّر
ولكنّه معيّن، محدّد بخمس سنوات
وربّما بسبع لأنّه لا قيمة
للوقت لدى المخطّطين لهذا
البرلمان الوحدوي العتيد،
وكأنّ التاريخ سينتظرنا حتى
نستكمل خطوات هذا المشروع
الخطير .
ألا تكفينا
البرلمانات التي تلعب بها
الأنظمة لنضيف إليها برلماناً
على شاكلتها يدار من العواصم
العربيّة عن بعد .
ألا تكفينا
البرلمانات الصوريّة التي لا
تملك القدرة على الرقابة، ولا
على التشريع، ولا المحاسبة
والنقد الموضوعي، وليس
لقراراتها صفة الإلزام .
يريدون أن يقنعونا
بأنّهم سائرون على درب الوحدة،
وأنّ أوروبا الموحّدة ليست
بأفضل منا، وأنّ لنا برلماناً
عربياً دونه البرلمان
الأوروبي، ولكن هيهات .
غداً سيحمل ممثلو
كل نظام عربي معهم تناقضات
الأنظمة التي يمثّلونها
ومشاكلها وعقدها ونزاعاتها
الحدوديّة، ومشاكل تقاسم
المياه بينها، وستزداد المشاكل
تعقيداً، لأنّهم لايملكون
مفاتيح الحل .
وسترون أيّها
السادة أنّ هذا البرلمان لن
يتمخّض إلا عن تكريس للتجزئة،
والاعتراف بالأمر الواقع،
وإصدار قرارات لمكافحة
الإرهاب، وإصدار توصيات لحماية
الأنظمة من دعاة الوحدة
الحقيقيّة .
إنّ البرلمان الذي
يحظى باحترام الشعوب العربيّة
هو البرلمان المعبّر عن ضمير
الأمّة ووجدانها، الممثل
لإرادتها الحرّة، لا البرلمان
المنقطع عن الشعوب، المحدود
الاختصاصات بإصدار الآراء
والتوصيات الذي تفتقت عنه
عبقريّة الأمين العام، بعد
وعوده بالإصلاح، وحدّد معاييره
وزراء الخارجيّة .
البرلمان الذي
نتطلّع إليه هو البرلمان الشعبي
المنتخب انتخاباً حراً، القادر
على تعزيز الديمقراطيّة وحقوق
الإنسان، ووقف سرقة قوت الشعب
واستنزاف ثرواته في الوطن
العربي .
البرلمان الذي يملك
حق التعيين والخلع .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|