العالم
على قرن الثور السوري ..
فليحذَر
الزلزال !
عبد
الله القحطاني
كانت الأرض – في
الأسطورة القديمة – تقف على قرن
ثور.فإذا تعب القرن من حملها ،
نقلها الثور إلى القرن الآخر ..
فيحدث الزلزال !
أمّا اليوم ، فقد
باتت الأرض تتنقّل على قرون
كثيرة ، ليست بَقَريّة كلّها ..!
ولقد استقرّت في
الأشهر الأخيرة ، على قرن الثور
السوري – فيما يبدو -..!
وكيلا يظنّ ظانّ ،
أنّ في كلامنا هذا ضرباً من
المجازفة ، نورد بعض ما هو
متداوَل،في الساحة السياسيّة
والإعلاميّة :
1ـ النظام السوري ،
يؤكد عبر إعلامه ، وتصريحات
مسؤوليه الكبار والصغار ، بأنّ
سورية (مستهدفة!) من قبل الدول
الكبرى في العالم ، التي تملي
على مجلس الأمن قرارات ظالمة ،
ليطبّقها ضدّ سورية ، عبر لجنة
التحقيق الدوليّة ، المكلّفة
بكشف الستار عن قتلة الحريري ،
رئيس وزراء لبنان ..
ويهدّد المسؤولون
السوريون ، بأن إدانة سورية
ستفجّر المنطقة برمّتها ،
وربّما تفجّر العالم ..! ومنطقهم
في هذا واضح وبسيط :
سورية بريئة من دم
الحريري..وأيّ تحقيق " مهنيّ،
موضوعي،نزيه.." سيقرّر ،
بالضرورة ، براءة سورية ..!
أمّا إذا أثبَت
التقرير، بالأدلّة الحسيّة ،
والقرائن ، والشهود ،
والمعلومات الموثّقة الأكيدة ،
أنّ سورية متورّطة ، عبر كبار
مسؤوليها الأمنيّين ( وربّما
السياسيّين ) ، بقتل الحريري ..
فإنّ هذا التقرير سيكون فاسداً
بالضرورة ، متناقضاً ،
متهافتاً، مغرضاً ، منحازاً ،
ظالماً .. يَسعى مُعِدّه
"العميل الأمريكي
الصهيوني.." إلى الضغط على
سورية ، بسبب مواقفها القوميّة
الشامخة المشرّفة ، المعادية
للاستعمار والصهيونية
والإمبرياليّة .. !
وبالطبع ، لن تسكت
سورية على هذا التحيّز الظالم
السافر ، الذي سيؤدّي إلى تفجير
المنطقة ، إذا نصّ التقرير
صراحة، على إدانة سورية بقتل
الحريري..وتفجير المنطقة ستكون
له تداعيات خطيرة ،على العالم
بأسره .. !
2ـ الأحزاب
اللبنانيّة الموالية لسورية
ترى أنّ :
أيّة مطالبة
لبنانيّة ، بتشكيل محكمة دوليّة
، لمحاكمة من يدنيهم تقرير
اللجنة الدوليّة "
ميليس وخلَفه ".. ستؤدّي إلى
(تدويل ) القضيّة اللبنانيّة ،
وبالتالي إلى إبعاد لبنان عن
سورية ، وتمزيق العلاقة بين
الدولتين ( الشقيقتين
)..وبالتالي ـ أيضاً ـ إلى إضعاف
المقاومة اللبنانيّة ، ونزع
سلاحها المعَدّ لمقاومة
العدوان الصهيوني..ومن ثمّ
إضعاف القضيّة الفلسطينيّة ،
وإخضاعها بشكل تامّ للإرادة
الصهيونيّة..! وبناء على هذا
كلّه ، فإنّ الأحزاب الموالية
لسورية ، تقاطع جلسات الوزارة
اللبنانيّة ، عبر انسحاب
وزرائها من هذه الجلسات ..
وتهدّد بالاستقالة من الوزارة ،
إذا لم تكن هذه الوزارة : عاقلة ،
رشيدة ، تراعي المصلحة
اللبنانيّة العليا ، والمصلحة
القوميّة العليا للأمّة
العربيّة ، ولا سيّما مصلحة
الجارة الشقيقة سورية ! "
(ولكي تثبِت هذا،عليها أن تَخضع
لمبدأ التوافق في اتّخاذ
القرارات ، وتَصرف النظر عن
مبدأ التصويت ،الذي يحفظ
للأكثريّة حقّها في
اتّخاذالقرار، بعد مناقشته
وسماع رأي الأقليّة فيه..! ـ هنا
فقط في لبنان..! أمّا الأماكن
والدول التي تشكّل فيها هذه
الأطياف أكثرية "كالعراق"،
فالأمر
فيها مختلف ، ولابدّ للأكثريّة
من ممارسة حقّها الذي منحه
إيّاها الشعب عبرصناديق
الاقتراع.. وإلاّ فما الجدوى من
الانتخابات..!؟ ـ)
3ـ السلطة المختلطة
الأمريكيّة العراقيّة في
العراق ، تقرّر أنّ : على سورية
أن تحفظ حدودها مع العراق ، مَن
تسرّب العناصر التخريبيّة ،
التي تتسلّل عبر الحدود
المشتركة ، لتفجّر أجسادها
وسياراتها الملغّمة ، فتقتل
الأمريكان والعراقيّين ..! أمّا
المقاتلون الذين يقصدون سورية
من كلّ دول العالم ، ليتسلّلوا
إلى العراق ، فتمسك بهم أجهزة
الأمن السوريّة ، وهم بالآلاف ،
وتسلّم بعضهم لأمريكا ، وترسل
بعضهم إلى سجون بلدانهم ،
وتحتفظ بالكثيرين منهم في
السجون السوريّة ..أمّا هؤلاء
المقاتلون ، فهم أقلّ من
الأعداد الحقيقيّة ، التي تنوي
التسلّل إلى العراق .. ولا بدّ من
إمساك المزيد منهم وتسليمهم
للأمريكان !
وبناء على هذا ،
ستظلّ سورية متّهمة بالتقصير في
تعاونها مع الأمريكان ، برغم
جهودها المخلصة حقّاً ، في
تقديم أقصى ما تستطيع من خدمة
لهم ، في المجال الأمني ، وبرغم
اعترافات الأمريكان أنفسهم
بأنّ التعاون السوري ، أحبط
عمليات كثيرة وخطيرة ضدّ
المصالح الأمريكيّة والجنود
الأمريكان ..!
لماذا هذا الجحود
الأمريكي للفضل السوري !؟ لأنّ
سورية تعلن – إعلاميّاً - أنّها
ضدّ الحرب في العراق ، من منطلق
عروبيّ ، قوميّ ، راسخ ، نبيل !
وإذا تبين – والحال
هذه – أنّ أمريكا دولة جاحدة
ظالمة ، تضغط على سورية بسبب –
مواقفها القوميّة المشرّفة –
فإنّ الأمّة العربيّة مدعوّة ،
من محيطها إلى خليجها ، لدعم
سورية ، الصامدة الشامخة
الأبيّة ، التي لا تحني رأسها
إلاّ للّه ! ولا تفرّط بذرّة من
كرامتها الوطنيّة،أو كرامة
أمتّها العربيّة..! وإذا سقطت
سورية – لا سمح الله – أو
انهارت مقاومتها، تحت الضغوط
الأمريكيّة والصهيونيّة
العنيفة،فإنّ الأمّة العربيّة
بأسرها، ستسقط وتضيع وتتلاشى ..!
أليست سورية قلبَ العروبة
النابض ، وآخر قلعة من قلاع
الصمود والتصدّي ، في وجه
الاستعمار والصهيونيّة ..!
4ـ الهتّافون العرب
:
* سورية حصن العروبة
الأخير، فإذا تهاوى ،حلّت
الكارثة الأبديّة على الأمّة،
من محيطها إلى خليجها .. ولن تقوم
للعرب قائمة بعدها..أبدا !
* بالروح.. بالدم ،
نفديك أيّها القائد الشابّ ،
الذي لا يحني رأسه، أو رأس أمّته
إلاّ للّه..!( أمّا خضوع سورية
لأمريكا، وتنفيذ أوامرها: في
الانسحاب من لبنان.. وفي اعتقال
القادمين إليها للتسلّل إلى
العراق، وتسليمهم إلى أمريكا،
أو إلى حلفائها.. وتقديم آلاف
الملفّات الأمنيّة السوريّة
إلى أمريكا ،عن مواطنين سوريّين
وغير سوريّين .. وتقديم معلومات
استخباريّة حفظت أرواح كثيرمن
الأمريكان ـ باعتراف الأمريكان
أنفسهم ـ .. وأمّا التوسّل
السوري لأمريكا، المعلن
والمستتر، المباشر وغير
المباشر ـ عبر الوساطات ـ
لتخفيف الضغوط عن سورية..أمّا
هذا كلّه، فلا يعَدّ انحناء
لأمريكا، بل مرونة،
وديبلوماسية، وذكاء، وحنكة،
وحصافة، ودهاء.. والفرق كبير بين
هذه المصطلحات ، ومصطلح
الانحناء..!)
* أيها الرئيس الشابّ البطل ،
أنت خليفة صلاح الدين ، وسورية
بقيادتك، قلعة شمّاء، تستعصي
على القهر والتركيع.. فقُدْ
أمّتك العربيّة، في دروب العزّة
والنضال.. حتّى تحقّق نصرها
المشرّف ،على يديك الكريمتين ..!
* لمْ يَعد للأمّة من سنَد،
بعد الله ، إلاّ سورية، بقيادة
زعيمها الشابّ البطل..!
* سِيري ياسورّيا سِيري
قُودِينا نحوَ التحرير ِ
(بالطبع نسيَ هؤلاء الهتّافون
، الجولان الذي سلّمه نظام
الصمود والتصدّي، لجارته
العزيزة إسرائيل ، بلا حرب ،
وكان صانعُ النظام الراحل ،
وزيراً للدفاع في حرب حزيران
عام 1967 ، فأمرَالجيش بالانسحاب
الكيفي ، مبتكراً في ذلك أطرف
وأغرب مصطلح عسكريّ في العصر
الحديث : جيش كامل ينسحب قبل أن
يتقدّم نحوه العدو بثمان
وأربعين ساعة ، انسحاباً
كيفيّاً ! ليرفّع وزيرُالدفاع،
بعد ذلك بسنتين ونصف، رئيساً
للجمهورية، لينافس مَن حولَه،
في تثبيت قرن الثورالسوري، في
أسفل ومنتصف القاعدة الأرضيّة،
التي تقوم عليها منطقة الشرق
الأوسط ! وفي المقدّمة من ذلك ،
دخول القوات السورية إلى لبنان
، بمباركة أمريكية إسرائيلية،
لتفعل بالمخيّمات الفلسطينية،
ماعجزت إسرئيل عن فعله خلال
عشرات السنين! ولتشترك مع قوات
إسرائيل في قصف طرابلس ، وفي
لحظة واحدة.. إسرائيل تقصف من
البحر، والقوّات السورية ـ
الشقيقة! ـ تقصف
من البرّ.. حتّى خضِدت شوكة
القوى الإسلامية في طرابلس ،
ولانت عريكتُها، وأسلمت
مفاتيحها للأخ الجار، الشقيق
الودود.. قلب العروبة النابض
،وحصنها الحصين..!
نسيَ هتّافو الصمود
والتحرير، الجولان الذي لم
تطلَق منه طلقة واحدة ،طوال
اثنين وثلاثين عاماً، باتّجاه
العدوّ الإسرائيلي/منذعام1973/،
لأنّه محروس بعين ساهرة ،تعرف
حقّ الجوار..! ولعلّ الكثيرين من
الهتّافين،لا يعرفون الجولان
أصلاً..! وحتّى لو عرفوها فلن
يهتمّوا بها ، لأنّها ليست من
بلادهم ، ويكفيهم ممّن باعوها ،
رفع شعارات الصمود والتحرير ..!
أمّا المنسيّ
الأكبر، لدى هؤلاء الهتّافين ،
فهو شعب سورية ! ولو فكّروا
قليلاً، قبل إطلاق شعارتهم
وتساءلوا : بمَن سيحارب الرفاق
المناضلون ، أمريكا ،
والصهيونيّة ، والأمبرياليّة،
والاستعمار.. إذا كان شعب سورية
مسحوقاً حتّى العظم ، مقموعاً
حتى الاختناق !؟
لو فكّروا بشعب
سورية قليلاً، لعرفوا
جيّداً،القيمة الحقيقيّة لقرن
الثورالسوري..!
والبديع ، أنّ
الكثيرين من هؤلاء الهتّافين ،
مثـقّفون جامعيّون.. بعضهم
يمثّلون النقابات المهنيّة
الراقية في مجتمعاتهم " هندسة
– صيدلة – طبّ – محاماة –
صحافة ..! وصدق من قال: "عِشْ
رجباً ترَ عجباً!"
5- قادة إسرائيل :
لعلّ هؤلاء وحدهم ،
هم الذين يعرفون القيمة
الحقيقيّة لقرن الثور السوري ،
وللتصريحات السوريّة المجلجلة
..! ويعرفون كيف يتعاملون مع
الرفاق المناضلين! والأهمّ من
هذا كلّه ، يعرفون أهميّة وجود
النظام السوري الحالي ،
واستقراره ، واستمراره بجوار
دولتهم ، بل أهميّة وجوده
لأمنهم الوطني..!
لقد تناولت وسائل الإعلام
الإسرائيليّة – ولا سيّما
الصحافة منها – بصراحة وعلى
المكشوف ، الخلافات التي تظهر
بين آونة وأخرى ، بين وجهتي
النظر الأمريكيّة
والإسرائيليّة ، حول كيفيّة
التعامل مع النظام السوري
الحالي.ففي حين ترغب الإدارة
الأمريكيّة بتشديد الضغط عليه ،
إلى أقصى حدّ ممكن، لتقديم
المزيد من التنازل والخضوع
لمطالب أمريكا ، دون أن يؤدّي
الأمر إلى إسقاطه – وأحياناً ،
وفي لحظات ضيق أمريكي شديد منه ..
حتّى لو أدّى الأمر إلى إسقاطه -
.. في هذا الحين، يقف زعماء دولة
إسرائيل ، وصنّاع القرار
السياسيّ والأمنيّ فيها ،
موقفاً مخالفاً ، بل مناهضاً
لموقف الإدارة الأمريكيّة ، حول
إسقاط النظام السوري.. مع اتّفاق
الإدارتين ، الأمريكيّة
والإسرائيليّة ، على ضرورة
الضغط على هذا النظام ، وتشديد
الضغط عليه ، حتى يصبح أداة
طيّعة تماماً، في يد الإدارة
الأمريكيّة ، لمصلحة إسرائيل
أوّلاً ، ثمَّ لمصلحة أمريكا
ثانياً ..!
وأيّ متابع للشأن
السوري – غير مبتلى بالحماقة
الحماسيّة، أو مخدوع بتضليل
الشعارات السوريّة – على مائدة
الحوار الأمريكي الإسرائيلي ،
يدرك بمنتهى البساطة والوضوح ،
القيمة الحقيقيّة للنظام
السوري لدى الفريقين ، والحرص
الزائد لدى إسرائيل خاصّة ، على
بقاء النظام إلى جوارها ،
واستمراره ، واستقراره ..!
وليتابع من شاء – لا سيّما
من هتّافي النظام السوري –
التصريحات شبه اليوميّة ، لقادة
الاسخبارات والأمن والسياسة في
إسرائيل ، حول أهميّة هذا
النظام لأمن إسرائيل ، وخطورة
البدائل السورية الأخرى ، فيما
لو سقط هذا النظام ..! لأنّ أيّ
بديل سيأتي ـ بالانتخاب الحرّ ـ
إلى حكم سورية ، سيكون بالضرورة
، أقلّ منه خضوعاً لأمريكا،
فيما يتعلّق بالأمن الإسرائيلي
، وأشدّ خطراً على أمن إسرائيل ،
مادام منتخبا من الشعب ..!
وهاهي ذي صحف
إسرائيل اليوميّة،فليقرأ من
شاء،ما شاء منها،في هذا الشأن..!
وقد يكتشف القارىء
اللبيب ، معنى التصريحات
السوريّة اللاهبة ، المشحونة
بالوعيد والتهديد : " إذا
أدينت سورية – البريئة ! – بقتل
الحريري ، فإنّ هذا سيفجّر
المنطقة "! أي أنّ إدانة سورية
– عبر إدانة صنّاع القرارات
العليا فيها – سيؤدّي إلى
اعتقال صناع القرارات هؤلاء ..
وبالتالي سيؤدّي إلى سقوط
النظام ، بتداعيات داخليّة ..
داخل النظام ، وداخل الطائفة
التي يستند إليها..! وإذا سقط
النظام ، فأيّ نظام قادم سيشكّل
خطراً على إسرائيل ..! وهنا يكمن
الخطر اللاحق من التفجير.. أمّا
الخطر الأول – السابق – فيكمن
في مسارعة النظام ، قبل سقوطه ،
إلى إشعال حرب أهليّة في لبنان ،
عبر حلفائه ، وإحداث تفجيرات
أخرى في بعض دول المنطقة ، عبر
عملائه ..على مبدأ " عليّ وعلى
أعدائي " !
ولقد حرص رئيس
النظام ،على إظهاربعض
(العنتريّات) التي يتحلّى بها
نظامه ، في حواراته مع بعض
الساسة العرب ، كما تذكر بعض
الصحف .. إلاّ أنّهم كانوا أذكى
من أن يُخدعوا بهذه المناورات
الغبيّة.. وأوضحوا له، أنّ
تدميره بشكل تامّ، لا يحتاج
إلاّ إلى ساعات قليلة،وربّما
دقائق قليلة..! فخفّف من
غلوائه،وطوى صفحة (عنتريّاته)،
وعاد إلى الحوار ( العقلانيّ )
الهادىء ، الجادّ ..!هذا ما
يتعلّق بعنتريّات القتال! أمّا
عنتريّات الاغتيال الفردي،
والنسف والتفجير، عبرالعملاء
والمرتزقة..أمّا هذا،فهو رأس
القرن ،لدَى الثورالسوري،
لأنّه العمل الوحيد الذي
يتقنه،ويراهن عليه،في
تفجيرالمنطقة،وصناعة الزلازل
فيها..!
أمّا سقوطه،ومجيء
نظام خطرعلى أمن إسرائيل،فهذا
يشكّل خلفيّة القرن،لدى
الثور،وخطره غير واضح على المدى
القريب ، ويمكن التخفيف من
أضراره وتداعياته،على المدى
البعيد ..!
فكم سنة سيعيش
القرن السوري ، من سنوات القرن
الحادي والعشرين..!؟ هذا علمه
عند الله . لكنّ الواضح لكلّ
متابع غير أبلَه ، أنّ هذا الثور
سيكسر قرنه بنفسه، لكثرة مناطحة
الصخورالصلبة ،وأوّلها
صخورالحقائق الناصعة الدامغة!
وها هوذا، منذ
شهورعدّة،(يسعى إلى حتفه
بظلفه)، كما يقول المثل العربيّ
القديم..!ولقد بدات تظهر عليه
علائم التصدّع والانهيار،عبر
عمليّات النحر والانتحار،
والتمرّد والانشقاق..! وأين!؟ في
عموده الفقري، وعظام رقبته..في
مستوياته العليا الأمنيّة
والسياسيّة، من مستوى وزير
داخلية منتحر ـ أو منحورـ إلى
مستوى نائب رئيس جمهوريّة،شاقّ
لعصا الطاعة، مفارق للجماعة ـ
ونِعمتْ الجماعة جماعته ! ـ بعد
أن طفح به الكيل، ووجد نفسه في
وسط المعادلة الصعبة والخيار
العسير: النظام أو الوطن ..!
فاختار الوطن..
والأمانة هنا ، توجب على كلّ
مواطن سوري حرّ، محبّ لوطنه،
متابع لما يجري فيه.. أن يقدّم
النصيحة لكلّ عظم في رقبة هذا
النظام الخشبي البائس، يتاح له
هَجر نظامه المتآكل المتداعي
هذا، قبل أن يُنحر أو ينتحر..! و
أصدق نصيحة هنا هي:أنّ من أفنى
السنين من عمره، مشاركاً في
بناء هذا النظام الذي هدّم
الوطن ، عليه أن يشارك ، بقدر
مايطيق، القوى الفاعلة في هذا
الوطن، في السعي الجادّ والحثيث
، لهدم هذا النظام الخبيث،
وإعادة بناء الوطن على أنقاضه،
وبأقصى سرعة ممكنة، قبل أن
يتمكّن هذا النظام المتوحّش، من
إتمامه لهدم الوطن، والجلوس على
أنقاضه، ورفع لافتات (الصمود
والتصدّي والتحرير!) فوق تلال
الجماجم المنخورة والعظام
المهشّمة ، من أجساد أبنائه..!
إنّ
الفرد العاديّ ، المقصّربحقّ
ربّه،إذا اهتدى وتاب،عاد إلى
نفسه وربّه..
وإنّ السياسيّ
المسؤول،المفرّط بحق شعبه،إذا
اهتدى وتاب،عاد إلى نفسه وشعبه..
ولكلّ توبة
مقتضياتها. وما ذكرناه آنفاً،
من ضرورة الإسراع في هدم النظام
الفاسد ،لإعادة بناء ماهدّمه من
صروح الوطن وأركانه ، إنّما هو
من مقتضيات التوبة الوطنيّة ،
الواجبة على الوطنيّ التائب..!
عسى أن تعود سورية ، بعودة
أبنائهاالمفرّطين بحقّها ،
إليها ، ومشاركتهم في إعادة
بنائها على أسس سليمة، مع سائر
قواها الوطنيّة المخلصة
الشريفة ..عسى أن تعود دولة
حقيقيّةعلى خريطة العالم ،
وتنسى وهمَ الثورالذي يحمل
العالم على قرنه..!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|