ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 17/01/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

من للمقابر الجماعية في سورية؟

بقلم : محمد الحسناوي

اغتيال الشهيد رفيق الحريري أتاح المجال لإخراج القوات السورية من لبنان  الشقيق ، وخروج القوات السورية أتاح المجال للكشف عن المقابر الجماعية فيه بدءاً من مقبرة وزارة الدفاع في (اليرزة) ومقبرة ( عنجر) قرب المقر الرئيسي السابق للاستخبارات السورية . فهل اكتشاف المقابر الجماعية في لبنان يؤدي إلى فتح الباب عن المقابر الجماعية في سورية ؟  

نحن السوريين ليس لدينا أدنى شك بمسؤولية النظام السوري وذراعه الأمنية في لبنان عن المجازر أو المقابر الجماعية المكتشفة حتى الآن في لبنان ، أو عن قسم من المجازر التي سوف تكتشف فيما بعد سواء بمباشرته اقترافها أو بصفته حاكماً للبنان طوال فترة وجوه الأمني والعسكري هناك . وهذا لا يتنافى ولا يتناقض مع ضرورة إجراء تحقيق قضائي عادل وشفاف لتثبيت الوقائع ، وتحديد التهم ، وارتكابات المسؤوليات بالأسماء ثم الانتقال إلى القصاص العادل .

أما قناعتنا بمسؤولية النظام السوري  فتعود لأسباب متعددة يعضد بعضها بعضاً ، أولها طبيعة النظام القائمة أصلاً على منطق أو لغة القمع الأمني للمعارض أياً كان سورياً أو لبنانياً أو عربياً ...من أول يوم من وصوله إلى الحكم على ظهر الدبابة عام 1963م وإعلانه الأحكام العرفية وقانون الطواريء الذي لم يلغ بعد وإلى يومنا هذا .

ثانيها أنه هو نفسه ارتكب عدداً من المجازر الجماعية في سورية ، شملت معظم المحافظات ، أشهرها مجزرة تدمر في حزيران عام 1980م ذهب ضحيتها ألف مواطن سوري مدني من النخبة والمواطنين الكادحين تم دفنهم بالجرافات وبعضهم أحياء في بادية الشام ، ومجزرة مدينة حماة التي استبيحت طوال شهر شباط من عام 1982م وتزامنت مع مقابر قرية سريحين المجاورة للمدينة ، وذهب ضحيتها حوالي أربعين ألف مواطن فيهم رفاق بعثيون ومواطنون مسيحيون وتهديم ست كنائس مع تهديم ثمانين مسجداً وعشرات الأسواق والمؤسسات والأبنية الأثرية التاريخية النادرة . ومن يقتل أخاه في بلده لا يستغرب منه أن يقتل جاره .

ومع ذلك تظل للقضاء العادل أصوله ووجوبه وطرقه المعلومة ونتائجه المشروعة . فمن يرفض التحقيق أو القضاء ، أو يصطنع العراقيل ؟

إن مجرد رفض التقاضي شبهة ما بعدها شبهة ، ومثل ذلك من يصطنع التعلات أو يضع العراقيل أو يتباطأ في تسهيل إجراء التحقيقات .

هناك دعوى الخوف من تسييس التحقيقات ، والمقصود بالتسييس هنا إضفاء النوايا المسبقة بالعدوان على طرف من الأطراف من غير ما  أخذ بالبينات  والقرائن  والبراهين الدامغة ، كما يشيع أنصار النظام السوري عن تحقيق القاضي الألماني الدولي ديتليف ميليتس ، مع العلم         أن الطابع الدولي ، أي الأطراف الثالثة مدعاة لإعطاء التحقيق نصاعته وشفافيته . يضاف إلى ذلك أن سلطة المجتمع الدولي في استجلاب المتهمين وإنفاذ العقوبات حين تتقرر يعطي للتقاضي جديته ونجاحه . في الوقت الذي يعجز فيه لبنان عن ملاحقة المجرمين بحقه ، أو حين يختلف اللبنانيون في الحيثيات والتوجهات .

 هذه المعطيات يمكن أن نرضى نحن السوريين بأقل منها . نرضى أولاً أن يطرح موضوع مقابرنا الجماعية التي يتم التكتم عليها ظلماً وعدواناً، ونرضى أن تبحثها جهات عربية أو إسلامية ثالثة لتثبيت وقائعها وتحديد الجهات المسؤولة عنها ، واقتراح الحلول أو العقوبات ، كما نرضى حتى بقضاء سوري عادل شفاف يقوم بهذه المهمة . وأين القضاء السوري العادل الشفاف والنظام السوري نفسه يعترف بفساده ، ويتخذ المراسيم التعسفية وغير التعسفية للتدخل في بنيانه وإجراءاته ، بدءاً من مجزرة القضاء في الثمانينيات من القرن الماضي إلى آخر مرسوم منذ شهر واحد في فصل مجموعة من القضاة وإسقاط حقهم في التظلم أو  التقاضي . زد على ذلك نص الدستور على تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية بشخص ( رئيس الجمهورية الذي يعين أعضاء المحكمة الدستورية العليا ، ويقبل استقالة أعضائها ) . وهذا غير هيمنة الأجهزة الأمنية على القضاء وسواه من مؤسسات الدولة والمجتمع . كما أن الدستور السوري يميز بين المواطنين حين تنص المادة الثامنة منه على أن ( الحزب الحاكم هو قائد الدولة والمجتمع )، والحزب القائد – كما هم معلوم -لا يخطيء ولا يحاسب ولا يعاقب ، ومثل ذلك قائده وأعضاؤه وخدمه وحشمه .

لذلك كان شعار المعارضة بإجماع أطرافها على المناداة بدولة الحق والقانون ، بالشفافية التي تحفظ الحقوق والعدل والإنصاف ، وبالرقابة الشعبية من خلال مجلس نيابي حقيقي و صحافة  حرة . وكل ذلك لا وجود له في سورية اليوم .

فهل نحن والأرواح التي أزهقت وما تزال تزهق في دائرة مغلقة لا فكاك منها ؟

إن شكوت إلى القضاء السوري لم تصل شكواك ، وإن وصلت كان الفساد أو الطغيان الأمني يتربصان لك بالمرصاد . وإن شكوت إلى مؤسسة عربية كالجامعة العربية لم تستمع إليك لحسابات سلطوية معروفة ، بمعنى إن مساءلة نظام عربي على انتهاكاته يفتح الباب على انتهاكات نظام أو أنظمة أخرى . ثم ما سلطة الجامعة العربية على الأنظمة العربية أو أجهزتها القمعية ؟ وأخيراً إن شكوت إلى المجتمع الدولي اتهمت بالتسييس ، أو برفع صوتك ليس في وقت رفعه كما يزعمون (لا صوت فوق صوت المعركة) . وأي معركة هذه التي تسترخص أرواح المواطنين بمعارك وفتن داخلية طوال أربعين عاماً ، وتنتهي أو تتعزز بمفاوضات سرية ثم بمصافحة رئيس العدو(كاتساف) علناً  ؟ ناهيك بالأموال الطائلة التي أنفقت على التسليح ، وبالكرامات والحريات التي انتهكت وأهينت طوال تلك المدة المتطاولة بقانون الطواريء والأحكام العرفية ، وأخيراً لا آخراً الاصطفاف في ذيل قوائم دول التخلف والإفلاس الاقتصادي والفساد الإداري بكل امتنان!!

ويسألونك عن الاحتقان الشعبي لماذا وإلى أين ؟ ومن يسهل مهمة مشروع (الشرق الأوسط الكبير ) الأمريكي ؟؟ والغطرسة الصهيونية؟ الأنظمة أم الشعوب ؟

حين ارتفعت الأصوات من العراق حول المقابر الجماعية منذ سنتين ، ووصلت هذه الأصوات إلى الجامعة العربية تطالب بالتحقيق فيها ..وجدها السوريون فرصة للمطالبة بفتح التحقيق  بمجازر سورية أيضاً ، لأن الأبواب المحلية والإقليمية والدولية كانت مغلقة بفضل الأدوار التي كان يلعبها النظام السوري في الماضي ، ولم تتحرك الجامعة ، إما لأنها غير قادرة على التحرك أصلاً للأسباب التي ذكرنا ، أو لأن هناك مجازر متبادلة في العراق كمجازر لبنان الشقيق . أما مجازر القطر السوري فهي وحيدة الطرف خالصة بلقاء لا تعقيد فيها  ولا أدنى اختلاط ، مع ذلك ذهبت الأصوات أدراج الرياح كما ذهبت أرواح النساء والشيوخ والأطفال ، من مات منهم تحت القصف والانهدامات أو ما زال يبكي المفقودين وراء الجدران وفي الظلمات . وفوق ذلك وخوفاً من تحول الصرخات إلى تحقيقات شرعت السلطات السورية حينها بنقل العظام والرفات من مواقع المقابر الجماعية إلى مكان آخر ، وأسلمتها للتراكتورات والجرافات كي تسحقها وتفتتها إمعاناً في طمس معالمها وإخفائها .

كان بوسع النظام السوري الحالي – وهو غير المسؤول مباشرة عن تلك المجازر بشخص رئيسه – أن يجدها فرصة سانحة للتبرؤ مما اقترفت أيدي غيره من قبله ، وأن يمسح على الجراح النازفة حتى يومنا هذا من صدور الأمهات والآباء والزوجات والأبناء ، بالاعتذار ، أو بالتعويض الرمزي ، أو بالكشف الحقيقي عن مصائر المفقودين والشهداء حتى الآن ، أو حتى بإحالة الموضوع للقضاء العادل ، أو بإجراء مصالحة وطنية عامة تلملم كل الجراحات ، وتداوي كل الاختناقات بمرسوم عفو عام ، وبطي ما يمكن طيه من صفحات التوتر والاحتقان . وذلك ليس بالعسير على من بيده كل الأوراق ، وعنده النية أو الرغبة أو العزيمة على إنقاذ نفسه وبلده من شر مستطير . ومن ظن أن الزمن يمحو هذه الجراحات إنما يخدع نفسه وحدها .

ها هو ذا القطر الجزائري بعد المجازر الجماعية المتبادلة يستطيع أن يحقن الدماء ، ويفتح الباب للمصالحة الوطنية ؟

من يطلع على تفاصيل المراجعات الحقوقية الإنسانية في دولة المغرب الشقيق وعلى نبش انتهاكات حقوق الإنسان التي جرت في عهد الملك الأب تحت سمع الملك الابن وبصره ورضاه  ..لا يملك إلا أن يعجب بالعودة إلى سبيل العدل والصواب ؟

أيها الناس ، أيها الأحرار، أيها الشرفاء ، اتقوا دعوة المظلوم  . من لا يؤمن بالله قاصم الطغاة والجبارين ، فسوف يؤمن عاجلاً أو آجلاً بانتفاضات العبيد أو الجماهير يوم لا ينفع الإيمان من يتأخر عن قوانين الاجتماع والتاريخ .

ليس بالقمع وحده ولا بالتستر عليه تعمر الأوطان .

ومن يركب رأسه فإن رأسه ليس سفينة نوح ولا قلعة أبدية .

والذي يتحصن بشعبه وسلاح شعبه خير له من كسرى وقيصر .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ