ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 18/01/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

"أم المغالطات" ...

في أخطاء المدافعين عن النظام السوري

الطاهر إبراهيم*

شد انتباهي برنامج "الحوار المفتوح" الذي أداره الإعلامي الناجح "غسان بن جدو" على قناة الجزيرة القطرية مساء يوم السبت 14 كانون الثاني "يناير". وقد كان موضوع هذا الحوار هو الهجوم اللاذع الذي شنه "أيمن الظواهري" على الجماعات الإسلامية التي تشارك في الانتخابات الاشتراعية، واعتباره ذلك تكريسا لإدامة الأنظمة المستبدة، ومدها بالاعتراف الشعبي عن طريق المشاركة في لعبة ديموقراطية "مصنوعة" .

وكان أبرز المتحاورين في هذا البرنامج المفتوح هو القيادي في الجماعة الإسلامية اللبنانية الأستاذ "إبراهيم المصري" والذي كان يتلقى هجوم الحضور من الإسلاميين الراديكاليين من الحاضرين في اللقاء. كما شارك الكاتب والمفكر الفلسطيني الدكتور "إبراهيم علوش"،متحدثا إلى الجزيرة من "عمان" .

الموضوع طويل ومتشعب، ولا يمكن للمرء أن يوجزه في عجالة واحدة من عدة صفحات. وما يهمني هو أن أتأكد من مطابقة الحقيقة مع النقد اللاذع الذي وجهه الدكتور "علوش" إلى الإخوان المسلمين السوريين، محذرا من المنزلق الخطير الذي قد يسحبهم إليه نائب الرئيس السوري الأستاذ "عبد الحليم خدام" بعد أن انشق عن النظام البعثي في دمشق .

وفحوى هذا المنزلق الذي يحذر منه "علوش"، هو أن هجوم "خدام" الحالي على رأس النظام السوري  "بشار الأسد" يصب في مصلحة أمريكا التي تريد أن تطوع الأنظمة التي تعتبرها مارقة عن طاعتها، ومنها سورية.

بداية لا بد أن المواطن السوري يتساءل كيف أصبح ،إذن، نائب الرئيس السوري السابق "خدام" –حسب قناعة علوش- بين عشية وضحاها من المنبوذين، بعد أن كان ملء السمع والبصر عند النظام السوري، على مدى أربعة عقود، قضى معظمها لاعبا أساسيا جنبا إلى جنب مع الرئيس حافظ الأسد. 

وقد اعتبر "علوش" أن الإخوان المسلمين في سورية عندما يمدون يدهم إلى نائب الرئيس المنشق، فكأنما يمدونها لإدارة "بوش"، ويساهمون في المخطط الذي تسعى إليه واشنطن لإسقاط الأنظمة التي تقف في وجه أطماعها، مبتدئة بنظام "طالبان"، ثم نظام صدام حسين، واضعة النظام السوري في المرتبة التالية على سلم أولوياتها في المنطقة .

الدكتور"علوش"، بهذه النتيجة التي لا تتسق نتائجها مع مقدماتها، قد وقع في مغالطات كثيرة ،ليس لأنه رتب نتائج خاطئة على مقدمات لاتناسبها فحسب، وإنما بمراكمته كما كبيرا من الأخطاء في آن واحد. مع أن العلاقة مع "خدام" لا يمكن اعتبارها، على الأقل حتى الآن، قد جاوزت مرحلة الحوار المبدئي إلى مرحلة التنسيق التي لا بد أن تتم عبر مكونات "إعلان دمشق"، حيث إن الإخوان المسلمين السوريين أحد أطرافها.

ونستعجل فنقول:لعل"أم المغالطات" التي وقع فيها الأستاذ علوش هي وضعه النظام السوري في موقع الخصومة مع أمريكا، مع أن القاصي والداني يعرف أن الأمر بخلاف ذلك تماما، منذ اليوم الأول لاستيلاء "حافظ الأسد" على السلطة في نوفمبر عام 1970 ،مرورا بموافقة واشنطن على إدخال الجيش السوري إلى لبنان لكسر شوكة منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1976،ثم قيام القوات السورية في لبنان بإرغام جنود القائد الشهيد "أبو جهاد" على الرحيل النهائي مع جموده عن لبنان، بعد معارك طرابلس في عام 1987 .

ولا أظن أن ذاكرة الدكتور "علوش" قد "مسحت"، فنسي التعاون الفاقع، الذي لا يدع مجالا لتأويل متأول، عندما أرسل الرئيس حافظ الأسد الجيش السوري ليحارب تحت راية الجيش الأمريكي، بإمرة "شوارتزكوف"، للقتال في عاصفة الصحراء التي أخرجت الجيش العراقي من الكويت في عام 1991 ،مع أن القوميين يعتبرون القتال تحت راية واشنطن كفرا بواحا ، مما يجرم النظام السوري في قاموس العروبة.

ولم يكن الأمر ليختلف كثيرا في عهد الرئيس بشار عنه في عهد والده. ولعله ما تزال بقايا 40 عنصرا من (سي، آي، إي) سمح لهم النظام في عام 2001 باقتفاء آثار "محمد عطا" في آثار قلعة حلب. كما أن التعاون المخابراتي بين أمريكا وسورية في ملاحقة عناصر من القاعدة وإخضاعهم للتعذيب في معتقلات سورية، أمر مشهور ومعروف.

واستطرادا فإن الضغوط التي تطبقها واشنطن ضد سورية، ليست بسبب صمود سورية في وجه تل أبيب وواشنطن،كما تزعم دمشق،بل بتغير أجندة واشنطن من بقاء الجيش السوري في لبنان لحسابات خاصة، بعضها استغناؤها ،لسبب أو لآخر، عن خدمات النظام السوري في لبنان. ولا علاقة له إطلاقا بدور قومي أو إسلامي تلعبه دمشق في الساحة العربية، لأنه لم يطرأ أي تغيير في موقف دمشق منهما في عهد الرئيس بشار عما كان عليه الحال في عهد الرئيس حافظ الأسد.

ومع أن العداء لأمريكا غير مقصود لذاته، بل بسبب دعمها لإسرائيل ومواقفها العدائية  تجاه شعوب المنطقة، فإنه لا يستطيع أحد أن يزايد على المعارضة السورية، التي أعلنت موقفها الواضح والصريح من استهداف واشنطن لسورية.

وقد ظهر ذلك واضحا في تصريحات المعارضة ومؤتمراتها، خصوصا مؤتمر لندن الذي انعقد في آب 2002 ،بمبادرة من الإخوان المسلمين، وجاء في أحد مقرراته "إنه لا يستقوي بالأجنبي على الوطن إلا من هانت عليه نفسه".      

على أن بنود "إعلان دمشق" الذي توافقت عليه معظم فصائل المعارضة الداخلية والخارجية وكثير من الشخصيات المستقلة، أواخر رمضان الماضي،أكدت على أن أبوابه مفتوحة على جميع السوريين، ويمكن استيعاب أي عضو من أعضاء النظام الحاكم نفسه. ولعل الدكتور "علوش" فاته أن كثيرا من أطراف المعارضات في دول كثيرة انشقت عن تلك الدول بعد أن كانت جزءا من أنظمتها.

الزوبعة التي أثيرت حول انشقاق "خدام"، وعلاقة ذلك بأمريكا، كان وراءها النظام السوري نفسه لاستثارة عطف الشارع السوري، بعد أن اهتزت صورته عند المواطن. ومع أنه لا يجب أن نستبعد علاقة ما بين انشقاق خدام وما يحصل على الساحة اللبنانية، فإنه يجب أن لا ننسى ،أيضا، أن "خدام" كان جزءا من النظام البعثي لأكثر من أربعة عقود. 

ولقد ابتعد الدكتور "علوش" عن الحقيقة في عدة أمور، لعل أهمها:

أولا:أطلق أحكامه ونصائحه إلى جماعة الإخوان المسلمين السوريين وغيرهم، من دون أن يتأكد من نوع العلاقة التي نشأت –إن كان هناك علاقة أصلا- مع خدام. ولا يستطيع أحد، من حيث المبدأ، أن يجرّم تحالفا بين الإخوان المسلمين وأي مواطن سوري، ولو كان جزءا سابقا من النظام بحجم "خدام"، طالما أن هذا التحالف يحقق مصلحة مشروعة هي الخلاص من نظام فاسد، لطالما أساء إلى سورية ،الوطن والشعب.

ثانيا: لم يقل لنا الدكتور رأيه في النظام السوري الذي يقمع الشعب السوري على مدى أكثر من أربعة عقود. ونؤكد هنا أنه لا يشفع لأي نظام كونه مستهدفا من أمريكا. فلطالما رأينا أنظمة كانت تبيع شعبها بضاعة العداء لأمريكا، ثم رفعت راية الاستسلام أمام واشنطن بعد أن نكبت شعوبها بما لا طائل تحته ولا فوقه.

ثالثا: على أنه من الخطأ الاعتقاد بأن الدفاع عن الأوطان، يتطابق مع الدفاع عن الأنظمة دائما. وما يتعرض له هذا النظام السوري حاليا، لم يكن ،يقينا، بسبب مواقف وطنية وقفها ضد أمريكا وإسرائيل. بل بسبب أخطاء قاتلة ارتكبها رموز النظام السوري في لبنان وفي سورية، ولمآرب سلطوية ومالية صرفة. 

فقط نقول للذين ينظّرون لغيرهم: إن المعارِض السوري الحقيقي يعتبر التعاون مع أمريكا ومد اليد لها في عدوانها على سورية، في أي صورة تم ذلك العدوان، هو حرام كحرمة الميتة والدم ولحم الخنزير.

ولكننا أيضا نقول:لو أن واشنطن -كما قامت بمساعدة حافظ الأسد في انقلابه ضد القيادتين القومية والقطرية لحزب البعث في نوفمبر عام 1970 - عملت على شطب النظام السوري من معادلة الحكم"مجانا"، فلن نذرف دمعة واحدة على هذا النظام. وسيكون ذلك جزاء وفاقا على طغيانه واستبداده الذي جعلنا نذرف الدموع والدماء والأرواح على مدى أكثر من أربعة عقود .

*كاتب سوري يعيش في المنفى

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ