ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 14/06/2005


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ أبحاث

 

 

    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


طار بعيدا وهدّى قريباً

خواطر سريعة حول المؤتمر القطري العاشر

د. محمد أحمد الزعبي

سمحت لنفسي أن أستعير هذا العنوان من المرحوم الأستاذ أكرم الحوراني  ، الذي استخدمه ذات يوم كعنوان لمقالة نشرها في جريدة الرأي العام السورية ( لصاحبها أحمد عسّه ) في النصف الأول من خمسينات القرن الماضي على ماأذكر . إن استعارتي لهذا العنوان إنما تتعلق بما يسمّى المؤتمر القطري العاشر ، لحزب البعث العربي الإشتراكي  " الحاكم !" في سورية ، والمجتمع الآن في قصر المؤتمرات في دمشق الفيحاء  ، حيث شعرت أن من واجبي الوطني والقومي والأخلاقي أن أشير إلى عدد من القضايا ،التي يمكن أن تساعد القارئ الكريم على الإقتراب من حقيقة مايجري في وطننا الحبيب سورية .

1. من سلطة الحزب إلى حزب السلطة :

أرغب أن أشير أولا إلى أن غيابي الطويل عن كل من الوطن والحزب ( منذ 1974 ) يجعل من الصعب علي أن أصدر حكما دقيقا عن الجانب الشكلي في هذا المؤتمر ، وأعني بالجانب الشكلي ، مدى صحة التمثيل الحزبي كماً وكيفاً ، وبالتالي ،مدى انطباقه مع نصوص النظام الداخلي للحزب . إن مايمكنني الإشارة إليه  حول هذا الموضوع ، هو أنني كعضو في قيادة الحزب في الفترة من 1964 وحتى 1968 ، لم أستطع التعرف على أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة من هؤلاء المؤتمرين ، الذين وصل عددهم إلى 1231 عضوا ،

( كان عدد الأعضاء العاملين في الحزب عام 1966 لايزيد عن بضعة آلاف ) الأمر الذي يسمح لي أن استنتج موضوعياً ــ وهذا مع احترامي لكافة الرفاق في المؤتمر ــ أن معظم أعضاء الحزب الذين زاد عددهم عن المليون والنصف ، إنما انتسبوا إلى الحزب في ظل ماسمي بالحركة التصحيحية للرئيس حافظ الأسد بعد عام 1970 ، أي في الوقت الذي أنهى فيه حافظ الأسد عمليا دور الحزب وزج في سجن المزّة العسكري بقيادتيه القومية والقطرية ، حيث مات قسم منهم في السجن ( الدكتور نور الدين الأتاسي ، واللواء صلاح جديد )، ونقل الكتور يوسف الزعين من السجن إلى مستشفيات لندن لإجراء عملية جراحية في الدماغ ، واستمر احتجاز بقية اعضاء القيادتين مايقارب الربع قرن ، دون أية محاكمة ، بل ودون أن يسأل أحد منهم عن إسمه ، قبل أن يفرج عنهم ، (مايزالون حتى هذه اللحظة ممنوعين من مغادرة البلاد ). إن حافظ الأسد قد أنهى بحركته التصحيحية عمليا وواقعيا دور الحزب القطري والقومي بما هو مضمون ، وأبقاه بما هو شكل ، ذلك أنه كان بحاجة إلى هذا الغطاء الأيديولوجي ـ المدني ( الحزب )، ليستر به عورة حركته التصحيحية ، بما هي حركة عسكرية ديكتاتورية  ، وليمنع من خلال هيمنته على السلطة  والحزب ، مساءلته عن دوره كوزير للدفاع في هزيمة حزيران ، واحتلال اسرائيل لهضبة الجولان عام 1967 . ولعل عملية " التوريث " التي جرت بعد وفاته إنما تندرج في هذا الإطار ، وهو مايفسر عدم تعرض الإبن في خطبة افتتاح المؤتمر القطري بكلمة واحدة حول إسرائيل أوحول هضبة الجولان .

إن وظيفة  العديد من حزبيي مابعد 1970 باتت  ـ مع الأسف الشديد ـ تعكس وتنعكس عن الطابع الأمني للنظام ، حيث بات مطلوبا من " الرفيق" أن يلغي راسه , وأن يتحول إلى عين تراقب ،وأذن تسترق السمع ، ويد تحسن التصفيق الحادّ، وفم يردد بالروح بالدم .

إن إنسانا من هذا النوع  يصعب على المرء أن ينتظر منه ( سواء أكان داخل المؤتمر أو خارجه ) شيئا إيجابيا لتغيير المعادلة القائمة .

2. الجبهة الوطنية بين الشكل والمضمون :

استمعت إلى الخطب الطنانةالرنانة التي ألقاها قادة أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ، وكم صدمني وهالني درجة النفاق العالية جدا التي ميزت معظم هذه الخطب ، ولا سيما التكرار غير الضروري لتعبير " القائد الملهم " على لسان بعض هؤلاء القادة استجداء للتصفيق الحاد من قبل أعضاء المؤتمر ، الذي كان ينطلق بصورة لاإرادية كلما مر على لسان أي متكلم إسم  " السيد الرئيس " . هذا مع العلم أن هذه الجبهة إنما تتكون من عشرة أحزاب سياسية ، فقط من حيث الشكل ، أما من حيث المضمون فهي لاتمثل إلاّ جزئين صغيرين من التيارين القومي والشيوعي ، ذلك أن الجزء الأكبر من هذين التيارين ، إنما ينتمي شكلا وموضوعا إلى المعارضة الوطنية .

إن جبهة وطنية من هذا الطراز التقدمي ، لايمكن لعاقل أن ينتظر منها أكثر مما ينتظره من المؤتمر القطري العاشر العتيد ، لأنها عمليا جزءا تابعا للنظام ، بل إنها تستمد كل وجودها وشرعيتها من هذه التبعية .

3. الإهتمام الإعلامي بالمؤتمر :

يلاحظ المتتبع أن معظم وسائل الإعلام العربية ، ولا سيما الفضائيات منها ، منخرطة منذ عدة أشهر ـ وإن بدرجات متفاوتة ـ في الحديث عن المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم في سوريا ، ويقف وراء هذا الإهتمام المبكر والمكثف بهذا المؤتمر  ، على مانرى ، أمران رئيسيان : الأول هو الموقف الأمريكي من النظام ، ولا سيما بعد أن بات الجيش الأمريكي على مرمى حجر من دمشق وبعد صدور قرار مجلس الأمن 1559 الذي أجبر النظام السوري على سحب قواته ومخابراته من لبنان الشقيق ، أما الثاني فيتجسد في اشتداد الضغط الشعبي الذي تقوده المعارضة الوطنية على النظام ، وذلك بعد أن حول هذا النظام سورية إلى نوع من القطاع الخاص الذي يمكن أن  يتوارثه الأبناء عن الأباء .

 ومهما يكن سبب هذا الإهتمام الإعلامي الراهن ، بالشأن السوري عامة ، وبالمؤتمر القطري العاشر خاصة ، فإن المراق  لايجد صعوبة في رؤية أن الإشكالية الأساسية التي تطرحها وسائل الإعلام ، إنما تدور حول " ماذا يريد النظام من المؤتمر " وليس  " ماذا يريد المؤتمر من النظام " . إن مثل هذا التوصيف الإعلامي ، سواء أكان عفويا أم مقصودا ، إنما يعكس واقع الحال في

سورية بصورة صحيحة ، ذلك أن الأمور في دمشق تقف على رأسها ، حيث تتحول سلطة الحزب ، بقدرة قادر ، إلى حزب السلطة ــ كما سبق أن ذكرنا ــ ، وإلاّ كيف يمكن أن يتحول نظام جمهوري ، من المفروض أن يكون ديمقراطيا ، إلى نظام  جملكي وراثي لاعلاقة له بالديمقراطية لامن قريب ولا من بعيد ؟ ، وذلك أمام  أعين كل من الحزب والجبهة  ومجلس الشعب  بل وبموافقة هؤلاء جميعا ، وبتصفيقهم الحاد ، وبهتافاتهم الصبيانية " بالروح بالدم نفديك يا..."

لقد سمح النظام بنقل بعض فعاليات المؤتمر على الهواء مباشرة ، وأشارت السيدة الناطقة باسم المؤتمر ، إلى أن ذلك يدخل في باب الحرص على الشفافية الضرورية لربط الحزب بالجماهير والجماهير بالحزب ، وسؤالي إلى من يهمهم الأمر ، أين كانت هذه الشفافية طوال العقود الأربعة الماضية من " حكم الحزب ! " ؟

4. الإصلاح المطلوب:

إن التغيير الأساسي الذي ينتظره الشعب السوري ، وتنتظره المعارضة وكل الشرفاء من الموالاة من هذا المؤتمر ، هو إلغاء المادة الثامنة من الدستورا لحالي الذي فصّله الأب على مقاسه  عام 1973، وإلغاء القانون  49 لعام 1980 المتعلق بحركة الإخوان المسلمين وإلغاء قانون الطوارئ  المفروض على الشعب منذ عام 1963 والذي يقع على بعد 180 درجة من الديمقراطية وحقوق الإنسان ، والإفراج الفوري عن كل معتقلي الرأي  ، وإلغاء المحاكم الإستثنائية ، وكل مايحول دون فسح المجال لكل أبناء الوطن دون استثناء في ممارسة فعالياتهم وحقوقهم السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية ، دون منة أو خوف ،  حيث يمكن عندها فقط أن  يوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، سواء على المستوى السياسي، أو الحزبي ، أو العسكري ، وما لم يقم المؤتمر بهذا التغيير الديمقراطي الجذري ، فإن حليمة لابد أن تعود ـ إن عاجلا أو آجلا ـ إلى عادتها القديمة ، وما يوم حليمة بسرّ .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ