قانون
ال 49 ..
رسالة
مفتوحة للمحامين العرب
المجتمعين في دمشق
محمود
العمر
(أفضل
زنجي هو الزنجي الميت ) هذه
المقولة كانت شائعة أيام
التمييز العنصري وحرب الإبادة
الجماعية للزنوج السود في
أمريكا والتي طبعت تاريخها
بلوثات لا تزال تعاني منها
وتعمل جاهدة لمحو آثارها
المشينة.
هذه
المقولة صارت فيما بعد مصدر
إلهام لنظام الحكم البعثي في
سوريا أيام الأب القائد الملهم
حافظ الأسد الذي تبناها وأعطاها
زخما قويا وأعاد صياغتها من
جديد لتصبح ( أفضل إخواني هو
الإخواني الميت ) ثم سنها قانونا
وشرعها دستورا لدولته
المخابراتية الديمقراطية
الشعبية في أواخر القرن العشرين
قرن الديمقراطية وحقوق الإنسان
..
قد
لا يستغرب هذا الكثيرون الذين
يعرفون طبيعة هذا النظام
الطائفي الفئوي القمعي لكن
اللافت للانتباه هو أن هذا
القانون لم يعبه أحد ولم يلق
معارضة تذكر حين صدوره . بل على
العكس حظي بقبول ضمني لدى
الكثير من أنظمة الحكم ومن لف
لفها من النخب الفكرية النفعية
والفئات المتسلطة التي تدور مع
رحى الحكم في الأقطار العربية
طالما أن الضحية هم الإخوان
المسلمون ... ولو صدر مثل هذا
القانون بحق أي فئة أخرى سياسية
كانت أم دينية لقامت الدنيا ولم
تقعد ولحرك مناصرو
كل فئة أشياعهم ووسائل
إعلامهم للذب عنهم والدفاع عن
حقوقهم, ولو ذهبنا أبعد من ذلك
فافترضنا أن هذا القانون صدر
بحق قطيع من الحيوانات لأحدث
ضجة كبيرة ملأت سمع العالم
وبصره .
هذا
القانون الذي يحمل رقم 49 من
دستور الجمهورية العربية
السورية الحديث والذي مازال
ساري المفعول حتى القرن الواحد
والعشرين إنما يجسد وبشكل واضح
وجلي ثقافة الإقصاء وضيق الأفق
السياسي وعدم تحمل الآخر عند
القوى الحاكمة والأطياف
السياسية صاحبة النفوذ في وطننا
العربي ... ترى لماذا ؟ وما هو
السر الكامن من وراء الإصرار
على إقصاء الإخوان واستئصالهم
من ساحة العمل السياسي ؟
لقد
أحب حكامنا نوعا واحدا من
التدين ورسموا في أذهان الشعوب
صورة فريدة للمتدينين ..
أحبوا
المتدين الفقير ,رث الثياب
..حاسر الرأس مقطب الجبين ..أصفر
الأسنان طويل اللحية أغبر
القدمين ...قليل القراءة سقيم
الفهم ...
أحبوا
المتدين العتال والبائع الجوال
..أحبوا الحرفي البسيط والبقال
...
أحبوا
المتدين المشغول في همه اللاهث
وراء قوت يومه من مطلع الشمس إلى
مغربها ..
أحب
الحكام هذا الصنف من التدين
وشجعوه فسمحوا للتكايا
والزوايا والمدارس التي تخرج
هذا النوع من المتدينين فقربوا
مشايخهم وأكرموهم وخلعوا عليهم
حلل الرضا والقبول ومنحوهم أكبر
الأسماء وأعرض الألقاب .
سارت
السفينة وجرت الرياح كما يشتهي
أرباب الحكم وأهل السلطان حينا
من الزمان إلى أن هبت رياح
الصحوة وانتشر الوعي بين شباب
الأمة ومثقفيها ..هنا وقعت
الواقعة وجاءت الطامة ... فقد نشأ
جيل مثقف متعلم ..ملتزم بتعاليم
دينه وقيم أمته متدين يخاف ربه
...متفوق في الرياضيات والطب
ومفت في أمور الدين ...يفقه
السياسة ويجيد الاقتصاد..منهم
الطبيب الحاذق والمهندس الماهر
والتاجر الصدوق ... منهم الضابط
المتفوق والأستاذ المربي
والموظف النزيه .
اهتز
عرش السلاطين وجن جنونهم ...
صرخوا بأعلى صوتهم : مكانكم قفوا
ولا تتحركوا... إلى هنا و كفى ؟
ما
لكم والسياسة أيها العملاء ؟ من
الذي علمكم ؟ من يقف وراءكم ؟
لقد
نقضتم العهد وأفسدتم المواثيق
وتعديتم حدودكم المرسومة لكم ...
العهد
معكم أن نكون نحن السادة وأنتم
العامة ...نحن الآمرون وانتم
المنفذون ...نحن الضباط وأنتم
الجند .. نحن أرباب العمل وأنتم
العمال ..نحن الأغنياء وانتم
الفقراء .. لنا الدور والقصور
ولكم المساكن الشعبية وأطراف
المدن..
ألستم
الذين طلقوا الدنيا وزينتها ؟
فما هذا التحول ؟ من علمكم حرية
الرأي والتعبير وممارسة
السياسة وانتقاد الحاكم ؟
من
أشار عليكم المطالبة بالتعددية
الحزبية والمشاركة الشعبية ؟
إلغاء قانون الطوارئ .. المحاكم
المدنية ..ومحاسبة المسؤولين عن
الفساد ؟ من علمكم هذا كله ؟ إنه
الاستعمار وليس غيره ... إنها
الامبريالية والصهيونية وقوى
الظلام التي تريد النيل من
صلابة وصمود حكومتنا الرشيدة أما
الأطماع الصهيونية الإسرائيلية
.
فيا
حكامنا الأحرار الأبرار لو
مدحناكم وأشدنا بقيادتكم
وحكمتكم آناء الليل وأطراف
النهار ... ونسينا مذابحكم
لشعبنا وتخلينا عن دماء شبابنا
الأطهار الأخيار ...لو تجاهلنا
الجلادين وأقبية المخابرات
ومراكز التعذيب وطفنا أصقاع
الدنيا لنبين للناس لطفكم
وأنسكم وحبكم لشعوبكم ...
لو أغمضنا عيوننا عن النهب
والسرقات التي يمارسها أركان
نظامكم والتي فاقت ميزانية
الدولة أضعافا مضاعفة ... ماذا
علينا لو أجدنا التصفيق وأحسنا
النعيق ..؟
اصدقوا
ولو مرة واحدة ... هل سيبقى بيننا
وبينكم مشكلة أو خلاف ؟؟
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|