سوريا....
مأزق
الأعداء الثلاثة
ناصر
المؤيد
النظام، والشعب، والخارج... ثلاثة
أعداء يقفون على رؤوس مثلث
متطابق الأضلاع، كل واحد يقابله
عدوان، أو خصمان.
النظام: يتعرض لضغوط خارجية
كبرى، يزعم، وربما كان في زعمه
بعض الحق، أنه يدفع ثمن مواقفه
الوطنية والقومية في التصدي
للمشروع الأمريكي الصهيوني...لكن،
وإذا استثنينا ما يجري في
العراق، ما الذي يمكن أن يلحقه
أي مشروع خارجي من دمار وتخريب
أكثر مما فعل ويفعل هذا النظام؟!
ما الذي يجعل نظاماً وطنياً
يحصل على نسبة تأييد 99.99 بالمائة
يخرب مدناً، ويفتش مدناً أخرى
بيتاً بيتاً، ويشرد عشرات
الآلاف من أبناء الوطن، وينشئ 17
جهازاً أمنياً لحمايته من أبناء
شعبه، ويصادر الحريات وينهب
البلد؟! إلا أن يكون على يقين
تام من أن الشعب ضده، وأنه عدو
الشعب... ثم ينتظر ـ بغباء شديد
ووقاحة متناهية ـ أن يقف الشعب
معه، أو أن يضحي بنفسه من أجل
نظام لم يترك له ذرة من كرامة
الإنسان.
الشعب: يسمع كلاماً معسولاً من
النظام، وكلاماً معسولاً من
الخارج، والنظام والخارج
كلاهما يتنازعان عليه، كما
تنازعت امرأتان على طفل، في
القصة المشهورة، مع فارق بسيط،
وهو أن المرأتين كانت إحداهما
الأم الحقيقية للطفل، والأخرى
مزيفة، أما هنا فالأمان مزيفتان..
الشعب قد ذاق ألوان المر
كلها على أيدي النظام وعصاباته..
ولكنه بالمقابل لا يثق بالخارج،
وهو يرى ما يفعله بالعراق،
وانحيازه الأعمى ضد أهل فلسطين،
وإنسانيته المعدومة في
غوانتانامو، فالخارج فاقد
المصداقية، والشعب لن يستجير
بشيطان من شيطان، لأنه أوعى من
ذلك، ولن ينحاز إلى شيطان ضد
شيطان، أو خصم ضد خصم، ولكنه
سينتزع حريته، ويجري التغيير
بإرداته، وبما له من موروث
حضاري و إنساني... وقد خاب
النظام، كما خاب سعي العشاق في
مسرحية شكسبير، في دفع الشعب
نحو الخارج، وفي دفع المعارضة
كذلك، لأن الشعب السوري (ومعارضته)
له من الوعي والصلابة والإرث
الحضاري ما يجعله يرفض خيار
الخارج، مهما كابد المر في
الداخل، على أيدي هذا النظام (اللاوطني).
الخارج: يريد أن يتسلى بنا...
ويلعب على انقسامنا وتناقضنا (الشعب
والنظام) ولكنه لن يفلح، ولن يرى
يداً (محترمة) تمتد إليه، لأن
كيده مكشوف، ومخططاته مفضوحة...
فهو يريد الديمقراطية هنا
والاستبداد هناك، وهو يقدم
مصالحه على مبادئه، فهو الوجه
الآخر للاستبداد... وحين يكون
الخارج هو اللاعب الأكبر، أو
الأساس في التغيير، فإنه سيأتي
بعملائه يحكمون البلد، وربما
يقوم باستبدالهم إن لم يروقوا
له...
الخلاصة: الخلاص قادم، والتغيير
آت لا محالة، هذه سنة الحياة،
ولا يضيرنا إن كان النظام أعمى
أصم، فهذا شأن الطغاة أبد
الدهر، كما أن الهلاك نهايتهم
المحتومة... إلا أن الخلاص لن
يكون على يد الخارج، وإنما
سيكون بيد هذا الشعب العظيم،
الذي سينتزع حريته وكرامته،
ويقيم دولة القانون، الأمر يبدو
صعباً جداً... نعم، لكنه الطريق
الأفضل، وإن لم يكن الوحيد،
للتغيير المنشود.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|