رفع
سعر البنزين
والقرار
الطائش
هيكل
غريب*
أصدرت سلطات دمشق
في الرابع والعشرين من كانون
الثاني الحالي قرارا برفع سعر
مادة البنزين بنسبة 25% وبررت هذا
القرار لأسباب غير مقنعة، ومن
بين هذه التبريرات ارتفاع اسعار
النفط في السوق العالمية
وارتفاع تكاليف الإنتاج
والتصفية، وزيادة الطلب على
المنتجات النفطية... الى اخر
المعزوفات.
ان كل هذه
التبريرات وغيرها ليست مقنعة
فحسب، بل غير صحيحة، ولم يتحدث
احد من رموز السلطة عن السبب
الحقيقي وراء رفع سعر البنزين،
فما هو هذا السبب ولماذا تلجأ
السلطة الحاكمة لرفع سعر هذه
المادة الحيوية في هذا الوقت
بالذات؟.
لنعود الى توصيات
مؤتمر حزب السلطة الأخير فنجد
ان من اهم وابرز التوصيات هي
اعتماد نظام السوق والابتعاد عن
النظام الاشتراكي الذي طالما
اشبعوا الشعب السوري الكثير من
شعاراته طوال السنوات الأربعين
الماضية.
ان اعتماد نظام
السوق في سوريا بات أمرا واقعاً
وحقيقة ثابتة الامر الذي يتطلب
ترك الاسعار بدون قيود وضوابط،
بل على السلطة ان تقرر بنفسها
رفع اسعار السلع الخاضعة
لسلطتها كمادة البنزين ومنتجات
النفط الأخرى لينطلق بالتالي
غول التضخم ويأكل الأخضر مع
اليابس.
لقد اصبحت سلطة
الفساد الطرف الأساسي في رفع
الأسعار وتلعب هذه الورقة لتغري
اباطرة الرأسمالية العالمية
وفي المقدمة صندوق النقد الدولي
بقبول النظام (الاقتصاد الجديد)
في النادي الراسمالي الذي من
اولويات شروطه رفع اسعار السلع
الضرورية والهامة لحياة الناس
وترك التضخم يفعل فعله في
المجتمع بدون رحمة.
ويظن من يظن ان رفع
سعر البنزين بنسبة 25% سيختصر فقط
على مادة البنزين، ولو ان الامر
ينحصر في سعر هذه المادة لهانت
الاحوال وتوقفت الأهوال، فهذا
الارتفاع أصاب مادة يستخدمها
اصحاب المركبات العامة والخاصة
وكل منهم في حال سبيله.
ولكن الموضوع ليس
كذلك، فإن هذا الارتفاع سيصيب
عامة الناس قبل خاصتهم، ويصيب
الشعب السوري في مقتل يصعب
الانفلات منه.
ان استخدامات مادة
البنزين استخدامات عامة ترتبط
بأنشطة النقل والمواصلات، نقل
الافراد والسلع ليتصل بأثاره
القاتلة دخول المواطنين
جميعاً، واسعار السلع جميعها،
ناهيك عن ارتفاع أسعار الكهرباء
والخدمات وما يستتبعها من أنشطة
تشمل كل شئ في حياة المجتمع
والناس وتتعرض بالتالي الأجور
والرواتب الى الانحلال والتآكل.
ان رفع سعر البنزين
هو عمل طائش وغير مدروس وغير
مبرر، ولن يستفيد منه أحد لا
الاقتصاد ولا العباد.
فقبل مدة وجيزة
اعلن رئيس وزراء نظام الفساد ان
انتاج النفط السوري لم ينخفض
كما ادعت الصحف الغربية، وان
صادرات سوريا من النفط حققت
ارباحا جيدة خلال العام الماضي
بالرغم من نوعية النفط السوري
التي لا تشجع المستوردين الطلب
عليها، فلماذا اذن لجأت سلطة
الفساد لاتخاذ هذا القرار
الطائش برفع السعر لمادة
البنزين ليصل الى 62 سنتاً
أمريكيا للتر الواحد بعد ان كان
50 سنتاً ؟
الجواب معروف لنا
وللجميع، الجواب الوحيد ينحصر
في خضوع نظام الفساد لاوامر
البنك الدولي كأحد الشروط
الرئيسية لدخول سوريا الى البيت
الرأسمالي، ونعتقد ان رفع سعر
البنزين هو البداية لارتفاع
اسعار السلع المهمة الأخرى
طالما ان النظام من مهماته
التلاعب باقدار البلاد
والابتعاد عن انتهاج سياسة تخدم
المجتمع وتحافظ على دخول
المواطنين وترفع من أقيامها.
ولكن نسي من يدعي
انه يمتلك القرار السياسي
والاقتصادي في سوريا ان هذا
الخضوع لأوامر البنك الدولي
التي تدير شؤونه الادارة
الأمريكية سينقلب عليه ولابد ان
يعجل بسقوط رموز نظام الفساد
الواحد تلو الآخر، وليس ذلك
ببعيد، بل اقرب من توقعات
الجميع بكثير....
*باحث
اقتصادي
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|