ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 02/02/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

رسائل المراقب العام – الرسالة الرابعة والعشرون

بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية وحلول العام الهجري الجديد 1427

من المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية، إلى إخوته وأخواته أبناء  الجماعة وأنصارها حَمَلَة رسالة الإسلام في كل مكان، وإلى إخوتنا وأهلنا أبناء سورية الحبيبة داخلَ الوطن وخارجَه.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكلّ عامٍ وأنتم بخير، وأسأل الله عز وجل أن يعيدَ علينا وعلى شعبنا وأمتنا هذه الذكرى المجيدة، وقد فرّج عنا همومنا، وأذهب عنها أحزاننا، وأعاد أمتنا سيرتها الأولى، سيرة العزّ والمجد والفخار.. إنه سميع مجيب.

أما بعد أيها الإخوة الأحبة والأخوات: فإن ذكرى هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، مناسبةٌ عظيمة، حريّ بنا أن نستوعبَ دروسها، ونستفيد من عِبَرِها، لتكون لنا زاداً على الطريق، ونحن ما زلنا نعيش مرحلة الهجرة ونواجه تحدّياتها، وما أروعَ دروس الهجرة النبويّة، وما أعظم العبر المستخلصة منها!.. فقد كانت انعطافاً هامّاً في تاريخ الأمة. وعندما نستعرض قصة الهجرة، سرعان ما تتمثّل أمامنا هذه الدروس والعبر:

1 – الإخلاص لله عز وجل في العمل من أهم الدروس المستفادة من قصة الهجرة. عندما نتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.

2 - الصبر على الشدّة والبلاء: فلقد لاقى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الشدّة والأذى وهم يبلّغون دعوة الله، ما يصعب على البشر احتماله، مما اضطرّ الرسول صلى الله عليه وسلم للتوجه إلى الطائف لالتماس النصرة، ثم اضطره للعودة إلى مكة في جوار (المطعم بن عديّ)، كما اضطرّ أصحابه للهجرة إلى الحبشة، ثم إلى المدينة بعد ذلك، حتى أُذِنَ للرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة. ولا ننسى أنّ الهجرة نفسَها ضربٌ من الابتلاء، فالله عز وجل يقول: ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلٌ منهم.. والرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب مكة فيقول: والله إنكِ لأحبّ بلاد الله إليّ، ولولا أنّ أهلك أخرجوني ما خرجت. ولقد كان صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على ما لا قَوْه من الأذى في مكة، ثم على الهجرة إلى الحبشة والمدينة، مثلاً ما أحوجَنا إلى الاقتداء به واستيعابه، لنجعلَ من هجرتنا مرحلةً جديدةً من مراحل العمل في سبيل الله، لا مدعاةً للإحباط واليأس، وتكون الشدة والبلاء الذي قد يتعرّض له الأخ، تمحيصاً وتأكيداً أنه على الطريق الصحيح، طريق الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، لا دليلاً على الفشل والخيبة، ومن يهاجرْ في سبيل الله يجدْ في الأرض مُراغَماً كثيراً وسعة..

2 - قدسيّة الدين والعقيدة ينبغي أن تكون فوق كلّ الاعتبارات.. فلقد هاجر المصطفى عليه الصلاة والسلام من مكّة وهي أحبّ بلاد الله إليه، عندما حيل بينه وبين القيام بواجبات الدعوة في أطهر بقاع الأرض.. وكذلك فعل أصحابه رضي الله عنهم، تاركين وراءهم أهليهم وديارهم وأموالهم وكلّ ما يربطهم بوطنهم، وتحمّلوا ذلك كلّه في سبيل الله..

3 - الإعداد الجيد والتخطيط المحكم والأخذ بالأسباب : إن من يقرأ قصة هجرة النبيّ صلى الله عليه وسلم مع صاحبه الصدّيق، لينبهر من قوّة الإعداد وإحكام الخطة، والأخذ بكلّ الأسباب المادية التي يمكنُ أن يهتديَ إليها العقل البشريّ، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم مؤيَّدٌ بالوحي، وأن الله عز وجل قادرٌ على أن ينقله مع صاحبه إلى المدينة دون أيّ عناء، ولكنه التشريعُ للأمة، والمثلُ والقدوةُ للدعاة.. ولنستعرضْ بعض مظاهر هذا الإعداد:

- إعداد الراحلتين وتعهّدهما بالرعاية أربعة أشهر ثم تجهيزهما، كما هو معروفٌ في كتب السيرة.

- الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص باستئجار خبيرٍ بالطرق ولو كان مشركاً (عبد الله بن أرَيْقِط).

- التزوّد بالمال والطعام، حيث كانت أسماء بنت أبي بكرٍ تحمل إليهما الطعام كل مساء، وكان عامر بن فهيرة يأتيهما باللبن في الليل، وكان أبو بكرٍ الصدّيق قد حمل معه ماله كله.

- الحسّ الأمنيّ المرهف المتمثّل في كتمان أمر الهجرة، والتمويه على الأعداء، وتحسّس أخبارهم، فلم يعلمْ بأمر الهجرة إلا المجموعةُ التي كان لها دور في التنفيذ، وتأخّرَ عليٌّ كرّم الله وجهه لينام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدّثر بلحافه، ثم كان التوجّهُ إلى الجنوب باتجاه اليمن، بدلاً من الوجهة الحقيقية إلى الشمال باتجاه المدينة، ثم التربّص في غار ثورٍ ثلاثةَ أيام ريثما يخفّ الطلب ويهدأ البحث، وكذلك تعفية آثار الأقدام حتى لا يُستدَلّ على الجهة والمكان..

4 - التوكّل على الله والثقة المطلقة به بعد الأخذ بالأسباب: فلا ينبغي أن يتعلّق القلبُ بهذه الأسباب المادية، بل يبقى متعلّقاً بالله عز وجل وحدَه، القادرِ على كلّ شيء، والذي بيده ملكوت كلّ شيء، ولنستمعْ إلى هذا الحوار المعبّر بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين صاحبه الصدّيق: - يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا.. - يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما؟. ثقةٌ بالله مطلقة، وتوكّلٌ على الله حقّ التكلان. ثم كانت العنايةُ الإلهية والحفظُ والتسديد، ثمرةً عاجلةً لحسن الإعداد والتخطيط، وصدق التوكّل على الله والثقة به سبحانه وتعالى. وإذ يمكرُ بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

5 - محبّة الصدّيق للرسول صلى الله عليه وسلم وافتداؤه بنفسه: نلمسُها في أروع صورها. لنستمعْ إلى أبي بكرٍ رضي الله عنه وهو يخاطب النبيّ صلى الله عليه وسلم فيقول: والله لا تدخلْه حتى أدخلَه قبلك (يعني الغار)، فإن كان به شيء أصابني دونك.. وعندما بقي ثقبان في الغار لم يتمكّن من سدّهما ألقمَهما رجليه، ثم نام الرسول صلى الله عليه وسلم في حجره، فلُدِغَ أبو بكرٍ في رجله، لكنه لم يتحرك مخافة أن ينتبه الرسول من نومه، حتى انهمرت دموعه على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستيقظ..

وفي الطريق إلى المدينة، كان الصدّيق يمشي ساعةً بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وساعةً خلفه، فلما فطن إلى ذلك الرسول سأله فأجاب: أذكرُ الطلبَ فأمشي خلفك، وأذكرُ الرصدَ فأمشي بين يديك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر لو كان شيءٌ لأحببتَ أن يكون بك دوني.؟ قال: نعم، إن قُتِلتُ فإنما أنا رجلٌ واحد، وإن قُتِلتَ أنت هلكت الأمة.

6 - دور المرأة المسلمة والشباب: إن المهمة التي كانت تؤدّيها أسماء بنت أبي بكر، وعائشة رضي الله عنهما - وهما فتاتان حديثتا السن -  لتؤكّد أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة إلى جانب الرجل، كما أن المهمة التي كان يؤدّيها عبد الله بن أبي بكر وهو شابٌ ثَقِفٌ لَقِن، كما وصفته السيدة عائشة، إذ كان يتسقّط أخبار قريش في مكة نهاراً، وينقلها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه ليلاً، وكذلك المهمة الخطيرة التي كُلّف بها الفتى عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه.. كلّ ذلك يؤكّد بشكلٍ واضح، دور الشباب وأهمية الاستفادة من طاقاتهم الكبيرة الفاعلة.

7 - الأخوّة بين المهاجرين والأنصار: هذه الأخوّة التي ضَرَبتْ أروع الأمثلة في المحبة والإيثار، جديرٌ أن تكون مثلاً يحتذى للأخوّة في الله، وما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الإخوة في جماعةٍ تقوم أساساً على هذه الأخوّة والوفاء بواجباتها وحقوقها.

أيها الإخوة الأحبة والأخوات: لقد كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، بدايةً مرحلةٍ جديدة، انتصرت فيها دعوة الله، بعد مرحلةٍ قاسيةٍ من المعاناة والصبر على البلاء، والأخذ بجميع الأسباب الممكنة، وحسن الإعداد والتخطيط، وتوكّلٍ على الله عز وجل، وثقةٍ مطلقةٍ به، وتفانٍ في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم واتّباعه وافتدائه، وتوظيفٍ كاملٍ لطاقات الرجال والنساء، والكهول والشباب، وأخوّةٍ حقيقية ربطت بين قلوب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، ضربوا فيها أروع الأمثلة في التآخي والتحابب والتباذل والتكافل والإيثار.. 

فهلاّ جعلنا من هجرتنا منطلقاً لمرحلةٍ جديدة، نستوعبُ فيها دروس الهجرة الأولى وعِبَرَها: نُخلِص النية لله عز وجل، ونبذل قُصارى جهدنا للأخذ بجميع الأسباب المادية، مقتدين بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإعداد والتخطيط واستفراغ الوسع، وبذل الطاقة والجهد، وصدق التوكّل على الله، صابرين محتسبين، واثقين بنصر الله وتأييده، مؤكّدين محبّتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحسن اتّباعه والاقتداء به والعمل بهديه، مستفيدين من كلّ الطاقات نساءً ورجالاً، شباباً وكهولاً، متحقّقين بمقتضيات أخوّتنا، واجتماع كلمتنا، متذكّرين قول الله عز وجل: والذين هاجروا في الله من بعد ما ظُلِموا لنبوّئنّهم في الدنيا حسنة، ولأجرُ الآخرة أكبرُ لو كانوا يعلمون، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكّلون. والله أكبر ولله الحمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأول من محرم الحرام 1427 الموافق 31 من كانون الثاني 2006

أخوكم : أبو أنس 

 

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ