و
يحكى أن ... (3)
د/
محمد الحكيم
ويحكى أنه في بلد
كان اسمه سوريا و بعد وصول حزب
البعث إلى السلطة على ظهر
الدبابة في 8آذار/مارس من عام 1963م
، و أثناء اجتماع للقيادة
القطرية في أواخر شهر نيسان من
عام 1965م برئاسة الرفيق الأمين
العام للحزب و رئيس الجمهورية ،
محمد أمين الحافظ ، قدم الرفيق
حافظ الأسد عضو القيادة القطرية
( و الأهم من ذلك عضو اللجنة
العسكرية بعد أن رُفّع مرتان –
مرة بعد الثامن من آذار من نقيب
مسرّح إلى مقدم و أصبح آمراً
لقاعدة الضمير الجوية قرب
العاصمة ، و
أخرى إلى لواء طيار في 2/12/1964وعين
قائداً للقوات الجوية و الدفاع
الجوي ) اقتراحاً وجيهاً استحق
الدراسة و التمحيص و المتابعة و
التدقيق ، حيث طلب إضافة مادة
مستعجلة إلى جدول أعمال القيادة
بوصفها من وجهة نظره قضية ملحة
وهامة لا تحتمل الإرجاء
لاجتماع قادم .. أجاب الرفيق
أمين الحافظ بالموافقة وانه
يضعها المادة الأولى التي
ستبحث في هذه الجلسة.
قال الرفيق حافظ
:"" إنه يريد بمنتهى الصراحة
وبروح المسؤولية أن يضع أمام
القيادة ظاهرة خطيرة هي في طريق
الانتشار والتوسع يوماً بعد
يوم .. وعلينا أيها الرفاق أذا
كنا حقاً ديمقراطيين - نؤمن
بالقيادة الجماعية وبأن الحزب
هو مرحلياً أداة الشعب ينوب
عنه حتى الانتقال إلى تطبيق
الديمقراطية الكاملة - علينا أن
لا نستهين بتلك الظاهرة وأن
نضع حداً لها منذ البداية فلا
نسمح لها بالاستمرار وبالوجود
أصلاً .. هذه الظاهرة أيها
الرفاق هي ظاهرة الفردية - أنا
لا أقول أنها مقصودة
ولكنها موجودة على كل حال -
اذهبوا وتجولوا في أسواق مدينة
دمشق وأحيائها، وأعطى مثلاً على
ذلك منطقة البرامكة وزقاق
الجن قرب مستشفى المجتهد ،
ستتأكدون بأنفسكم أن صور الرفيق
أمين الحافظ معلقة في معظم المحال
.. هذه ظاهرة غير طبيعية وتسيء
إلى سمعة الحزب والثورة .. ينبغي
أن نضع حداً لهذه الظاهرة!!
"".
صدقوني
يا سادة ، هذا الاقتراح من
الرفيق حافظ الأسد حصل حقيقة
وليس حلماً ، و لم يكن أبداً
كذبة نيسان ( و لو أنه حدث في
نيسان )، بشهادة من حضر ذلك
الاجتماع من الرفاق ، و أسألوا
إن شئتم الرفيق
الدكتور حبيب حداد عضو القيادة
القطرية آنذاك ، فهو ما زال حياً
يرزق و الحمد لله .
أما الصور والنصب
والأصنام التي تخلد بطولات قائد
المسيرة الملهم وأفراد عائلته
المالكة( قدس الله سرهم ) ، فهي
الآن في كل موقع ومكان من بلادنا
.. في الشوارع والساحات، في
المكاتب والمكتبات في المؤسسات
والسفارات في المدارس
والجامعات ، في دور العبادة و
الحانات ... وكلها تكرس أمجاد الحركة
التصحيحية ؟؟!! وذكرى قائد
المسيرة الفرد الفذ الخالد
وتسبح بحمده وفضله ونعمه- لقد
بايع الشعب السوري هذه السلطة
على قيادته إلى أبد الآبدين ،
حتى أن سورية نفسها سورية الأرض
والوطن و الإنسان و التاريخ و
الأمجاد قد أصبحت ملكية خاصة
له و لأبنائه و لأبناء أبنائه من
بعده إلى يوم الدين ، وأصبحت
تسمى باسم قائد المسيرة طبعاً(
سورية الأسد و بس )، كل ذلك ليس
فردية ، و لا انتهازية ، بل أنه
منتهى الديمقراطية و
المؤسساتية !!؟؟..
يُحكى في هذا
المجال ، طرفة يتندر بها
السوريون ، ( و للطرفة السياسية
قراءة بين السطور ) ، أن أحد
اليابانيين ، زار سوريا
في التسعينيات من القرن
الماضي ، عندما كانت شوارع
سوريا تكتظ بصور الرئيس القائد
الراحل و كانوا لا يكتفون بصورة
واحدة له – فهي لا تروي غليلهم
ولا حسهم الوطني المؤسساتي و
الديمقراطي ( و ليس النفاقي أو
المصلحي لا قدر الله ) - بل تجد في
لافتة واحدة سلسلة متتابعة من
صور الرئيس المتناسخة تقارب
العشرين أو تزيد، فقال الياباني
لصديقه السوري : يبدو أنكم
متشابهون أيضاً مثلنا ؟!..
هذا بالنسبة للصور
، أما بالنسبة للأصنام ، فما
يتندر به السوريون ، تعليقاً
على أصنام الرئيس الراحل التي
توجد عند مداخل كل المدن و أكثر
القرى ، بأحجامها الضخمة التي
تزيد كثيراً عن أحجام اللات و
العزّى ، و قد كلفوا لهذه
الأصنام دوريات و مفارز من
الأمن لحراستها على مدى أربع و
عشرين ساعة ، فيقول السوريون :
أخذوا منا مئات الآلاف لبناء
هذا الصنم ، لكنه أدار لنا قفاه
عوضاً عن وجهه – تعليقاً على
جهة التمثال التي جعلوا وجهه
ينظر لخارج المدينة و ظهره
باتجاه المدينة
.
و منهم من يتساءل ،
هل سيحتاج هذا الصنم لدبابة
أمريكية ، أم سيسقط بدونها ؟؟!!..
و شر البليّة مـا
يُضحك ؟!!..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|