و
يحكى أنّ
-5-
د/
محمد الحكيم
ويحكى أنه في بلد
كان اسمه سوريا و في صباح يوم
العاشر من حزيران من عام 1967و في
الساعة التاسعة و النصف صباحاً
، أعلن وزير الدفاع اللواء حافظ
الأسد سقوط القنيطرة بالبلاغ
رقم (66 )، و ذلك قبل دخول الجيش
الإسرائيلي للمدينة ، وكان عبد
الرحمن الأكتع وزير الصحة
يومذاك في جولة ميدانية جنوب
القنيطرة ، يقول : سمعت نبأ سقوط
القنيطرة يذاع من المذياع ،
وعرفت أنه غير صحيح لأننا جنوب
القنيطرة ولم نـر جيش العدو،
فاتصلت هاتفياً بحافظ الأسد
وزير الدفاع وقلت لـه :
المعلومات التي وصلتكم غير
دقيقـة ، نحن جنوب القنيطرة ولم
نـر جيش العدو !!! فشتمني بأقذع
الألفاظ ومما قاله لي : لا تتدخل
في عمل غيرك يا ....، فعرفت أن في
الأمر شيئاً !!؟
و لنتصور معنويات
جنودنا البواسل داخل القنيطرة ،
و هم يسمعون وزير دفاعهم يعلن
سقوط المدينة التي هم ما زالوا
فيها .
ومما يؤكد كلام
الوزير الأكتع ( أن في الأمر
شيئاً !!؟؟) أنه في 9 حزيران (يونيو)،
ورغم صدور قرار الأمم المتحدة
بوقف إطلاق النار،و بعد أربع
أيام من اندلاع الحرب على
الجبهتين المصرية والأردنية ،
اجتاحت إسرائيل مرتفعات
الجولان السورية الشاهقة ،
وتمكنت خلال يومين فقط من
احتلال القنيطرة ، كبرى مدن
الجولان، وجبل الشيخ
الاستراتيجي، أعلى قمة في سوريا
و المنطقة و كادت تصل لمشارف
دمشق العاصمة.و من ثم سرى في 11
حزيران (يونيو) وقف إطلاق النار
على كل الجبهات.
و كانت خسائر الجيش
السوري (115) عسكرياً فقط، وهم
الذين لم يتقيدوا بأمر الانسحاب
، وفضلوا أن تمر الدبابات
الإسرائيلية على أجسادهم ؛ كما
حصل في تل العزيزيات.
و أغرب ما يذكر في
هذا المجال ، أن رجال النظام
البعثي السوري و أبواقه
الإعلامية التي لا تعرف الحياء،
كانوا يجاهرون
و يتباهون بعد هذه الهزيمة
النكراء (التي أسموها بالنكسة)،
أن إسرائيل لم تحقق هدفها
الأكبر من هذه الحرب و هو إسقاط
نظام حزب البعث العربي
الاشتراكي الثوري في دمشق ، أما
سقوط الأرض و المقدسات و
الشهداء فأمر غير مهم ، لأن
الأرض يمكن أن تعود، أما النظم
الثورية فلا تتكرر، إذ يأتي
بدلاً عنها الإمبرياليون و
أذنابهم؟!.
و في آذار/مارس من
عام 1982م و قف الرفيق الفريق أول
حافظ الأسد القائد العام للجيش
و القوات المسلحة ، الأمين
العام لحزب البعث العربي
الاشتراكي ،
رئيس الجمهورية العربية
السورية ليقول : "ما حدث في
حماة حدث و انتهى". هكذا لخص
القائد التاريخي الملهم شهراً
كاملاً من المعارك الوطنية و
القومية لجيش الأسد العقائدي؟؟!!
، و المذابح الجماعية الفظيعة ،
و الإبادة السادية الشاملة ، و
القصف الجوي و المدفعي و
الصاروخي ، و المقابر الجماعية
العديدة ، و استباحة المحرمات و
انتهاك أعراض الحرائر ، و قتل
الشيوخ و النساء و الأطفال ، و
التمثيل بالموتى ، و بقر بطون
الحوامل ، وهدم أحياء بمن فيها ،
و إبادة عوائل بكاملها ،و
دهس المرضى و الجرحى بالدبابات
و المجنزرات ، و سرق و نهب
المحلات التجارية و الأموال و
الممتلكات، و تفجير المساجد و
الكنائس ، وسرقة المتاحف و
التحف الأثرية ، و بتر أطراف
السيدات و قطع الأذنين من أجل
أخذ المصوغات الذهبية ، و تغيير
معالم مدينة من أقدم مدن
التاريخ ، على يد سرايا الدفاع
بقيادة رفعت الأسد و علي ديب و
سرايا الصراع بقيادة عدنان
الأسد و الوحدات الخاصة بقيادة
علي حيدر و الفرقة العسكرية
الثالثة بقيادة شفيق فياض و
اللواء (47)المدرع ، واللواء (21)
دبابات ، والفوج (41) إنزال جوي، ،
والفوج (114) مدفعية ميدان
وراجمات الصواريخ ، وعشرات
الطائرات المروحية ، و قوات
الأمن العسكري و أمن الدولة و
الأمن السياسي بقيادة يحيى
زيدان ، و
قوات المرتزقة الخاصة التي
استدعيت من لواء اسكندرون و
جبال العلويين ، كل هذا الجيش
الكبير العرمرم من المرضى
الساديين و الطائفيين الحاقدين
و بأوامر مباشرة و متابعة لحظية
مباشرة من الرئيس المنتخب إلى
الأبد بنسبة 99و99% من أصوات
السوريين ،استباحوا مدينة حماة
الآمنة على مدى شهر شباط/ فبراير
كاملاً ، في أفظع مذبحة و أبشع
مأساة عرفها العصر الحديث ،
فقتلوا أكثر من
30 ألفاً ، و اعتقلوا مثلهم ،
و شردوا أضعافهم ، و تركوا
المدينة مدينة أنقاض و أشباح ، و
هم يفاخرون بنصر كبير حققوه على
مدنيين مسالمين ، و مواطنين
أبرياء ، يفترض أنهم وجدوا و
سلحوا من أموالهم و عرق جبينهم
لحمايتهم من العدو الخارجي،
بعد أن تركوا جبهة الجولان و
فلسطين لحرب الكلمات و
المتاجرات .
و كأن الشاعر يقول
فيهم :
(
أسدٌ عليّ و في الحروب نعامة
فتخاء
تجفل من صفير الصافرِ
)...
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|