ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 16/02/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

و يحـكى أنّ

-6-

د/ محمد الحكيم

و يحكى أنه في بلد كان اسمه سوريا ، و بعد وصول حزب البعث إلى السلطة بانقلاب عسكري في الثامن من آذار/ مارس من عام 1963م ، بدأ البعثيون باستفزاز حفيظة الشعب السوري المؤمن ، بشكل علني و فاضح، و حاولوا فرض أفكارهم الإلحادية على المجتمع المحافظ فامتلأت  شوارع و مدارس و دوائر الحكومة في سوريا كلها بالعبارات الني تستفز وتحرّض حفيظة المؤمنين، مثل،( يا أخي قد أصبح الشعب إلهاً، لا تسل عني و لا عن مذهبي**أنا بعثي اشتراكي عربي،آمنت بالبعث رباً لا شريك له** وبالعروبة ديناً ماله ثاني000)،  مما دفع الشعب المؤمن للتظاهر و الاحتجاج , مطالباً بحرية المعتقد ، و عدم مس الرموز الدينية و المقدسات ، فعوضاً عن الرجوع إلى الشعب و الحق ، كابر البعثيون ،و استمروا في غيهم ، مما دفع الشعب للثورة ، و كانت البداية من مدينة حماة في شهر نيسان/إبريل من عام 1964 عندما خرج الشعب بالمظاهرات مطالباً ، بعودة الحياة البرلمانية ، و إلغاء الأحكام العرفية ، و تشكيل حكومة وطنية ، لكن البعثيين عالجوا الموضوع باللغة التي يفهموها، فقصفوا المدينة ، و دمروا مسجد السلطان ( المسجد الذي بناه السلطان سليم الأول العثماني ) فوق رؤوس المحتمين فيه ، و حكمت المحكمة الميدانية البعثية بقيادة مصطفى طلاس على علماء و وجهاء حماة بالإعدام 0

و لم يقتصر الأمر على مدينة حماة ، بل امتد إلى جميع المدن السورية ، و تكرر المشهد ثانية بعد أقل من عام ،لكن البداية هذه المرة كانت من دمشق، عندما حاصر سليم حاطوم قائد المغاوير، مجموعة من الشباب المسلم الذين انحازوا إلى المسجد الأموي بدمشق(الذي بناه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، و يعتبر رابع مسجد في الإسلام بعد الحرمين الشريفين، و المسجد الأقصى فك الله أسره) للقيام بمظاهرة احتجاج سلمية على تصرفات السلطة البعثية الحاكمة،  و قام حاطوم بكسر باب المسجد بدبابة عسكرية ، وقتل أعداداً كبيرة ممن كان في المسجد و فيهم شيوخ عجزة من ملازمي الجامع الأموي للصلاة و تلاوة القرآن ، و استاق جنود الكتيبة المقتحمة من بقي حياً إلى السيارات العسكرية الشاحنة، تحت ضربات البنادق و التعذيب الوحشي الشنيع ، فإلى سجن المزة العسكري ، و شكلت المحكمة الميدانية العسكرية( برئاسة الضابط البعثي صلاح الضلّي، و عضوية الضابطين البعثيين رباح الطويل وسليم حاطوم) 0

وكان البعثيون لا يتوانون عن إثارة حفيظة الإسلاميين باستمرار،  فدفعوا أحد الضباط البعثيين الملاحدة و يدعى (إبراهيم خلاص) ، فكتب مقالة في مجلة جيش الشعب العدد 794 أوائل عام 1967التي تصدر باسم الجيش السوري المسيطر على كافة شؤون الحياة في سوريا، أعلن فيها ضرورة خلق الإنسان العربي الجديد الكافر بكل القيم القديمة التقليدية التي أصبحت بالية، و ذكر فيها أن الله و الدين و القيم يجب أن توضع في متحف التاريخ0

و اجتمع العلماء المسلمون بقيادة الشيخ حسن حبنكة الميداني رحمه الله ، و اتفقوا على عدم السكوت على هذه الإهانة الفاضحة و الموجهة للدين و القيم ، فكانت المظاهرات الحاشدة و المستنكرة ، و مرة أخرى تقمع بقوة السلاح ، و تدخل الدبابات و القوات العسكرية مسجد خالد بن الوليد في حمص ، و يساق العلماء المسلمون إلى السجون و المعتقلات 0

و استمر الصراع الذي لم يهدأ طيلة سنوات البعث المريرة ، و كان البعثيون يتقصدون  الإساءة للدين و المعتقدات ، و يسبون الله و الدين و الرسول ، بسبب أو بدون سبب ، و يتباهون بكفرهم و فجورهم، و امتلأت الصحف المحلية و المجلات ( و الإعلام في سوريا و منذ استلام البعث حكومي و موجه ) بأفكارهم المسيئة للدين و المعتقدات ، فنشرت مجلة جيل الثورة في العدد 85 عام 1974 صورة امرأة عارية متكئة على قبة مسجد، وقد كتب على عورتها المغلظة لفظ الجلالة.

كما نشرت مجلة الفرسان الصادرة عن سرايا الدفاع و بإشراف مباشر من رفعت الأسد في العدد 127 عام 1980 (أريد من حكام العرب أن يفهموا من سورية كل شيء وليجعلوا من الرفيق الأسد قبلةً يعبدونها بدلاً من الركوع أمام أوثان الإسلام ) .

فهل بعد هذا الكلام الجبان و النفاق الدنيء من إساءة أشد للدين و المعتقدات ؟ 0

كما أنزل رفعت الأسد عاهرات سرايا الدفاع إلى شوارع دمشق ليجبروا نساء و حرائر الشام على نزع حجابهم الشرعي بقوة السلاح و السلطة 0 وصدر الأمر في تشرين الأول / أكتوبر عام 1981 بنزع الحجاب عن المسلمات في كل محافظات سورية، ومنع كل محجبة من دخول الجامعة أو المدرسة أو مكان العمل.

و استمر الشعب السوري في الدفاع و الزود عن دينه و معتقده و كرامته ، و استمر البعث الطائفي في غيه و طغيانه ، و عمت المجازر و الجرائم مدن القطر ، حتى كانت أكبر مأساة في العصر الحديث و هي مجزرة حماة الكبرى في شباط / فبراير من عام 1982م ، و التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من أهالي المدينة المنكوبة ، و تم هدم معظم أحياءها ، و بعد انتهاء القصف و القتل و التدمير ، كان قد دمر نتيجة القصف أربعة عشر مسجداً ، فقام الجنود الطائفيون الحاقدون بتلغيم و تفجير أربعاً و أربعين مسجداً آخر من بيوت الله بدم بارد ، و حتى الكنائس لم تسلم من الأيادي الحاقدة ، حيث تم سرقة و قصف و تفجير أربعة كنائس بما فيها كنيسة السيدة العذراء كبرى كنائس المدينة 0

و بعد انتهاء المجازر الشنيعة ، و بعد كل هذا القتل و التدمير و الإرهاب الطائفي الحاقد ، و حتى يطمئنوا من أنهم قهروا المؤمنين و أنهوا تواجدهم ،و أسكتوا كل الأصوات المخلصة و الشجاعة إلى الأبد ( حسب ظنهم )  بدؤوا بحملة جديدة من البحث و التفتيش عن علماء حماة (حملة تطهير طائفي )، في أخر جمعة من شهر شباط الأسود ، و تم سوق مفتي حماة و علمائها الآخرين الذين ما زالوا على قيد الحياة ، و أكثرهم شيوخ عجزة  إلى حتفهم في مجازر جماعية هي الأبشع في التاريخ الحديث 0

و بهذه الطريقة الدموية الشنيعة ، أسكت الحق و رجاله ، و أرهب المواطنون في سوريا كلها ، و ما زال السوريون ، و خاصة الحمويون منهم ، يتذكرون تلك المجازر و المآسي فترتعد فرائصهم ، و لم يعد يتجرأ أحد على قول الحق أو المطالبة به ، بعد أن سيق عشرات الآلاف إلى سجن تدمر السيئ الصيت ، و إلى السجون الأخرى المنشرة في أرجاء الوطن الحبيب ، ليتم تصفيتهم على دفعات ، حيث سُن عام 1980 قانون رقم 49 الذي يقضي بإعدام  أي منتسب للإخوان المسلمين ، و القاضي العسكري الطائفي السادي في المحكمة الميدانية كان يعتبر كل مسلم يوحد الله هو أخوان مسلمين ، كما تشرد مئات الآلاف من السوريون خارج وطنهم ، يبحثون عن الآمن و الآمان الذي لم يعد موجوداً في وطنهم ، بعد أن أصبحت سوريا مزرعة لحافظ الأسد و أولاده و عصاباته 0

بعد كل هذه الخلاصة السريعة لتاريخ البعث الأسود بمواجهة الإسلام و المسلمين ، هل هناك من يصدق أن البعثيين يغارون على الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ؟، و يغضبون من الرسوم المسيئة بحقه و بحق المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ، بل إنهم كانوا الأشد غضباً و الأعنف رداً  من كل المسلمين ، فخرجوا يحرقون و يدمرون سفارات الدانمرك و النرويج ، و ما حولهما من سفارات و عمارات ، أم هل تصدق أن الأمور خرجت عن السيطرة ؟، و لم يعد الأمن قادراً على ضبط المظاهرات الغاضبة ، و هم الذين نشروا ثقافة الخوف ( حسب تعبير الدكتور عبد الرزاق عيد ) في أرجاء الوطن، أم هل تصدق أن الجماهير تستطيع الخروج في مظاهرة أصلاً إن لم تكن بإشراف و تدبير البعثيين ؟ ، و هم الذين يفرقون التجمعات الصغيرة التي تتداعى أمام المحاكم الأمنية للتنديد بها بإسلوب الزعران و البلطجية ، و يحاصرون المنتديات الثقافية و السياسية قبل أن يلتم شملها و يجتمع عقدها ، فيمنعونهم من الاجتماع دار البيوت المغلقة - فكيف في شوارع العاصمة و في حي السفارات- و يسوقون أصحاب البيوت و المدعوين إلى المخافر  و فروع الأمن ( و ما أكثرها في سوريا ) ليهددوهم و يتوعدوهم إن عادوا إلى فعلتهم المسيئة للوطن و لقائد المسيرة ؟؟!!0

المهم أن بوش و رايس و رؤساء أوربا لم يصدقوا ، و قالوها بصراحة و وضوح : ليس في سوريا تخرج المظاهرات بدون تدبير السلطة ، و قال رئيس وزراء الدانمرك : لقد وصلت الرسالة ، تخريب السفارات مرتبط بالتحقيق الدولي باغتيال رفيق الحريري ، هكذا فهمها العالم كله ، و الشعب السوري (وهو يعرف البير و غطاه ) يعلم جيداً من الذين دمّروا و حرقوا كل شيء في سوريا ، و ما زالوا يتاجرون و يزاودون في كل القضايا و المقدسات في فلسطين و الجولان و القدس و المسجد الأقصى ، و أنهم ركبوا و استغلوا بكل وقاحة و لؤم موجة الدفاع عن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) ، و هم بما فعلوه أساؤوا أكثر ما أساؤوا  للرسول الكريم بإسلوبهم الهمجي المنحط   الذي لا يُرضي رسول الرحمة المهداة للعالمين ، و لا يوافق شرعه القويم ، و لا يعبر إلا عن نفسية البعثي المريض الذي تربى على القتل و التدمير 0

نحن لا نتّهم جميع الذين شاركوا في المظاهرات أنهم من الأمن و المخابرات ( و نعلم أنها تهمة كبيرة  و مسبة شنيعة بحقهم ) ، و لا نقول أن الشعب السوري المؤمن و المحافظ لم يغضب لرسول الرحمة ، بل نؤكد أن الشعب السوري هو في مقدمة الشعوب الإسلامية التي كانت و ما زالت – و رغم كل سنوات الظلم و الظلام – تدافع عن الإسلام و المقدسات ، و تغضب لرسول الرحمة ، و لكن ما نريد توضيحه أن السلطة أرادت إيصال رسالة للغرب مفادها أن إسلاما عنيفا  ينتظرها إن هي غامرت بدعم التغيير والديمقراطية في المنطقة ، لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً ، لأن طول سنين  الاستبداد والظلم و القمع و القهر وإلغاء الآخر و الفساد وفقدان الأمل في التغيير هم الدافع الرئيسي للعنف ،  أما مصانع العنف و مصادره فهي الدوائر الضيقة ذاتها التي تدّعي أنها حارسة الاستقرار في المنطقة، والحمد لله أن اللعبة باتت مكشوفة ( للداخل و الخارج ) و نتيجتها خاسرة حتماً .

" و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين " صدق الله العظيم

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ