الأستاذ
سلامة كيلة
م
. أبو إسلام*
لقد قرأت مقالتكم المنشورة
بتاريخ 13/2/2006 على موقع الرأي تحت
عنوان (توضيح : سلامة كيلة) في
ردكم على ما صدر مؤخراً عن
اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق تحت
عنوان ( بيان توضيحي ) والذي حاول
تفسير بعض النقاط الواردة في
إعلان دمشق ، وكانت النتيجة
التي توصلت إليها في نهاية
المقال أنه مهما صدر من توضيحات
أو تعديلات أو تفسيرات حول
إعلان دمشق فسيبقى هذا الإعلان
غير مقبول من قبل البعض لأن هناك
حالة رفض له جملةً وتفصيلاً .
بداية أود أن أورد مجموعة من
الحقائق والتي لا أظن أن هناك
عاقل ومنطقي يختلف عليها حتى
ولو كان في قلب النظام الحالي ،
وأعتقد ولا أظنني مخطئاً بأنك
ستوافقني الرأي حولها بالعموم
وهو ما دفعني وشجعني على
الكتابة ليس من أجل الرد ولكن من
أجل فتح باب الحوار :
1- إن النظام
السوري القديم الجديد والمستمر
رافع شعار الحركة التصحيحية
قديماً وشعار مسيرة التطوير
والتحديث حالياً هو نظام فاسد
ومفسِد وهذا الفساد بدأ منذ
لحظات ولادة نهج هذا النظام
صبيحة الثامن من آذار عام 1963 ،
حيث ألغى الحياة السياسية
السليمة والصحيحة ممتطياً ظهر
حزب البعث حتى السادس عشر من
تشرين الثاني عام 1970حيث تم
إقصاء الحزب وتحول الحكم إلى
نظام يوهم بأنه يحكم باسم
الطائفة والذي ما لبث أن تحول في
عهده الجديد إلى نظام الأسرة
الواحدة الضيقة !!! .
ولقد
فتح هذا الشكل المتواصل من
الحكم المجال أمام كل أشكال
وأسباب الفساد والنهب لما شكل
ويشكل أدوات استمراره وبقائه
مما يستدعي ويتطلب وبدون أي
تردد العمل والنضال لتغييره
وإعادة وضع البلاد على الطريق
السليم و رفض كل أشكال الإلتفاف
والفبركات السياسية التي كان
آخر نكاتها قانون ( إلغاء
الأحزاب !!! ) الذي صدرت مسودته
منذ أيام والذي يطمح إلى إلغاء
الحياة السياسية في البلاد بشكل
مقنون ومنظم .
2- إن الشعب
السوري الذي عانى وما زال يعاني
كل أشكال القهر والإرهاب والقمع
والإذلال على كافة الصعد وأهمها
الاجتماعية والاقتصادية ،
يستحق أن تعود له حقوقه التي
اُغتصبت منه على مدى أكثر من
أربعة عقود وأن يرجع إلى حكم
نفسه بشكل حر وديمقراطي من خلال
صناديق اقتراع ومنافسة أحزاب
سليمة وطبيعية لا مشوهة
وانتهازية تحت مسمى الجبهة
الوطنية التقدمية والتي في
حقيقتها الفعلية هي حالة نفي
لكل كلمة من الثلاثية التي
تشكلها !!! .
3- إن تحقيق
مشروع التغيير الديمقراطي
المنشود على أسس وطنية وبشكل
سلمي بعيداً عن العنف والاقتتال
والانقلابات العسكرية وعلى
قاعدة رفض أي تدخل خارجي تحت أي
مسميات أو ذرائع هو الطريق
الوحيد والأسلوب السليم
المقبول .
وبالعودة إلى إعلان دمشق بدون أي
توضيحات أو بيانات لاحقة يلاحظ
أن الإعلان لم يخرج بالخلاصة
خارج هذه النقاط والتي تتلخص
بكلمات بسيطة " نظام فاسد لا
يُرتجى منه أي أمل
لا بالإصلاح ولا الإنصلاح لأن
الفساد في قلب تشكله وهو بحاجة
إلى تغيير سلمي وطني باتجاه
تحقيق المناخ الديمقراطي
الكامل والحقيقي والذي يُعتبر
الأساس الوحيد والمنطلق للبدء
بحل ومعالجة كل إشكاليات ومشاكل
سوريا " .
وبناءً على ما سلف فإنني أورد
الملاحظات أو لنقل المقترحات
التالية :
1- بالتأكيد
إن إعلان دمشق لم يكن ولن يكون
في يوم من الأيام نصاً منزلاً له
قدسية تمنع تصويبه أو تعديله
ولكن الصحيح أيضاً أنه ليس
بحاجة إلى نسف كامل وطرح بديل
آخر عنه ، ولكن على الرغم ذلك
فإنني على استعداد للموافقة
والانضمام إلى أي مشروع عمل أو
إعلان يتقاطع مع الخلاصة
السابقة وبالتالي فهي دعوة
أوجهها إلى الأستاذ سلامة كيلة
ولكل المخلصين على امتداد الوطن
لصياغة إعلان جديد مثلاً وليكن (
إعلان سوريا ) أو أي مسمى
يرتأونه وبحيث يتجاوز النواقص
ويتلافى المطبات التي وقع فيها
إعلان دمشق حسب رأيهم ويأخذ
بالاعتبار كل الانتقادات
والتصويبات والمقترحات التي
صدرت منذ ولادة إعلان دمشق
وبحيث يكون هذا الإعلان كاملاً
( وهي حالة لن تحدث لأنه سيخرج من
ينقد ما يراه الآخرون هو الصواب
برأيهم ) وسيجدون مثلي المئات إن
لم أقل الآلاف ممن سينضمون أو
يؤيدون مثل هكذا إعلان بمن فيهم
المجموعة التي أعدت إعلان دمشق (
ولن يتعارض ذلك مع انضمامي إلى
إعلان دمشق ).
2- ولأنه ليس
في الإمكان جمع قوى وتيارات
وأحزاب بعضها على طرفي نقيض حول
وثيقة عمل سياسي مشترك ومرضية
مائة بالمائة لكل هذه الجماعات
والأفراد ( كما هو الحال
للمعارضة في سوريا ولأية معارضة
أخرى بالمنطق ) فإن الدخول في
هكذا طريق سيؤدي إلى خلاصة وهي
أننا سنكون في حالة وحاجة إلى
إنجاز إعلان تلو الآخر ، لأن ما
يراه طرف هو الصواب قد يراه طرف
آخر هو الخطأ بعينه !!!.
3- وكما أن
إعلان دمشق ليس مقدساً ، فإنه لم
يقل أحد بل وليس من حق أحد أن
يعتبر أن ما ورد في الإعلان هو
المنطلق والأساس للدستور الذي
نحلم بإنجازه بعد تحقيق هدف
التغيير الديمقراطي
المنشود ، حيث أن ذكر بعض النقاط
والتي أثارت حفيظة وشكوك البعض
كما الحال في مسائل
( الإسلام ، الأقليات القومية ،
انتماء سورية إلى المنظومة
العربية ... ) وبالمقابل عدم ذكر
نقاط أخرى ( المرأة ، الأوضاع
المعيشية ، البطالة ، ... ) لا
يمكن أن تُختزل بجمل وعبارات ،
لأن مثل هذه المواضيع وغيرها
تحتاج إلى حوارات ونقاشات مطولة
يشارك فيها أبناء الوطن عموماً
بلا استثناء .
4- لذلك
فإنني وددت وتمنيت أن إعلان
دمشق لم يتطرق إلى هذه المواضيع
حسب رأيي ، وكان يكفي أن يتضمن
الإعلان نقاط عمل مشتركة (
برنامج عمل سياسي ) لا ( برنامج
حزب سياسي) يجمع كل أطياف
ومكونات المعارضة ويوحد قواها
بما يؤدي إلى نقل البلاد من حالة
الدكتاتورية والتسلط والإلغاء
إلى حالة الديمقراطية والحرية
والمشاركة والتي تشكل الأسس
والمنطلقات لكل الحوارات
والنقاشات المطلوبة والملحة ،
ولكن ولأن التاريخ والوطن لن
يغفرا لنا إهدار الوقت في إعراب
هذه الكلمة من الإعلان واستحضار
معاجم اللغة للبحث عما يكمن خلف
هذه العبارة وغير ذلك من
المتاهات ، فإن الواجب يحتم
علينا أن ننطلق من مبدأ أن إعلان
دمشق وُلد ويتضمن جزء مهم
تتلاقى حوله كل مكونات المعارضة
السورية فلنأخذ هذا الجزء
ونحوله إلى مشروع عمل على أرض
الواقع يدفع باتجاه تحقيق أبسط
وأعظم مطلب للجميع وهو (
الديمقراطية ) لأن التاريخ لا
يرحم من يتخلف عن اللحاق بركبه
!!! .
5- وبما أن
العقل والمنطق يؤكدان أن العمل
الجماعي المشترك لمجموعات
وأفراد مختلفين فكرياً
وسياسياً ( كما هو حال المعارضة
السورية اليوم ) أفضل بكثير من
الأعمال المتفرقة حتى ولو كان
الهدف واحد كما في حالتنا من
سعينا لتحقيق التغيير الوطني
الديمقراطي في وطننا ، ولذلك
فإنني أتمنى وأدعو الأستاذ
سلامة كيلة وغيره للانضمام إلى
إعلان دمشق ولنعمل جميعنا في
حدود الإعلان الدنيا والتي كما
أسلفت لا أتصور أن هناك إثنين
يختلفان حولها من حيث ضرورة
وواجب القطع مع هذا النظام وأن
لا أقل من التغيير الوطني
الديمقراطي الكامل مؤجلين
النقاط التي قد نختلف مع كثير
منها في إعلان دمشق إلى ما بعد
إنجاز هدف التغيير .
6- بالتأكيد
إنني أتوجه بهذا الكلام تحديداً
إلى الأستاذ سلامة كيلة ( الذي
يعيش في ظل نظام يهدده بعدم
السماح له بدخول الوطن في حال
سفره خارجا ً !!! )
وإلى كل المخلصين والمحبين
للوطن والذين رفضوا إعلان دمشق
من زوايا مختلفة ولأسباب تعود
إليهم - ( قد يكون أحدها وأعيد
القول بأنه قد يكون بسبب عدم
إعطائهم الفرصة لطرح وجهة نظرهم
والمشاركة في صياغة الإعلان وهو
حق لا يمكن لأحد أن يمنعه عنهم
بل كنتُ أتمنى لو حصل مثل هكذا
حوار مع الأستاذ سلامة وكل
المناضلين المخلصين من أمثاله ،
على الرغم من تفهمي شخصياً
بالمقابل وقناعتي بأن السبب
الرئيسي هو ببساطة شديدة يعود
إلى الظروف الأمنية الخاصة
للبلاد وإلى حسابات ربما كانت
غير دقيقة من حيث استباق تقرير
ميليس الأول حسبما تردد من
مبررات أما موضوع التشكيك تجاه
معدي إعلان دمشق من حيث وجود
نوايا خفية أو غير ذلك فهو بنسبة
صفر بالمائة لي على الرغم من عدم
معرفتي لا بشكل مباشر أو غير
مباشر بأي فرد منهم والذين لا
أشك بإخلاص ووطنية أيٍّ منهم) -
وليس إلى الذين كان رفضهم من
باب المزايدة السياسية والنفاق
والدجل للنظام .
*ناشط
سياسي مستقل
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|