ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 18/02/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

فلتستمر النصرة الشعبية لنبي الرحمة

 ولكن بتخطيط وحكمة

د. محمد الغزي

يراهن الكثير على أن ردة الفعل الشعبية العربية والإسلامية على الإساءة المستمرة لأقدس مقدساتنا الإسلامية هي مجرد هبة عاطفية سرعان ما تنطفئ وأن ما يصاحب هذه الهبة من مقاطعة اقتصادية لا تلبث أن تندثر كسابقتها من المقاطعات الاقتصادية وتتحول إلى مجرد أفكار غير عملية ودعوات تفتقر إلى آليات لتنفيذها أو ضمانات لاستمرارها وتصعيدها واتساعها، ولهذا من الأجدر بنا أن ننظر إلى ردود الأفعال على هذه الإساءة في سياق رؤية استراتيجية لفعاليات طويلة الأمد ذات أهداف ومراحل واضحة وخطط وبرامج مدروسة لتحقيق هذه الأهداف، وفي ذات الوقت، علينا أن لا نُستدرج إلى الفخ الذي نصبه لنا الأعداء والذي يرمي إلى إشعال الشرارة الأولى لمحرقة عنصرية ضد الجاليات الإسلامية ومسلمي الغرب.

يحرض الصهاينة واليهود والمحافظون الجدد الشعوب الغربية على معاداة الجاليات الإسلامية في الغرب، وأدى هذا التحريض المستمر، الذي يستهدف الجاليات الإسلامية في دينها وثقافتها وهويتها الإسلامية تحت مسميات كثيرة أبرزها "الاندماج" في المجتمعات الغربية، إلى معاناة حقيقية لمسلمي الغرب وتعرضهم لممارسات عنصرية آخرها الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بالرسوم الكاريكاتورية، وتبدي الحكومات الغربية، من حين لآخر، قلقها الكبير من عدم اندماج الجاليات الإسلامية بالمجتمعات الغربية بطريقة تفقدهم أهم خصائصهم الدينية والثقافية، ولا تستحي تلك الحكومات من إصدار تقارير تعبر فيها عن خوفها من أداء الجاليات الإسلامية ومسلمي الغرب على لشعائر وأحكام إسلامية تتعلق بالحجاب وتنظيم الاختلاط بين الجنسين، وتعتبر تلك الحكومات أن التزام مسلمي الغرب بالشعائر والأخلاق الإسلامية هو كارثة حقيقية للمجتمعات الغربية، وفي ذات الوقت تمارس تلك الحكومات تناقضات كبيرة فيما يتعلق بالجاليات الإسلامية من حيث الحقوق والمساواة والمشاركة في الحياة السياسية.

إن المتطرفين الغربيين الذين ينشطون إعلاميا وسياسيا قد أعلنوا الحرب على الجاليات الإسلامية في الغرب عن طريق إقامة حواجز نفسية بين المسلمين والغربيين لعزل المسلمين ومنع انتشار الإسلام في المجتمعات الغربية، لذلك يحرص هؤلاء المتطرفون على استغلال كافة الظروف والأحداث لوصف المسلمين بأنهم إرهابيون وأنهم ينخرطون في الجريمة ويعيشون على المعونات الحكومية، ويهدف هؤلاء المتطرفون من خلال مساعيهم الشيطانية إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين وتأليب قلوب الغربيين على الجاليات الإسلامية.

وتتعامل الحكومات الغربية وصحافتها مع شعوبنا بطريقة ماكرة وخبيثة جدا وكأن شعوبنا ثور تصارعه وتستدرجه إلى هنا وهناك وتستفزه وتضطره للجري في كل الاتجاهات فيصاب هذا الثور بالإعياء والإنهاك من كثرة التردد والحيرة والجري بدون هدف، ففي لحظة قيام المسلمين في كل مكان لنصرة رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، تكشف لنا الصحافة الغربية عن أحداث مأساوية وجرائم إنسانية بحق شعوبنا كضرب المحتل البريطاني الغاشم لصبية عراقيين بطريقة وحشية أو تعذيب المحتل الأمريكي المجرم لعراقيين شرفاء في سجن أبي غريب بطريقة يندى لها جبين الإنسانية، وفي ذات الوقت لا يكف الغربيون عن ممارسة الإساءة للإسلام والمسلمين.

الدور الماكر للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية يتمثل في محاصرة ردود الفعل العربية خاصة تلك المتمثلة في المقاطعة الاقتصادية، ولذلك فإن الجهود الغربية الرسمية تنصب الآن على تهدئة الخواطر وتطويق الأزمة واحتواء ردة الفعل الشعبية العربية والإسلامية وإنهاء المقاطعة الاقتصادية، ومن أجل ذلك يحاول الغربيون بكل الطرق توظيف تصريحات بعض العلماء والمفكرين والمفتين الإسلاميين وأقوالهم وكذلك حث المؤسسات والمنظمات الإسلامية على إصدار بيانات التهدئة والتخدير من أجل كسر ردة الفعل الشعبية، ولكنهم في ذات الوقت يؤكدون على أن الإساءة والتطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم هي حرية تعبير ولا مجال للحديث عن ضبطها وتقنينها، وفي خضم هذا النفاق والاستكبار يتواصل الهجوم على الإسلام والمسلمين بالإصرار على الإساءة وتكرارها ونشرها واتساعها لتشمل دولا وأوساطا أخرى.

التحرك الأوروبي يأتي لتخديرنا ولإقناعنا بأن الإساءة لديننا حق يمتلكه الغربيون ولا يفرطون فيه وأن علينا أن نتفهم هذا الحق ونتقبله بل وتدافع عنه الحكومات العربية والإسلامية، فكما أنهم يحاربوننا على الجبهات الإعلامية والعسكرية والاقتصادية فهم أيضا يحرصون على أن نظل صامتين ساكنين بدون حراك أو ضجيج لضمان نجاحهم على الجبهة الدبلوماسية، أما الولايات المتحدة الأمريكية فهي تخشى أن تتدهور الأوضاع في المنطقة مسببة لهم انتكاسات جديدة بجانب الانتكاسات العسكرية والدبلوماسية التي أصابتهم في القلب، وحيث أن الأنظمة التي تحكمنا عنوة ودكتاتورية لم تعد قادرة على إسعافهم في كبح جماح الهبة الشعبية فقد لجئوا إلى جهات إسلامية لإصدار بيانات التهدئة التي تخلوا من أي ردة فعل حقيقية ضد من أساءوا إلى ديننا ومن يقف وراءهم.

لذلك فإن الاعتذار لا يكفي ويجب أن تستمر المقاطعة حتى تؤتي أكلها وتلقن المعتدين على ديننا ورسولنا، صلى الله عليه وسلم، درسا لا يجرؤون بعده على إيذائه أو التعرض لشخصه الكريم بسوء، والحقيقة أن المقاطعة الاقتصادية ضرورة ذاتية لنتخلص من التبعية للغرب ولنعتمد على ذاتنا وننهض من كبوتنا ونأخذ مكاننا الذين يليق بأمتنا بين أمم العالم، فلا يستقيم أن تعيش شعوبنا، التي تضطلع بأمانة حمل رسالة الإسلام الربانية وتبليغها للعالمين، عالة على إنتاج غيرها من الشعوب التي لا رسالة لها غير الإنتاج والاستهلاك.

ما علينا أن ندركه في هذه المرحلة هو أن هذه الهجمة على الإسلام وعلى من أرسله الله رحمة للعالمين لن تتوقف على المدى القصير بل إنها سوف تتصاعد، والاعتذار لا يكفي لأنه يأتي فقط في إطار تهدئة خواطر المسلمين دون أن يتبعه تعهد الغربيين بكف أنفسهم عن الطعن في مقدساتنا وثقافتنا الإسلامية، فما نشهده الآن هو استمرار للإساءة ولكن بصور جديدة وأساليب مختلفة، نحن أمام حرب طويلة، ومن هذا المنطلق علينا أن نكثف عملنا بعدة طرق لاستمرار المسيرات والتظاهرات السلمية لاستنكار هذه الهجمة الجبانة على ديننا ولاستمرار المقاطعة الاقتصادية لكل الدول التي تشترك في جريمة هذا العدوان.

على الكتاب والمفكرين المسلمين القيام بفعاليات إعلامية لتحريض كل شرائح الشعب في كل دولنا على أداء واجبهم والتحرك من أجل نصرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وترك السلبية والصمت المخزي، ويجب تكثيف الجهود لتفعيل دور الجامعات وطلبتها وأساتذتها وكافة النقابات والمدارس والمنظمات الأهلية بطريقة حكيمة وحثهم على المشاركة في الاستنكار السلمي، فهذه الميادين هي محل اهتمام كبير للدبلوماسية الأمريكية والأوروبية، وإثارة حمية من يعمل في هذه الميادين ضد الغرب وجهوده يمثل ضربة قاسية لجهود الغربيين في تضليلنا وخداعنا.

وعلينا وضع إطار لقيادة إسلامية عالمية تعمل على تعبئة وتوجيه شعوبنا لمقاومة الإساءة الغربية لديننا بكافة السبل السلمية بحيث يضم هذا الإطار العلماء المسلمين المعروفين بإخلاصهم وغيرتهم على الإسلام ودفاعهم عن المسلمين، وأول خطوة لهذه القيادة الإسلامية هي الاتصال بكافة العلماء والدعاة المسلمين والقادة الاجتماعيين لعقد مؤتمر "النصرة لنبي الرحمة"، صلى الله عليه وسلم، للخروج بأهداف عملية على المدى القريب، والمتوسط والبعيد، وصياغتها على شكل خطط وبرامج وفعاليات تستوعب كل طاقات شعوبنا وجهودها وتتجنب إحراج الجاليات الإسلامية ومسلمي الغرب، ويساعد على هذا أن "نصرة بني الرحمة" هي نقطة التقاء وموضع إجماع بين كافة المسلمين على اختلافاتهم الكثيرة التي شتت شملهم وأذهب ريحهم.

أما الخطوة الثانية فهي القيام بإصدار بيانات دورية تدعو المسلمين إلى استمرار التصدي للهجمة الحقيرة وتوجيههم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وحبذا لو تم تشكيل لجان قطرية لتعمل على تنفيذ التوصيات والقرارات التي تخرج بها المؤتمرات المعنية ولتقوم بعملية تقييم مستمرة للفعاليات والبرامج ولمتابعة كل التداعيات المترتبة على ذلك لتصحيح المسار كلما لزم الأمر.

والخطوة الثالثة هي إنشاء صندوق خاص بنصرة نبي الرحمة، صلى الله عليه وسلم، تخصص أمواله لإنشاء موقع متخصصة على الإنترنت لتعريف الغرب بحقيقة الإسلام والرد على تساؤلاتهم واستفساراتهم ودحض كل الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام والمسلمين، كما يخصص جزء من أموال هذا الصندوق لابتعاث الدعاة إلى البلاد المختلفة ومشاركة المفكرين المسلمين في المؤتمرات العالمية التي تتعلق بالإسلام والمسلمين.

والخطوة الرابعة هي عمل مسابقات أدبية وفينة وعلمية، يدعى الكتاب والأدباء والأكاديميون للمشاركة فيها، تتضمن إصدار مؤلفات إسلامية لتعريف العالم الغربي وشعوبنا، خاصة الأجيال الناشئة، بالإسلام وبسيرة رسولنا الكريم محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم والإسلام، بأساليب عصرية يقبل عليها بشدة الصبيان والشباب والفتيات، وكذلك تعريف العالم الغربي بمعاناة الشعوب العربية والإسلامية جراء الأطماع الاستعمارية الغربية ومكر اليهود الذين يسعون في الأرض فسادا، ثم القيام بنشر هذه المؤلفات والأعمال العلمية والفنية في العالم بكل اللغات.

بغير خطوات عملية كهذه تضمن استمرار المقاطعة والهبة الشعبية فلن نستحق الوجود وإنما نستحق أن يُكبر على شعوبنا أربع تكبيرات، لا سمح الله عز وجل.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ