بين
التعبير عن الرأي والإعدام على
الرأي
إسرائيل
وسوريا نموذجا
د.منير
محمد الغضبان*
جارتان لا يفصل بينهما إلا
الحدود الدولية
الأولى : دولة إسرائيل المغتصبة
المحتلة للأرض المقدسة فلسطين
الثانية : دولة سورية المغتصبة
المحتلة للإنسان والمواطن
وبينهما مشروع سلام استراتيجي
مكتوب منذ ثلاثين عاما أن يحلا
مشكلاتهما بالحوار والرأي , وأن
تسترد الجولان المحتل من خلال
الحوار والحب , وعندما تهدي
إسرائيل سورية الجولان سوف
تهديها سورية التعايش السلمي
والتبادل الدبلوماسي .
في إسرائيل يذبحون المقاومة ,
ويدكون البيوت الآمنة , ويصفون
القيادات الفلسطينية ويحتلون
الأرض
وفي سورية يمنعون الرأي الآخر ,
ويفرضون حكم البعث القائد ,
ويقتلون المقاومة كما فعلوا في
حماة وتجاوزوا ما فعلته إسرائيل
في جنين وأمريكا في الفلوجة
وذكراها اليوم ذكرى مأساة العصر
التي تنضم إلى ذكرى المدن التي
دكت في الحرب العالمية الثانية
لكن المأساة الكبرى أن المجازر
في فلسطين والعراق من عدو محتل
للأرض , أما في سورية من جبار فرض
نفسه على الأمة بالحديد والنار
هذه نقاط التشابه فأين نقاط
الاختلاف :
نقاط الاختلاف تبرز لدى اليهود
أنهم يقيمون حكما ديمقراطيا منذ
أن قامت دولتهم المزعومة حتى
اليوم , وفي كل أربع سنين دورة
انتخابية , لم تتخلف مرة واحدة ,
وخاضوا ثلاثة حروب ضد أعدائهم
العرب , وانتصروا فيها ولم تتوقف
عندهم الديمقراطية .
أما في سورية ومنذ أن قام حكم
البعث العتيد عام ثلاثة وستين
وتسعمائة وألف إلى اليوم أي منذ
قرابة نصف قرن الديمقراطية
معطلة بحجة أننا في حرب مع العدو
..
وخلال ثلث قرن لنا حاكم واحد , هو
الأسد الذي طوب سورية على اسمه
فقط لا على اسم حزبه ولا على اسم
طائفته , إنما طوبها على اسمه
سورية الأسد , وحتى لا تختل
المعادلة بعد موته طوبها
لولده بشار فلا حاجة لتغيير اسم
الطابو إذ ستبقى سورية الأسد ,
وحين كان أمراء الإقطاع في
العصور الوسطى يبيعون مزارعهم .
كانوا يبيعونها بمن فيها من
العمال والأحراء , وهكذا فعل
الأسد وابنه فسورية لهم , وسمحوا
لصهرهم آصف شوكت في المشاركة
إكراما لعيون ابنتهم بشرى ,
وسمحوا لأنيسة أمهم في المشاركة
من بابا بر الأمهات , فأصبح حكام
سورية الشركة الخماسية .
أنيسة , وماهر الأسد , وبشار السد ,
وبشرى الأسد , وآصف شوكت , ولا
يحق لأحد أن ينتزع هذه القيادة
وكل من يخرج عليهم أولا يعترف
بزعامتهم فهو خائن عميل , مرتد ,
مجرم , طاغية , لص , كما رأينا في
مسرحية خدام , وعندهم مجلس شعب
مهمته أن يخترع كل الألقاب
النابية , ضد كل من يخرج عليهم
ماينوف عن نصف قرن , يقود الحكم
ثلة أو شلة ممن يقدر على أن يقود
انقلابا ثوريا , ورسا الحكم
أخيرا على الأسد أبا وابنة
وزوجة وصهرا وولداً , وسورية
ولدت معهم فهم الأمناء على
العروبة والإسلام والثروات
والوطن والعرض والقيم
والمقاومة ولا بدع , فقد جاءنا
مجلس تشريعي أوسع تطوع من أنحاء
الأرض العربية ليحامي عن الأسد
ونظامه , وخياره الإستراتيجي
السلام في بلده , والمقاومة
خارجها ويهديه قلادة عبد الناصر
القرن العشرين .
هذا في سورية فماذا
في إسرائيل :
ولكن آخر المفاجآت التي لم تخطر
على البال , هو فوز حماس في الأرض
المحتلة وبرعاية الحراب
والدبابات والطائرات
الإسرائيلية فوزها بالإنتخابات
التشريعية ممثلة للشعب
الفلسطيني فوزها في ظل الاحتلال
مطالب الحكومة الإسرائيلية :
تدمير حماس والجهاد والمقاومة ,
وتفكيكها ونزع سلاحها ,
وبإمكانها أن تمنع الشعب
الفلسطيني عن التعبير عن رأيه
طالما أنه يؤيد أعداءها
الإرهابيين , وتأخذ بعض الدروس
الثورية من جارتها سورية وطالما
أن صواريخ القسام تنهمر عليها
من غزة لكنها لم تفعل ذلك .
أقصى ما أرادت خرقه في
الانتخابات هو منع المقدسين
العرب من التصويت لأن القدس
عاصمة إسرائيل إلى الأبد , وجاءت
رايس وزيرة الخارجية الأمريكية
لإيقاف هذا الخرق بوساطة خارجية
فقد أعلنت السلطة الفلسطينية
أنه مالم ينتخب الفلسطينيون في
القدس فلن تقوم انتخابات
تشريعية , وتم الضغط على إسرائيل
فسمحت لهم بالانتخاب لكنها منعت
مرشحي حماس من الدعاية
الانتخابية
ونحن لانشك أن أمريكا وإسرائيل
والسلطة الفلسطينية , كانوا
حريصين على نزاهة الانتخابات ..
ليثبتوا للعالم أن الشعب
الفلسطيني خياره الاستراتيجي
هو السلام , فتح والسلطة
الفلسطينية التي تعترف
بإسرائيل وتتفاوض معها , ودليل
نزاهة الانتخابات هو نجاح هذه
الأعداد المقاربة لأعداد فتح من
حماس , كما جرى في مصر وبذلك
تستطيع السلطة الفلسطينية
الممثلة بفتح أن تنفذ كل
المخططات في مواجهة حماس لأنها
تمثل الشعب الفلسطيني
هذا هو مكرهم , ولكن كان مكر الله
أكبر باليهود والأمريكان
ويمكرون ويمكر الله , والله خير
الماكرين
فكان مالم يكن بالحسبان , وفي
أنزه انتخابات تشريعية في الوطن
العربي كله وبشهادة المراقبين
الدوليين , كان فوز حماس الساحق ,
ثمانين نائبا من مائة وثلاثين
نائبا . بحيث تستطيع وحدها أن
تشكل الحكومة الفلسطينية براحة
تامة ودون مشاركة أحد
هل تعلمون عن أي انتخابات نتحدث ,
وفي أي مكان ليس في المريخ وليس
في سويسرا , وليس في الكونغرس ,
ولكن في الأرض المحتلة , في
فلسطين المغتصبة في ظل الاحتلال
كانت هذه النتائج
فهل سمع الجار السوري والنظام
السوري بهذه الحرية
وهل يمكن أن نجمع بين هذه
المتناقضات .
أنزه انتخابات تشريعية في الوطن
العربي الإسلامي ، وفي ظل
الإحتلال ، يفوز الإسلاميون هذا
الفوز الساحق .
وفي سورية وبعد خمسين عاما من
السلطة والصولجان . لا يجوز
الحديث عن الديمقراطية والحرية
، والإنتخابات التشريعية .
النزيهة . لأننا في حالة حرب مع
إسرائيل ( والإعلان أننا في حالة
سلام ) لكننا من أجل خنق الشعب
ومنعه من التعبير عن رأيه ،
ومنعه من ممارسة حريته .تمنع هذه
التفاهات كلها لوجود العدو
الإسرائيلي في جوارنا . ولا صوت
يعلو فوق صوت المعركة .ومعركتنا
اليوم ليست مع إسرائيل فقط لكن
مع أمريكا وأوروبا والنظام
العالمي والعالم كله لأننا
وحدنا الوطنيون في العالم .
وأخيرا تعالوا نحدثكم عن الأغرب
والأعجب ليس حرية الرأي في
الأرض المحتلة وفي ظل اليهود
الطغاة المحتلين .
والاعدام على الرأي في الجارة
الشقيقة الكبرى سورية .
هل تسمعون يا أحرار العالم
باتحاد المحامين
العرب ، يا إخواننا الأحباب
وشركاءنا في العقيدة ، يا حزب
الله ، يا حماس يا إخوان الأردن .
هل تسمعون أن في سوريا قانونا
يحكم بالإعدام على
إخوانكم،يحكم بالإعدام على من
تنتسب للإخوان المسلمين .مالكم
تجاملون الشقيقة ، وتكرمون
اغتصاب الأسد للغابة ، وذبحه كل
أهلها وحيواناتها . ومنعه من
يتنفس بغير رئته وبطنه وشهوته
بالقتل.
يا إخواننا الأحباب . مالكم لا
تعلنون مقاطعة هذا النظام
الجائر الذي يحكم شعبه بالحديد
والنار منذ خمسين عاما . وكلما
جئتم له . يبتسم لكم . كما يقول
الشاعر :
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا
تظنن أن الليث يبتسم
يبتسم لكم . ويعدكم الوعود
المعسولة . أن سيكون انتخابات .
وحريات ، وديمقراطيات . ومصالحة
وطنية ومصالحة شعبية . وهذا ......
مضى عليه خمسين عاما ولم يتغير .
إي والله . إن المظلوم المقهور
المحروم الموؤدة حريته . لينز
ألما حين يرى إخوانه في القومية
وإخوانه في العقيدة يباركون على
يد الإجرام ، ويباركون على يد
المجرمين ، ولا يقولون له . يا
ظالم باللفظ الصريح وبالفم
العريض .
إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول
للظالم يا ظالم فقد تودع منهم .
أملنا بالله أن لا يكون الله قد
تودع من هذه الأمة . وهي تقدم
أمواج الشهداء في كل صقع في
مقاومة الظلم والظالمين . لكن
الظلم حرام . سيان جاء من العربي
أو اليهودي أو الأمريكي .
فالظالمون في القرآن بلا جنسية ،
وسيعلم الظالمون أي منقلب
ينقلبون .
*باحث
إسلامي سوري
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|