العلويّون..
وكَسر احتكار السلطة في سورية:
من
منظور وطني ديموقرطي
عبد
الله القحطاني
1- سؤال : هل
الطائفة العلويّة هي التي تحتكر
السلطة في سورية، منذ خمسة
وثلاثين عاماً.. أم زمرة من
المحسوبين عليها، تحكم باسمها،
وتستأثر بالسلطات كلها
والمنافع كلها، وتوظّف سمعة
الطائفة وبعضَ أبناء الطائفة،
لخدمة مصالحها العائلية
المغلقة، وتحمّل أكثرية أبناء
الطائفة أوزار حكم أسود، مفعم
بالجرائم والمخازي، مخضّب
بالدماء والمآسي.. بما في ذلك
دماء الكثيرين من أبناء الطائفة
الذين قتلتهم الزمرة الحاكمة،
ومآسي الكثيرين الذين غيّبتهم
هذه الزمرة في السجون والمنافي..!؟
2- افتراضان:
أ ـ إذا كانت الزمرة العائلية
الأسدية، هي التي تستأثر
بالسلطة ومنافعها، مع أصهارها
وأقاربها ومحاسيبها، وتحمّل
باقي أبناء الطائفة أوزارَ
حكمها الفاسد ومآسيه.. فلن تخسر
الطائفة من كسر احتكار السلطة
شيئاً، سوى الأوزار والمآسي
التي ستُرفع عن كاهلها..!
ب ـ إذا كانت الطائفة بأكثريتها،
شريكة في الحكم الحالي، مستفيدة
من مزاياه ومنافعه، فإنها تربح
من كسر احتكار السلطة وعودة
البلاد إلى الحكم الديموقراطي،
أمرين في غاية الأهمية ، هما:
* كونها
انفردت بالسلطة خمسة وثلاثين
عاما، بنسبتها العددية
المعروفة في سورية، واستفادت من
مزايا الاستئثار بالسلطة، على
حساب الأكثرية الساحقة من أبناء
الشعب السوري، وخرجت من السلطة
الطائفية المغلقة، بما حققته من
مكاسب ضخمة، بهدوء وسلام.. وصار
المستفيدون من احتكار السلطة ـ
وهم أكثرية أبناء الطائفة حسب
هذا الافتراض ـ مؤهلين للمشاركة
في أيّ حكم ديموقراطي يسود في
البلاد، وعلى المستويات كلها:
السياسية، والاجتماعية،
والاقتصادية..!( ولا نحسب أحداً
من عقلاء الطائفة، يزعم لنا أن
الحكم كان مشاركة بين سائر
الطوائف في البلاد، محتجّاً
بوجود بعض الإمّعات ، المحسوبة
على بعض الطوائف الأخرى، في بعض
مواقع السلطة ..! فلا أحد يجهل في
سورية كلها، القيمة الفعلية
لهذه المخلوقات الهزيلة ، التي
تسبح في كل ماء ، وتحلب في كل
إناء، وتحطب في كل حبل.. مادام
هذا كله، يوفر لها شيئاً من
المتاع الرخيص ، وشيئاً من
الوجاهة الزائفة .. دون أن تشعر
أنها تضحّي بكرامتها ، أو
عزّتها ، أو حيائها.. فلا شيء
لديها من هذا كله تخشى عليه من
الضياع..! بصرف النظر عن المواقع
التي توضع فيها من مواقع
السلطة، لتزييف وعي الناس، وصرف
أنظارهم عمّن يحكم البلاد بشكل
فعلي..! )
* حقّها
الوطني الطبيعي، في المشاركة في
سائر فعاليات الدولة والمجتمع،
من سياسية، واجتماعية،
واقتصادية، وثقافية.. دون إقصاء
أو تهميش، أو بناء مواقف سلبية
ثأرية، تجاه ما فعلته إبّان
احتكارها للسلطة! فليس في شرائح
المجتمع السوري وقياداته
السياسية، على اختلاف أطيافها
ومذاهبها الفكرية والدينية
والسياسية، من يفكر بالعودة إلى
الوراء، ليخرج البلادَ من فضاء
الديموقراطية الذي وصلت إليه
ـ في حال وصولها ـ ويدخلها
في دوّامة الفوضى والثارات
والأحقاد..!
وأزعم
أن الكلام الذي تقوله هذه
السطور، هو ما يفكر به، ويعبر
عنه بوضوح وصراحة، سائر قادة
المعارضة السورية، بأطيافها
كلها دون استثناء.. وهو مطروح
عليهم جميعاً، لينفيه منهم من
شاء، وليشكّك به منهم من أراد..!
3- السلطة لن
تبقى في أيدي الزمرة الحاكمة،
سواء أكانت تمثل أقلية عائلية
مغلقة من أبناء الطائفة، أم
تمثل أكثرية هذه الطائفة.فلا
بدّ من سقوط هذا الحكم الفاسد،
الذي لم يعد لدى أبناء سورية
قدرة على تحمل تسلطه وطغيانه
وفساده..! فهو ساقط اليوم أوغداً
بمشيئة الله.. إن لم يكن بأيدي
أبناء سورية الشركاء في الوطن
والمصير والتاريخ .. فبأيدي قوى
أجنبية، تتربص بسورية الدوائر،
وتتّخذ من جرائم الزمرة الحاكمة
ـ لاسيّما على المستوى الخارجي
ـ ذرائع لاجتياح سورية كلها،
وإذلال شعبها كله، دون استثناء،
ودون تمييز بين طائفة وطائفة،
وبين حزب وحزب، وبين ملّة وملّة..!
لقد صبرت سورية طويلاً على حكم
السلاح، لأنها ترفض الاحتكام
إلى السلاح في الصراعات الوطنية
الداخلية..! لكن الصبر على حكم
السلاح، قد نفد لدى أبناء
سورية، كما نفد صبرهم على فساد
الطغمة الحاكمة، وتسلطها
واستبدادها..!
ونفد كذلك صبر المجتمع الدولي ـ
قريبِه وبعيده.. عربيّه
وأجنبيّه ـ على جرائم الزمرة
الحاكمة الفاسدة، التي ترتكبها
باسم سورية وشعب سورية، في
الساحة العربية والدولية.. في
لبنان وغير لبنان.ولابدّ من
التغيير، بعد أن يئس الناس من
إمكانية الإصلاح..!
لابدّ
من التغيير.. لابدّ من إسقاط هذا
الحكم الفاسد المفسد . وقد بدأت
عجلة التغيير تدور.. لا يغفل
عنها إلا أعمى بصرٍ أو بصيرة..!
وتبقى
مجموعة صغيرة من الأسئلة،
مطروحة على العقلاء من أبناء
الطائفة، ليجيب عليها كلّ بما
يشاء، باسمه أو باسم الطائفة ..
ليجيب عليها بينه وبين نفسه
أولاً، ثم ليجيب عليها أمام
الآخرين :
• هل
من مصلحة الطائفة ـ ساستِها،
وعسكرِها، ومثـقـفيها، وزعماء
عشائرها وأسَرها.. المشاركة في
تغيير هذه السلطة الفاسدة،
والعودة بالبلاد إلى الحياة
الديموقراطية، التي كانت عليها
في خمسينات القرن الماضي..أم أن
مِن مصلحتها (أي الطائفة)
التشبّث بالحكم الحالي
ـ أو السكوت عليه ـ مهما
كانت النتائج، وبرغم كل ما يهبّ
على سورية، من عواصف تهدّد
بتدميرها، وطناً ودولةً
وإنساناً..!؟
• هل
يعتقد عقلاء الطائفة، أن ثمة
قوّة داخلية أو خارجية، يمكن أن
تحمي النظام الفاسد من السقوط ،
إذا تحرك الشعب المقهور المشحون
الغاضب، في المدن السورية..أو
إذا تحركت قوى دولية ضخمة ـ
بقرار من مجلس الأمن الدولي، أو
بلا قرارـ لمعاقبة هذا النظام
المجرم على جرائمه الدولية
وإسقاطه، كيلا يظل يعيث فسادا
في الأرض ، يفجّر ويغتال في
لبنان وغيره.. ولاسيّما أن جريمة
قتل الحريري ثابتة عليه ثبوتا
لا يقبل النفي أو الشكّ ، بدءاً
بصاحب القرار الأول فيه ،
وانتهاء بأصغر منفّذ من مرتكبي
الجريمة البشعة الحمقاء..!؟
وبمعنى أوضح: هل يعتقد عقلاء
الطائفة أن ثمة قوة إقليمية أو
دولية ـ سواء أكانت قوّة دولة
حليفة ، أم قوّة ميليشيا لحزب
حليف ـ قادرة على حماية هذا
الحكم الفاسد من غضبة الشعب ، أو
حتى مستعدّة للتدخل ضد الشعب ،
لمصلحة السلطة التي تقهره
وتقمعه..!؟
أو
قادرة ـ أو حتى مستعدّة ـ للدخول
في مواجهة قوة دولية ، مدعومة
بقرار صادر عن مجلس الأمن
الدولي..!؟
* هل يرى عقلاء الطائفة، أن من
مصلحة الطائفة ربط مصيرها بمصير
نظام فاسد مجرم ، ظهر فساده
وإجرامه للقاصي والداني ،
داخلياً وخارجياً ،عربياً
ودولياً.. مجرم بحق شعبه ـ ومنه
الكثير من أبناء الطائفة ـ
ومجرم بحق جيرانه في لبنان
وغيره.. منبوذٍ داخلياً
وخارجياً ، مهدّد داخلياً
وخارجياً..!؟
* هذه
حزمة من الأسئلة ، نطرحها على
عقلاء الطائفة العلويّة
،لالمجرد الثرثرة الإعلامية
التي تهدر الوقت والجهد ، ولا
لتسجيل المواقف المجّانية، ولا
لرجاء أو تهديد.. فنحن وإيّاهم
في غنى عن هذا كله! فالظرف
العصيب الذي تمرّ به بلادنا،
وتلاحق الأحداث وخطورتها،
وجديّة التهديدات الخارجية
لبلادنا..كل ذلك كفيل بأن يصرفنا
عن هذا العبث، حتى لو أردناه ،
أو كنّا من هواته..!
كلاّ..
لقد طرحنا هذه الأسئلة على
عقلاء الطائفة، ليتفكروا فيها
جيداً ،ويحسبوا مواقفهم جيداً ،
على ضوء مايعرفه ساسة الدنيا
المتمرسون العقلاء، من أساليب
حساب القرارات السياسية ، وما
في ذلك من إدراك واعٍ ( للفرص..
والتحديات ) ـ الحقيقية لا
المتوهّمة ـ وما في ذلك أيضاً،
من حساب صحيح عميق ، للقوى
والمصالح المتشابكة على الأرض ،
ضمن خريطة صراع مفتوحة على سائر
الاحتمالات ، وعلى سائر القوى
المحلية والإقليمية والدولية..!
ونرجو
ألاّ يتمثّـل حليم منكم ، ذاتَ
يوم ، بعد فوات الأوان ، بقول
دريد بن الصمّة عن قومه:
أمَرتُهمُ أمريْ بمنعرَجِ اللِوى
فلمْ يَستبينوا
الرشْدَ إلاّ ضُحَى الغَدِ
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|