ـ

ـ

ـ

الثلاثاء 21/02/2006

وراثة الظلم

كتابة القانوني : شادي جبارين / فلسطين المحتلة

ظلم توارثه ظلم وكلام لحقه كلام وإهانة تتبعها إهانة ......ذكريات لا نعرف ماذا نصفها على حاجز عسكري لقوات الاحتلال ...... لست أدري أأقول شيئا أم هو قدر مكتوب لا سمح الله أن أعترض . كتب علينا أن نكون حبيسي أنفسنا ...... هذا إن خرجنا من سجون الظلم التابعة للمحتل ......أخرج من بيتي لأصل إلى مقر عملي والحمد لله فقد سمح لنا الحاكم العسكري اليوم بالخروج من منازلنا .... وصلنا إلى الحاجز الموجود على مدخل المدينة وإذا به مجمع تجاري ..... اليوم ضابط الحاجز أمر بإغلاق البوابة الخاصة بالمدينة وكأننا في القرون الأولى حول كل مدينة سور وله أبواب كأبواب القلاع القديمة .

ماذا سنفعل ..... لست أدري .

وقفت أتأمل مجموعات المتواجدين كل يغني على ليلاه ...... ولكن الطير المذبوح يرقص من الألم وليس لطيب ورغد العيش ويجب عليه التكيف على ما هو حوله ..... .

أكثر ما راعني هو أنني رأيت العجب العجاب....مدينة مغلقة وجلاد يحاول تعليم الناس النظام....أكثر الناس لا نظاماً ، يقفون أمام شعب الأصالة والعراقة ليعلموهم النظام !!...

"قف بالدور يابن ..... , ارجع يا ......" عبيد بين أيديهم كما يظنون .

وكل شخص يخضع للتفتيش يقال له ارجع , منهم من رجع لعمره  الصغير ومنهم من رجع لشخصه الذي لم يعجب الجندي ومنهم من رجع لأنه كان سجينا وهناك من تم حجزه لأن رقم بطاقته الشخصية شبيه برقم بطاقة أحد المقاومين .....

ظلم توارثته الأجيال وأجيال وقع عليها الظلم بالوراثة..... أنظر إلى الناس شبان كزهر الفل يضحكون وهم يهانون .... ما راعني أنني سمعت صوتا يقول "أنني سوف أرجع وأن فلانا سيقوم بأعمالي مكاني " نظرت إليه وإذا به موظف يحاول أخذ الإذن من مديره بالعمل عبر الهاتف الخلوي وآخر يتحدث مع زميل له ليقوم ببعض المهام عنه ...... تاجر يتحدث مع آخر حول بيع صفقة تجارية ......نظرت حولي فإذا بمستثمر صغير  يتصل بإحدى شركات الأوراق المالية لشراء بعض الأسهم في سوق المال وبيع بعض مما يملك .

أكثر ما في الأمر عجباً أن عجوزا كبيرة في العمر سألت إحدى الفتيات ابنة من أنتِ وأين بيتك ؟ ... ما رأيته أن الفتاة جميلة وصغيرة وما رأيته وسمعته أن أسئلة العجوز تتمحور حول خطبة وكأنها تريد أن تعرف ما إذا كتنت الفتاة مخطوبة أو غير ذلك .

من يقول إنه ليس للاحتلال فائدة !؟ ....من يقول إنه ليس للحواجز فائدة ؟!...قيادة المحتل جعلتنا نجتمع في غير الأعياد والمناسبات وأجبرتنا وهي كما تقول أنها تريد راحتنا أن نحاول تسيير أمورنا والقيام بمهامنا ونحن في بيوتنا .

هم لا يريدون لنا أن نخرج من بيوتنا ولو كانوا ضد الحرية لجعلوا على كل باب من أبوابنا دورية لهم ..... حتى في هذه هم جاؤوا لحمايتنا من قبل الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء !!.... هم يسمحون لنا أن نتنقل  داخل قريتنا ويسمحون للمريض أن يخرج من منزله بسيارة إسعاف ....... ويحاولون التأكد من شخصيات الفتيات اللواتي يلبسن الخمار على الحواجز خوفا من تسلل الإرهابيين لقتل الأبرياء ....

هم يسمحون لنا بالوصول إلى الحاجز وهذا جيد لا بل أكثر من ذلك فهم يسمحون لك بالاتصال للقيام بأعمالك في أي محافظة كانت ... فلماذا تلوموهم ....  تركوا منازلهم وجاءوا من أجلنا .... كتبوها على حواجزهم " نعمل من أجلكم" . لكننا لم نفهمها حتى اليوم .

شكرا لكل من ساهم في مجيئكم ... شكرا لكل من تآمر علينا حتى تصل حضارتكم إلينا ..... لكم منا اعتذار على ما فعلناه  بكم ....اقتلوا أبناءنا صدقوني هذا من حقلكم ...... صدقوني أنتم جئتم من أجلنا ولحمايتنا ونحن إرهابيون لا يتوجب علينا حماية أنفسنا فالصورة تؤخذ من جانبنا ولذا لن يشاهد العالم الجلاد بل نظهر نحن .

ولن يظهر غيرنا حتى يقتنع العالم بصورتنا مهما كانت الأسباب الموجبة لالتقاط الصورة التي تنشر عبر كل وسائل النشر المسموعة والمرئية .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ