دموع
مواطن فقير!
فائق
اليوسف
رصيده الوحيد ، وما يملكه هو
" المبدأ " الذي يبدو لأول
وهلة وكأنه" حاجز"ً يعترض
طريقه،ويعوق من تحقيق طموحه ،
لأن اليد النزيهة لابد وألاتكون
في الأعلى ، وتغفل حتى معرفة
الحقيقة،لا مطالبتها أيضاً....!
والأخلاق التي يتحلى بها هذا
الشخص ، في مثل هذه الحالة
،تمنعه من استخدام الطرق
الملتوية ، أو اللجوء إلى
عقاقير «الفيتامين واو»أو ما
يسمى بال"واسطات" لتسيير
بعض الأمور، بحسب سنة المرحلة ،
وأعرافها ،والتي باتت فيها هذه الواسطات
أمراً ضرورياً، يجب توافره مع
أي معامله تسيّر من قبل الدوائر
الحكومية ، إن لجأ لذلك
مضطرّاً،وهنا مدعاة الدمعة
الأولى....!.
إنَ أية معاملة قانونية
لهذا المواطن- في ما لو أنجزت -
تترافق و الشعور بالتمنن عليه،
من قبل أصحاب القرار ،وكأن عليه
إقصاء ضميره،أو دفنه حياً،لقاء
إنجاز أية معاملة له ، سواء
أكانت بخصوص تسجيل مولود صغير،
أوأية معاملة هي من أشد
الضروريات ....!
ولعل صاحبنا المسكين ، هنا ،
لو سعى جاهداً ذات مرة- ولو إلى
تنويه بسيط –يشرح خلاله حقيقة
ينجد عن طريقها بلده ، مقدما ً
رؤيا صائبة حول قضية تهمّ سائر
أبناء بلده ،يدخل في ضيافة
السجان،ينال جزاء صدقه ،متهمين
إياه بالخطر على الوطن،لأنه في
حقيقة الأمر خطر على كل من
يستلموا مناصب، ليست تليق بهم،
لأن المناصب المناسبةلا تليق في
جوهرها إلا بمن هو نزيه ، «وهذا
ما لم يتحقق قط كما هو مطلوب مع
استثناءات طفيفة غير ذات شأن »،
لأن المعروف إن نهاية أي مدير
مسؤول نزيه عاجلة، ومحتومه،ولو
كان ذلك بتقرير من المستخدم
الذي يخدم تلك الدائرة أو حتّى
مكتبة ،كذلك حتّى الموظف العادي.لدرجة
أنه تكاد تكون هذه الدمعه
الثانية .
رغم الحاجة الملحة التي
يعانيها،فهو يرفض اتباع أي سبيل
خاطىء، ولعلّ مثل هذا
التعاون مع
سادة الاتجاه الخاطىء،في كل
مكان ، قد
يجعله يجني أرباحاً كثيرة،
و يتبوأ مواقع مهمة، عند
الموافقة على هذه
الإغراءات،والارتماء في فخها
المنصوب....
لكن
لمجرّد أنه أدرك حقيقة،بأنّه مع
قلة من الوطنيين الغيارى ،ممن
هم الرّصيد الوطني الحقيقي ،وإن
الوطن لن يكون إلا لهم«أعني
هؤلاء الشرفاء»إن عاجلا ً أو
آجلا ً ،.لذا فقد
قرر العيش طوال عمره تحت رحمة
الفقر،ضارباً بذلك- فرص العيش
لمستقبله ومستقبل أسرته -عرض
الحائط....!
منقذاً أبناءه ، وأحفاده من
تهمة الخيانة للأسرة،وإنه لم
يجلب لهم سوى المآسي
والآهات،وبأن مسألة المبدأ لم
تعد تجني نفعاً قد يضطرهم معها
إلى الهروب من واقع الحياة الذي
يحيونه،أو يضطر عميد أسرتهم
«الوالد» إلى الرضوخ بالتنازل
لبعض هذه المبادئ!، وهذا ما حصل
للكثير من الأسر.وقد تكون
نهايتها في انفصال الوالدين
وتشرد الأطفال،والنتيجة إن
معدل البطالة يزداد،و نسبة حملة
الشهادات تنخقض، يا للمفارقة....!.
هل يجهلون هذه الحالات،
بأنها واقعية، وأن أرقامهم لا
أساس لها من الحقيقة،لأنها غير
قائمة على أسس إحصائية سليمة،إن
لم أقل في ظل عدم وجود إحصاء
مناسب ، أصلاً.......!
قد تكون هذه الفكرة خيالية،
لكن لا خيال مع السياسة، وخاصة
الواقع مليء بهذه الأمثلة. وهذه
ثالث دمعه تنتابه.
التطاول على بعض الشخصيات
الوطنية الحقيقية قد يأخذ لديه
مجرى البساطة، لأنّ ذلك لايؤدي
بالنهاية إلى خسارة، في تجارته،
أو مواد التهريب التي يعمل في
مجالها،أو بعض المكافآت التي
ستمنح له،أوفصله من عمله،أو
التضييق عليه ،لأنه أساساً
لايملك ما يؤهله لكل ذلك ، بحسب
شريعة المرحلة ،ولايقدر على
التفكير ولو البسيط في الاتجاه
الخاطىء «المنسقة أصلاً مع بعض
الجهات التي ترعى آلة الخطأ» ،
أولأن المكافآت سلفاً موزعة،
كذلك لأنه سيلاقي الآهات حتى
تتمّ الموافقه على قبوله كموظف
في مجالات لا تخطر على البال،
وبعيداً كل البعد عن الشهادة
التي يملكها، وستكون في النهاية
هذه الوظيفة علقم عليه،بما
ترافقه من تقارير« ».
لكن سيكون مصيره حتماً ـ
حتفه ـ ،أو تخفف للسجن. كما لا
يستبعد أن تكون نهاية هذا
المسؤول نفسه هي خيانة من هو
حوله فيضطر هؤلاء «القائمين على
سجن ذلك الشخص نفسه والذين
كانوا يمدحونه في الأمس»،إلى
اتهامه بالخيانة.
فتكون هذه رابع دمعه يقطرها
بآهات، لأنه جرد من وطنه من قبل
من يحتكر الرأي.كذلك من قبل
أعداء هذا الوطن .
كما إنّ التشهير هي إحدى
الوسائل التي تتسم بها معظم
السلطات السياسية في العالم،
بما فيها الصهيونية.لأن هذه
الأفكار والمخططات هي مستورده
صهيونياً بامتياز . وللتشهير
علم قائم بذاته نظراً لأنه يتم
توظيفه في مواقف عدة .
ولا تطال هذه الحملات
التشويهية إلا من لا يتوافق
مزاجه ومبادئه مع بعض
السلطات،لذا يكون هذا المواطن
هو أحد أولئك الضحايا.
وهذا ما تحظى بدموع كثيرة
يصعب على المرء احصائها، لأن كد
الأيام والأشهر والسنين، وهدم
أسرة كاملة، يتم في النهاية
التلاعب بحقيقتها ببضع مواقف
بسيطة، وحتى محاولات.
دموع ودموع،يحظى بها
الوطنيين.
هل الهروب هو ملجأه.
مطلقاً«لا».لا ولن يفكر بهذا
أبداً، لأنه لم يفكر في هذه
الخيانة أبداً ودائماً ركز إن
الوطن يعشش فيه،ولابد من أن
يفتدي بنفسه لهذا الوطن.
أم إذا أختار مضطراً لحماية
اسرته وذاته في نهاية
الأمر،لأنه لقي الأمرين،
وتنازل عن المبادئ، بأنه في
المستقبل سيحمي الوطن«لا،وهذه
المرة بدموع كل الوطنيين». لأن
من باع نفسه مرة سيبيعها دائماً
كذلك من سُلِبت منه كرامته،
ودفع الثمن غالياً، لن يحمي
حكومته بأي شكل، لأنها ليست فقط
لم تحمه، بل وأذلته شديد
الإذلال، لكن إذا أضطر الأمر،
وتعرض الأمر لعدوان خارجي فكل
الوطنيين يرفضون، بحيث يتوفر
لهم منفذ في الداخل في تحرر
الشرفاء، لاتحرير النساء،
لأننا في مجتمع إذا لم يكن الرجل
فيه يتمتع بحرية، كيف يعقل أن
يطلق شعارات رنانه كاذبه تحوله
دون التفكير بحرية التفكير،لأن
حرية المرأة هي جزء بسيط من حرية
التفكير، وليس بخروج المرأة
للشارع تعتبر حرية.
أسئلة كثيرة تراود بال كل من
يعيش تحت راية أي حكومة ترفض
التنازل ولو لمجرد التفكير بما
يخطط لخدمة هذا الوطن،استرداد
كرامته. بأن لايتحولوا إلى وحوش
كاسرة تعيق مسائل الديمقراطية
غداً.
فألف تحية إلى هذا الوطني
الفقير، وإلى أي وطني يمكن أن
يخدم أمته في أي مكان بالعالم .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|