ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||
سورية
وتحولات الفرص من
الهلوكوست[*]
إلى
التسامح! عبدالله
زنجير رفض القضاء العسكري، المنشغل هذه
الأيام بمحاكمة المحامي الوطني
الكبير هيثم المالح، طلبه
باستدعاء الشاهد الدموي اللواء
سليمان الخطيب ـ رئيس محكمة سجن
تدمر ـ لإلقاء نقطة ضوء على بعض
ما حدث أواخر القرن العشرين،
خلف أسوار ذلك السجن الرهيب،
الذي ضجت بسمعته منظمات حقوق
الإنسان العالمية، ومؤسسات
الضمير الحي المتبقية في هذا
الكون. ومحور موضوع التهمة، ما حكاه
العماد المثقف مصطفى طلاس
لمطبوعة دير شبيغل الألمانية،
عن توقيعه على إعدام (150) شخصاً،
ثلاث مرات في الأسبوع الواحد،
طوال سنوات!! إن ما تسرب حتى الآن من خفايا
تدمر، يزلزل توازن البشر.
وامتناع سليمان الخطيب عن
الإدلاء بشهادته الحقيقية،
مثلما فعل طلاس مشفوعاً بشهوة
الظهور، يضفي المزيد من الغموض
على ذلك (الهلوكوست) الوحشي، في
تلك الصحراء الحزينة. وحديث
الأسى في سورية لا يكاد ينتهي،
فمدينة مثل (حماة) فقدت عشرات
الآلاف من أبنائها، في مواجهات
الثمانينات. وفي حلب 17/2/1980
افتقدت أسرتنا الصغيرة أخي
الشهيد فخرالدين (18 سنة) دون أية
معلومة عن أسباب ملاحقته أو
قتله أو مصير جثمانه أو اعتقال
أصدقائه. وللأسف هذا جزء من
التاريخ الحديث، مايزال
مفتوحاً على مصراعيه، لم يسع
بإغلاقه أحد. ونتابع دائماً
مناشدات الأحرار السوريين
لامبراطورية السلطة بإعلان تلك
الأسرار الدامية، والكف عن
تجاهل أصوات الألم والانتظار،
لأنها بذلك تؤسس وتكرس لثقافة
الفتنة والانتقام ونبش المقابر. ولأن التحولات في الفرص السياسية
باتت تفرض وزنها، ولأننا لا
نريد لتلك الأيام السود أن تسود
أو تعود، فإن البديل
الاستراتيجي الحضاري الوحيد لن
يكون بغير إقامة جمهورية الحرية
والعدالة والمؤسسات. وحتى لا
نحرث في البحر علينا مهمة
استعادة الشروط الموضوعية
لإنجاز هذا الهدف الجماعي
العتيد: دولة العصر والقانون.
ويأتي في طليعة هذه الشروط
الانفتاح على المستجدات
والتحلل من أوزار الذكريات
الصعبة، واستبدال ظلمات الماضي
وجحيمه بأنوار الأمل
والأمنيات، وتوسيع الصدر لكل
الناس، والعمل معاً من أجل
مستقبل سورية الجديدة. إن النظام لا يستطيع ولعله لا
يريد تحقيق المصالح والإصلاح،
بينما المعارضة بأطيافها
وأطرافها والعقلاء من مرتكزات
الموالاة، هم الأقدر على إدارة
التغيير وإرادة التسامح. والذي
ننتظره من قوى إعلان دمشق، أن
تكون أدبياتها منذ اللحظة، على
مستوى القيم العظمى لرسالة
سورية، صفحاً وتسامحاً ورحابة
وغفراناً. وأن تتحلى بالتحمل
والصبر الجميل، وأن تتسامى عن
مس كل أحد دخل دارة إعلان دمشق
أو أغلق عليه داره، فالوطنية
ليست احتكارنا والوطن ليس
أنانية. لقد فشل نظام الإرث الهلوكوستي
بالتأسيس لحالة الوئام الوطني،
وعلى القوى البديلة أن لا تفشل
في ذلك، فالتسامح شيمة الكبار
وديمومة الشعوب. وسامح الله الجميع. المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها [*]
الهلوكوست
استعارة لغوية لمصطلح شائع.
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |