هل
المنحة الأميركية للمعارضة
السورية
دعماً
أم تشويهاً لها؟
قصي
غريب*
على الرغم من مرور
أكثر من أربعة عقود على إستمرار
السياسة الأمنية المفرطة
بالقهر و القمع و الإعتقال و
القتل و النفي و التجويع و العوز
من قبل النظام الشمولي
الإستبدادي ضد شعبنا السوري,
إلا إن المعارضة السورية
الوطنية بتياراتها الفكرية
العربية و الإسلامية و
الماركسية و الليبرالية,
إستطاعت في ظل هذه الظروف أن
تبقى على قيد الحياة تقاوم و
تصارع نظام الإستبداد, و كان
وراء صمودها الإيمان بإرادة
الشعب السوري و حقه في الحرية و
الحياة الكريمة.
و نتيجة التضحيات
التي قدمتها المعارضة السورية
الوطنية في مواجهة الإستبداد من
أجل التغيير و الحرية, فأنها
إستطاعت أن تنال ثقة و إحترام
المواطن السوري المقهور, فأصبح
ينظر إليها في ظل إنعدام الحياة
السياسية في المجتمع السوري
كمنقذ و مخلص له, فإستمدت
شرعيتها منه و باتت على الرغم من
ضعفها تمثل نبضه و ضميره.
إن هذه الثقة و
الإحترام من قبل الشعب السوري
للمعارضة السورية الوطنية كانت
رافعة و دافعة و محركة لها لتعمل
بخطوات جادة و حثيثة من أجل
التغيير و إقامة النظام
الديمقراطي الوطني, و كانت
الخطوة الواعية و الجريئة من
بعض فصائل المعارضة السورية و
المكملة إتجاه هذا الهدف الأسمى
((إعلان دمشق للتغيير الوطني
الديمقراطي)), على الرغم من
الخلاف حول الكثير من فقراته,
إلا أن أغلبية أطراف المعارضة
أيدت الإعلان من حيث المبدأ
القائم على قيام نظام ديمقراطي
في سورية.
و في هذا الوقت و
عندما بدأ ساعد المعارضة
السورية الوطنية التي ترفض
الإستنجاد و الإستقواء و الدعم
من الأجنبي يشتد لتحقيق التغيير
الديمقراطي إعتماداً على
إمكانياتها الوطنية الذاتية,
أصدرت وزارة الخارجية
الأميركية في 17/شباط 2006, بياناً
أعلنت فيه إنه في إطار دعم
الحرية و الديمقراطية في سورية
ستقدم 5 مليون دولار, كمنح
لتسريع عمل الإصلاحيين في سورية.
إننا نرى في هذا
الدعم المالي المقدم من قبل
وزارة الخارجية الأميركية الى
المعارضة السورية يندرج في إطار
خدمة النظام الإستبدادي و تلميع
صورته وطنياً و عربياً و
إسلامياً, على إنه نظام غير
مرغوب فيه من قبل الولايات
المتحدة الأميركية, و في الوقت
نفسه اساءة و تشويه لموقف و صورة
المعارضة السورية الوطنية التي
ترفض الإستقواء و الإستنجاد و
الدعم من الأجنبي, و إفقادها ثقة
و إحترام المواطن السوري التي
تستمد شرعية معارضتها للنظام
الإستبدادي منه.
لذلك من موقعنا
المعارض للنظام الشمولي
الإستبدادي و إيماناً
بالإعتماد على قدراتنا الوطنية
الذاتية, فإننا نرفض المنحة
الأميركية, لإنها تعني لنا
التبعية و الإرتهان الى الأجنبي,
و هذا يتناقض مع ثوابتنا
الوطنية السورية و العربية
الإسلامية. و في الوقت الذي نرفض
فيه الدعم المالي الأميركي
نطالب المعارضة السورية
الوطنية رفض هذا الدعم,
إنطلاقاً من ثوابتنا الآنفة
الذكر لتبقى المعارضة السورية
الوطنية متميزة عن العناصر
المشبوهة و النظام الإستبدادي
الفئوي الذي يستجدي المعونات و
المساعدات من إطراف إقليمية و
دولية.
و على الإدارة
الأميركية رفع الغطاء عن النظام
الاستبدادي الفاسد الذي نرى
انها وراء دعمه و إستمراره في
قهر و قمع الشعب السوري.
و على المعارضة
السورية الوطنية المؤمنة
بقدراتها الذاتية الإستمرار في
تقدمها من أجل التغيير و إقامة
النظام الديمقراطي الوطني الذي
تسوده العدالة و المساواة, و
تكون فيه سورية جزء من الوطن
العربي و شعبها جزء من الشعب
العربي مع إنفتاح و تفاعل و
إنطلاق على أفكار و متطلبات
العصر و الحضارة الإنسانية.
*باحث
عربي سوري
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|