أهل
السنة في إيران
بين
تحديات الواقع وأفاق المستقبل
إبراهيم
الاهوازي
Karoon2005@yahoo.com
تحتل إيران موقعا مهما في
الخريطة السياسية
والاستراتيجية إقليميا وعالميا,فهذا
البلد المتسع المترامي الأطراف
والغني بموارده كان مركزا
لحضارة وإمبراطورية عظيمة،
فإيران تقع في القلب للقارة
الآسيوية, يحدها من الشمال دول
الاتحاد السوفيتي (سابقا) ومن
الشرق أفغانستان وباكستان ومن
الغرب العراق وتركيا, ومن
الجنوب خليج عمان والخليج
العربي, وتبلغ مساحتها 1،648
مليون كم منها 1،636ميليون كم
يابسة و12000كم مياه , ويبلغ طول
حدودها البرية
5440 كم
, كما يبلغ طول شريطها الساحلي
قرابة 2440كم على طول الخليج
العربي وخليج عمان وقرابة
740 كم
بحر
الخزر.
وقلب إيران الجغرافي هو الهضبة
الإيرانية التي ترتفع عن سطح
البحر ارتفاعات تتراوح بين 1000و1500
متر يحيط بها مجموعة جبال شاهقة
أهمها مجموعة جبال زاجروس التي
تتمدد مكونة مجموعة من الوديان
والسهول, وداخل هذه الهضبة وجد
العنصر الفارسي الذي ظل طوال
التاريخ يمثل المجموع الأساسي
من سكان فارس ومنه الاسم القديم
لإيران وذلك على الرغم من وجود
قوميات متميزة عبر التاريخ في
الهضبة كالأذربيجانيين
والأتراك والأكراد والعرب
وأقلية صغيرة من الهنود، (العرب
ليس من سكان إيران وإنما احتل
إقليم عر بستان وانظمت سياسيا
إلي إيران).
وقد بلغ عدد سكان إيران 70،3 مليون
نسمة في يونيو 2000, ويتوزع السكان
بين عدة جماعات عرقية أهما (وفقا
لبيان رسمي صادر عن وكالة
الأنباء الإيرانية): الفارسي 51% ,
والاذري 24%, والجيلكي
والمازندراني 8%, العربي3%,
والكردي 7% , واللور2%, والبلوش 2%,
والترك2% , وعناصر اخرى1%, كما
تتنوع الأديان والمذاهب وتتوزع
بين : الشيعة80% السنة10% ,
والطوائف اليهودية والنصرانية
والبهائية والزرادشتية 10%.
والمسلمون السنة في إيران حسب
الإحصاءات شبه الرسمية تتراوح
بين 14 إلى 19 مليون
مسلم يشكلون نسبة تتراوح
بين 15 و20% من الشعب الإيراني,وهم
مقسمون إلى 3 عرقيات رئيسية هي
الأكراد والبلوش والتركمان,
وقليل من العرب في إقليم عر
بستان (الأهواز) المحتل, ويسكنون
بالقرب من خطوط الحدود التي
تفصل إيران عن الدول المجاورة
ذات الأغلبية السنية مثل
باكستان وأفغانستان , والعراق
وتركمنستان, أما المسلمون السنة
من العرق الفارسي فوجودهم نادر.
لقد كانت إيران دولة سنية حتى
القرن العاشر الهجري. وفي
الفترة التي كانت فيها على
عقيدة أهل السنة والجماعة قدمت
إيران , بسبب ظروفها الاجتماعية
والتاريخية والثقافية وقربها
لمهبط الوحي, المئات من الفقهاء
والمحدثين والمؤرخين والمفسرين
والعلماء في كل فن وعلم,كلهم
إيرانيون إلى أن شيعت فأصبحت
بؤرة اصطدام ومركزا للصراع ضد
أهل السنة , لان الدولة الشيعية-الصفويه-
كانت تتعاون مع قوى الاستعمار
لوقف المد السني الإسلامي, كما
بنيت تلك الدولة على ألاف
الضحايا من العلماء السنة
وفقهائهم وقضاتهم في إيران,وكان
ذلك سببا في إخلاء المدن الكبرى
التي كانت مراكز للعلم والفقه
وألسنه في العالم , كتبريز
وأصفهان والري وطوس(التي بنيت
بقربها مدينة مشهد)وغيرها
الكثير,وكان ذلك سببا لإخلائها
من أهل السنة الذين قتلوا أو
استشهدوا أو تشيعوا جبرا أو
انسحبوا إلى المناطق الجبلية
التي يصعب الوصول إليها,
فأصبحوا يقطنون المناطق
الحدودية الجبلية كبلوشستان
وكردستان والمناطق الحدودية
الأخرى( فيسكن الأكراد في غرب
إيران على الحدود العراقية
والتركية , ويسكن التركمان في
شمالي إيران على حدود
التركمانية, كما إن العرب
يسكنون في حاشية الخليج العربي.
أما عرب الأهواز أو عر بستان وهم
من أصول قبائل عربية أصيلة تمتد
هذه القبائل إلى نجد والحجاز
واليمن والعراق وشيعت أغلبية
هذه القبائل بسبب مجاورتهم لعرب
جنوب العراق الذين هم من الشيعة,
ويسكن البلوش في الجنوب الشرقي
لإيران على الحدود الباكستانية
والأفغانية), ليصبحوا بعد ذلك
على هامش الحياة السياسية
الإيرانية بسبب استمرار العداء
الطائفي والقومي لهم.
ونظرا لان أهل السنة في إيران من
الشعوب غير فارسية, فقد عاشوا في
ظل النظام الملكي السابق أوضاعا
سيئة, فكانوا مواطنين من الدرجة
الثانية, أولا بسبب بعدهم عن
المدن الكبرى والعاصمة, ثم بسبب
اعتقادهم المخالف للفرس الشيعة,
رغم إن الشاه كان يرفع لواء
المجوس والقومية الفارسية, وبما
إن الأكراد والبلوش والعرب
وغيرهم من السنة لم يكن لهم
إسهام في القومية الفارسية
الوثنية, فلم يكونوا ينالون
حظهم من القسط الاجتماعي
والإداري والوظيفي والمساواة
مع الفرس.
ولمواجهة هذه الأوضاع قام الشيخ
احمد مفتي زادة(الزعيم الروحي
لأهل السنة في إيران)-هو ومولاي
عبد العزيز البلوشي-بتأسيس مجلس
لشورى أهل السنة سمي اختصارا
بالشمس تخفيفا لمجلس الشورى
المركزي للسنة,وكانت الدولة
ضعيفة آنذاك وكانت مشغولة
بحربها مع أعدائها المنشقين
والمعارضين, واجتمع أول مجلس
سنوي لشورى السنة في طهران, وعقد
الثاني في بلوشستان.
والأقلية السنية في إيران, ليست
أقلية دينية تعيش في مجتمع
مغاير لها في عقيدتها , ولكنها
أقلية مذهبية, تعتنق مذهبا
إسلاميا مخالفا للمذهب الفقهي
الذي تتبناه الدولة, وبالرغم من
كونهم يمثلون اكبر أقلية مذهبية
في البلاد, إلا إن مستوى تمثيلهم
في البرلمان والتشكيل الوزاري
لا يتناسب مع نسبتهم العددية.
أسباب ألازمة:
المشاكل والقيود التي يتعرض لها
أهل السنة في إيران شديدة
التداخل, ومرجعها ليس المذهبية
وحدها وان كانت اكبر العوامل,
فجزء منها يعود لأسباب عرقية في
دولة متعددة العرقيات مثل إيران,
فجميع المسلمين السنة في إيران
ليسوا من أصول فارسية فهم أما
أكراد أو بلوش أو عرب أوترك, أو
لأسباب جغرافية فمعظم أهل السنة
يقيمون على أطراف الدول التي
تصل بينهما وبين دول سنية هي على
خلاف مع إيران مثل العراق أو
أفغانستان أو باكستان, و زاد من
مشكلتهم البعد السياسي الذي
تمثل في عدم انخراطهم في الثورة
الإيرانية منذ بدايتها,واكتفائهم
بدور المراقب في الوقت الذي
شاركت فيه كل فئات الشعوب في
الثورة.
وكانت هذه الأسباب وغيرها مبررا
لإثارة الشك تجاههم, فهم في نظر
النظام الإيراني ليسوا مجرد
فصيل يختلف مذهبيا معه, ولكنهم
عرق مشكوك في انتمائه إلى جسد
الدولة الإيرانية, وكثيرا ما
يتهمون بالقيام بعمليات
التهريب أو الاتصال بالجهات
المعادية, وهي مبررات كافية
للنظام الإيراني للتنكيل بهم,وان
كان النظام أنكر مرارا انه يقوم
باضطهادهم أو تعذيبهم إلا انه
اضطر أخيرا وتحت ضغط الصحافة
الى الاعتراف بان عددا من رجال
النظام قاموا بإعمال عنف ضد
المسلمين السنة وغيرهم من
المعارضين, ولكن السلطات قالت
إن ذلك لم يصدر بأوامر من
القيادة أو من الولي الفقيه.
أهل السنة-تحديات الواقع:
وأمام هذا الاعتراف , تكشف العديد
من الحقائق, وتعد التقارير حول
العديد من مظاهر التحديات التي
يعاني منها أهل السنة في إيران,
ومن بين هذه المظاهر:
1ـ تقييد حرية بناء مساجد الخاصة
بهم: حيث لا يوجد مسجد سني في
المدن الكبرى التي يمثل الشيعة
فيها الأغلبية, مثل أصفهان
وشيراز ويزد , وكذلك في العاصمة
طهران التي يوجد فيها أكثر من
مليون سني, حيث تصطدم الأقلية
السنة في الحكومة بان المساجد
الشيعية مفتوحة أمامهم ويمكنهم
الصلاة فيها, ولا داع لبناء
مساجد خاصة بهم(يرد أهل السنة
على ذلك بان القول بان المساجد
موجودة, ولا يمنع مسلم , سني أو
شيعي من أن يصلى فيها , فهذا خلاف
الواقع, لأنه يمنع قطعا إقامة
صلاة الجماعة لأهل السنة في
مساجدهم وأما الفرادى فصحيح وان
كانوا ينظرون أليهم بازدراء
وتحقير, وهل يمكن للسنة إن يصلوا
في مساجدهم وهو يدعون إلى
عقيدتهم الصافية, فضلا عن إن
مساجد الشيعة مليئة بالمنكرات
مثل الصور المعلقة لمن يسمونهم
بالشهداء هذا عدا التدخين
العلني داخل مساجدهم والسباب
والشتائم لأصحاب الرسول, فلما
ينهون مساجد السنة؟ ولماذا
يقومون ببناء مساجد خاصة بهم في
العالم الإسلامي؟).
وكان الخميني قد وعد وهو في باريس
بتساوي حقوق السنة مع الشيعة
الذين كانوا بحاجة ماسة إلى
تأييد أهل السنة ضد الأحزاب
اليسارية وأنصار الشاه فاضطروا
إلى ممالأة السنة,( كما فعلوها
مع عرب الأهواز أو عر بستان بان
يعطونهم حقوقهم التي تخص عرب
الإقليم,ولكن الخميني غلب ظهر
المجن بعد ما تولى أمور إيران),وحاول
بعض علماء السنة من جميع مناطق
السنية الوقوف مع النظام الجديد
ضد الشيوعيين والحصول على
حقوقهم السياسية قدر المستطاع
عبر القنوات الحكومية التي كانت
تعدهم بكل شيء ولكن ما لبث
الأوضاع إن اضطربت في كردستان
وتركمان-وكذلك العرب في إقليم
عر بستان- قيل إنها – بمؤامرة من
النظام نفسه حيث اخرج اليساريون
من المدن المركزية إلى هذه
المدن الحدودية.
وكان الشيخ عبد العزيز البلوشي
النائب المنتخب في مجلس الخبراء
الذي عهد إليه صياغة الدستور
الإيراني بعد الثورة- والشيخ
مفتي زاده, قد طلبا من الخميني
أرضا لمسجد أهل السنة في طهران
فوافق تحت الضغط الداخلي
والخارجي(قامت به رابطة العالم
الإسلامي), وعرضت الحكومة عدة
أراضي مما كانت قد استولت عليها
من أنصار الشاه وصادروها,
فرفضها أهل السنة,فتم تخصيص
عشرة ألاف متر مربع من الأراضي
الحكومية بجوار فندق استقلال
للمسجد, وعندما أراد أهل السنة
البناء قامت السلطات الحكومية
بمصادرة الأراضي,وحسابات
المسجد بحجة إن مفتي زاده وهابي
المذهب, وكان في وقته مؤتمر
الطائف منعقدا فربطوا مفتي زاده
به.
2-هدم المساجد والمدارس:مثل مدرسة
ومسجد الشيخ قادر بخش البلوشي
ومسجد كيلان في هشت بر وأخر في
كتارك جابها ر بلوشستان, ومسجد
في مشهد ومسجد الشيخ فيض في شارع
خسروي في محافظة خراسان, الذي
صار حديقة, ومسجد أهل السنة في
مدينة يزد, وفي عبادان مسجد
الإمام الشافعي وكذلك في
الأهواز حيث استولى عليه حرس
الثورة كما إن مسجد أبان في مشهد
صودرت الأرض المخصصة له وتم
استيلاء عليه بعد السماح ببناءه,
كما إن مسجد شيخ فيض الكبير في
مشهد والذي مضى عليه أكثر من
قرنين هدم عام 1994, ومسجد طوالش
ومدرستها الدينية لأهل السنة
سجن بانيها ومديرها, ثم استولوا
عليها, وأما مسجد نغور والمدرسة
الدينية فيها فقد تم هدمها أيضا
في بلوشستان عام 1987, ومسجد قباء
والمسجد الجامع الكبير في تربت
جام,الذي استولى عليه الحرس
الثوري لسنوات عديدة, ومسجد
الحسنين في شيراز اعدم خطيبه
وحولوه إلى محل لبيع الأفلام
لسنوات عديدة, هذا فضلا عن هدم
كثير من المساجد الصغيرة الأخرى,
حيث تعتبر الحكومة الإيرانية
تلك المساجد أما مساجد ضرار(
بنيت لغير أهداف العبادة الخاصة)
أو بنيت بغير إذن من الحكومة أو
إن أئمة تلك المساجد لهم ولاءات
مع جهات معادية.
3-الاعتقالات والاغتيالات: فحسب
العديد من الروايات والتقارير
فقد تعرض المسلمون السنة للعديد
من مظاهر الاضطهاد فمنذ الأيام
الأولى للثورة الإسلامية في
إيران,حيث انقلب الخميني على من
ساعده من علماء السنة في الثورة
وهو الشيخ احمد مفتي زاده,فكان
مصيره الاعتقال الذي استمر طيلة
عقدين من الزمان,(كما حدث أيضا
مع الرجل الدين العربي الاهوازي
الشيخ محمد طاهر الخاقاني الذي
واعده بان يعطي حقوق العرب ولكن
أدار ظهر المجن واعتقل وتوفي
تحت الإقامة الجبرية في قم),كما
تعرض كثير من علماء السنة
للاعتقال والتعذيب والقتل
والاغتيالات في الشوارع, كما
عانوا أيضا من التضييق في
ممارسة الشعائر وفي المدارس
وإقامة الصلوات, وما يتعرض له
علماء الدين السنة لمثله الطلاب
والشباب من المسلمين السنة في
المدارس, والجامعات, بل وإثناء
أدائهم للخدمة مثل أقرائهم من
الشيعة في الجيش الإيراني (ولا
يوجد لون من ألوان التعذيب أو
الإيذاء لم يتعرض له السنة في
إيران, فاغتيال علماء السنة
وتوقيفهم المتتالي والعشوائي
مستمر حتى هذه اللحظة وحتى بعد
مجئ خاتمي, وقد بدأت أمواج
الاضطهاد تترسب من المدن السنية
إلى القرى, وخاصة في منطقة
بلوشستان, جنوب شرق إيران ,
وكذلك الأمر للسنة من أصول
تركمانية في الشمال و, أيضا
العرب السنة والشيعة في إقليم
الأهواز أو عر بستان).
4- تلغيم أراضي أهل السنة : حيث
قامت الحكومة الإيرانية بتلغيم
مساحات كبيرة من الأراضي
البلوشيه المتاخمة لأفغانستان,
وتحديدا عند مرتفعات سلسلة جبال
بير سوران, ودره غلاب , وغابة غزو
, وأبار آب شورك , بحجة إنها
مناطق لتهريب المخدرات , واتخذت
الحكومة من ذلك فرصة لتشويه
سمعة المسلمين السنة وفرض
المزيد من القيود والتضييق
الاقتصادي عليهم فقد كانت هذه
الأراضي مناطق رعى للمسلمين من
البدو السنة, وأدى هذا التصرف
إلى تعرض عشرات منهم ومن
مواشيهم للموت بشكل منتظم نتيجة
انفجار الألغام.
5- التحدي السياسي: ويأخذ هذا
التحدي العديد من الأبعاد من
بينهما:
(ا) البعد التمثيلي: يتمثل في عدم
منح أهل السنة تمثيلا في
البرلمان يتناسب مع حجمهم
الحقيقي إذ لا يمثلهم في
البرلمان سوى 12 نائبا فقط من 14
إلى 19 مليون نسمة, في حين يمثل
الشيعة في البرلمان نائب عن 200الف
نسمة تقريبا, كما يتهم السنة في
إيران الحكومة بإنجاح العناصر
السنية الموالية لها وليست
المعبرة عن مطالبهم.
(ب)التناقض بين النصوص الدستورية
والواقع المعاش فعليا,
والممارسات التي تقوم بها
السلطات الحكومية ضد أهل السنة:
فقد نص الدستور على العديد من
الحقوق والحريات لمختلف
الأقليات, ومن ذلك:
-الاحترام وحرية أداء المراسم
والشعائر الخاصة, حيث نصت
ألماده (12) على أن, الدين الرسمي
لإيران هو الإسلام والمذهب
الجعفري الاثنى عشري, وهذه
المادة تبقى إلى الأبد غير
قابلة للتغيير,وأما المذاهب
الإسلامية الأخرى والتي تضم
المذهب الحنفي والشافعي
والمالكي والحنبلي والزيدي
فإنها تتمتع باحترام كامل,وأتباع
هذه المذاهب أحرار في أداء
مراسمهم المذهبية حسب فقههم,
ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي
في مسائل التعليم والتربية
الدينية والأحوال الشخصية, وما
يتعلق بها من دعاوى من المحاكم,
وفي كل منطقة يتمتع أتباع احد
هذه المذاهب بالأكثرية, فان
الأحكام المحلية لتلك المنطقة-
في حدود صلاحيات مجالس الشورى
المحلية- تكون وفق ذلك المذهب ,
هذا مع الحفاظ على حقوق إتباع
المذاهب الأخرى.
-حرية استخدام اللغات الخاصة: حيث
نصت المادة(15)على أن اللغة
والكتابة الرسمية والمشتركة؛
هي الفارسية لشعب إيران, فيجب أن
تكون الوثائق والمراسلات
والنصوص الرسمية والكتب
الدراسية بهذه اللغة والكتابة,
ولكن يجوز استعمال اللغات
المحلية والقومية الأخرى في
مجال الصحافة ووسائل الإعلام
العامة, وتدريس آدابها في
المدارس إلى جانب اللغة
الفارسية , كما نصت المادة (16)
على أن بما إن لغة القران
والعلوم والمعارف الإسلامية
العربية, وان الأدب الفارسي
ممتزج معها بشكل كامل , لذا يجب
تدريس هذه اللغة بعد المرحلة
الابتدائية حتى نهاية المرحلة
الثانوية في جميع الصفوف
والاختصاصات الدراسية.
-حرية تشكيل التنظيمات والهيئات
المختلفة : حيث المادة (26) على أن
الأحزاب والجمعيات, والهيئات
السياسية, والاتحادات المهنية,
والهيئات الإسلامية, والأقليات
الدينية المعترف بها, تتمتع
بالحرية بشرط إلا تناقض أسس
الاستقلال, والحرية, والوحدة
الوطنية, والقيم الإسلامية, كما
انه لا يمكن منع شخص من الاشتراك
فيها, أو إجباره على الاشتراك في
احدها.
-كيفيت ترشيح الرئيس الجمهورية:في
المادة(115) على أن ينتخب رئيس
الجمهورية من بين الرجال
المتدينين السياسيين الذين
تتوفر فيهم الشروط التالية:
1- أن يكون إيراني الأصل ويحمل
الجنسية الإيرانية.
2-قديرا في مجالس الإدارة
والتدبير.
3- ذا ماض جيد.
4 تتوفر فية الأمانة والتقوى.
5- مؤمنا ومعتقدا بمبادئ جمهورية
إيران الإسلامية والمذهب
الرسمي للبلاد.
ولكن ومن القراءة الدقيقة لهذه
النصوص نجد إنها تقيم حالة من
الصدام والصراع مع قسم كبير من
الشعب ( يمثله أهل السنة) وخاصة
إنها سوف توجه التصرفات
الحكومية وتعطيها غطاء من
المحاسبة, نظرا لان المذهب
الجعفري يسقط كل المذاهب
الإسلامية الأخرى ولا يقيم لها
وزنا, وتركيز هذه الصبغة
الطائفية في الدستور الإيراني
تتكرر في مواد أخرى متعلقة مثلا
بمجلس الشورى أو الجيش وقسم
الرئيس, هذا القلق في الدستور
تجاه الهوية الطائفية من خلال
تكرار النص على المذهب ألشيعه
هو في الحقيقة خوف المستقبل
الذي لا يكون فيه الملالى
والنظام الإيراني في الحكم!.
6- التحدي الديني: فنظرا لان أهل
السنة يعتبرون أنفسهم مخالفين
في بعض المسائل الفقهية للشيعة
الإيرانيين الذين يغلب عليهم
المذهب الاثنى عشري , فان كل طرف
يحاول الدعوى إلى أفكاره التي
يؤمن بها وسط الطرف الأخر, وهنا
تقول الأقلية السنية إنها تتعرض
لفرض الأفكار الشيعية بالقوة في
حين تمنعا الحكومة من تعليم
مذهبها.
فالإيرانيون من السنة والشيعة
يحملون فوق كاهلهم ميراثا من
الخلافات والعداء التاريخي
والمذهبي, ويزيد حالة المذهبية
إن النظام الإيراني لم يفعل إلا
ما يؤدي إلى تدعيمها رغم ظهوره
في السنوات الأخيرة بمظهر
التسامح, فاحد المزارات
الرئيسية في إيران قبر ابولؤلؤه
المجوسي, ورغم انه من عبدة النار
إلا أنهم يحتفون به لمجرد نه
قاتل الخليفة الثاني عمر بن
الخطاب رضي الله عنه, كما إن من
عقائدهم سب الصحابة وتجريح
كبرائهم, وشتم عرض الرسول صلى
الله عليه وسلم, وغير ذلك من
الأمور التي لا يمكن إن يقبلها
المسلمون السنة.
وفي إطار التحدي الديني أيضا,
تأتي اتجاهات التقريب بين السنة
والشيعة التي تدعو إليها عدد من
علماء المذهبين, وتتبناها
العديد من المؤسسات والجهات
الرسمية والعلمية, في عدد من
الدول العربية والإسلامية, وعن
هذه الدعوة إن الاتجاه نحو
التقريب بين المذهبين هو اتجاه
خطير ومدمر بصورة تدفع إلى
التفكير في إن وراء مخطط تأمري
ضخم على العالم الإسلامي ,يترتب
على السير في هذا الطريق عدد من
النتائج الخطيرة على الإسلام
والمسلمين وخاصة أهل السنة منهم
وان هذا لا اتجاه لن يؤدى إلى
تقارب بين
السنة والشيعة كما يظنون لان
حقيقة الشيعة الصفوية في إيران
هي أنهم لا يقبلون
إلا من يقبل
بولاية أهل البيت ومن لا
يقبل بها يكون ناصبي وحكم
ألناصبي عندهم كافر ويهدر دمه,
وان هذا السلوك المهادن والصمت
على مخالفات الشيعة الصفوية,
سيؤدي إلى مزيد من المذابح
والظلم والاغتيالات التي يتعرض
لها المسلمون السنة في إيران,فيما
يواصل العالم الإسلامي صمته
رغبة التواصل السياسي مع إيران
موظفين الدين لتحقيق هذا الغرض.
7-الإهمال والتجاهل : فمناطق أهل
السنة هي اقل استفادة من
الخدمات التي تقدمها الدولة,
ومساجدهم القلية تتعرض لرقابة
الصارمة, وملاحقات مستمرة, كما
يحصل ألان إلى احد مشايخ أهل
السنة في إقليم عر بستان
الأهواز,ولا يسمح لهم بإقامة
مدارس , وفي الوقت الذي يوجد
معبد للزرادشتيه في قلب طهران
وللعلم فقط إن في العاصمة طهران
يوجد 151 معبد لكل الديانات ما
عدى أهل السنة,فان المسلمين
السنة ممنوعون من إقامة مسجد
يؤدون فيه شعائرهم رغم انه مطلب
يلحون عليه منذ سنوات.
إذا كان هذا عن التحديات التي
يعاني منها أهل السنة في إيران,
فان السنوات الأخيرة وخاصة في
حكومة خاتمي, شهدت بعض
التغييرات في أوضاع أهل السنة,
فالمسلمون السنة
ألان ممثلون في البرلمان 14
نائبا, كما شكل الرئيس خاتمي
لجنة لمتابعة شئونهم مشكلة من
رئيس شيعي ابن شقيقة الرئيس
خاتمي والذي كان مديرا
للمخابرات قبل ذلك في احد
الأقاليم ذات الأغلبية السنية,
واثنين من المسلمين السنة ,
وهؤلاء النواب يطالبون بتحسين
أحوال أهل السنة وهذا المؤشر
يتبنى تغيير في أوضاع أهل السنة
, فيما يبقى التغيير رهنا بعدد
من الاعتبارات:
-انه إذا كان هناك حوار واسع بين
العديد من الباحثين والمفكرين
للتقارب بين الشيعة والسنة
والوصول إلى
اتفاق واضح فيما يحق الحق
ويبطل الباطل ستكون العملية
عملية خداع يراد بها جر السنة
إلى مواقف الشيعة!!
وألا لماذا لا نرى تطبيقا علميا
للتقارب بين السنة والشيعة في
إيران؟! ولماذا لا يسمح بمساجد
للسنة في العاصمة طهران؟ ولماذا
لا يسمح لأهل السنة إن يما رسوا
نشاطهم الديني بحرية حتى لو
خالف الشيعة؟ ولماذا لا يحصل
السنة على حقوقهم السياسية
مساوية لحقوق اليهود في إيران؟.
-لقد بين الواقع التجربة
السياسية في إيران الأدوار
المزدوجة التي يمكن أن يلعبها
الدين الواحد,بل والمذهب الواحد,
فبينما يستند المحافظون إلى
قراءة مغلقة
لأساسيات المذهب الشيعي ألصفوي
, مستظلين بقدسية الولي الفقية,فان
الإصلاحيين والإسلاميين
يستندون إلى ذات العقيدة
الإسلامية, وذات المرجعية
الشيعية الجعفرية, مؤكدين على
علوية القانون, والمساواة بين
المواطنين, وعلى دور إرادة
الشعب في افزاز المؤسسات
والأشخاص.
ولعله من المطلوب اليوم من
الإسلاميين الإيرانيين(محافظين
وإصلاحيين) إن يتأملوا التجارب,
التي سبقتهم, سواء في إيران
نفسها , أو في محيطهم الإسلامي
والدولي, فليس بمقدور المحافظين
إيقاف عجلة التاريخ, واحتكار
السلطة تحت عباءة الشعارات
ومبادئ الثورة, أو الاكتفاء
باستخدام غطاء الولي الفقية,
كما إن الإصلاحيين يخطئون خطأ
جسيما إذا فهموا إن عملية
الإصلاح ستؤثر سلبا على مرتكزات
النظام الاجتماعي والسياسي.
إذا كان الدستور يختار الطائفية
وينص عليها للأبد فهل من أمل في
التقارب أو الوحدة؟ وإذا كان
جزء من الشعب في إيران يظلم لأنه
سني فكيف سيكون التعامل مع
الشيعة في الدول الأخرى؟ وإذا
كان الدستور يعلى من القومية
والشعوبية والعرقية من خلال
إعلاء اللغة الفارسية على لغة
القران؟ وإذا كانت السياسة
الخارجية تصب دائما في العداء
لأهل السنة؟ فكيف ستكون هذه
الوحدة والإخوة الإسلامية؟!.
إن الوحدة الإسلامية تتطلب
التخلي عن الهوية الطائفية
للدولة الإيرانية, وعن المظاهر
الفارسية, وعطاء أهل السنة
حقوقهم,وترك السياسات العدائية
تجاه العرب والمسلمين, وتبني
سياسات متسامحة تجاه نشر
المذاهب الإسلامية في إيران,
وإقامة مؤسسات للوحدة
الإسلامية والتقارب بين
المذاهب في إيران يقوم عليه
نخبة من أتباع المذاهب الأخرى.
وان نجاح المشروع الإصلاحي في
إيران يقي مشروطا بوجود قاعدة
إجماع واسعة, تميز بين دائرة
الاجتهاد المسموح بالاختلاف
فيها, وتضم مختلف القوى
السياسية والاجتماعية, التي
تعترف بثوابت وشرعية النظام
الإسلامي, وحتى تكتمل صورة
النظام الديمقراطي الإسلامي.
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|