ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 02/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

الإسلام وحرية الرأي..

د.منير محمد الغضبان*

الحدث الذي يملأ العالم اليوم والمحطات الفضائية : الرسوم الكاريكاتورية في الصحيفة الدنماركية . وانقسام العالم الحر كما يسمونه بين موقفين

موقف يرى انه لا حد لحرية الرأي

وموقف يرى : أن حرية الرأي لك تنتهي عند الآخرين ، ولا يجوز المساس بالمقدسات الدينية .

وحول هذا الحدث نبرز أهم الملاحظات .

أولا : أعتقد أن هذه الصور لو مرت دون تعليق لانتمت إلى إطار مغلق ، ولم يأبه بها أحد ولم يسمع بها أحد . وتنتهي مع مئات الألوف من السباب للإسلام ولرسول الإسلام التي لا تنتهي منذ أن قام الصراع بين الحق والباطل في هذا الوجود .

(أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون)

لقد نزلت هذه الآية في المدينة وفي ظل الدولة الإسلامية التي يحكمها رسول الله صلى الله عليه وسلم .وحكم الله تعالى بكفرهم: ( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ..) ولكن دون إيقاع أي عقوبة عليهم . وهم فئة ضمن المجتمع النبوي .طالما أنهم يظهرون إسلامهم . وانتهى الرد بالحوار الفكري، ولم يقتل منهم أحد .الحوار هو سبيل الموقف الفكري .

ثانيا : أما وقد أخذ الحدث هذه الشهرة العالمية ، وراحت صحف العالم ودوله ما بين مؤيد ومعارض. وقامت كثير من الصحف الحاقدة بنقل هذه الصور وتكرارها تنفيسا للغيظ والحقد الكامن في قلوبهم على هذا الدين . أو إيمانا بحق حرية الرأي أن لا تمس.

فلا بد من موقف يتناسب والآثار التي ترتبت على هذا العمل . ولا شك أن موقف الشعوب الإسلامية . كان سابقا لموقف حكوماتها . وتبارت في مقاطعة البضائع الدنماركية . مما جعل هذا الموقف ينعكس مباشرة على الشعب هناك ، ويحس بوطأة الجريمة . وتحركت بعض الحكومات الإسلامية بالاحتجاج ، وقام بعضها لآخر بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدنمارك . وهذا الموقف المفروض أن تتحرك به دول العالم الإسلامي . فسبع وخمسون دولة عندما يقطعون علاقاتهم مع هذه الدولة يعني اختيار هذه الحكومة الحرب ضد العالم الإسلامي كله . وضد مليار وثلث من البشر .  غير أن جماهير المسلمين في أصقاع العالم الإسلامي لم تنتظر حكوماتها ، حتى تأذن لها بالتحرك .فانطلقت غاضبة ثائرة ، تعلن ولاءها لنبيها ، وتعلن استعدادها للموت في سبيل الذود عنه . ولم تجد غير السفارات الدنماركية أمامها للاحتجاج عليها . كي يفهم الذين لا يعرفون ما جنوا مقدار جنايتهم . وأثبت الحدث أن الأمة حية من المحيط إلى المحيط . وأنها لو قدر لها قيادة عبقرية لغيرت مقود التاريخ في هذا العصر .

ثالثا : واتسع الخرق على الراقع . وكما تجمع الإسلام كله . فقد تآزر الكفر كله . وراحت الصحف في أوروبا . تنشر هذه الرسوم  إعلانا للتأييد بهذا الاستهزاء والسخرية بنبي الإسلام والمسلمين. وفقدان موقف موحد مدروس رسمي جعل هذه المظاهرات ، والمقاطعة ضعيفة الجدوى . فأن نقاطع دولة واحدة من السهل أن يتم ذلك . لكن أن تقاطع دول الإتحاد الأوروبي . فهذا لم يصل له العالم الإسلامي بعد .لأننا لا نمثل في واقع الأمر العالم المتكامل ، والدول المتضامنة . المتفقة على الآراء والمواقف .

رابعا : لا بد من نقاش المبدأ ابتداء . فالحرية في الدول الاسكندنافية.هي أعلى مستويات الحرية في العالم ، الحرية التي تعني الإباحية تماما في كل شيء . فالحرية عندها بلا قيود وإذا لم يضع القانون لها قيودا . فهي مباحة. وقيمة الحرية عندهم هي القيمة العليا في الوجود ، لا يعلوها أي قيمة .

هذه الحرية أو النماذج في الحرية نمثل الحد الأقصى المتطرف فيها . ولا شك أن القيم تضيع في هذا العالم . إذ لا يقدم على لذة الإنسان وشهوته وممارسة متعته ومصلحته شيء . هذا النموذج هو الذي تحدث القرآن عنه فقال :

(أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا . أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام أو أضل سبيلا .)

والفرق واضح بيننا وبينهم في فهم هذه الحريات .لأننا نؤمن بالله الخالق المصور الذي أرسل الرسل وأرسل معهم الشرائع لتكون هداية للناس من الظلمات إلى النور . وحد حدودا لمن يؤمن بهذه الرسالة ومن لا يؤمن بها . فأعطى حرية العقيدة للناس وهم يتحملون فيما بعد تبعة ما يعتقدون في الآخرة . ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ومن الحدود الهامة التي وضعها الإسلام في العلاقات في المجتمع الواحد بين المؤمنين وغير المؤمنين أن لا يستعمل سبيل السب والشتم والاستهزاء والسخرية بين الفريقين .

لقد أمر الإسلام المسلمين ألا يسبوا عقائد الكفار ومقدساتهم . ولو كانت أصناما وثنية (( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ))

كما نهى عن السخرية والاستهزاء حتى بين دعاة المبدأ الواحد . فمن باب أولى بين المختلفين في المباديء (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان.

واحترام الحوار بين المختلفين في الأمة واحدة والوطن الواحد هو السبيل الصحيح للوصول إلى الحقيقة ..

والذي يراجع القرآن الكريم يرى أن القرآن قد عرض بأمانة تامة عقائد المخالفين كاملة ، أيا كانت عقائدهم وأديانهم ، ثم يرد عليها بعد ذلك . والذي يريد أن يعرف تاريخ الجاهلية ، وأفكارها وقيمها ومبادئها وعقائدها .. فعليه بالقرآن . فسيجد ذلك كله متضمنا فيه مع حججه ، ثم الحجج التي ترد عليه .

خامسا : في الوقت نفسه ينقم على الذين يريدون أن يفرضوا عقائدهم بالقوة ، ويندد بالذين يهددون أبناء وطنهم بطردهم منه إن لم يؤمنوا بعقائدهم . ( وقال الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كرهين . قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ  نجانا الله منها..)

سادسا : ويرفض الإسلام الحرب الجماعية أو القتل لمن لا يؤمن بهذا الدين . ولو كان الإسلام نفسه . ولم يعرف التاريخ احترام الآخر كما عرفه في ظل الإسلام .ويكفينا دليلا على ذلك ما قاله غوستاف لوبون بكتابه حضارة العرب ص605 : ( لقد أدرك الخلفاء السابقون الذين كان عندهم من العبقرية السياسية ما ندر وجوده في دعاة الديانات الجديدة أن النظم والأديان ليست ممن يفرض قسرا . فعاملوا كما رأينا أهل سورية ومصر وإسبانيا وكل قطر  استولوا عليه بلطف عظيم. تاركين لهم قوانينهم ومعتقداتهم غير فارضين عليهم سوى جزية صغيرة زهيدة في الغالب ، إذا ما قيست بما كانوا يدفعونه سابقا في مقابل حفظ الأمن بينهم . الحق أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب ولا دينا مثل دينهم . وما جهله المؤرخون من حلم العرب الفاتحين وتسامحهم كان من الأسباب السريعة لاتساع فتوحهم ، وفي سهولة اعتناق كثير من الأمم لدينهم ونظمهم ولغتهم التي رسخت وقاومت جميع الغارات ، وبقيت قائمة حتى بعد أن توارى سلطان العرب عن مصر في العالم .)

سابعا: لو قيل لنل الآن أن رسام الكاريكاتير قد قتل لفرح الكثير من عوام المسلمين بذلك. لكن لو قيل لنا إن هذا الرسام قد أسلم واهتدى لكانت الفرحة الكبرى عند جميع المسلمين . نحن نعلم أن جهل هؤلاء الناس بهذا الدين ، وما يرونه من دعاية عالمية لربط الإسلام بالإرهاب والإرهاب بالإسلام هو الذي حدا بهم إلى مثل هذه الرسوم . ولو علموا حادثة واحدة من حوادث عظمة الهدي النبوي في التعامل مع الخصوم الأعداء الألداء. وكيف استطاع أن يذيب حقدهم ، ويقتل الكفر في نفوسهم ، ويفتح قلوبهم للحق . لما أقدموا على هذا العمل . ولو أننا طلبنا من سفارة الدنمارك أن تعطينا ساعات في الفضائية الدانماركية للحوار مع هؤلاء الرسامين والحاقدين ، وعرض الإسلام وتسامحه ورسول الإسلام الذي أنزله الله رحمة للعالمين على عدة حلقات لكان أحب إلينا من حرب المواجهة هذه . فهدى الناس أحب إلينا من قتالهم

ثامنا : ولأن اليهود _ وهم دولة واحدة في الأرض _ عرفوا كيف يخططون لدولتهم . فقد استصدروا قرارا عالميا من الأمم المتحدة يمنع التشكيك بالهلوكوست ، والإبادة الجماعية لهم . وأن من يتعرض لذلك أو ينال من اليهود فهو عدو للسامية ، ويقاد للمحاكمة . ونتساءل هنا عن حرية الرأي في هذه الدول . فهل يستطيع أي رسام أن يشكك في الهلوكوست أو يهاجم اليهود أو ينفي اضطهادهم ؟ فأين الحرية هنا إذن؟ .

تاسعا : ولو سعت الدول الإسلامية _ وهي ليست دولة واحدة ولكنها سبع وخمسون دولة _ باستصدار قرار من الأمم المتحدة لمنع التعرض للمقدسات الدينية ، أيا كان نوعها والتشهير والاستهزاء والسخرية ، سيان كانت يهودية أو نصرانية أو مسلمة . لكان هذا خير جواب لإيقاف مثل هذه المهازل ، التي تصدر وستصدر في كل وقت . وهذا ما نتمناه على منظمة الدول الإسلامية أن تقوم به . وما أعتقد إلا أن هذا القرار سوف ينجح بالتأكيد .

عاشرا : ونحب أن نُسمع هذه الدوائر كلها في الأرض أن حبنا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم لن ينال منه هذه السفاهات والتوافه . فلقد رماه قومه بالسحر والكهانة والجنون والكذب وحب النساء . وسقطوا جميعا وانضموا لدين الله بالحوار والحكمة والموعظة الحسنة .

وحين يجد الجد فكل امرأة عندنا وكل طفل جاهزون لتقديم حياتهم للذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ناهيك عن الرجال الذين خلقوا للحرب والمواجهة . ويكفينا نموذج أم عمارة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه  وسلم : (مالتفت يمينا ولا شمالا إلا رأيتها تذود عني )

وتصف هي هذه الحرب بقولها : لما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف ، وأرمي عنه بالقوس ، حتى خلصت الجراح إلي . قالت أم سعد : فرأيت على عاتقها جرحا أجوف له غور . فقلت من أصابك بهذا ؟ قالت : ابن قمئة أقمأه الله . لما ولى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يقول : دلوني على محمد . فلا نجوت إن نجا . فاعترضت أنا ومصعب وأناس ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربني هذه الضربة . ولكن فلقد ضربته على ذلك ضربا ت ، ولكن عدو الله كانت عليه درعان .

أما ابنها فقد قطعه مسيلمة عضوا عضوا وهو يرفض أن يكفر برسول الله . ولقد مضى القول سائرا في التاريخ : ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا . فندعو هذه المعسكرات جميعا أن تكف عن استفزاز المسلمين في أغلى ما عندهم من المقدسات . وعندها يطيب الموت ، ورسول الله أغلى عندهم من كل شيء في هذه الحياة .

*باحث إسلامي سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ