ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 05/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

احتكار الديموقراطية ...

الوجه الآخر للاستبداد

الطاهر إبراهيم*

اختلاف وجهات النظر بين فصائل المعارضة، حتى ولو كان فيها بعض النقد لهذا الفصيل أو ذاك ،ما لم يكن تجريحا، يثري ويغني العمل السياسي المعارض. فطبيعة الأيديولوجيات المتباينة تقتضي اختلافا في الرؤية. ولو تطابقت وجهات نظر المعارضين لانعدم الفرق، ولأصبح الكل فصيلا واحدا يحمل أسماء مختلفة. لكن الذي لا يجوز أن يسود، أن يتحول الخلاف في الرؤية إلى شكوك أو اتهامات، من دون التأكد من صحة تلك الانتقادات أولا، ومن دون أن تخدم تلك الانتقادات قضية المعارضين، ثانيا.

وعلى سبيل المثال، فقد طالب المعارض السوري "رياض سيف" ،في مقابلة نشرتها النهار في 24 شباط الماضي، (أن يكون الإخوان المسلمين ديمواقراطيين قولا وفعلا وأشدد على فعلا، فأنا قصدت أن هناك شكوكا ولا بد من تبديدها).

ماجاء في كلام "سيف" لا مبرر له. ولا يدري المواطن السوري المتابع للحراك السياسي ما الذي دفع هذا المعارض العريق لقول ما قال. وكلامه على كل حال وجهة نظر لا تصح، ولا يستطيع أن يثبتها هو أو غيره، لأن الإخوان المسلمين السوريين لم يمارسوا الحكم بعد حتى الآن، كشريك أساسي أو منفردين، حتى يقال أنهم غير ديموقراطيين.

إن المقولة التي أشرنا إليها تحمل في طياتها التشكيك بنوايا الإخوان المسلمين مستقبلا. كما أنها عدا عن كونها تزكية للمنتقِد بأنه ديموقراطي، فإنها اتهام للآخر بما لم يثبت، ومحاكمة للنوايا لايقره عليها منطق الحكم والسياسة في العرف الديموقراطي.

كما أن هذه المقولة تعني ،في جملة ما تعني، قطع الطريق على الإخوان المسلمين، إذا ما تمت الدعوة مستقبلا إلى أي انتخابات نيابية. ومقولة "سيف" لا تبرر بحسن النية ،طالما أنه قد سبقه كثيرون قبله شككوا في ديمقراطية الإخوان من دون دليل.

بعض المتسلقين ممن لا يملكون من المؤهلات ما يرفع من أسهمهم عند المواطن السوري، لا يجد ما يعوضه على ذلك غير شتم الإخوان المسلمين، ليتقرب بذلك إلى واشنطن، طالما أنها تملك بعض مفاتيح التغيير. مع أنه ،وللعلم فقط، فإن من تسخط عليه أمريكا يرضى عنه المواطن السوري، وتزداد شعبيته.

ويستغرب المواطن السوري صدور مثل هذه الانتقادات رغم عدم التأكد من صدقيتها، مما يزعزع صفوف المعارضة، في وقت تسعى هذه الفصائل لتجميع صفوفها. وكأنه لا يكفي هذه الفصائل ما يسعى إليه النظام البعثي لتفتيتها، فيقوم المعارضون بشرزمة صفوفهم من خلال هجوم غير مبرر يؤدي إلى توسيع الفجوة فيما بينهم.

تاريخيا أثبت الإخوان المسلمون أنهم أكثر ديموقراطية من غيرهم، على الأقل في داخل مؤسساتهم التنظيمية. فعلى سبيل المثال، تناوب على منصب المراقب العام، -وهو أعلى الهرم في تنظيم الإخوان المسلمين- ستة مراقبين عامين خلال أقل من ربع قرن، وهو ما لم يحصل في أي حزب سوري آخر -بما فيه حزب البعث- في المدى المنظور من القرن العشرين، حيث أنه نادرا ما يتغير رؤساء الأحزاب الأخرى إلا بالموت.

جميع الأحزاب هم "في الهوى سوا" -باستثناء حزب البعث- لم يُجرّبوا في الحكم بعد. وما علينا إلا أن نترك الأمر للتجربة لتؤكد أو تنفي تلك المزاعم. ولا يحق لفصيل معارض أن يصادر على فصيل معارض آخر، بحجة أنه غير ديموقراطي، ما لم يخضع الجميع لتجربة الحكم في سورية. يبقى أن نشير إلى أنه عادة ما تكون مثل هذه الاتهامات غير بعيدة عن تسريب أجهزة أمن النظام البعثي،. 

وإذا كان ليس صعبا معرفة الأسباب التي تجعل بعض الأحزاب أو الشخصيات المعارضة السورية تلجأ لاتهام الإخوان بأنهم غير ديموقراطيين، فإن أكثر من يروج لمثل هذه المقولة هي أحزاب هامشية لا تتمتع برصيد شعبي.

على أن مقولة الأستاذ "رياض سيف" لم تكن إلا السبب المباشر لكتابة هذه السطور، لأننا لا نعتبره منافسا، لأنه من توجه غير التوجه الذي ينهجه الإخوان المسلمون، وما يزال يتمتع برصيد من الثقة في قلوب كثير من السوريين ومنهم الإخوان المسلمون. ونحن إذ نرفع له قبعاتنا احتراما لما أصابه من ظلم النظام البعثي، فإنه يستغرب أن يخطو مثل هذه الخطوة ،وإن سبقه إليها بعضٌ من معارضة الداخل، إلا أن أحدا منهم لم يأت بدليل مقنع .

وإذا كان هؤلاء لم يجدوا غضاضة باتهام الإخوان المسلمين بأنهم غير ديمقراطيين ،من دون أن يسوقوا أي دليل ومن دون أن يكون الاتهام مبنيا على تجربة سابقة للإخوان، فإننا نعيد التذكير بأنه ليس في سورية فحسب، بل في كل الأقطار العربية لم يسبق أن فاز حزب إسلامي في انتخابات نيابية تولى على إثرها الحكم ثم انقلب على الديموقراطية. ولا يحتج هنا بمن يحكم في السودان الآن، فنظام الحكم هناك جاء بانقلاب يخرج عن القياس.

لا خوف على الديموقراطية من الإخوان المسلمين ،على الأقل في الوقت الحاضر. فهم لم يُجرَّبوا في الحكم بعد. وإذا كان هناك من خوف مستقبلي على الديموقراطية فسيكون من أحزاب يسارية أو قومية، التي هي امتداد لليسار العربي الذي حكم في أكثر من قطر عربي في مراحل سابقة وحالية.وقد رأى السوريون آخر إصدارات الديموقراطية مع حزب البعث في سورية والعراق.

في كل الانقلابات العسكرية التي جرت في الوطن العربي عامة، وفي سورية على وجه الخصوص كان الحكام الجدد يعلنون أن السبب الأساس لانقلابهم هو غياب الديموقراطية في عهود من سبقهم. فإذا ما رسخت أقدامهم في حكم البلاد، جعلوا الديموقراطية أولى ضحاياهم، واستبدلوا بها قانون الطوارئ والمحاكم الاستثنائية.

لا نريد أن نشق على قلوب الناس ونقول إن هذا المعارض أو ذاك قال ما قال لغاية في نفسه، لا علاقة لها بكون الإخوان ديمقراطيين أو خلاف ذلك. ولكننا نذكّر بأن هذه المقولة لا تخدم المعارضة السورية التي تسعى إلى تخليص سورية من تسلط وقمع نظام حزب البعث الاستبدادي.

بل نؤكد أن تجرؤ المعارضين على اتهام آخرين بأنهم غير ديموقراطيين، إنما تصب في مصلحة نظام حزب البعث، وليست بعيدة عن تسريباته. كما ينبغي على من كان معارضا حقيقيا أن لا يحتكر الديموقراطية لنفسه، كما احتكر البعثيون الحكم. فإن احتكارها هو إقصاء للآخر، وطريق سريع إلى محطة الاستبداد.     

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ