ـ |
ـ |
|
|
|||||||||||||||
سَكَارى النِّسَبِ المئويةِ الطائفيةِ
في سورية بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف
يقول أحد عباقرة الكتّاب
السياسيين السوريين : [منذ فترة نشر أحد
الباحثين السوريين أرقاماً
تفصيليةً عن حقيقة التوزع
الطائفي والمذهبي والإثني في
سورية، ومن خلالها يتضح أن
الطائفة السنية هي أكبر
الأقليات في مجتمعٍ متعدد
دينياً..] (من
مقال : سورية.. حضور الدين وغياب
الحزب، الرأي العام، لشعبان
عبود) . بمثل
هذا التضليل، وبغيره، يفتتح أحد
كتّاب السياسة في دمشق.. بداية
عهدٍ جديدٍ للتزوير
الديموغرافي في سورية، ولأن هذا
التضليل يستهدف الشعب السوري
بأكثريته الكاثرة، ولأنه لا
يُخفي النَفَس الطائفي، ولأنه
يحاول النفخ في بوق الحكام
الطائفيين الذين يمثلون أقليةً
لا تتجاوز الـ 8-9% من الشعب
السوري، ولأن نشر مثل هذه
الخرافات والأساطير
المخابراتية الطائفية.. يتم في
هذا الوقت الحرج من تاريخ
سورية، ولأن المزوِّرين قد
زوّروا كل شيءٍ في بلادنا،
بدءاً من صناديق الاقتراع
والاستفتاءات الصورية،
وانتهاءً بالإرادة الوطنية،
ولم يبق لهم إلا تزوير التاريخ
والجغرافية والديموغرافية
الصارخة الواضحة.. لذلك كله نقول
: إن هذه الإحصائيات المزوَّرة
المزعومة، وأصحابها وناشريها
والقائمين عليها.. ليسوا سوى
عابثين يحاولون عبثاً تحقيق
أهدافٍ مشبوهة، على سذاجتها
وتهافتها وسخافتها !.. يستطرد
(شعبان عبود) في حذلقته وتهافته،
فيشرّق ويغرّب ويغرّد وحيداً،
ثم يختتم مقالته المشبوهة
موضّحاً ما تحت الأكمة: [وهذا
يبيّن أنّ سورية، مجموعة من
الأقليّات، وإن كانت الطائفة
السنيّة هي كبرى الأقليات
السورية، إذ تبلغ نسبتها 45 في
المئة من المجتمع السوري، بما
في ذلك العرب السنّة،
والتركمان، والشركس، والشيشان،
والأقليّات السنيّة الأخرى،
وهؤلاء كما أسلفنا متعددو
الاتجاهات السياسية، كما أنهم
منقسمون بين المدينة والريف،
كذلك فإن المسلمين السنة، وهذا
أهم ما في الموضوع، من غير
الجائز تصويرهم كما لو أنهم
كتلة سياسية واحدة]!.. (نفس
المصدر السابق). شعبان
عبود، يقتبس نِسَبَه المئوية
الطائفية من موقع (كلهم "وليس
كلنا" شركاء)، ويغيب عنه أنّ
مثل هذه الإحصائيات المزعومة،
تحتاج إلى التوثيق العلمي وإلى
المصدر الموثوق، فيندفع لغايةٍ
في نفس عبود، بإطلاق حملة الفتح
الجديدة في سورية وخارجها،
وسورية برأي عبود.. ليس فيها
أكثرية كاثرة، وإنما هي: مجموعة
من الأقليات، وأكبر هذه
الأقليات لا تتعدى نسبتها الـ 45%،
وهذه الـ 45%، مسكينة، ومنقسمة
على نفسها سياسياً، ومنقسمة بين
الريف والمدينة، وتضم بين
ثناياها الشركس والتركمان
والشيشان.. والحيطان!.. فهي لذلك
ليست كتلةً سياسيةً واحدة، فأهل
السنّة هم وحدهم من غير كل
خَلْقِ الله، ومن غير كل الفئات
السورية الأخرى.. منقسمون،
ومصابون بتناذر التشظّي، ووباء
التفتّت، وحُمّى انعدام الثقل!..
وبالتالي لا وزن لهم ولا
لشظاياهم.. والأكراد السوريون
السنّة (برأي عبود) لا يسري
عليهم ما سرى على الشيشان
والشركس والتركمان وغيرهم،
الذين قام بضمّهم إلى أهل
السنّة بديهةً، فالأكراد
السنّيون لا يستحقّون أن ينتموا
إلى أهل السنّة، والسبب طبعاً،
هو أن نسبتهم كبيرة (15% حسب
إحصائيته الأسطورية).. فشعبان
هذا، ومصادره البحثية المجهولة
الشبحية، تَقسِم وتُشظّي
وتُقطِّع على مزاجها.. فالأعراق
قليلة العدد يمكن ضمها إلى أهل
السنة، بينما الأكراد السوريون
لا يمكن ضمهم إليهم، والسبب
واضح، لأن النسبة السنيّة ستقفز
(إذا ما تم ضم الأكراد السنّيين
إلى السنّة) على الرغم من
التزوير.. إلى 60% !.. علماً بأنّ
عبود ومصادره الوهمية، التي لم
يكلّف نفسه عناء البحث عنها
والتحقق من وجودها أصلاً.. لم
يذكروا لنا: هل نسبة الأكراد
السنّة هذه (15%).. مُعلَنة قبل
الحرمان من الجنسية السورية، أم
بعد الوعود الخلّبية بإعادة حق
الجنسية إلى مئات الآلاف منهم (أي
من الأكراد السوريين)؟!.. وهكذا
تكون الإحصائية المخابراتية
الأسطورية العجيبة، مقروءةً
بازدواجيةٍ مبتكَرَةٍ غير
مسبوقة، إذ تتم تشفية الأكثرية
الكاثرة، مرةً على أساس العِرق،
وثانيةً على أساس المذهب،
وثالثةً على أساس الريف
والمدينة، ورابعةً على أساس
الانتماء السياسي.. وهكذا!.. أما
العلويون (ولنضعها على بلاطة
كما يقولون) فهم متّحدون جداً،
ويشكّلون 20% بدل 8%، وكلهم إما من
المدينة أو من الريف، أي غير
منقسمين بين ريفيٍ ومديني، أي
أنه إما المدن خالية منهم، أو
الأرياف لا تحتويهم!.. وكلهم
يتبعون توجهاً سياسياً واحداً،
مخروطاً في مخرطةٍ خاصةٍ على (قالب)
آصف شوكت الموحَّد، وغير قابلين
للتشظّي بأي شكلٍ من الأشكال،
ويشكّلون مع المرشديين والشيعة
(على غرار أن السنّة يشكلون مع
الشركس والتركمان والشيشان..) ما
يقرب من ربع سكان سورية، أي أكثر
عدداً من أي شظيةٍ سنّية، حسب
أحدث أساطير عبود وخرافاته !.. يا
شعبان.. يا عبود.. لعلك وأنت
الكاتب، قد سمعت برجلٍ اسمه: (نيقولاس
فان دام)، أدام الله صبرنا على
الإنجازات التزويرية، لسورية
الأسد إلى الأبد.. فماذا يقول (فان
دام) منذ زمنٍ طويل، بناءً على
إحصائياتٍ رسميةٍ سوريةٍ
قديمةٍ موثّقة؟!.. يقول (في كتابه:
الصراع على السلطة في سورية):
إنّ التركيبة السكانية
الديموغرافية العرقية والدينية
في سورية موزّعة على الشكل
التالي : [68.7%
مسلمون سنيون. أما
الأقليات الدينية فهي بالشكل
التالي : 16%
أقليات دينية (علويون 11,5%، ودروز
3%، وإسماعيليون 1,5%). 14,1%
مسيحيون. وأما
الأقليات العرقية فتتوزع
بالشكل التالي : 15,5%
أقليات عرقية (أكراد 8,5%، وأرمن 4%،
وتركمان 3%، وشراكسة). علماً
–كما يقول فان دام- بأنّ معظم
الأكراد والتركمان والشراكسة..
هم مسلمون سنيّون]. أما
الأبحاث الحديثة الدقيقة
الموثّقة، سواء أكانت عربيةً أم
أجنبية، فتقول : إنّ التركيبة
الديموغرافية السكانية السورية
هي بالشكل التالي [راجع بحث :
الخلفية الدينية والطائفية
للوضع السياسي في سورية، موقع
الجزيرة نت، بقلم: نبيل شبيب (باحث
سوري مقيم في ألمانية)، على
الرابط الإليكتروني] : http://www.aljazeera.net/NR/exeres/B07DEFCE-5182-4BB9-83D0-01D8DF3168DE.htm#6 [70%
من
السنة (العرب) و8% من السنّة (الأكراد)
وأقل من 1% من السنّة (الشركس).. (أي : المجموع هو 79% من
أهل السنة السوريين، وهم
الأكثرية المسلمة الكاثرة). 1%
من الشيعة (العرب وسواهم). 8
إلى 9% من العلويين (العرب). 2
إلى 3% من الدروز (العرب). 8%
من المسيحيين (العرب الأرثوذكس
في الدرجة الأولى). أقل
من 1% من أقليات أخرى كالـ (يزيدية
والإسماعيلية) ومنها عدة آلافٍ
من اليهود]. *
*
* لقد
حاول شيعة العراق أن يلعبوا نفس
اللعبة التي يُمَهَّد لمثلها
منذ الآن في سورية، فحاولوا
إقناع الناس بأن الشيعة في
العراق هم الأكثرية، بينما
الحقائق تفيد حسب كل الدراسات
الموضوعية الموثّقة، بأن السنة
هناك هم الأكثرية.. وقد تواطأت
معهم (أي مع الشيعة) أميركة
والدول المحتلة وبعض مغفّلي
الكتّاب العرب وصحفيّيهم،
ليرسّخوا واقعاً مزوَّراً يتيح
لعملاء المحتل، أن يتحكموا
بمصير العراق وأهله.. علماً بأن
أدق الإحصائيات والأبحاث في
العراق، تفيد بأنّ السنّة هناك
نسبتهم 58%، بينما نسبة الشيعة 40%،
ونسبة الأقليات الأخرى 2%. لا
نستطيع الجزم، بأي لسانٍ يتحدث (شعبان
عبود) وأمثاله هذه الأيام،
لكننا نجزم بأن وراء الأكمة ما
وراءها، وأن إسرائيل وأميركة
وعملاءهما ليسوا بعيدين عن هذه
اللعبة الطائفية الخبيثة، التي
تستهدف شعوب المنطقة بأكثريتهم
الكاثرة، وهم أهل السنّة، على
غرار ما وقع ويقع في العراق هذه
الأيام !.. لقد
أكّدنا مراراً وتكراراً، أنّ
سورية الوطن ليست سورية النظام
الدكتاتوري، وأنّ النظام
الطائفي الحاكم ليس هو الطائفة
العلوية، التي حاول هذا النظام (وما
يزال)، توريطها في اللعبة
الطائفية، لتحقيق أهدافه
الدنيئة الخاصة، وأهداف الأسرة
الأسدية المارقة، ومن لفّ لفّها
من الوصوليين ذوي الأغراض
المريضة.. لذلك، فلا داعي لأن
ينبري (شعبان عبود) أو المدعو: (محمد
الموصللي)، وأمثالهما.. لهذا
التزوير الفاضح، وأن يستميتا في
قلب الأبيض إلى أسود، وحجب شمس
الحقائق الديموغرافية الدامغة،
بغربال آصف شوكت السوري أو
الأميركي أو الصهيوني !.. كما
أكدنا مراراً وتكراراً موقفنا
من الطائفيين وموضوع الطائفية،
الذي ناله من المغالطات
والتحريضات، ما لم ينله أي
موضوعٍ آخر، لِظنّ مَن يعزفون
على هذا الوتر، أنّ ذلك سيرفع
عنهم الجناية الطائفية أولاً،
ثم ليُلصقوا هذه الجناية الضخمة
بالأكثرية الكاثرة -افتراءً
وتزويراً- .. ثانياً، وذلك على
مبدأ: (رمتني بِدَائها وانسلّت)!..
ونحن عندما نتعرّض لهذه القضية
الهامة الحسّاسة، لا يفوتنا أن
نعلن بشكلٍ واضحٍ لا يقبل
اللّبس، بأننا نحترم كل الطوائف
والأقليات في وطننا سورية،
ونحترم حقوقها الكاملة في
المواطنة والوطن والحقوق
والواجبات، بالمساواة والعدل
والقسط.. خاصةً تلك التي نصّب
بعض الناس أنفسهم أوصياء عليها،
يتحدّثون باسمها ويحرِّضون..
وعلى هذا، فأبناء الطائفة
العلوية وغيرها من الأقليات،
ليسوا مضطرّين لتزوير حقائق
الديموغرافية على الأرض
السورية، كما يفعل شعبان عبود
وشركاه !.. لن
ندفن رؤوسنا في الرمال كما يفعل
المواربون، ولن نقفز على
الحقائق الراسخة على أرض سورية
منذ مئات السنين كما يرغب
الطائفيون الانتهازيون، فحقائق
الواقع والتاريخ والجغرافية
والديموغرافية في سورية،
تُقرِّر بما لا يقبل التأويل أو
التزوير، بأنه يوجد في الوطن
السوريّ شعب سوري أصيل،
بأغلبيةٍ كبيرةٍ واحدةٍ
وأكثريةٍ كاثرة، إلى جانبها
طوائف من الأقلّيات التي
نحترمها، ونحترم حقوقها
الكاملة في المواطَنة والحرية
والمشاركة في بناء الوطن الواحد!..
فالوطن لكل أبنائه، ومؤسّسات
الوطن وأرضه وسماؤه ليست حكراً
حتى على الأكثرية الكاثرة، فكيف
إذن يغالط المحتالون ويبرّرون
احتكار الوطن، لا بيد الأكثرية،
بل بيد أقليةٍ لا تمثل أكثر من
8-9% من سكّانه، كما هو حاصل الآن
منذ عشرات السنين؟!.. علماً
بأننا نتحدّث عن وطننا سورية
الذي نشأنا فيه، وامتُحِنّا
فيه، ونالنا فيه من الظلم
والاستبداد والاضطهاد
الطائفيّ، باسم الطائفة
وبسوطها وسيفها.. ما لم ينله أي
إنسانٍ يعيش في القرن الحادي
والعشرين !.. وقبل
أن يتهمنا المزوِّرون
بِدَائِهِم الطائفيّ، نقول :
شتّان بين مَن يمارس الطائفية
على الأرض، وبين مَن يقاومها،
فالفرق بين ممارستها
ومقاومتها، لا يستطيع أن يلمسه
أو يراه طائفي هائج منفعل، أو
متسرِّع مندفع، على الرغم من
وضوحه الشديد!.. وإننا من مبدأ التزامنا
بإسلامنا العظيم، الذي يأمرنا
بقبول التعدّدية الدينية، ومن
واقع اعترافنا بالواقع
الديموغرافيّ التعدّديّ
السوريّ .. لا نقبل أن نحكم على
أجيالٍ بجريرة جيلٍ سبقها، أو
أن نحكم على طائفةٍ أو فئةٍ بوزر
مَن سبقوهم من بني جلدتهم (..
وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ
أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ
مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ
بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ
تَخْتَلِفُونَ) (الأنعام: من
الآية 164).. وبالتالي سيبقى الباب
مفتوحاً على مصراعيه إلى يوم
الدّين، لمن يرغب في سلوك طريقٍ
وطنيٍ صحيحٍ قويم، يُفَاصِل فيه
المجرمين الطائفيين الحقيقيّين
السابقين والحاليّين، ويُفاصِل
أخطاءهم وجرائمهم وانتهاكاتهم
وعنصريّتهم وأساليبهم الشاذة
الـمُشينة !.. أخيراً..
لا مانع لدينا من أن تكون نسبة
العلويين في سورية (على ورق عبود
وأشباهه) 90% أو 100% أو حتى 200%،
لكن، هل يجرؤ مروّجو هذه
الأكاذيب.. بالاحتكام إلى
صناديق الاقتراع النـزيهة،
لنرى معاً : أين تكمن الأحجية ؟!..
ولنكتشف معاً، حجم التزوير
الفاقع الساذج للديموغرافية في
سورية، بلا أي مبرِّرٍ سوى
التزوير، التزوير فحسب، الذي
يمهِّد لما بعده من تضليل،
بشكلٍ مشبوهٍ مكشوف ؟!.. المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |