ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 13/03/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

النفاق الأمريكي

بشأن المرأة وحقوق الإنسان

د. محمد الغزي

تسيء الولايات المتحدة الأمريكية التعامل مع مآسي البشر وتوظفها لخدمة مصلحتها ولتحقيق أهدافها، فالإدارة الأمريكية تتعامل مع الشعوب المقهورة بغرور واستكبار وغطرسة فتمن على شعب بأنها أطعمته من جوع بتقديم المعونات الاقتصادية له وتمن على شعب آخر بأنها آمنته من خوف بنشر ديمقراطيتها، وتراها تحول حياة شعب إلى جحيم وتسبب له الكوارث تلو الكوارث ثم تمن على فئة قليلة من ذاك الشعب بزيارة إلى البيت الأبيض وبعض الدولارات للتغطية على جرائمها وإظهار تلك الكوارث على أنها إنجازات حققها الاحتلال الأمريكي، ثم تأتي بعد ذلك لتنتقد انتهاك دول لحقوق الإنسان وتتظاهر بإنصافها للمرأة بطريقة غريبة لا ترى فيها نفسها إلى مُصلحة ولا ترى فيها الآخرين إلا أشرارا وإرهابيين.

والحقيقة أن طريقة تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع انتهاكات حقوق الإنسان هي أخطر أنواع انتهاكات حقوق الإنسان التي يشهدها العالم، وهذا يأتي منسجما مع حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية ضربت أفظع الأمثلة في انتهاك حقوق الإنسان، من جهة، وفي توظيف المآسي والمصائب التي سببتها للشعوب العربية والإسلامية من أجل الحصول على موطئ قدم لها في تلك الدول يضمن لها التدخل في شؤون العباد والبلاد لزعزعة الاستقرار وإشعال النزاعات والحروب تمهيدا لإقامة إمبراطورية الشر الأمريكية.

انتقدت الولايات المتحدة الأمريكية في تقريرها السنوي المتعلق بحقوق الإنسان الدول التي تنتهك حقوق الإنسان لتضغط على من تريد من أنظمة تلك الدول وتبتز أخرى، وهي دائما تتناسى نفسها عملا بالقول "ورمتني بدائها وانسلت" ونراها أحيانا تلاحق أعداء لها بحجة انتهاكهم لحقوق الإنسان ولكنها تضغط على الأمم المتحدة ومنظماتها لتنتزع منها حصانة شاملة لمجرميها الحربيين الذين لم ينتهكوا حقوق الإنسان فحسب وإنما اعتدوا على حق الآلاف من أبناء شعوبنا في الحياة.

تتعمد الولايات المتحدة الأمريكية الانتقاء المزاجي والمبني على أساس مصلحها لمن تريد من الدول للحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان وتتجاهل الدول الحليفة لها وعلى رأسها الدولة العبرية التي لم تتوقف لحظة واحدة منذ أن نشأت عن ممارسة سياسات العقاب والاضطهاد الجماعي ضد شعبنا الفلسطيني بما فيها الحصار الاقتصادي والاعتقال والقتل والاغتيال للشيوخ والنساء والشباب والأطفال، ولا تزال هذه الدولة الغاصبة تمارس سياسة التمييز العنصري ضد أهلنا في الأرضي الفلسطينية التي يحتلها الصهاينة منذ عام 1948م، هذا بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الغربيين ينتهكون حقوق الجاليات الإسلامية في بلادهم باسم الحرب على الإرهاب.

وكذلك تُسقط الولايات المتحدة الأمريكية من تقريرها غير المحايد ما يقوم به جيشها وميليشيات عملائها والجيش البريطاني ضد أهلنا في العراق المحتل، بل إن العبقرية الأمريكية اهتدت إلى إسناد كل الجرائم ضد أهلنا في العراق إلى الحكومة العراقية المؤقتة التي جاء زعماؤها على ظهور الدبابات الأمريكية المحتلة، وتسقط أيضا من تقريرها جرائم حكومة كرزاي العميلة التي تقتل المتظاهرين من الشعب الأفغاني لأسباب تافهة، وتغض الطرف كذلك عن جرائم الأنظمة الحاكمة في الباكستان وغيرها من حلفاء واشنطن حيث تمارس تلك الأنظمة العميلة التعذيب الوحشي والقتل الهمجي ضد الشعوب المسلمة.

وفي العراق لا توجد مصيبة أو مأساة إلا وآثار اليد الأمريكية واضحة فيها ولا توجد ميليشيات مجرمة وقاتلة إلا والتغطية الأمريكية تساندها، وفي البلاد الأخرى لا يوجد نظام ظالم إلا تجده مدعوما من واشنطن ماليا وسياسيا لممارسة ظلمه وطغيانه، والغريب أن رامسفيلد وبوش يعربان عن خشيتهما من اندلاع حرب أهلية في العراق وهما من أشعل فتيلها، فلم تعد للولايات المتحدة الأمريكية أي مصداقية في كل العالم ولم يعد أمام الشعب العراقي إلا وقف مهزلة حرب المقامات والمساجد والحرب الأهلية والاعتصام بحبل الله المتين لتفويت الفرصة على أعداء الله بتدمير العراق بعد أن عجزوا عن الاستمرار في احتلاله.

ما من أحد يصدق الأكاذيب الأمريكية وهو يرى مسلسلات التعذيب السادي في السجون الأمريكية المنتشرة في العراق وأفغانستان وكوبا وعشرات السجون الأخرى المنتشرة في الشرق الأوسط وشرق أوروبا والمخصصة لتعذيب المسلمين، وما من أحد يصدق الأمريكيين وهم يجعلون مساعداتهم للأنظمة الحاكمة في بلادنا مرهونة بقهر الشعوب وتكبيلها وكسر إرادتها وانتهاك حقوقها.

إذاً فالولايات المتحدة الأمريكية غير معنية بحقوق الإنسان ولا تسعى لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في الدول التي تضمنها تقريرها وإنما هي معنية فقط برعاية عملائها في تلك الدول لتسهيل قيامهم بخدمة المصالح الأمريكية وللضغط على الأنظمة التي لا تدور في الفلك الأمريكي ولممارسة المزيد من الابتزاز للأنظمة الحليفة التي عليها أن تبدي باستمرار مزيدا من الطاعة والولاء للإدارة الأمريكية وتبذل مزيدا من الجهد للإسراع في تنفيذ بنود الأجندة الأمريكية الخاصة بالشعوب العربية والإسلامية وللدفاع عن الجاليات اليهودية، بحجة التسامح ومحاربة الكراهية الدينية والتمييز الديني، والشواذ أخلاقيا وجنسيا وإعطائهم فرصة كاملة للتغلغل في المؤسسات الحكومية والأهلية للتجسس والإفساد في الأرض.

ولذلك فإن التقرير الأمريكي لم يتطرق مطلقا إلى ما سببته موجة الإساءة المستمرة إلى رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، من انتهاك للحقوق الدينية والمقدسات الإسلامية لنحو مليار ونصف المليار مسلم، أوليس من حق المسلمين أن يحترم العالم حقوقهم الدينية ومقدساتهم الإسلامية؟! أم أن كل حقوق المسلمين مهدورة بما فيها حقهم في الحياة؟!

والمدهش حقا أن الولايات المتحدة الأمريكية انتقدت الحكومة الصينية على ممارستها القمعية ضد حرية الإعلام وعلى فرضها رقابة صارمة على الإنترنت، بينما تمارس الولايات المتحدة الأمريكية ذات الشيء بل وأخطر منه من تدمير للمواقع الإلكترونية ومراقبة للمقالات التي تفضح الممارسات الأمريكية، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية تدفع الأموال لعملائها للتجسس على منتديات الإنترنت والتشويش عليها وإفسادها بكافة الوسائل وتدفع الأموال لكتَّاب مأجورين للتشويش على الحقائق ولحرمان الناس من حقهم في معرفتها.

إن الدعوات الأمريكية المطالبة بإجراء إصلاحات ما هي إلا واجهة للاستبداد والقمع ومواصلة انتهاك حق الشعوب في اختيار من يحكمها ونوع النظام الذي ترغب فيه، أما الكرامة الإنسانية التي يتباكى عليها جورج بوش وقرينته لورا بوش فلا يوجد مكان لها في اعتبارات الأمريكيين بل هم يهتكون كرامة الإنسان المسلم في العراق وأفغانستان وفلسطين، ويغضون الطرف عن التطهير العراقي الذي يمارسه الروس ضد الشيشان المسلمين حتى وإن تظاهرت واشنطن بانتقادها لموسكو، فلا يأتي هذا الانتقاد إلا لممارسة الضغط على روسيا.

أما بالنسبة لحقوق المرأة والاهتمام المتزايد بالمرأة العراقية والأفغانية والاحتفاء بها، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، فهو يأتي في سياق البرامج الأمريكية لتشكيل شرائح شعبية ودعمها لتساند سياسات الولايات المتحدة الأمريكية ولتكون أداة لتنفيذ خططها وسياساتها ولإيجاد وسيلة للتدخل في شؤون المرأة المسلمة التي أغاظتهم بتمسكها بالإسلام وبقيامها بدورها العظيم في تربية الأجيال المسلمة، وكذلك لتكوين شبكات من المنظمات الأهلية وخاصة النسوية في العالم العربي والإسلامي لتسويق السياسات الأمريكية والترويج لديمقراطيتها في بلادنا وبين أبناء شعوبنا العربية والإسلامية.

لقد بدا النفاق واضحا على خطاب بوش وقرينته بمناسبة اليوم العالمي للمرأة عندما أخذ يعدد انجازات الولايات المتحدة الأمريكية على صعيد تعليم المرأة ومكانتها في العراق وأفغانستان، فبوش يريد أن يلبس الخراب العمراني والإنساني الذي جلبه الأمريكيون إلى العراق وأفغانستان حلة جميلة منسوجة من إنجازات كاذبة ووعود وهمية بالرخاء والحياة الكريمة لشعوب البلدين، لقد نسي بوش وقرينته ما تسببت به الحروب الأمريكية من ويلات للشعبين العراقي والأفغاني وتعذيب سادي وتدمير لمقومات التعليم والحضارة وقتل للنساء والأطفال والشيوخ والشباب في البيوت والأسواق وفي أماكن العمل وحفلات الزفاف.

وهل إتاحة الفرصة للطالبات بالذهاب إلى المدارس في أفغانستان أو إعطاء منصب حكومي لامرأة في العراق وأفغانستان أو تقديم منح وأموال لطلاب وباحثين يمكن أن يغطي صورة الدمار والخراب التي أحدثها الأمريكيون في تلك البلاد؟! وهل كانت المرأة العراقية بحاجة إلى هذا السخاء الأمريكي حتى تأتي القوات الأمريكية لاحتلال البلاد وتسوم العباد سوء العذاب؟!  إن المرأة العربية والمسلمة رغم ما تعاني منه مجتمعاتنا من قهر وطغيان تتمتع بحقوق لا تحلم بها المرأة الأمريكية التي تتعرض في ليلها ونهارها إلى الضرب والابتزاز والاستغلال والامتهان.

وكل تقرير أمريكي وحقوق الإنسان بخير!!!

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ