ـ

ـ

ـ

الأحد 26/03/2006

المثقف في جيب المستبد

ناصر المؤيد

تستحق نجاح العطار كمثقفة كبيرة، كل التقدير… وتستحق مكانة أعلى من التي قبلت أن تكون فيها، وهي منصب نائب الرئيس لشئون الثقافة… ذلك أن النائب يكون في العادة أقل مكانة ممن ينوب عنه… والواقع أن الرئيس نفسه لا يصلح أن يكون نائباً لها.

قبل أربعين عاماً كانت نجاح العطار تكتب مقالات رائعة في مجلة حضارة الإسلام، وتوقع بحرف (ن)… وقد قرأتها قبل ثلاثين عاماً… أي بعد كتابتها بعشر سنوات… كنت آنذاك في المرحلة الثانوية، وقد بدأت رحلتي مع القراءة… أذكر أن تلك المقالات بهرتني… سألت حينها الأستاذ الشاعر محمد منلا غزيل عن (ن)، ومن يكون؟! فابتسم بمرارة، وقال: آه يا صاحبي… (نون) صار (مفتون).

تعرف نجاح العطار أكثر مني بكثير (فضائل) النظام السوري و(مزاياه)… تعرف ماذا فعل بالشعب، وماذا فعل بالحرية، وكيف أراد أن يغتال أخاها عصام في ألمانيا فقتل زوجته حين لم يجده…

ما الذي يجعل سيدة أديبة وناقدة ومثقفة ومن أسرة عريقة، أن تكون دمية في جيب مستبد، أو لوحة يتزين بها ويخفي بها كثيراً من سوءاته؟!

إنه سؤال مأساة، وإجابته عند الدكتورة نجاح العطار…

أما النظام، الذي أعطاها هذا المنصب، فماذا يريد بذلك!؟ إن الأب قد وضع ثلاثة نواب له، وحينما مات لم يكن أي من هؤلاء النواب الثلاثة مرشحاً لخلافته… كان النائب الحقيقي هو (الوريث). أما النواب الثلاثة، فالأول منهم منفي منذ عشرين عاماً، والثاني نفى نفسه منذ أشهر، والثالث جالس في البلد لا محل له من الإعراب.

يريد النظام أن يرسل بتعيين الدكتورة العطار نائباً للرئيس، رسائل عدة، للداخل والخارج، تدل على (حداثته)، وأمور أخرى…

ولكن رسائله كلها لن تصل… لأن الداخل والخارج يعرفان هذا النظام المستبد الفاسد المفلس، مما يجعل من خطواته هذه فصلاً من فصول المسرح الهزلي الذي يقدمه بفجاجة…

لا نستغرب شيئاً مما فعله النظام… نستغرب من المثقف أن يقبل بمثل هذا الدور المهين.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ