الاقتصاد
السوري – وقوى التغيير
هيكل
غريب
أكد المشروع الوطني
للتغيير الصادر عن جبهة الخلاص
الوطني أن الإصلاح الاقتصادي
حاجة وطنية نظراً لمعاناة الشعب
السوري، وانخفاض مستوى
المعيشة، وارتفاع الأسعار،
وانتشار البطالة مما يتطلب
زيادة الموارد، وتوفير فرص
العمل وتأمين الاحتياجات
الأساسية للشعب.
السؤال الآن هل
الإصلاح الاقتصادي ترف يسعى
إليه من يسعى أم فعل جمعي يحتاج
إلى قرار ويحتاج أيضا إلى أداة
مخلصة للتنفيذ...؟
عام 2000 تحدث النظام
في دمشق عن إصلاح اقتصادي وعن
قرارات، وتحدث عن أولوية
الإصلاح الاقتصادي كضرورة تسبق
الإصلاح السياسي، ولكن بعد ست
سنوات وجدنا أن ليس هناك إصلاح
لا في الاقتصاد ولا في السياسة،
ووجدنا أن إصلاحات النظام نفسها
تحتاج من أساسها إلى إصلاح
ووجدت جبهة الخلاص الوطني أن
النظام لن ينفع معه اي شئ إلا
التغيير ، والتغيير وحده سيضع
الإصلاح الاقتصادي من الضرورات
القصوى التي لابد منها.
واليوم تعيش سوريا
مأزقها الحقيقي من خلال أزمتها
الاقتصادية دون ان تتوفر أمام
النظام الفرص الواقعية للخروج
من الأزمة ومن ويلاتها ونتائجها
المدمرة.
فالأزمة
الاقتصادية ما تزال تتعمق دون
توقف، ويتسع نطاق تأثيرها
المباشر على الحياة العامة في
سورية رغم الادعاءات البائسة
والحلول المتهافتة التي يراهن
عليها النظام السوري من اجل
تخفيض وطأتها وحصر مضاعفاتها
وتأثيراتها لتبقى ضمن الحدود
التي توفر له فرص الاستمرار
لوقت إضافي آخر في تأمين
مستلزمات البقاء وحصر
المواطنين السوريين في حدود
الخط الفاصل بين الفقر والحياة.
فالمعلومات جميعها
تتحدث بأن ارتفاع نسبة العاطلين
عن العمل وغلق المزيد من
المعامل وتعطيل مؤسسات الدولة
الخدمية وتقليص الاستيراد من
المواد الأولية ومستلزمات
الحياة الضرورية تتسارع بوتائر
عالية وبدرجة بات من الصعب على
أبناء سورية تحملها.
ومما يثير قلق
السوريين أن الأزمة الاقتصادية
مرتبطة بواقع استمرار النظام
السوري وعلى مواصلة المراهنة
على بقاء النظام ومحاولاته
لتغيير نهجه الاشتراكي الزائف
إلى اقتصاد السوق، وفي الواقع
أن هذه المراهنة لا تترك للنظام
الفرص العملية لا في القريب
العاجل ولا ابعد منه لمعالجة أي
جانب من الأزمة أو منع تطورها
وتحولها إلى كارثة على البلاد،
وان الموارد السورية من النفط
هي موارد محدودة وما عاد
بالإمكان تغيير هذا الواقع في
ظل استمرار النظام واستمرار
نهجه المدمر، وان شد الأحزمة
على البطون اكثر مما جرى حتى
الآن في سورية يعني الانتحار
البطئ والهلاك.
والحديث عن الأزمة
الاقتصادية في سورية تجاوز
المعقول بمراحل، فمع قدوم فصل
الصيف تتفاقم الأوضاع المعيشية
نحو الأسوأ حيث تدنت وتائر
الاقتصاد التجارية وضاق الخناق
على الشعب السوري بصورة عامة
فقد استمر ارتفاع أسعار السلع
واختفت العديد منها سلعة اثر
سلعة، والبطالة تتسع، وفرص
العمل تتحول إلى حلم غير قابل
للمنال.
والحقيقة أن ما
يواجه سورية من كوارث مضافة لن
يكون فقط بسبب الأزمة
الاقتصادية، فالحروب الأمنية
الظالمة التي يصر عليها النظام
وأجهزة قمعه تضطره لاستنزاف آخر
ما تبقى له من قدرات وإمكانات
وسمعة على الصعيدين العربي
والعالمي، وهذا يعني استحالة
الوصول لأي حل من شأنه أن يوقف
تفاقم الأزمة الاقتصادية عند
حدود معينة، أو منع كارثة
التردي التي باتت تطرق أبواب كل
عائلة سورية وتحطم آخر أمل لها
في كسب الحياة داخل جحيم النظام.
ولا يخفى على أحد
داخل البلاد وخارجها أن من ابرز
النتائج المدمرة للأزمة
الاقتصادية هروب عشرات الآلاف
بل مئات الآلاف إلى خارج سورية
والاضطرار تحت ضغط الحرمان
لقبول أية حالة أخرى قد تبقيهم
على قيد الحياة وتمنع عنهم
الكارثة التي يتحسسون ويعيشون
كابوسها المرعب في كل يوم جديد.
فالأزمة
الاقتصادية المتفاقمة في سورية
اذن تتفاعل وتترك تأثيراتها
المدمرة على كل شئ في البلاد،
لذلك فمن حق المعارضة ومن
مسئولياتها الوطنية أن تتجه في
استراتيجياتها لوضع الأسس
العقلانية لحل المعضلات كافة في
سورية وبالأخص المعضلة
الاقتصادية بعد أن فقد الجميع
أي أمل بإمكانية استخدام
الوسائل السلمية والتفاهم أو
حتى المشورة والنصيحة مع
النظام، وبعد أن اصبح الاستبداد
ومصادرة الحريات العامة
والشخصية والإعتقالات المنظمة
الممارسات اليومية والمنهجية
للزمرة الحاكمة وهي غارقة في
مآزقها السياسية والاقتصادية
التي لا نهاية لها.
وعموماً، فإن
الأزمة العامة في سورية، وتردي
الأوضاع الاقتصادية والمعيشية
سوف لن تهدأ ولن تصل إلى بر
الأمان على الإطلاق في ظل
استمرار منهج النظام وان
التغيير الجذري من الداخل هو
المطلوب ولن يكون هناك أية حلول
أخرى لإنقاذ البلاد والعباد سوى
هذا الحل الذي أجمعت عليه كل
شرائح المجتمع السوري وقوى
المعارضة الوطنية ...!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|