محكمة
!!
ابن
البلد
كان الطقس
مقبولا نسبة لأيام حزيران
الدمشقية، اختطفتني القيلولة،
فإذا بصراع بين الخير والشر،
الجميل والبشع يتنازلان في
أعماقي، لم
أعرف السبب أو الكنه، أمي
تنظر لي في كل يوم لتذكرني بأنني
جبان، أتحدث في حلقاتي الضيقة،
ولا أنفع لشئ.. مات عمي تحت
التعذيب ومات أبي قهرا على أخيه
ومت منذ زمن بصمتي. أو بعقلي، أو
بحكمتي، إلى غير ذلك من كلمات
دافعت بها عن نفسي، بل لنقل عن
جبني. غدرتني اليقظة فإذا
بالحلم يتداركني..
الحلم كان
بالألوان، الساحة الخارجية
تشبه القصر العدلي، الساحة
الداخلية تشبه القاعة التي
تناقلت صورتها تلفزيونات
العالم وهي تنقل وقائع مؤتمر
حزب البعث. الصالة مليئة بالناس
معظمهم بثياب فقيرة متواضعة،
وهناك حضور صحفي كبير. قاضيان
وقاضية على اليسار، في الأعلى
الآية الكريمة (بسم الله الرحمن
الرحيم ولكم في القصاص حيوة يا
أولي الألباب صدق الله العظيم).
في قفص الاتهام علي مملوك، علي
دوبا، محمد ناصيف، محمد منصورة،
بهجت سليمان، آصف شوكت، هشام
اختيار، ماهر الأسد، محمد سعيد
بخيتان، رفعت الأسد، رستم
غزالة، غازي كنعان.
كنت جالسا في
الصف الثالث بجانب أحد المحامين
الذي سجن عشر سنين لم ير فيها لا
قاضي ولا محكمة، سألته: بس هدول؟
قال لي: لا هذه الدفعة الأولى.
في الصالة نساء
تبكي وتضحك، تبكي على ذكرى من
فقدت، وتضحك لأنه أخيرا مثل
هؤلاء المجرمون أمام القضاء.
الصحافة تستجوب عددا من
المحامين والضحايا.
التهمة: جرائم ضد الإنسانية،
الضحايا أكثر من أربعين ألف
قتيل مجاني من أبناء الشعب
السوري.
عندما بدأ رفعت
الأسد يتحدث عن الأمن القومي
وضروراته في رده على مجزرة تدمر
نهضت امرأة من الصالة وصرخت به:
اخرس يا مجرم، طلب القاضي من
المرأة مغادرة الصالة أو التزام
الهدوء. واستمر الاستجواب.
شعرت
بيد على شعري جميلي، نظرت إلى
جاري فإذا بي أرى أمي تيقظني
وتقول: وجهك يا ابني جميل مثل
القمر شو حلمان يا ولدي بعروس؟
أجبتها: آه يا
أمي عم بحلم بوطن..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|