بشار...
ولحظة
انهيار إمبراطورية الفساد .....(1)
د.
نصر حسن
الحديث عن الفساد في سورية بات
يكتسب صدقيته من ملامسة هموم
الناس الذين يعيشون بشكل يومي
كل إفرازاته المريرة التي تحاصر
أنفاسهم وكل مفردات حياتهم , هذا
العفريت الشريرالذي يضرب
عقولهم وأجسامهم بتكراريومهم
وغدهم ,يضغط على بطونهم وجيوبهم
وكرامتهم وإنسانيتهم , يجعل
حياتهم أشبه بجحيم ٍيحيطهم لامفرمنه
يحرقهم بناره كيفما تحركوا ويسد
طريقهم أينما اتجهوا ويغلق
أمامهم كل الأبواب ويقضي على
حلمهم وأملهم وتطلعهم
إلى الخلاص من مرارة واقعهم ,
كابوس مخيف يتسلسل بإصرارمع
تسلسل كذب النظام المستمرعلى
الشعب بإصلاح قادم طال انتظاره ,
هو في حقيقته سرابا ً ووهما ًلم
يأت ولن يأت , والملايين في
سورية التي تعيش في ظل هذه
الحالة المستشرية من الفساد
المروع لأولياء الفساد الذي عم
كل دوائرالدولة ,والنخبة
الفاسدة المتسلطة الحاكمة التي
تتحكم بالبلاد والعباد وأصبحت
أقرب إلى مافيا السلطة الفاسدة
والمفسدة وأبعد ماتكون عن إطار
سياسي للحكم , وغدى هذا الوباء
السياسي التي بنته الطائفية
السياسية هو الناظم الوحيد الذي
يتحكم بالدولة والمجتمع ,وفي
دائرة من المتاهة لانهاية لها ,بل
أصبحت مافيا الفساد التي أنتجها
النظام أشبه بطاحون أطرافها
الجبال تحاصرالإنسان بين كتل
رحاها الشريرة وتطحنه باستمرار
وبهمجية وفوضى لارحمة فيها
ولاشفقة.....منحدرة ًبإنسانينها
إلى الحضيض بل أدنى منه بكثير
...!.
من أسس لهذا الشر الذي مابعده شر,ومن
نشر هذا الوباء ليميت الدولة
والمجتمع ؟ متى
بدأ بالضبط ومن هو عميده وماهي
أشكاله ؟
وهل هو جزئي في بنية الدولة
أم عام شامل ؟ هل هو فساد حاكم أم
محكوم ؟ هل أنتجته مسيرة بناء
الدولة , أم أنتجه فساد فرد
وعممه على الدولة والمجتمع ؟ هل
هوفساد سياسي يرافق كل النظم
السياسية في العالم ؟ أم هو فساد
اقتصادي أم إحتماعي
أم إداري أم ثقافي أم أخلاقي
أم الكل مجتمعين ويزيد... ؟ هل هو
فساد رأس أم فساد جسم , أم
فسادهما معا ً ؟ وهل يمكن علاجه ,
أم وصل كفيروس فتاك في طورمجهول
جديد من تطورحياته وأصبح حتميا
ً وضع حد له ولحاضنته بكل سرعة
ووسيلة ممكنة ومتاحة ....؟!.
من المعلوم أن الحياة البشرية في
صورتها البسيطة هي النقيض من
شريعة الغاب التي تنتفي فيها
المعايير الإجتماعية
والإنسانية والأخلاقية واحترام
الأخرين ,ويحكمها منطق القوة
الفاجرة الباغية وبشكل مختصر
القوي يأكل الضعيف وهذه هي
الصفة الأساسية التي تميز بين
الكائنات الحية والتي يتربع قيميا
ً الإنسان على قمة هرم التطور في
هذا الكون ,على أن الكائنات
الحية الأخرى التي تأتي في أسفل
درجة على سلم الأحياء والتي
تعيش في الغابات وقمم الجبال
وأعماق البحار وعلى اختلاف
فصائلها ودرجة قوتها وضعفها
ودرجة تطورها وبما نراه ظاهرا
ًمن عفوية وفوضوية وخشونة وعنف
في سلوكها لها بعض المعاييرالتي
يمكن تسميتها بنظم سلوكية وهي
أشبه بقوانين تحكم حركتها
وعلاقاتها مع
بعضها بحيث يبقى نظامها العام
مستمرا ًومحافظا ًعليه دون
خروقات من هذا القطيع أو ذاك
تؤدي إلى الخلل الكبير في
منظومتها الحياتية
وتبقى مستمرة ًدون فناء ,
والأدهى من ذلك أن بعض الكائنات
الحية أثبتت تطور في منظومتها
السلوكية وأصبحت أكثر قربا ً من
صيغ التعايش السلمي مع أقرانها
من الكائنات الأخرى.
كان من الضروري إجراء هذه
المداخلة البسيطة والتي تبدو
للوهلة الأولى بعيدة عن الموضوع
, لكن سنرى لاحقا ً بأن منبع
الفساد هو انعدام الصفات
الأدمية والإنسانية للفاسدين
....
عودة على بدء إلى الفساد العام والمركب
والذي يمثل سلسلة طويلة
من
الفاسدين ووصفها الدقيق هو
مافيا بل عصابة وبأسوأ ماتعنيه
الكلمة من معنى الإنحطاط
والفجور,تسيطرعلى الدولة بكل
مفاصلها,مافيا روعت الشعب بكل
شرائحه الإجتماعية ونهبت ثروته
وأفقرته وأهانت كرامته وأغلقت
كل طرق العيش الشريف أمامه على
مدى سنين عجاف ظالمة
طويلة من تاريخ سورية الحديث .
النهاية دائما ً هي محكومة
بالبداية وهذا ينطبق على مسيرة
الأفراد والجماعات والأحزاب
والنظم السياسية والدول
والعلاقات الدولية ,واستطرادا ً
هناك فرق كبير بين من يبدأ بهدف
محدد مبرمج منحرف ومنهج منحرف
ووسيلة منحرفة ...! وبين من يبدأ
ويملي عليه الواقع
وتطورالأحداث ومرور الزمن
أهدافه وسبل تحقيقها ..... مالذي
حدث في سورية ومن أين أتاها هذا
الوباء الذي فتك بالإنسان
وأوصله إلى حالة التشويه , وماهي
أشكال هذا الفساد ومن يتحمل
مسؤوليتة ؟!.
الفساد في سورية هو من صنف فساد
السمكة بدأ من الرأس وانتشر
تدريجيا ً إلى الجسم وتغلغل فيه
وتفاعل معه مع مرور الوقت
ليصبغه بلونه بحيث يضيع الجميع
في سراديبه ,وأخذ أشكال متعددة
متلونه حسب رغبة الحاكم الفاسد
وقدرته على الإفساد ..........
هذه مقدمة نفتح بها باب رؤية فساد
مافيا الحكم في سورية ......وللحديث
سيء الصيت تتمة..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|