ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 15/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

زمن الذين ليسوا في العير ولا في النفير!

الطاهر إبراهيم*

في سورية ،الوطن والدولة والشعب، عمل نظام حزب البعث -الذي تحول إلى نظام وراثي يتوارث فيه الحكم الابن عن أبيه-، منذ جاء إلى السلطة في آذار عام 1963 ،على تهميش الجميع إلا من رضي أن ينطوي تحت جناحيه، وكان سلاحه في ذلك احتكار السلطة من خلال العمل بالقوانين الاستثنائية ومحاكم أمن الدولة . وقد تحول هذا التهميش في العقدين الأخيرين من عهد الرئيس الراحل "حافظ أسد" إلى استئصال بعد أن أصدر القانون 49 لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام على مجرد الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.

ولأن الشعب السوري كله تضرر من هذا الحكم الذي حول سورية إلى مزرعة يستثمرها كيف يشاء، فإننا نؤكد هنا أن المعارضة لنظام حكم حزب البعث، ومن ثم لحكم أسرة "حافظ أسد" لم تكن حصرا ولا حكرا على الإخوان المسلمين، ولن تكون. فهي تستقطب كل فئات الشعب السوري ، للأسباب التي أوردناها آنفا. فالشعب السوري متعدد الانتماءات، لا تستوعبه دائرة أيديولوجية واحدة. ومع ذلك فإن هذا الاستئصال، الذي انتهجه الرئيس الراحل، لم يشمل جميع الذين عارضوه بل انحصر في جماعة الإخوان المسلمين فقط، وإن لم يقتصر القمع عليها وحدها بل شمل جميع التيارات والأحزاب.

ولأن النظام السوري يدرك أن الإسلام يشكل قطب الرحى عند الشعب السوري، فقد حاول إيجاد بدائل، أرادها أن تكون إسلاما محكوما بهامش ضيق هو رعاية الشعائر الإسلامية، لا تتجاوزها إلى غيرها تحت طائلة الإهمال أو الإقصاء أو الاستئصال، لمن يفكر ولو مجرد التفكير بأن يوسع هذا الهامش أكثر مما أراده الرئيس.

وحتى لا نبقى في ساحة العموميات، نذكر هنا أن المفتي العام للجمهورية السورية المرحوم الشيخ "أحمد كفتارو"، تم اختياره من قبل نظام حزب البعث مفتيا عاما، ربما اعتمادا على مواقف للشيخ سلفت في تأييد مرشح حزب البعث "رياض المالكي" ضد الشيخ "مصطفى السباعي" رحمه الله تعالى مرشح الإخوان المسلمين لعضوية آخر مجلس نواب سوري عام 1956، بعد أن شغر المقعد بوفاة صاحبه. وربما اختاره حتى لا يفاجأ بمفتي غير موال النظام كما كان سلفه "أبو اليسر عابدين" المفتي السابق للجمهورية.

غير أن الشيخ ،رغم ظهوره دائما إلى جانب الرئيس في المناسبات الدينية، إلا أنه نحا منحى آخر في العقدين الأخيرين من حياته. حيث أراد أن ينهي حقبة العداء بين الرئيس الراحل وبين الإخوان المسلمين وإزالة العقبات أمام عودتهم من المنافي.

ومع أن وساطته كانت "على الخفيف"، فقد جوبه مسعاه هذا بمعارضة شديدة من الرئيس الذي ما كان يسمح أو يقبل أن يسمع لأي وساطة من هذا القبيل. ولولا الصفة التي كان يحملها الشيخ "أحمد كفتارو" لأقصي عن منصبه منذ زمن بعيد. ومع أن القياس كان تعيين نجله، الشيخ "صلاح كفتارو" مفتيا عاما خلفا لوالده، وله علاقة غير متوترة مع الحكم، إلا أنه عُدِل عن ذلك واختير "أحمد حسون" مفتيا عاما، لأسباب يعرفها السوريون، ويتعلق بعضها بسياسة إلباس الحكم إسلاما مفصلا على قياس النظام.

فهو يعتمد على صور باهتة لإسلام من دون روح، يدّعيه من يسعى وراء المنصب، ويبيع دينه بعرض من الدنيا قليل. كما أن السلطة في سورية تريد إسلاما بعثيا ممثلا بأشخاص قوالبهم الخارجية إسلامية، تملأ المواقع الإسلامية في تركيبة النظام، وهم كما يقول المثل: "من برا الله الله، ومن جوا يعلم الله ".

وفي ضوء السياق المتقدم لم يكن مستغربا أن يُعيّن "أحمد حسون" مفتيا عاما لسورية، وهو الذي سعى إليه في سباق محتدم بينه وبين "صهيب الشامي" مفتي حلب سابقا. وكانت الغلبة ل "حسون" بعد أن استطاع أن يدفع الثمن الذي لم يستطعه منافسه، من خلال محاولة كسبه عطف فئات نافذة في سورية.

فقد نقل الذي كانوا يحضرون دروس "حسون" أنه كان يختم دروسه بقوله:"اللهم صلي على محمد وعلى آله ... وسلم" متجاوزا كلمة "صحبِهِ"،على غير ما جرت به عادة المشايخ في ختام مواعظهم. وفي هذا إيهام ،وربما حقيقة، أنه يتقرب من فئة نافذة في النظام السوري تحب الإمام "علي" رضي الله عنه وتكره أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.

ما نحن متأكدون منه، أن "أحمد حسون" قام بقص الشريط الحريري لافتتاح نادٍ إسماعيلي في الإمارات، تابع ل "آغا خان" زعيم الطائفة "الإسماعيلية"، الذي استقبل أكثر من مرة من قبل الرئيس بشار أسد. وقد رافق "حسون" في رحلته العميد "عبد الفتاح أبو سيف" رئيس فرع المخابرات العسكرية الأسبق في إدلب.

ولأن لنظام يعرف أنه في واد والشعب السوري كله في واد آخر، فقد حاول أن ينهج نهجا آخر في تلميع صورته، تمثل بتنظيم محاضرات دينية للقوات المسلحة ألقى الدكتور "محمد حبش" بعضها أمام ضباط وجنود، ليمسح من الأذهان ما هو عالق فيها على مدى أربعة عقود، من أنه نظام علماني، وهو ما لم ينكره رموز النظام. جاء ذلك في أكثر من مناسبة على لسان الرئيس "بشار الأسد" أمام صحفيين أمريكان، وكأنه يقدم شهادة حسن سلوك في وجه من يتهمونه بإيواء إرهابيين إسلاميين في سورية.

نعود مرة أخرى لنؤكد أن الإسلام ليس حكرا على فئة دون باقي الفئات، وأن بساطه واسع يتسع للناس،دونما حاجة أن يكونوا منتمين إلى هذه الفئة أو تلك. وما نؤكده هنا أن المواطن السوري يستطيع أن يميز الإسلاميين وبين أدعياء يظهرون الإسلام وقلوبهم خربة.

ولذلك لم يستغرب الشارع السوري ما أوردته جريدة الخليج يوم 11 نيسان الجاري، نقلا عن "محمد حبش" عضو مجلس الشعب السوري، زاعما: (أن المجتمع السوري والدولة لن يقبلا عودة نشاط حركة الإخوان المسلمين في سوريا).

ف "حبش" عدا عن كونه يخلط بين مفهومي الدولة ونظام الحكم، فإن السوريين يميزون بين الدولة التي تضم الأرض والشعب والحكومة وبين النظام الذي اغتصب السلطة بانقلاب عسكري في آذار عام 1963 . و"حبش" يزعم في حديثه أن المجتمع السوري لا يقبل عودة نشاط حركة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن (ردود الأفعال السورية الرسمية والشعبية معاً هي الآن متشنجة جداً وقوية ضد أي نشاط إخواني جديد في سوريا).

ولكن "حبش" الذي تصفه الصحيفة أنه ممثل التيار الإسلامي المتجدد في سوريا، ورئيس مركز الدراسات الإسلامية، لم يقل لنا من أين استقى معلوماته هذه؟ وهل قام مركزه بقياس "ردود الأفعال الشعبية" هذه أو كلف مركز استطلاع مختص بقياس آراء الشعب؟.

على الأقل، فإن ما أشار إليه "حبش" يتناقض تماما مع ما تتناقله مراكز الأبحاث المعتبرة التي لها طرقها في قياس ردود الأفعال الشعبية. وهذه تؤكد  أن أي انتخابات حرة ونزيهة تجرى في سورية في حال قيام حكم ديموقراطي سوف تأتي بالإسلاميين إلى السلطة. ومع التأكيد على أن هذه الاستطلاعات مبالغ فيها لتخويف الغرب من قيام حكم ديموقراطي في سورية، فإن هذا لا يلغي حقيقة أن التيار الإسلامي سيأتي في طليعة التيارات في انتخابات حرة ونزيهة محتملة في سورية.

ما نريد أن نؤكده في هذه العجالة، هو أن النظام السوري يحاول عبثا إيجاد بدائل من التيار الإسلامي، وأنه قد أخطأ الهدف مرتين: المرة الأولى عند ما يعاكس تيار الحياة، ويقف في وجه تنامي التيار الإسلامي. والمرة الثانية باعتماده ،في تحقيق ذلك، على بدائل من الناس ليس لهم رصيد عند المواطن السوري. بل إن هؤلاء عندما يُعَدّ الدعاة إلى الله، فإنهم عند المواطن السوري "ليسوا في العير ولا في النفير".   

*كاتب سوري

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ