ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 16/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لم يحدث في شامستان

-2-

د/ هشـام الشـامـي

مع نهاية القرن الفائت و بداية القرن الحالي فارق بعض الزعماء العرب كرسي السلطة الذي فُصّل على مقاساتهم ، و تمسكوا وتشبثوا فيه ،و عضوا عليه بالنواجذ ، وقعدوا عليه عقود عديدة ، حتى ملّهم و ضج من مؤخراتهم المترهلة و قعودهم المزمن ، و لو كان له لسان لقال : صبرت حتى ملّ الصبر من صبري . فارقوه مكرهين لا مخيّرين ، عندما أتاهم هادم اللذّات و مفرق الجماعات ، أتاهم أشد خلق الله هولاً على ابن آدم الذي لا يفرق بين رئيس و مرؤوس ، و لا بين ظالم و مظلوم ، أتاهم من حيث لم يحتسبوا ، و قد حسبوا حساب كل شيء ( إلا الموت ) حتى دبيب النمل ، و صفير الريح ، و شخير النوّم ،و أنفاس البشر ، و سخّروا من أجل هذا الكرسي الذي فارقوه جيشاً عرمرماً من الجواسيس و المخبرين والأفّاكين و السجانين و الجلادين و الساديين و المتوحشين و نصبوا في سبيله المشانق و دمروا و نكلوا و أرهبوا و أرعبوا و قتلوا و سفكوا الدماء و هتكوا الأعراض و فرقوا الجماعات و نهبوا الشعب و الأوطان ، و نشروا ثقافة الخوف ، حتى قال الجميع : لا تنطقوا إن الجدار له أذن .

و من الطبيعي أن يخلف الولد أباه في النظم الملكية ، و لا حرج في ذلك ، لأن الدستور واضح و صريح في ذلك ، و هذا ما حصل في المغرب و الأردن و البحرين مثلاً . إلا في شامستان فالنظام جمهوري ، و الدستور (الذي وضعه حافظ أسد بنفسه عام 1973م و سماه الدستور الدائم للبلاد ) كان على مقاسه تماماً ، و نص صراحة أن عمر الرئيس يجب ألا يقل عن أربعين عاماًُ (وهو عمر حافظ عندما انقض على السلطة) ، و لكن الفكر التسلطي الشمولي لا تقف أمامه قوانين و أنظمة و لو كان هو من سنها ،و لا تعجزه الحيلة في تدبير أمره ، فهو السلطات الثلاث و غايتها و هدفها و منطلقها و مستقرها ،و هو أدرى بمصلحة البلاد و العباد ، و ما على الشعب ( الذي لا يعرف مصلحته ) إلا السمع و الطاعة ، و التصفيق و التمجيد ، فلما توفي حافظ الأسد في العاشر من حزيران 2000م ، و أضطر أخيراً لمغادرة الكرسي الذي جلس عليه ثلاثين عاماً ، و نزل في حفرة داخل التراب مثلما ينزل بقية خلق الله ، و ما أن ردم فوق جثته التراب ، حتى حدث ما كان متوقعاً من مثل هكذا نظام ، و جرت مسرحية هزلية مكشوفة و مفضوحة ، في أروقة البرلمان ، حيث اجتمع ممثلوا النظام ( لا الشعب ) و جوقة النفاق و الكذب ، و عدلوا الدستور في عشر دقائق ( بلمسة سحرية )، و فصلّوه على مقاس ولده الدكتور بشار، و أصبح عمر الرئيس أربعاً و ثلاثين عاماً ( هو عمر الأسد الابن ) عوضاً عن أربعين ( عمر الأسد الأب ) ، و تم التصويت عليه بالإجماع ( كالعادة ) ، و عندما تساءل أحد المجتمعين ( ببراءة الأطفال ) عن مبررات التعديل من الناحية القانونية، سمع ما يسره من الرفيق عبد القادر قدورة ( ناظر الحضانة ) و رئيس مجلس أشعب ، و مع كل الذي حصل ، و مع عدم مشروعية الرئيس الجديد ، تفاءل الناس خيراً ، و حاولوا أن يضغطوا على جراحهم النازفة ، و آلامهم المزمنة ، فالرئيس الجديد طبيب - أخصائي عيون - و مثقف ( و جراح العيون أرفق و أشفق و أدق و أرق الجراحين ) ، و له اهتماماته العلمية و المعلوماتية ، و درس في أوربا و عاين التعددية و الديمقراطية الغربية ، و كان صغيراً في نهاية السبعينات و أوائل الثمانينات عندما أرهب أباه و أعمامه و أزلامهم الناس و العباد ، و دمروا المدن و سفكوا الدماء و كمّوا الأفواه ...

و لكن الذي حدث في النظم الملكية كالبحرين و المغرب بعد استلام الأبناء السلطة من آبائهم لم يحدث في شامستان ! ؛ فبينما أصدر ملك البحرين الشاب عفواً عاماً عن المساجين و سمح بعودة المنفيين ، و أبعد رجال الأمن و المخابرات  و المفسدين ، و فتح تحقيقاً معهم ، و حاسب المتجاوزين منهم . ذهب ملك المغرب محمد السادس أبعد من ذلك ، فلم يكتفِ بما فعله ملك البحرين ، بل أنشأ هيئة لإغلاق ملف انتهاكات حقوق الإنسان التي تعود إلى الفترة بين عامي 1956م ( و هو عام استقلال المغرب عن فرنسا ) و عام 1999 و هي السنة التي تولى فيها محمد السادس الحكم  بعد وفاة أبيه ، و ها هو يصدر منذ أيام و بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف عفواً عن (879) سجيناً ، منهم ثلاثون متشدداً إسلامياً كانوا قد اعتقلوا على خلفية تفجيرات الدار البيضاء التي حدثت في عهده في مايو عام 2003م .

بينما لا تزال كل الملفات الإنسانية ، و الجرائم و الانتهاكات الحقوقية ، و المجازر و السجون و المعتقلات و ملفات المبعدين و المنفيين و المفقودين و البدون ، في أسدستان هي هي ،و ما زال الأمنييون الذين أرهبوا الشعب و نكلوا به هم السلطة و القانون ، حتى رجال المخابرات الذين شابوا و شاخوا و فقدت أجسادهم القدرة على التعذيب و التنكيل ، رُقّوا و رُفّعوا ، و أصبحوا نواب و معاونين و مستشارين ، حتى لا تضيع تلك الخبرات سدى ، و لا يخسر جهودهم الجبارة الوطن و المواطن ، و ما زال قانون الطوارئ مسلطاً على رقاب المواطنين منذ أكثر من أربعة عقود ، و ما زال قانون (49) السيئ الصيت الذي صنع في سوريا و لا يوجد قانون يشابهه في أرض الله الواسعة – ماركة مسجلة - و الذي يحكم على فكر الإنسان و معتقده بالإعدام سارياً ، بل جرى تفعيله أخيراً عندما حكم بموجبه على المهندس عبد الستار قطان الذي قضى زهرة شبابه في سجون الأسد الأب ( منذ أواسط السبعينات و حتى أواسط التسعينات ) و بعد أن تجاوز الستين من العمر بالسجن اثنتي عشر سنة، و ذنبه  ( الذي لا يغتفر!؟ ) أنه وزع بعض الإعانات المالية و المساعدات الإنسانية على أهالي بعض المعتقلين و المفقودين الذين غيبهم النظام و أصبحوا بلا معيل .

و السؤال الذي يطرح نفسه ، و الذي نوجهه لأبواق النظام الناعقة ، و مؤتمرات الشام الداعمة ( من محامين عرب و أحزاب عربية ... ) ، و مخيلات المخدوعين الحالمة ، لماذا لم يحدث في أسدتان ما حدث في غيرها ؟.

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ