التحالف
الإيراني السوري
محمود
العمر
لدى
وصوله إلى دمشق صرح السيد هاشمي
رفسنجاني قائلا :(نحن في إيران
نرى أنفسنا وسورية في خندق واحد
. نحن نعتبر السوريين في حالة
مقاومة ,وهم في الوقت نفسه
عازمون على الاستمرار في
المقاومة ) قبل ذلك بفترة قصيرة
طالب نائب رئيس المجلس الإسلامي
الشيعي في لبنان الشيخ عبد
الأمير قبلان (بأن تبادر طهران
إلى تشكيل اتحاد إسلامي آسيوي
يضم الدول الإسلامية الآسيوية
لا سيما وأن الدول العربية
والإسلامية عرضة لمشروع
استعماري يهدف إلى سرقة ثرواتها
وخيراتها ) .
التصعيد
الأخير الذي تشهده المنطقة هذه
الأيام فيما يبدو أنه صراع بين
الولايات المتحدة من جهة وإيران
من جهة يدل دلالة واضحة على تخبط
وفشل وإفلاس السياسة الأمريكية
في المنطقة . فأمريكا من خلال
احتلالها للعراق وحربها على ما
سمته بالإرهاب قدمت لإيران
خدمات مجانية كبيرة جدا جعلت
منها قوة إستراتيجية يحسب
حسابها في المنطقة .حيث قضت على
نظام طالبان الذي كان بإمكانه
الحد من تمدد النفوذ الإيراني
باتجاه الشرق و باحتلالها
للعراق قوضت نظام صدام حسين
الذي استطاع –بدعم أمريكا
والغرب ودول الخليج – أن يقف
سدا منيعا أمام تمدد إيران
باتجاه الخليج منبع البترول
ومصدر الطاقة .
الآن
وبعد مرور ثلاث سنوات على
الاحتلال الأمريكي للعراق يبدو
جليا للعيان أن الرابح الأول –وربما
الوحيد-في هذه الحرب هو إيران ,مما
دفع بعض المحللين السياسيين إلى
القول بأن إيران تحتل العراق
بدبابات أمريكية ,بل إن أمريكا
التي عجزت عن كبح جماح المقاومة
السنية ستكون
عاجزة أكثر وربما تضطر إلى
الانسحاب في حال تحريك إيران
لشيعة العراق كي يتمردوا على
أمريكا وينضموا إلى السنة في
مقاومة الاحتلال .
إن
الخلاف الأمريكي الإيراني
يتركز على الملف النووي
الإيراني فقط فلم يعد هناك أي
ذكر لتهديد إيران لجاراتها في
الخليج ولا عن قيامها بتصدير
الثورة ولا عن تورطها في قضايا
الإرهاب أو سجلها في مجال حقوق
الإنسان .
مقابل
ذلك لم يصدر عن القادة والزعماء
العرب إلا بعض التصريحات على
استحياء بل ربما كانت بضوء أخضر
أو طلب ودي ! من أمريكا .. الملك
الأردني تحدث من قبل عن الهلال
الشيعي ووزير خارجية السعودية
أبدى شيئا من الانزعاج حيال
تدخل بعض دول الجوار في شؤون
العراق في إشارة إلى إيران ثم
أخيرا تحدث الرئيس مبارك عن
ولاء شيعة العراق لإيران الأمر
الذي أثار حفيظة حكومة الجعفري
فقررت مقاطعة اجتماعات وزراء
خارجية الدول العربية في
القاهرة .
لقد
استطاعت إيران أن تجعل من
العراق خط دفاع أمامي يصد عنها
كل الضربات المحتملة سواء من
أمريكا أو من إسرائيل وهذا ما
يفسر تدخل إيران في شؤون العراق
على كافة الأصعدة الأمنية
والعسكرية وحتى السكانية بشكل
مباشر وغير مباشر حيث تشير
الدراسات - نقلا عن المنظمة
العراقية للمتابعة والرصد -أن
مليون إيراني تم تسجيل دخولهم
العراق، عقب الاحتلال،
واستقروا في مناطق جنوب ووسط
العراق بينما هاجر في الوقت
نفسه 950 ألف عراقي تاركين أرضهم
وأموالهم هربا من الإرهاب
الطائفي,كما يمثل هذا النفوذ
نقطة انطلاق لإيران للتمدد غربا
نحو سوريا ولبنان وجنوبا نحو
السعودية والخليج ,ويفسح هذا
الوضع أمامها آفاقا من التوسع
والسيطرة الإقليمية تكون قد
حصلت عليها دون دفع ثمن يذكر .
نظام
الحكم في سوريا يسعى من خلال
تحالفه مع طهران إلى كسب ثقل
سياسي ضائع ,وكسر العزلة التي
يعاني منها بابتزاز الدول
العربية عن طريق التلويح بالعصا
الإيرانية من جهة والتهديد بقلب
الطاولة رأسا على عقب ,وإتباع
سياسة الأرض المحروقة إذا أدين
في جريمة اغتيال الرئيس رفيق
الحريري الذي بات من شبه المؤكد
ضلوع رؤوس النظام فيها ,ومن هذه
الزاوية يمكن تفسير تمسك النظام
بخيوطه في لبنان مهما كلفه ذلك
من ثمن لأن ما يدور في لبنان
يشكل معركة حياة أو موت بالنسبة
للنظام ,والساحة اللبنانية إنما
تشكل حلبة الصراع فقط .
إن
غياب تركيا عن التأثير المباشر
في مجريات الأحداث في العراق
وانشغالها بالمسألة الكردية
داخليا –التي لا يستبعد تورط
إيران فيها – ومحاولة الدخول في
النادي الأوربي ,وتفادي إزعاج
أمريكا -التي تربط العلاقات
بينهما شعرة معاوية- على صعيد
السياسة الخارجية ,وتغيب مصر
والسعودية عن مهمة الدفاع عن
السنة في العراق وتعديل كفة
الميزان أمام المد الإيراني قد
يكون من أسبابها انشغال الرئيس
المصري بالانتخابات وتهيئة
الأجواء لتوريث الحكم لابنه على
غرار سوريا ,إضافة لانصراف
السعودية إلى مشكلها الداخلية
من خلال الحرب على الإرهاب أو
محاربة التيار الوهابي المتطرف
–كما يقال- يجعلها بعيدة عن
الدفاع عن السنة فضلا عن
زعامتهم ,قد ترك الميدان خاليا
لإيران تصول فيه وتجول كما تريد
وتشتهي..!
لكن
هل ستستمر الأمور على ما هي عليه
وتجري الرياح كما تشتهي سفن
إيران ؟!
الجواب
على هذا السؤال حاليا في غاية
الصعوبة والتعقيد !.لكن تحول
الوضع مؤخرا في العراق إلى حرب
طائفية بدا فيها واضحا ذبح
السنة وتصفيتهم بأيد إيرانية
تارة وأيادي المليشيات والفئات
الموالية لإيران تارة أخرى
سينعكس سلبا على إيران في
صراعها حول ملفها النووي وسيجعل
محاولتها الخروج من عنق الزجاجة
صعبا ,وسيفتح الأبواب أمام
خصومها الأمريكان للتفاهم مع
السنة بعد عداء طويل الأمر الذي
بدأت تظهر بعض إشاراته في
الأيام القليلة الماضية.
عندها
ستكون إيران – واقعا لا
خيالا- مع حليفتها سوريا في خندق
واحد ,وفي حالة مقاومة أيضا كما
صرح السيد رفسنجاني .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|