التعذيـب
في سـجن تـدمـر- 7
الدكتور
خالد الاحمد*
مقـدمـة
:
يقول
فلاسفة التاريخ : الهدف من دراسة
التاريخ ليس اجترار الآلام ،
ونبش الماضي بروائحه المتعفنة
واسترجاع الصـور المبكيـة ،
وإنما هو أخذ العبرة من الماضي ،
الماضي الذي كلف سوريا عشرات
الآلاف من خيرة أبنائها ، كي
لايضيع الماضي سـدى ، فنستفيد
منه في الحاضر ، وعندما أتحدث عن
المذابح الجماعية التي مارسها
نظام حافظ الأسـد في سوريا ، أو
أنواع التعذيب وأساليبه
الوحشية ؛ لا أقصد منها سوى أن
نعتبر من الماضي المؤلم ، وأن
نتخذ كافة الاجراءات
والاحتياطات كي لايعود هذا
الماضي ، ونجتث الأسباب المؤدية
لهذا الماضي المروع من جذورها ،
وأهم تلك الجذور الحكم الفردي
الديكتاتوري ، الذي استخدم
الجيش ( جيش الشعب ) كما قالوا
عنه ، استخدم جيش الشعب ليقتل
الشعب بدلاً من أن يحميه. وينهب
أموالـه وأثاث منازلـه بدلاً من
المحافظة عليها .
ويتابع
الأخ محمد سليم حماد عرض مشاهد
من التعذيب التي صبت عليه وعلى
إخوانه في سجن تدمـر ، في دولة
النظام الاستبدادي الأسدي ، هذا
النظام الذي قتل قرابة مائة ألف
مواطن من خيرة المواطنين ، وسجن
عشرات الألوف ، وشرد خارج سوريا
مئات الألوف أيضاً ...
الكــولــيرا
ولم
تكن بلاءات هذا المكان المريع
لتتوقف .. فذات صباح في صيف
عام 1981 استيقظنا على أصوات
التقيؤ وصيحات الألم المكتومة
في المهجع .. ووجدنا حالة من
الإسهال الشديد أصابت الكثيرين
بيننا . وأخذت العدوى تنتشر
يوماً بعد يوم ، وجعل الإخوة
يتساقطون من الإعياء داخل
المهجع أو في وقت التنفس .
وكانت الفاجعة بأنها الكوليرا
قد سرت . ولم نلبث وقد استشرى
الأمر أن وجدنا طبيب السجن محمد
يونس العلي يمر على المهاجع
ويسأل عن عدد المصابين ويسجل
ذلك عنده . وبعد ساعتين أو
ثلاث عاد الشرطة وطلبوا من رئيس
المهجع أن يخرج هؤلاء المصابين
جميعاً لينتقلوا إلى مهجع 13 في
الباحة الثالثة فتحوه للمصابين .
فخرج من مهجعنا وحده حوالي
الأربعين . وأمضى الإخوة في
العزل عدة أسابيع قدمت لهم
إدارة السجن وقتها علاجات
مباشرة خشية أن ينتشر المرض
فيشمل الشرطة والسجانين أنفسهم .
أو أن يتعدى حدود السجن فينتقل
عبر المجاري التي كانت تتصل مع
شبكة مجاري بلدة تدمر وتنتهي في
حقول المزارعين لترويها !
لكن
المثير في الأمر أن هذه الحركة
ساعدت العديدين على الإلتقاء
بأقارب لهم أو أصدقاء كانوا في
مهاجع أخرى والإطمئنان على
أحوالهم . وكانت كذلك سبباً
في وصول أخبار جديدة إلينا
وتسريب أخبارنا إلى بقية الإخوة .
ولقد بلغنا وقتها أن السجناء في
بعض المهاجع اكتشفوا آثار إطلاق
الرصاص وبقايا دم آدمي لا تزال
موجودة على السقف والجدران من
أيام مجزرة تدمر الكبرى في شهر
حزيران من عام 1980 . لكن الأهم
من ذلك بالنسبة لنا كان تمكن عدد
منا من حفظ آيات وسور من القرآن
الكريم لم تكن في مهجعنا .
علاوة على انخفاض نسبة التعذيب
واعتداءات الشرطة الذين باتوا
يتجنبون الإحتكاك بنا خشية
العدوى ! ولقد علمنا بعد عودة
الإخوة أن وفيات حدثت بالفعل
بين مصابين من مهاجع أخرى ،
أذكر من أسمائهم الأخ ناصح
شنيطي من دمشق . لكن لطف الله
تعالى ورحمته كانت واضحة في هذه
المحنة . وبرغم انعدام
العناية الصحية اللازمة وقلة
التغذية وسوء الأحوال فقد مرت
الأزمة بأقل الخسائر وقد كنا
نتوقع أن تودي بحياة المئات .
مهجـع النــساء
لم
يطل المقام بنا كثيراً في تدمر
حتى تأكد لنا أن هذا المكان
الرهيب يضم بين جدرانه أخوات
سجينات أيضاً خصصوا لهن غرفة
المستوصف السابقة وحولوها إلى
مهجع للنساء .
ولقد
تأكد لنا الأمر أول مرة حينما
استدعوا إلى التحقيق أخاً من
مهجعنا اسمه بسام سفُّور من حمص
كانت تهمته تأمين جواز سفر لبعض
الأشخاص الملاحقين . ويبدو أن
امرأة غير مسلمة اسمها أم طوني
كانت قد باعته الجواز أو شاركت
في عملية تزويره ثم اعترفت عليه .
فلما استدعوه للتحقيق في السجن
نفسه واجهوه بها . واستطاع
بعدما انتهى التحقيق أن يراهم
يدخلونها غرفة المستوصف التي
سجنوا فيها النساء . وفي مرة
تالية وبينما كنا في التنفس
استطعنا أن نلمح عدداً من
النساء المحجبات في ذلك الجانب
من الباحة فتأكد لنا وجودهن
هناك . لكننا لم يكن ممكناً
لنا أن نعرف عنهن أكثر أو أن
نقدم لهن أي عون .
الإعـــدام
واستيقظنا
في يوم من تلك الأيام ننتظر أن
نبدأ البرنامج الذي اعتدنا عليه
وتأقلمنا معه إلى حد كبير ..
وبدأنا نضب بطانياتنا ونجمع
العوازل من تحتها حين نادى
علينا الشرطة من شراقة الباب
فجأة وبشكل إيعاز :
الكل
ضبوا لجوة ولا .
فسارعنا
ونفذنا الأمر وتجمعنا كلنا في
أقصى المهجع نستعيذ بالله من شر
ما خلق ! وإن هي إلا برهة حتى
بلغتنا من الباحة أصوات وضجيج
غير مألوف .. وأحسسنا وكأنما
هناك حمولة من الخشب ترمى على
الأرض .. والنوافذ عالية
لانستطيع أن نطل منها ..
وبيننا وبين الباب مسافة لم
نجرؤ أن نغادر زاويتنا ونسترق
النظر من شقوق فيه خشية أن يرانا
الشرطة من الشراقة فوق المهجع
فيعاقبونا بما نحن في غنى عنه .
لكن
الجلبة استمرت .. وتتابع صوت
ارتطام الخشب بأرض الباحة
الإسمنتية .. ورأينا ظلال
الشرطة على جدران المهجع تعبر
من النوافذ العليا كالأشباح ..
فشعرنا بقلق وانقباض ..
وبدأنا نتوقع شر الإحتمالات ..
ونحسب أنهم سيدخلون الآن
ويطلقون علينا النار كلنا كما
فعلوا قبل أقل من عام في نفس
المكان . ولم يطل بنا
الإنتظار كثيراً .. فما هي إلا
برهة حتى سمعنا أصوات التكبير
تتعالى .. وسجناء ينادون
أسماءهم ويقولون أخوكم فلان
يوحد الله . ومن بين هؤلاء لا
أزال أذكر اسم الأخ محمد ناصر
البيك من حمص ، الذي بلغتنا
تكبيراته وعبارته الأخيرة يقول :
أخوكم
محمد ناصر البيك يوحد الله .
فعرفه
إخوة من مدينته في المهجع معنا .
وأيقنا أنها عملية إعدامات تجري
الآن . وأن مجموعة من السجناء
يعلقون على المشانق بالفعل .
فاحتبست أنفاسنا جميعاً ..
واختنقت فينا العبرات ..
وتجمدت على ألسنتنا العبارات ..
ولم تنقض أكثر من عشر دقائق حتى
خفتت الأصوات .. وسكنت الحركة ..
وبدأت الأمور خارج المهجع تعود
إلى طبيعتها بالتدريج .. لكن
التفقد تأخر وألغي التنفس في
ذلك اليوم .. وأحضر الشرطة
الطعام من غير أن يشيروا إلى ذاك
الذي حدث بشيء .
وأغلق
الباب علينا بعد ذلك لتلفنا
دوامة القلق والتساؤلات . فها
نحن الآن أمام الموت وجهاً لوجه ..
والإعدامات التي كنا نسمع عنها
ونتخوف منها حدثت على بعد خطوات
منا وحسب .. وإذا كان شهداء
المجزرة الكبرى قبل عام قد قضوا
نتيجة نزوة كما ظن البعض أو ثأر
بعد محاولة اغتيال رأس النظام ،
فإن ما نراه الآن ونسمعه يجعلنا
نحس أن الأمر منظم في الحقيقة
ومقرر ، وأن هناك برنامجاً
لتصفية السجناء إذاً . ولم
يعد مستبعداً بعد الآن أن نقف
أنفسنا هذا الموقف وتلتف حبال
المشنقة على أعناقنا نحن بعد
حين !
[
وهذا يفسر لنا مصير ثلاثة
وعشرين ألف مفقود من خيرة أبناء
سوريا ، معظمهم من الجامعين ،
وفيهم الأطباء والمهندسين ،
والأدباء والمدرسين ، والعلماء
، وطلاب الجامعات ، نفـذ فيهم
المرسوم (49) في سجن تدمـر ، على
مدى بضع سنوات خلال عقد
الثمانينات ، خلال يومي الاثنين
والخميس من كل أسبوع كما جاء في
هذا الكتاب ، يرحمهم الله تعالى
] ...
مـحكمــة
!
وذات
يوم .. وكان قد مضى على حادث
الإعدام بضعة أسابيع دخل علينا
الشرطة وسألوا عن أسماء بعينها ،
ولم نكن قد عهدناهم ينادون
أحداً باسمه من قبل . لكن أياً
من هذه الأسماء لم يكن بيننا .
وتكرر الأمر مرة بعد مرة ..
فأحسسنا أن ثمة شيئاً مريباً
يدور .. حتى كان صبيحة يوم
جديد ، حينما دخل الحرس
ونادوا مجموعة أسماء من مهجعنا
هذه المرة وقادوهم معهم .
وكانوا قرابة الخمسة عشر شخصاً
كلهم من حمص .
ومضت
حوالي خمس أو ست ساعات أحضر
الشرطة خلالها الفطور والغداء
معاً وأغلقوا الباب علينا من
غير تفقد أو تنفس .. فلما عاد
الإخوة وسألناهم أين كنتم قالوا
في المحكمة . فتيقنا ساعتها
أنها جد إذاً . وعلمنا منهم أن
أحكاماً صدرت بالإعدام على
أكثرهم . وسرعان ما وجدنا
الإخوة المحكوم عليهم بالإعدام
قد تغير حالهم .. وانصرفوا عن
كل شؤون الدنيا انصرافاً تاماً ..
وتوجهوا إلى الله سبحانه
بكلياتهم يهيؤون أنفسهم للقاء
رب العالمين حتى كأن أحدهم لم
يكن من أهل هذه الدنيا أبداً .
ولم ينقض شهران بعدها حتى
طُلِبَ هؤلاء الإخوة للإعدام ..
فكانت أول كوكبة من أهل الجنان
إن شاء الله نودعهم من مهجعنا ..
سائلين الله تعالى أن ينتقم لهم
ويتقبلهم ويجعلهم في أعلى عليين .
مرحبــاً
بلقــاء الـله
دخل
الشرطة صبيحة ذلك اليوم المرير
وقرؤوا أسماء المطلوبين فيما
كانت إجراءات نصب المشانق
وتهيئة مراسم الإعدام تتم في
الباحة أمام مهجعنا مباشرة .
وكانت مفاجأة لنا أن عدداً ممن
تليت أسماؤهم كانوا قد خرجوا
إلى المحكمة وقتها ولم يبلغونهم
كالآخرين أنهم حكموا بالإعدام .
فلما سمع الإخوة أسماءهم
وأيقنوا المصير تراكضوا إلى
الحمام فتوضؤوا ومدوا شيئاً
هناك وصلوا عليه تخفياً من
الشرطة خشية علينا نحن لا على
أنفسهم . وخرج الركب أكثر من
عشرة كأنهم غير الذين عرفنا كل
هذه الأيام .. مطمئني النفوس ..
مشرقي القسمات .. مقبلين بكل
جوارحهم على الله راضين بقضائه .
واستطاع بعضنا أن يعانق عدداً
منهم .. وخرج الآخرون حتى من
غير كلمة وداع . لا زلت أذكر
من أسماء تلك الدفعة الإخوة حسن
الصغير ، وعبد الغني الدباغ ،
وبسام كالو وكلهم من حمص . ولا
زلت أذكر كأنه الساعة كيف أن
الأخ بسام استيقظ صباح ذلك
اليوم مبكراً وقال لإخوة حوله :
رأيت اليوم مناماً . سألوه :
خيراً إن شاء الله .. ماذا
رأيت ؟ قال : رأيت قول الله
تعالى في القرآن الكريم (
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة
عرضها السماوات والأرض أعدت
للمتقين ) . ولم يلبث أن نودي
للإعدام رحمه الله بعد ساعة أو
أقل ، فأحسسنا أن الله سبحانه
حقق له منامه وتقبله وغفر له
وأنزله الجنان إن شاء الله .
أرجوحــة
الشـــهداء
وأقفل
الجلاوزة الباب .. وساقوا
الإخوة أول الأمر إلى مهجع في
أقصى الباحة يسمى "الورشة" .
وعلمنا من بعد أن سليمان الخطيب
يأتي بنفسه ليتأكد من الأسماء
والأشخاص ويتلو عليهم ديباجة
الحكم ، ويأتي معه أو يتبعه
مدير السجن الذي كنا نحس بقدومه
من صوت المساعد يقدمه بالازمة
المعتادة قائلاً :
است.....رح ..
استع......د . الباحة جاهزة
للتفتيش سيدي اللواء أو سيدي
العقيد .
وبعد
هذا الإجراء يبدأ الشرطة بسوق
الإخوة إلى المشانق تباعاً .
وعندما بدأ ذلك هرعت من فوري إلى
شق صغير في باب مهجعنا فرأيت
المشانق منصوبة على امتداد
الباحة .. والإخوة الآن وقد
باتوا على حافة الردى يكبرون
بأعلى صوتهم ويهللون .. ويساق
أحدهم بعد الآخر مغمض العينين
مكبل اليدين إلى المشنقة التي
انتصبت على قوائمها الثلاث ..
يتدلى منها حبل كحبال الغسيل
البلاستيكية .. يخالف في هذه
المواصفات وتلك الوضعية أبسط
الشروط التي يفترض أن تتوفر في
مشنقة الإعدام المخصصة
للمجرمين ! ورغم ذلك يؤمر
الأخ بالجثو أمام المشنقة دون
أن يدري ماذا أمامه ، وعن
جانبيه اثنان من "البلدية"
ينتظران الإيعاز من الشرطي الذي
يقف في مقابل الأخ . فإذا أشار
إليهما تناولا حبل المشنقة
فطوقا به رقبة السجين .. ثم
تأخرا إلى الوراء فأمسكا بقائمة
المشنقة . ولا يلبث الشرطي أن
يصدر الإيعاز الأخير .. فيشد
"البلدية" الخشبة ..
وتنتصب المشنقة .. فيرتفع
الأخ في الهواء بلمحة عين ..
ويشهق شهقته الأخيرة وتزهق روحه
خلال لحظات . فإذا بدت منه
حركة تدل على احتمال استمرار
الحياة فيه تقدم عنصرا "البلدية"
ثانية فجذبا الأخ وتعلقا به حتى
يشتد إطباق الحبل على رقبته إلى
أبعد مدى .
ولا
يلبث الطبيب يونس العلي أن
يتقدم فيجس النبض ، ويتأكد من
الوفاة .. فتعاد المشنقة إلى
وضعها ، ويفك الحبل عن رقبة
الشهيد .. ويرمي به القتلة
جانباً بدم بارد ، فيما يعد
الشرطة الأخ التالي للإعدام .
حتى إذا اكتمل العدد ونفذت
الجريمة وتكومت الجثث ، دخلت
الساحة شاحنة عسكرية ، وتقدم
"البلدية" فحملوا أجساد
الإخوة واحداً بعد الآخر
وقذفوهم فيها .. لتمضي إلى حيث
لا يعرف بمصيرهم أحد إلا الله .
وفي هذه الدفعة قدرت أن أكثر من
خمسين أخاً قضوا نحبهم ..
نحتسبهم في عداد الشهداء
الأبرار إن شاء الله . [ وقد
عرف فيما بعد أنهم كانوا
يدفنونهم في أخدود قرب جبل
عويمر القريب من تـدمـر ] ...
العـــزاء
غادر
الإخوة إلى لقاء الله ،
وبقينا نحن في كربتنا ووحشتنا
تلفنا حالة من الكآبة خانقة ،
والناس وكأن على رؤوسهم الطير ..
ليس لنا إلا العبرات الحرى
نطلقها بصمت وألم .. والتضرع
إلى الله نرسله خافتاً مرتعشاً
مع الزفرات .
وغاص
كل منا في خواطر شتى .. فهؤلاء
الذين كنا نأكل معهم قبل ليلة
خلت .. ونصلي وإياهم الفجر قبل
برهة . هؤلاء الذين كنا
وإياهم في سباق على حفظ كتاب
الله .. نسمع منهم أو يسمعوا
لنا . وربما كان واحدهم قد بات
ليلته الأخيرة بجانبنا ، أو
أرسل آخر ابتسامة له من وجهه
الطلق وغادر وتركنا . هؤلاء
الذين نمت بيننا العلاقة عن غير
سابق معرفة من قبل في أحلك
الظروف وأقساها .. شهرين أو
ثلاثة نتناوب على تلقي العذاب
ومواجهة الهول معاً .. فكنا
على قصر الأيام أكثر من إخوة
وألصق من أشقاء . هؤلاء
جميعاً خرجوا من بيننا ولن
يعودوا أبداً . وغادروا
الدنيا ولن نلقاهم إلى يوم
الدين .
وترتد
الخواطر إلى ذواتنا سريعاً ،
ونبدأ نسترجع شريط حياتنا نحن
الذين لا نزال أحياء . من
طفولتنا البريئة .. إلى
شبابنا الذي ما أن بدأ يزهر فينا
حتى اقتطفته يد الظلمة من غير ما
إنذار . ويتجه الحوار في
ذواتنا إلى المستقبل الآتي ..
وأي مستقبل ذاك والمشانق ها هي
لم تُحَلَّ حبالها بعد !
وتختلط فينا مشاعر الشفقة
بالشوق .. واللوعة بالخوف ..
والإحباط بالرجاء . ولا نجد
في خاتمة المطاف ما نعزي به
أنفسنا ونواسي جراحنا ونخفف من
هول المصيبة علينا إلا الإلتجاء
إلى الرحمن الرحيم ، والرجاء
بأن يكون ذلك في سبيله فيقبلنا
في الآخرة ويعفو عنا .
هذه
صور من الحريـة التي نادى بها
حزب البعث العربي الاشتراكي ،
والتي أراد أن يعممها في الوطن
العربي كله ، فسلط الله قيادته
القطرية على قيادته القومية ،
وأنهت دور حزب البعث منذ منتصف
السبعينات أو قبل ذلك بقليل ...
وبقي النظام الاستبدادي يحكم
سوريا بالحديد والنار باسم حزب
البعث ... يجمع وينهب خيرات سوريا
ولبنان ، ويسود صفحة حزب البعث
في العالم أجمع ... فأين أنتم
أيها البعثيون الشرفاء الذين
تغارون على حرمـة حزب البعث
العربي الاشتراكي !!!؟ أين أنتم
!!! ماذا تنتظرون !! التحقوا
بالمعارضة السورية الداخلية
والخارجية ، لنقف جميعاً من أجل
إعادة الوحدة الحقيقة والحرية
الصحيحة والاشتراكية العادلة
لسوريا المغتصبة من قبل هذه (
المافيا ) ...
*كاتب
سوري في المنفى
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|