ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 24/04/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

الإخوان المسلمين والخيار الديمقراطي

مناورة أم مسايرة ؟

سوريا نموذجاً ..

ـ 1ـ

غسان المفلح

في خضم الحملة العالمية ضد الإرهاب والإسلام السياسي والنقاش الدائر والحامي الوطيس بين تيارات هذا الإسلام السياسي وبين باقي التيارات السياسية الأخرى من قومية وليبرالية وماركسية وحداثية ..الخ وفي أوج أحداث الحادي عشر من سيبتمبر والذي لازال العالم كله يعيش نتائجه وسيبقى حتى أجل غير مسمى , وفي ظل ميزان قوى كاسح ليس في مصلحة الإسلام السياسي جاء قبول بعض التيارات الإسلامية لمبدأ التعددية والمواطنة والانخراط في اللعبة الديمقراطية وتبني النهج السلمي الذي يدعو لنبذ العنف . وهذه الدعوة ليست جديدة على الفرع الإخواني ـ نسبة للإخوان المسلمين كتنظيم عالمي له فروع في كل البلدان الإسلامية ـ بل هي قديمة عند أغلب أحزابه أو جماعاته في سوريا مثلا خاض الإخوان تجربة ديمقراطية في خمسينيات القرن العشرين . وكي لا نبقى في إطار التعميم أريد أن أناقش وضع الإخوان المسلمين في سوريا من هذه الزاوية لما لهذا الأمر من أهمية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ سوريا .

لدي في هذا الأمر مستويان :

الأول ـ ما يقوله الإخون المسلمين في سوريا عن أنفسهم وعبر وثائقهم وتصريحاتهم وممارستهم .

والثاني ـ ما يقوله الآخرون في سوريا عن هذه التجربة في تبني التعددية ودولة المواطنة أو الدولة المدنية كما يحلو لبعض منظريهم الحديث عنها أو تسميتها .

في المستوى الأول يقول الإخوان في مختصر مشروعهم الحضاري لمستقبل سوريا ما يلي :

[إن الدولة الحديثة التي ننشدها ترتكز على ما يلي:

أولاً ـ دولة ذات مرجعية :

تعتمد الإسلام في أصوله العامة، أساساً وطنياً عاماً، فهو عقيدة وشريعة للمسلم الملتزم، كما هو هوية حضارية عامة لغيره.

ثانياً ـ التعاقدية: ينبثق العقد فيها عن إرادة حرة بين الحاكم والمحكوم. تحدد فيها مسؤولية الحاكم أمام الشعب، كما تحدد كيفية محاسبته وتبديله إذا لزم الأمر.

ثالثاً ـ دولة مواطنة:

يتساوى فيها جميع المواطنين أمام القانون، ويتمتعون بالحقوق السياسية والمدنية التي يكفلها الدستور، وتنظمها القوانين.

رابعاً ـ التمثيلية:

يتمثل فيها جميع أبناء الوطن، رجالا ونساءً في اختيار الحاكم بل في جملة القضايا الكبرى، إما عن طريق الاختيار المباشر، أو عن طريق الاختيار غير المباشر (طريق المجالس النيابية).

خامساً ـ التعددية:

تتباين فيها الرؤى، وتتعدد الاجتهادات، وتختلف المواقف، ضمن إطار الشرعية الدستورية التي يقرّها المجتمع بإرادته الحرة، وتقوم فيها قوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني بدور المراقب والمسدد والحامي للحرية لمنع تغوّل السلطة التنفيذية وأجهزتها على حياة الناس، وانجرافها إلى دائرة الاستبداد ومستنقع الفساد.

سادساً ـ التداولية:

تكون فيها صناديق الاقتراع الحر النزيه أساسا لتداول السلطة بين أبناء الوطن جميعا دون تسلط أو إراقة دماء.

سابعاً ـ المؤسساتية:

تقوم على المؤسسات من قاعدة الهرم إلى قمته، كما تقوم على الفصل بين السلطات، وتأكيد استقلاليتها، بحيث لا يترك المجال لهيمنة فرد أو سلطة أو حزب.

ثامناً ـ القانونية:

تعلو فيها سيادة القانون، ويتقدم فيها أمن المجتمع على أمن السلطة، ولا تحل فيها حالة الطوارئ مكان القانون العادي. ]

بعيدا عن الديباجة الأولى حول هوية هذه الدولة المنشودة وهذا المجتمع الذي يسعى الإخوان المسلمين إلى بناءه في سوريا لا أحد يمكنه القول أن هذه النص يشير بما لايقبل اللبس إلى نص واضح المعالم ومؤسسي قانونيا وحقوقيا لا يختلف عن أي نص موجود في أي حزب ليبرالي وديمقراطي . وعلى هذا الإساس أنا من الذين صدقوا هذه الدعوة الواضحة لدولة القانون والمدنية والمواطنة التي يتحدث عنها مشروعهم السياسي والذي لازال مصادرا ـ لاعتبارات أخرى سنناقشها في السياق ـ من قبل مقولة : [ دين الدولة هو الإسلام . ] هذه المقولة / الرعب . لدى أبناء الأقليات الدينية والطائفية والقومية في سوريا , رعب مفسر ولكنه ليس مبررا تماما لأنه من حقهم طرح تصورهم تماما كما هو من حق الأقليات أن تدعو للعلمنة أو لعلمنة الدولة الحديثة , ومن حقنا ألا نقبل به ونحاورهم على أساس فهمين للعملية الدستورية في الدولة الحديثة التي يطرحونها هم أنفسهم مما يخلق تناقضا واضحا وبلبلة بين القوى السياسية والمدنية تجاه دعوتهم تلك . ولكن ما يهم هنا هو استعدادهم للقبول بصندوق الاقتراع وعدم فرض أية رؤى برنامجية لهم بالقوة . كما أنهم أظهروا مرونة عالية في ممارستهم السياسية في التحالفات والتوافقات البرنامجية مع كافة أطياف المعارضة عجزت عنه القوى التي تدعي العلمانية والليبرالية وهذا يعود إلى الإرث المؤسسي لهذا التنظيم وقدرته على التكيف والتي هي أيضا ليست تقية كما يحاول بعضهم تصوير الأمر ولكنها جزء جوهري من أي عمل سياسي مؤسسي وديمقراطي سلمي . وكنا قد ناقشنا في حوارات كثيرة معهم أصرارهم على تديين الدولة والتي هي مؤسسة لا دين لها لأنها مؤسسة وضعية بامتياز . بالتالي علينا التمييز بين برنامجهم وبين قدرتهم على التوافق السياسي والتقاطع البرنامجي مع كافة القوى السياسية السورية وهذا برأيي هو الأهم . خصوصا في هذه المرحلة بالذات من تاريخ سوريا كما قلنا والدليل موافقتهم على نصين هما إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي ونص إطلاق جبهة الخلاص الوطني في سوريا . وكما هو معروف فإن الإخوان المسلمين لم يتدخلوا في وضع الديباجة التي أثارت زوبعة من الانتقادات لإعلان دمشق حول عقيدة المجتمع السوري بل هم تفاجأوا بها أصلا . وبالنسبة لنا هذا مؤشر على غاية من الأهمية بأن الممارسة السياسية للجماعة ليست مناورة ولا تقية كما يتهمهم بعض الكتاب والمعارضين . وإن كانت مسايرة مع اقتناع بهذه المسايرة وضرورتها من أجل مستقبل سوريا نكون بذلك أمام خطوة نوعية في الممارسة الديمقراطية وهذا هو بيت القصيد . كما أنهم في تصريحات قادتهم ليس لديهم أي مانع من مجيء رئيس مسيحي إلى سوريا أو أن تتولى المرأة كافة المسؤوليات السياسية كحق وككفاءة . والسؤال هل نصدقهم أم نقول لهم أنتم كاذبين ؟ فإذا كان مطلوب منا أن نكذبهم فإننا يجب أن نكذب كافة التيارات السياسية السورية !! لأنها كلها تيارات الدعوات الليبرالية والديمقراطية دعوات جديدة عليها فلماذا مطلوب منا تصديق الشيوعيين في انقلابهم الليبرالي الديمقراطي أو التيار الناصري أو القومي السوري ..الخ وتكذيب الإخوان المسلمين ؟ أم أن المطلوب هو استمرار الحوار والتلاقي ودعم كل خطوة من شأنها تكريس مفهوم الدولة المدنية بما هي دولة مواطنة وقانون في الممارسة السياسية للجماعة ؟ وعدم الدخول على خط الاستبداد السلطوي في استمرار قانون إعدامهم جسديا وفق القانون السيء الصيت [ 49 ] والتنظير من أجل إعدامهم سياسيا !!! وهذا ما سنناقشه في الجزء الثاني من هذه المقالة ..

 

الإخوان المسلمين والخيار الديمقراطي

مناورة أم مسايرة ؟

سوريا نموذجا ..

الجزء الثاني والأخير

في سياق نشاطات المعارضة السورية وزخم كتابها ومثقفيها في تناول الشأن السوري كان للإخوان المسلمين ودورهم وبرنامجهم مساحة كبيرة من النقد والتهجم لدرجة التخوين ووصفهم بأشد الأوصاف دموية عند بعضهم ودون الدخول على ذكر الإسماء لأن المسألة ليست هنا أبدا بل في الشرخ الطائفي والجهوي الذي أحدثه الاستبداد في المجتمع السوري من قبل أن يتدخل الإخوان عنفيا في عام 1979 ضد السلطة وقبل أن يأخذ هذا التدخل وجها طائفيا كان الاستبداد قد فرغ من لعبته وقسم المجتمع السوري طائفيا والكلام بغير هذا هو تزوير لتاريخ سوريا وتاريخ الجماعة وتاريخ المعارضة أيضا ـ عندما اعتقلت في عام 1979 في فرع فلسطين ـ كان كل ضباط الفرع لهم انتماء جهوي واحد ولازلت أحفظ أسمائهم !! وحتى صف الضباط تقريبا . فهل كانت ردة فعل السلطة على تحرك الإخوان استباقية حتى يكون جهاز الأمن العسكري في سوريا ذو وجها طائفيا قبل أن يتحرك الإخوان المسلمين ؟ وهذه الموجة من الانتقادات والتهجم والتي في غالبها تجافي الحقيقة وتتواطئ مع الاستبداد الجهوي للسلطة بشكل أو بآخر لدرجة ان بعض الكتاب باتوا يرون أن سبب تخلف سوريا هو الإسلام والثقافة الإسلامية !! وهذا ما يدعو للعجب فعلا وكأن الثقافة الإسلامية هي التي تحكم وهي التي تصدرها السلطة السورية للمجتمع !!! رغم أن الجميع يعرف أن سوريا منذ استقلالها لم يتبوأ فيها الإسلاميين أي منصب مهم حتى معروف الدواليبي الذي يحسبه بعضهم على الجماعة لم يكن أكثر من رجل ديمقراطي وفق التركيبة السياسية وثقافتها في سوريا . كما أننا في هذا السياق لابد من الإشارة إلى أن التمييز الضروري والمهم بين الدين الشعبي الملتصق بالثقافة التقليدية والتي في غالبها لاديني وبين التنظيم العالم / التعليم والثقافة / للإخوان المسلمين بما هو تنظيم سياسي وقراءة معاصرة لدور الإسلام المعاصر وبغض النظر عن صحة هذه القراءة أو عدم صحتها لكنها دين عالم وليس دين تقليدي شعبي والفارق بين وواضح بين الإثنين كما يتناوله باحثنا الكبير والقدير محمد أركون في نقده للعقل الإسلامي وتاريخية هذا العقل وانبثاقه . لهذا لم تعد هذه الإسطوانة العلمانوية تنطلي على أحد رغم كل المظاهر التي يحاول الاستبداد تسويقها حول أنه طرفا علمانيا في مجتمع لاعلماني ويساعده في ذلك بعض المثقفين والكتاب في سياق علمانيتهم المتشددة . لأنه كما من حقي طرح مقولة الدين لله والوطن للجميع من حقهم طرح ما يريدون طالما أن القانون وصندوق الاقتراع هو الحكم والسلم الأهلي والمنافسة السياسية الشريفة هي التي تربط مكونات الوطن الواحد ببعضها بعضا . ولو عدنا إلى أدبيات السنوات الأخيرة لوجدنا أن الإخوان المسلمين هم أقل تهجما وتخوينا لكل أطراف المعارضة من غيرهم من القوى والكتاب . بل على العكس تماما فإنهم يحاولون أن يكون الحوار مثمرا وبعيدا عن التشنجات والتهجمات الشخصية والتشكيكية والتخوينية . بينما لا نجد هذا الأمر عند القوى التي تدعي العلمانية التي نجد في لغتها محاولة دفن للآخر حيا حتى ولو كان علمانيا !! فمابالك أن يكون إسلاميا ؟! ونادرا هو الحوار الذي لم ينشأ بعده قطعية شخصية بين المتحاورين العلمانيين والليبراليين !! هذا ما يميز الحوار السوري ـ السوري في السنوات الأخيرة / راجع الحوارات التي تمت على إثر إعلان دمشق . وآخر هذه السجالات هي التي تمت داخل صفوف ما يعرف بلجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا الذي سرعان ما تحول إلى تهم بالسرقة والاختلاس والتعامل مع العدو ..الخ

دين الدولة القانون !!

في هذا المجال يقوم الكثيرون بنقد فهم الدولة لدى التيارات الإسلامية هذا الفهم المستند على نظرة دينية للدولة ووظيفتها الدنيوية أو اللا دينية في محاولة لربط مفهوم الدولة بمفهوم الخلافة وهما يفترقان في نقطة جوهرية ولا يمكن جمعهما معا وهي : إن الخلافة مفهوم للسلطة الدينية وليس للدولة وهذا خلط قديم جديد في الفهم النظري للمفهومين من جهة والتصاق المفهوم الأول في الثاني التصاقا له علاقة بترجمة المفهومين إلى اللغة العربية من جهة والتداخل الوظيفي من جهة أخرى رغم أن الفهم الخلدوني يقارب الفهم المعاصر لكلا المفهومين . وكي لانبقى في الحيز النظري والذي ليس مجاله هنا نقول أن الدولة القومية الحديثة والتي هي نتاج المشروع الغربي هي مؤسسات تجمع ماكان له أن يجتمع لولا وجود هذه الدولة القانونية / ممالك وإقطاعيات وطوائف مختلفة ومصالح متباينة ..الخ تحتكر القوة واستخدامها مؤسسيا وقانونيا وليست سوى مشروع يعتمد الجدوى والكفاءة على الصعيد المهني القانوني وليس على الصعيد الولاءاتي الغير قانوني والذي يمكن أن تحرفه السلطات البشرية لمصالح شخصية أو فئوية ..الخ

في سوريا هل نحن بحاجة إلى دولة دينية ؟ أم بحاجة إلى دولة مواطنة لا دين لها ولا هوى ؟

كتبت الكثير كغيري حول هذا الموضوع المركزي في الفهم الإخواني نقدا وتعرية لهذا الفهم الديني في إضفاء صفة لاقانونية على الدولة المعاصرة وفي هذا يتم الحوار مع الجماعة وعلى أرضية الحوار البعيد عن التكفير العلمانوي . لأن سوريا عبارة عن تشكيلة غنية ومتنوعة من الإثنيات والأديان والطوائف لا يمكن جمعها وإحقاق حقوقها دون وجود ضامن دستوري وضعي لجميع مواطنيها مهما كانت انتماءاتهم وأديانهم أو طوائفهم . أليست سلطة الاستبداد هي من أعطت لمفهوم الدولة تغييبا جهويا وهشمتها وهمشتها لصالح سلطة الفساد هذه ؟

فهل نذهب من تحت الدلف لتحت المزراب ؟ ووفق هذه الرؤيا يمكننا فتح الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا . ويبقى السؤال مشروعا على الأقل نظريا هل تبني جماعة الإخوان المسلمين للدولة المدنية بماهي دولة مواطنة : مناورة أم مسايرة ؟

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ