أيهما
أسبق بالإساءة إلى الإسلام :
الصحيفة
الدانماركية أم نظام الصمود
والتصدي ؟!..
بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف
لعلّ الصدمة التي شعر بها رجال النظام
الأسديّ الحاكم في دمشق.. كانت
شديدة الوطأة، خاصةً على وزارة
الخارجية، التي أفادت في بيانها
الاستنكاري الخاص بنشر الصور
المسيئة لرسولنا الكريم صلى
الله عليه وسلم في الصحف
الدانماركية والأوروبية.. أفادت
بأنها (تشعر بالصدمة من تلك
الرسوم المسيئة للمشاعر
الإسلامية).. وبما أن الصدمة
المذكورة كانت شديدةً على
الوزارة البعثية الأسدية.. فقد
غابت (أي الوزارة) عن الوعي مدة
ثلاثة أشهرٍ تقريباً مرّت على
نشر الرسوم المسيئة، وفي أول
لحظات خروجها من غرفة الإنعاش،
قامت الوزارة المذكورة مباشرةً
بدبج تصريحها العاجل، لتستنكر
ما يجري من إساءةٍ للإسلام
والمسلمين، وهي بطبيعة الحال
غير قادرةٍ إلا على (الاستنكار)
منذ أكثر من ثلث قرن، مع أنّ
النظام الأسدي المتسلّط الذي
تنتمي إليه وزارة الخارجية
المصدومة.. قد أثبت مؤخراً، أنه
أرقى من مستوى ممارسة (الاستنكار
والتنديد)، فهو قادر أيضاً عبر
حرسه الجمهوري وجنود مخابراته..
على أن يحرق السفارات، كما أحرق
سورية كلها بسطوته واستبداده
وفجوره، وأيضاً كما لديه
الاستعداد الكامل لإشعال
الحرائق في المنطقة العربية
كلها.. باستثناء الكيان
الصهيوني!..
لمن لا يعرف طبيعة النظام الأسديّ الحاكم،
نفيده بأن ذلك النظام يتعارض
فكرياً وعقدياً بشكلٍ كليٍ مع
الإسلام، والبعث أصلاً ليس إلا
إحدى إفرازات الفكر العلماني
الغربي، الذي يحارب جوهر
الإسلام.. لكنّ باطنية النظام،
تجعله دائماً في مقدمة الصفوف
المنافحين عن الإسلام
والمسلمين، مع أنّ حقيقته وجوهر
استمراره، قائمان على إقصاء
الإسلام عن كل نواحي الحياة
السورية!..
نحن هنا لا نتحدث عن الفساد السلطوي، الذي
أفرز كل مساوئ الحياة في سورية،
وحوّلها إلى دولةٍ متخلّفة،
ووضع شعبها في درجةٍ أدنى من
درجات الشعوب المستعمَرَة
خارجياً.. لكننا نتحدث عن بعض
الواقعات، التي ارتكبها النظام
والحزب الحاكم طوال تاريخهما،
أقلها انتهاكاً، يُعتَبَر أشد
وطأةً وإسفافاً مما يجري في
الغرب حالياً من إساءةٍ للإسلام
والمسلمين !..
لقد حدثني شقيقي قبل أن يختفى في سجون
النظام الدكتاتوري منذ سنين
طويلة، وكنتُ فتىً في مقتبل
العمر.. أنه في السنوات الأولى
لتسلّط حزب البعث على سورية،
قام انكشارية النظام بحملات
اعتقالٍ واسعةٍ (لم تتوقف حتى
الآن)، وكان شقيقي من بين الشباب
الإسلاميين الذين اعتُقِلوا
أثناء وجودهم في الجامع الأموي
بدمشق، بعد أن داهمت الدباباتُ
الجامعَ، وانتهك جنود الحرس
القومي البعثيّ حُرمة المسجد،
وراح مئات الشباب ضحايا القتل
والجرح والاعتقال.. أما الذين
اعتُقِلوا من الجامع، فقد
نُقِلوا إلى (سجن المزة) بدمشق،
وهناك، كان الجنود البعثيون
يسوقون الشخصَ المعتقَل بشكلٍ
منفردٍ إلى غرفةٍ مظلمة،
ويسألونه عند بابها: مَن ربك؟..
فيجيبهم: ربي الله جل جلاله..
فيقولون له: لا.. أيها الوغد، هذا
هو ربك.. ويُشيرون بأيديهم إلى
لوحةٍ ضوئيةٍ خضراء اللون،
مركونةٍ في إحدى زوايا الغرفة
المظلمة، مكتوبٍ عليها: (حزب
البعث العربي الاشتراكي).. ثم
ينقضّ الجلادون على الضحية
السجين، ويُشبعونه ضرباً
وتعذيباً، ولا يتركونه إلا بعد
أن يتأكدوا من تكسّر بعض عظام
جسمه!.. وكلنا نعرف أنّ البعث
قائم تماماً على ما يعنيه بيت
الشعر البعثيّ:
آمنتُ بالبعثِ رَباً لا شريكَ لهُ
وبالعروبةِ دِينـاً ما لهُ
ثانــي
منذ انقضاض حزب البعث على السلطة في سورية،
خاصةً بعد سيطرة الطائفيين على
الحزب والحكم والدولة ومرافق
الحياة.. بدأت حرب عدوانية شرسة
على الإسلام، عبر التحدي السافر
لقِيَمِه وعقيدته، وإجبار كل
طبقات المجتمع على ممارسة
سلوكياتٍ معاديةٍ له.. وكان شخوص
النظام أو اللائذون بحماهم،
يُصرّحون بمعاداتهم لديننا
الحنيف كلما استطاعوا ذلك.. وقد
سجل تاريخ سورية في ظل حكم البعث
المستمر حتى الآن، حوادث
عدوانيةً للدّين يندى لها
الجبين، من مثل: إلغاء كلمة (مسلم)
من البطاقة الشخصية، وإغلاق
معظم المدارس الشرعية،
والاعتداء على القرآن الكريم،
وإعادة صياغة كتب التاريخ وكتب
الدين بما يتوافق مع العقيدة
العلمانية الطائفية، كتمجيد
الحركات الهدامة (مثل حركة
القرامطة)، ومضايقة مدرّسي
التربية الدينية والتنكيل بهم
والعمل على إقصائهم.. والطعن
بالإسلام في الصحف والمجلات،
كما ورد في مقالة: (أسطورة آدم)،
لأحد مؤسسي حزب البعث الطائفيين:
(زكي الأرسوزي)!..
أما السخرية من الإسلام التي صدَمَت وزارة
الخارجية العتيدة هذه الأيام..
فقد مارسها إعلام النظام منذ
عشرات السنين، كما فعلت (مجلة
الفجر)، بنشرها صورة حمارٍ على
رأسه عمامة!.. وقد بلغ استفزاز
المشاعر الدينية الإسلامية
مداه، حين كتب المدعو (إبراهيم
خلاص) مقالةً في مجلة (جيش الشعب)
الرسمية، تطاول فيها على الذات
الإلهية، ودعا من خلالها إلى: (وضع
الله -جل جلاله- والأديان.. في
متاحف التاريخ)!..
مداهمة المساجد بالمدافع والدبابات، كانت
نهجاً ثابتاً لسلوك النظام
البعثيّ، كما وقع لجامع (السلطان)
في حماة عام 1965م، وللجامع (الأموي)
بدمشق في نفس العام، ولكل مساجد
دمشق تقريباً بتاريخ 2/6/1980م،
التي دوهمت من قبل أفراد
المخابرات العسكرية في ساعةٍ
متأخرةٍ من الليل، الذين عاثوا
فيها فساداً، ومزّقوا المصاحف
وداسوها بالبساطير العسكرية،
وسرقوا محتويات المساجد من كتبٍ
ومسجّلاتٍ وسجّادٍ وأثاث،
واستمروا في ذلك حتى الفجر
وقدوم المصلين، الذين تعرّضوا
بدورهم للإهانة والاعتقال
والتنكيل.. أما خلال مجزرة (حماة)
وحدها (في شباط 1982م)، فقد قامت
قوى النظام الأسديّ بتدمير (88)
مسجداً في المدينة.. وكذلك قام
عناصر النظام وزبانيته،
بمهاجمة كلية الشريعة بجامعة
دمشق، وتحطيم ما يمكن تحطيمه
فيها (بتاريخ 1/6/1980م)!..
وقد سبق ذلك في عام 1973م، الإعلان عن دستور
الدولة، الذي فرضه النظام بعد
إغفال دين الدولة ودين رئيس
الدولة (الإسلام).. وكذلك إصدار
القرارات التي تمنع تداول الكتب
والمجلات الإسلامية، ومَنْع
تداولها تحت طائلة العقوبة في
المدارس الرسمية وغير الرسمية!..
ومن جرائم النظام ضد الإسلام والمسلمين،
ذلك الاعتداء الذي جرى في شوارع
دمشق، على النساء المسلمات
المحجّبات، وعلى حجابهنّ، من
قبل سرايا الدفاع والمظليات
البعثيات الطائفيات، اللواتي
انتشرن في شوارع دمشق بتاريخ
(29/9/1981م)، وشرعن بالتعرض للنساء
المحجّبات تحت تهديد السلاح،
وبنـزع حجابهن من على رؤوسهن
بالقوّة، مع شتمهن بالكلمات
البذيئة، وقد سقط نتيجة هذه
الأعمال الإرهابية الإجرامية
عدد من النساء والفتيات
المسلمات.. قتيلاتٍ وجريحات،
دفاعاً عن الحجاب والعِرض!.. ثم
أصدرت السلطات بلاغاتٍ إلى
المدارس والمعاهد والجامعات،
تدعو فيها إلى طرد الطالبات
المحجّبات ومحاربة الحجاب، وقد
أدى هذا السلوك الإجراميّ إلى
تخلي الكثيرات من الفتيات
المسلمات عن دراستهنّ في
المدارس والجامعات، حفاظاً على
دينهنّ والتزامهنّ بالإسلام!..
أما في السجون والمعتقلات، فقد كان جنود (الصمود
والتصدي) لا يكفّون عن استفزاز
المعتقلين الإسلاميين، بشتم
الذات الإلهية، وسبّ الرسول
الكريم صلى الله عليه وسلم،
وتمزيق المصاحف وامتهانها، وما
يزال السجناء حتى اليوم
يعاقَبون على تلاوة القرآن
الكريم داخل الزنزانة من
ذاكرتهم، أو على الصلاة، أو
الدعاء، أو الابتهال إلى الله
عز وجل للتفريج عنهم، وذلك كما
نقل كثير من المفرج عنهم في عهد
بشار الأسد!..
نذكر هذه اللمحة الموجزة عن ممارسات النظام
البعثيّ الأسديّ الحاكم في
سورية.. ضد الإسلام والمسلمين..
لنشرح فحسب، شدة الصدمة التي
أصيبَت بها وزارة الخارجية
السورية البعثية، جرّاء نشر
الرسوم النكراء في صحيفة (يولاندز
بوستن)، وفي صدر صفحات زميلاتها
الشقيّات الأوروبيات.. نذكر
ذلك، لعلّ أطباء الصدمات
يستطيعون وصف العلاج النوعيّ
الدقيق، كي تستفيق الوزارة
العتيدة بشكلٍ كامل من صدمتها،
وتتابع نضالها الميمون في (الصمود
والتصدي)، خلال هذه المرحلة
الحرجة الميمونة من تاريخ
الجمهورية الأسدية الوراثية..
والعوض بسلامتكم!..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|