علي
العبد الله ..
يارمزَ
شموخ الرجالِ، تحتَ حكْم ال (
آلِ ) ..!!
عبد
الله القحطاني
لن أسمّي هؤلاء
الذين غيّبوك ، والذين وقعتَ ،
ووقعتْ بلادك كلّها تحت حكمهم..!
فأنت تعرفهم جيّداً، كما أعرفهم
، وكما يعرفهم كلّ مواطن سوري،
عاش تحت حكمهم شهراً واحداً، بل
يوماً واحداً..! إنهم هم ، أبطال
الصمود والتصدّي، الصيد
الصناديد، بُناة الأوطان
وحُماتُها..!
لذا ، لن أقول: إنهم
آل فلان..!
ولن أبحث عنك في
أعماق زنازينهم ومعتقلاتهم،
لأنك ملء وجداني..! فالبطل الحقّ
هو الذي يملأ الوجدان، لا الذي
يملأ صراخه الآذان..!
وإذا كان لابدّ من
البحث عن أحد، فالأَولى
والأهمّ، هو البحث عن هؤلاء،
الذين غَـيّبوك وغَـيّبوا
ولدَيك ..! البحث عن أصلهم،
وفصلهم، وجِبلّتهم، ومَعدنهم،
وأخلاقهم، وأهدافهم..!
وإلى أيّة فـصيلة
مِن مخلوقات الله يَنتمون..! وفي
أيّة غابة كانوا يعيشون..!
لعلّ هذه المخلوقات
التي غـيّبتك أيّها البطل، كانت
تمارس بطولة، باعتقالك واعتقال
شِبلَيك الكريمين..! ( ولعلّها
ماتزال تمارس البطولة ذاتَها،
ممزوجةً بشيء من التذاكي الفجّ
والفَهلَوة الرخيصة ،
بالاستمرار في إخفائك وإخفاء
ولدَيك، وفي الادّعاء بعدم
معرفة مكانكم..!)
ولعلّ هذه
المخلوقات جاءتك مدجّجة
بأسلحتها، وأحاطت ببيتك كما
لوأنها تحيط ببيت شارون، أو
باراك، أو أولمرت، أو نتن ياهو..!
واصطحبتـكَ أسيراً، لتفاوض
عليك حكومة (دولتك!) وتجري عملية
تَبادل أسرى ، بينك وبين أسرى
سوريين ولبنانيين وفلسطينيين،
في سجون العدوّ الإسرائيلي..!
أعترف أيّها البطل،
أني لاأعرفك بشخصك.. وحسْبي أني
عرفت فيك صفات البطولة، منذ
أقدمتَ على قراءة بيان تعلم أنه
سيشعل نيران الحقد، في صدور
المخلوقات التي لم تَعرف من
مشاعر البشر إلا الحقد..!
واشتَعلَ حقدهم ، وشربت القهوةَ
! في ضيافتهم الكريمة ( وهل ثمّة
ما هو أكرم من شمائلهم وأخلاقهم!؟).
وشاء الله أن تخرج..
ثمّ شاء الله أن يعيدوك مع
شِبلَيك..
وقد يشاء الله أن
تخرج مرّة أخرى ، قريباً..
وهكذا.. هم وأنتَ ،
ومعك شعبك ، بين مشيئةٍ من الله
، ومشيئة..
ومَن سَبق إلى جوار
الله فبالمشيئة ، ومن ادّخره
الله إلى حين، لحكمةٍ منه،
فبالمشيئة..
والفرق بين البريء
الضحيّة ، وبين جلاّده الظالم ،
هو الفرق ـ أبداً ـ بين البطل
العملاق، والقَزم الهزيل ، سواء
أكان الجلاّد حاملَ سوط ، أم
حاملَ صولَجان ! لأن السوط ،
إنّما هو جَرو من الجِراء التي
تولد من رحم الصولجان ..! وهل
يُساط الناس بالسوط ، إلاّ
بصَولة من الصولجان..!؟
الجندي الذي يحمل
سلاحه ، ذاهباً إلى الحرب ، يعلم
أنه قاتل أو مقتول ، فالأمل
بالنصر موجود لديه ، حتى لو كان
ضعيفاً..!
أمّا
أنت.. يابطلَ الفكرةِ والكلمة
والقلم ، فتَعي جيّداً، أبعادَ
معركتك مع هذه المخلوقات، التي
تمارس البطولة ، عليك وعلى
نجلَيك، وعلى أبناء سورية
جميعاً..!
أنت لا تعرف أنك
قاتل أو مقتول..
بل تعلم يقيناً، أنك مقتول،
أو مسجون، أو منفيّ، أو مطرود من
عملك ، أو مضيّـق عليك في رزقك ،
أو مهدّد بإيذاء أهلك، ومصادرة
أموالك، واعتقال أولادك ، أو
ذويك وأقاربك..!
ومع ذلك.. مع ذلك كله
، تفعل ماتراه الأصوب ، والأصلح
، والأكثر عزّة وكرامة ، لوطنك
وشعبك ، ومستقبل أمتك..!
فما البطولة إن لم
تكن هذه..!؟
حين رثَى الشاعرُ
أبو تمّام ، القائدَ العسكري
محمّد بن حُـمَيد الطوسي، الذي
قتِل في الحرب، قال:
فأثبَتَ في مستنقَعِ الموتِ
رجْلَه
وقال لَها: مِن تَحتِ
أخمَصِكِ الحَشْرُ
أفلَمْ تفعل أنت
فعلَ ابن حمَيد، حين أصررتَ على
قـول الكلمة، التي عرفتَ جيّداً
ثمنَها وراء القضبان!؟
الناس يموتون
جميعاً، ياأستاذعلي..
إلا أن الفرق بين
البطل وجلاّيه الصغار ـ مِن
حملَة السوط والصولجان ـ هو أن
البطل يعيش بطلاً، ويموت بطلاً،
ويَخلد في تاريخ أمّته المشرّف
بطلاً، تعتزّ به أمّته،
وتُـفاخر به الدنيا..!
أمّا الجلاّدون
الأنذال، فيعيشون أنذالاً،
ويَـنفُـقون ـ كالدوابّ ـ
أنذالاً، وتنساهم الأجيال..
فإذا ذكَرتْهم ذكرتْهم أنذالاً..!
وإ ذا ذكَرهم أولادهم وأحفادهم
، طأطأوا رؤوسهم خجَلاً..!
أشهَد ـ من خلال
مواقفك الصلبة، في مواجهة
الطغاة الأقزام ـ أنك من الذين
يُـثنَى عليهم، في الشعر وفي
النثر، ومن الذين يَعتزّ
بالكتابة عنهم الكتّاب ، ويعتزّ
بالقراءة عنهم القرّاء،
وتَـنتَشي بسيرتهم أسماع
الأجيال!( حتى لو كنتَ زاهداً
بالكتابة عنك ،أوغيرَ راغب
، أو غير راضٍ!).. فأنت وأمثالك
ضمير الأمّة الحيّ.. والأمّة
التي تخلو منكم، إنّما تخلو من
ضميرها.. والأقلام التي تكتب
عنكم وتدافع ، إنّما تكتب
وتدافع عن هذا الضمير..!
ومن هاهنا، يا
أستاذ علي، من هذه الزاوية
تَحديداً، تَنظر الأمم إلى
رجالها، لتَميز الخبيث منهم من
الطيّب ، وتعي الفرقَ ،
بين رجال يَهبونها الحياة
مِن حياتهم ، وبين أقزام
يَهَبونها الموتَ، ليتطاولوا
بقاماتهم الصغيرة على قبرها ،
ليوهِموا أنفسهم بأنهم صاروا
كباراً ..!
ولله در القائل:
لولا المشَـقّة
سادَ الناسُ كلّهمُ
الجُودُ يُـفْـقرُ،
والإ قْدامُ قَـتّالُ
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|