قصص أقصر
من القصيرة
مُعَارَضَة
بقلم
: الدكتور محمد بسام يوسف
تدفّقَ الناسُ إلى الشوارعِ والساحاتِ
العامة، للاحتفال بسقوط النظام
الاستبداديّ، فقبل ساعتين كانت
البلادُ ما تزال تُحكَم بالحديد
والنار.. لكن الآن تكسّرت كل
الأصفاد والقيود، وعادت
للمواطن كلُ حقوقِه الإنسانية،
ودخل الوطنُ في مرحلةٍ جديدةٍ
من احترام الحريات العامة
والخاصة!..
في إحدى القاعات غير الواسعة داخل مبنى
التلفزيون.. جلس ثلاثون مشاركاً
في برنامجٍ تلفزيونيٍ يُبَثّ
على الهواء مباشرةً :
- قال الأستاذ عدنان : الحمد لله، بفضل
تعاضدنا.. قضينا على الطغمة
الحاكمة الظالمة!..
- علّق الدكتور قحطان : كان علينا منذ زمنٍ
طويلٍ أن نتّحد، لنحقق الخلاص
لشعبنا!..
- تدخّل السيد ناهض : المهم نجحت خطّتنا
أخيراً، ونلنا الحرية!..
- عقَّب البروفيسور عبد السلام : عشرات
السنين ونحن ننتظر هذا اليوم!..
- بادر الأستاذ غانم للقول : الظلم يولّد
الرفض، والقمع يولّد الإصرار،
والاضطهاد يولّد الاتحاد!..
الكاميرا تُوَجَّه إلى الجموع المحتشدَة
في الساحة العامة للعاصمة،
لتنقلَ إلى كل بيتٍ صُوَراً
حيّة :
أحاديث حلوة، وأهازيج صاخبة، ولافتات
للتهنئة مرفوعة في كل مكان،
والأمهات ينثرن حبّات الأرزّ
فوق الرؤوس، بينما الأطفال من
الجنسين.. ينثرون الأوراد في
الفضاء، من مختلف الأحجام
والأشكال والألوان!..
تعود الكاميرا إلى قاعة الاجتماعات غير
الواسعة في مبنى التلفزيون :
أحد الصحفيين يسألُ الناطقَ الرسميّ
للمجتمِعين :
- سيدي، هل تتكرّمون بإيجاز أهم الأسباب،
التي أوصلت البلاد إلى هذا
النعيم الذي نعيشه في هذه
اللحظات، بعد عشرات السنين من
حياة القهر والعبودية ؟!..
يبدأ الناطق الرسميّ بالإجابة، ويشرح كيف
أنّ تحقيق الهدف النبيل لم يتم
إلا بعد توحيد الجهود كلها (على
اختلاف مشاربها) ضد الاستبداد،
وأنّ تأخّر تضافر الجهود أطال
عمر الظلم.. فيما تَشْرَئِبّ
آلاف الأعناق في الساحة العامة،
للنظر إلى الشاشات الضخمة
الموزّعة حول الساحة، وتزغرد
النساء.. ويهتف الرجال للوطن،
وللحرية، وللعدالة، وللحق !..
بعد ثُلُثِ ساعةٍ فحسب مرّت على بدء
الاحتفالات.. ينفخُ (إسرافيل) في
بُوقِهِ، ويطوي اللهُ عزّ وجلّ
السماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ
للكُتُب.. إيذاناً ببدء يوم
القيامة !..
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|