سوريون
من الإخوان المسلمين زاروا
لبنان .....
أين
المشكلة ؟
الطاهر
إبراهيم*
عاش
السوريون واللبنانيون قديما
وحديثا وكأنهم أبناء بلد واحد،
لا يستغرب وجود السوري في لبنان
ولا العكس. ولو أوضحنا أكثر،
لقلنا أن البلدين عاشا يقارعان
المستعمر الفرنسي بتنسيق كامل
طيلة عهد الاحتلال، وقد تم
جلاؤه عنهما في وقت واحد تقريبا.
هذا التعايش استمر كأحسن ما
يكون حتى انتهاء العهد
الديموقراطي في سورية عند قيام
الوحدة بين سورية ومصر عام 1958
مرورا بعهد الانفصال ثم في
الشطر الأول من عهد حزب البعث
وحتى دخول الجيش السوري إلى
لبنان في عام 1976 بتفويض من
واشنطن لإنهاء سيطرة قوات ياسر
عرفات على بيروت.
وفي كل
الفترات، كان السوري يذهب إلى
لبنان واللبناني يزور سورية،
ولا يبرز أحدهما إلا بطاقة
الهوية الشخصية كجواز مرور من
وإلى لبنان وسورية. فما الذي حصل
عند ما زار لبنان وفد من الإخوان
المسلمين السوريين، لا يتجاوز
عدده أصابع اليد، حتى تقوم -ثم
لا تقعد- قيامة بعض الإخوة
اللبنانيين ممن كان مستفيدا من
النفوذ السوري في لبنان.
وأجدني
مستعجلا للتعقيب على عتب رئيس
مجلس النواب "نبيه بري" على
رئيس الوزراء "فؤاد
السنيورة" ،-الذي لم يكن على
علم بهذه الزيارة- حول تعاطي
الحكومة مع الزيارة، وكأن هؤلاء
الزوار ليسوا أشقاء سوريين بل
جاؤوا من إسرائيل. ولا أريد أن
أغادر حتى أشير إلى أن لهؤلاء
الزوار الضيوف في لبنان ،كونهم
مواطنين سوريين، مثل ما لنبييه
بري وفؤاد السنيورة في سورية.
النظام
السوري ما يزال يرفض تطبيع
العلاقة مع حكومة لبنان. ما يعني
أنه ما يزال يعتبر لبنان حديقة
خلفية لسورية، ومايعني أيضا أن
لبنان ،بشكل أو بآخر، سيبقى
،بسبب استقواء الشقيق الأكبر
عليه، وكأنه أحد محافظات سورية.
وحتى من هذه الزاوية، فإن ذلك
يعطي الحق ،إضافة إلى الحقوق
الأخوية التاريخية، إلى كل سوري
في زيارة لبنان.
هذه
النظرة الفوقية الاستعلائية
التي طبعت تصرفات نظام دمشق،
تعني أنه ما يزال يعيش أوهام
فترة الاحتلال البعثي للبنان.
وأنه لا يريد أن يَعدِل عن لهجة
التصعيد التي تسيء إلى العلاقات
بين القطرين الشقيقين
المتجاورين. وهو لايباشر ذلك في
كثير من الأحيان كنظام، وإنما
يوحي إلى بعض اللبنانيين ممن
كانت لهم حظوة عند قيادة
"مجدل عنجر" أثناء عهد
الوصاية، وجندوا أنفسهم مقابل
ذلك، لتبرير سياسة خاطئة، كثيرا
ما أضرت بسورية ولبنان على حد
سواء، ما أدى إلى تراكم الأخطاء
والوقوع في فشل يتلوه من بعده
فشل.
حاشية
النظام السوري هؤلاء في لبنان،
من مثل "وئام وهاب"
و"شارل أيوب"، الذين
أدمنوا الالتصاق بالنظام،
يخشون أن يجدوا أنفسهم يوما وقد
أصبحوا خارج هذه الحاشية وخارج
دائرة النفوذ التي تعودوا على
مكتسباتها ،وجدوها فرصة سانحة
لينفخوا في مزامير إبليس،
بمناسبة زيارة الإخوان
السوريين إلى لبنان، مع أنهم
لاينقطعون عن زيارة دمشق
،بمناسبة ومن دون مناسبة ..... فمن
الذي أحل لهم زيارة سورية وحرم
علينا نحن السوريين زيارة
لبنان؟ "ثم ما عدا مما بدا"
أن يفرض هؤلاء آراءهم وأمزجتهم
المُسَيّسة على كل اللبنانيين،
ولم نسمع غير صوتهم النشاز
محتجا على زيارتنا لأشقائنا
اللبنانيين؟
ما
هكذا يكون أدب الضيافة أيها
الأشقاء. ولو جئتم إلينا في دمشق
وحلب وحمص، لحضر واجبكم،
ولوجدتم ما تحبون، ولما سمعتم
سوريا واحدا يقول لماذا جاء
هؤلاء إلى سورية؟ ولو قالها
سوري واحد ممن لا يتمتع بأريحية
السوريين، لوجد الكل يعنفه
ويسفه موقفه. وستجدوننا
نستقبلكم في بيوتنا، فهي أرحب
وطعامها أطيب من الفنادق التي
تنزلون فيها ضيوفا على أجهزة
مخابرات النظام السوري.
لابد
أن نسجل هنا أن أكثر الذين كانوا
يدورون في فلك النظام السوري
أيام عهد الوصاية، لم نسمع لهم
صوتا معترضا على الزيارة فقد
ربأوا بأنفسهم أن ينزلقوا في
هذا المنزلق غير الكريم، حفظوا
خط الرجعة والتزموا أدب الضيافة
مع إخوانهم السوريين وحسنا
فعلوا، لأن أيام السياسة
قُلُّب، من كان عدو اليوم قد
يصبح صديق الغد.
صحيفة
"السفير" اللبنانية أوردت
،في4 أيار "مايو" الجاري،
أن الأستاذ "فتحي يكن" أبلغ
وفدَ الإخوان السوريين أنه لا
يحبذ زيارتهم إلى لبنان. ونحن إذ
نستغرب أن يصدر هكذا كلام –إن
صح- عن الأستاذ "يكن"،
لَنؤكد أن زيارة هؤلاء الأخوة
إلى لبنان ليست زيارة أجنبي إلى
لبنان، على ماهو معهود من
انعدام الحدود السياسية بين
شعبي البلدين. وإذا كان هناك
ماهو غير مقبول ،فلن تكون هذه
الزيارة على كل حال، بل إن غير
المقبول حقا الاعتراض عليها
وخصوصا من أمثال الشيخ
"يكن".
واستطرادا
فقد كان من غير المقبول حقا ظهور
الشيخ "فتحي يكن" في ندوة
بثها التلفزيون السوري منذ أيام
قليلة، جنبا إلى جنب مع "أحمد
حسون" مفتي النظام السوري.
وقد تحدث "يكن" عن مشاكل
الطائفية في لبنان، ماجعل
"حسون" يلتقط خيط الحديث
ليصور سورية كأنها جنة الله في
أرضه لا يوجد فيها طائفية مثل ما
هو موجود في لبنان، وأن الآخر لا
يُصادَر عليه، بل يعبر عن آرائه
بحرية.
وكم
كنا نتمنى أن يتصدى الشيخ
"فتحي" لهذا الحديث الذي لا
يمت إلى الحقيقة بشيء، وأن
يذكّر محاوره وجليسه
"حسون" مفتي السلطان: أن
القانون 49 -المعمول به في سورية
منذ عام 1980-، لا
يُصادِر على الآخر رأيه فحسب،
بل يصادر عليه حياته أيضا. فهو
يحكم على مجرد الانتماء إلى
جماعة الإخوان المسلمين
بالإعدام، وأنه ما يزال ساري
المفعول في سورية، منذ أكثر من
ربع قرن، ويحكم بموجبه
في محاكم أمن الدولة سيئة
السمعة. لا نجد ما نقوله للشيخ
"فتحي يكن" هنا، وقد كان
علما من الأعلام قبل أن يحيل
نفسه على التقاعد من العمل في
الجماعة الإسلامية في لبنان،
إلا أنه أخطأ واجب الضيافة مع
إخوانه السوريين، وكان كما قال
الشاعر:
أوردها
سعد وسعد مشتمل
ما هكذا يا سعد تورد الإبل
*
كاتب سوري
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|