قال
.. محاربة فساد .. قال
د.
هشـام الشـامي
منذ ست سنوات ، بل
قبل ذلك بسنوات ، الشغل الشاغل
لأبواق نظام الحكم في شامستان
هو محاربة الفساد ، نحن
السوريون لم ننسَ أن الحملة
الانتخابية للأسد الثاني ( رغم
أنه لم يكن بحاجة لحملة
انتخابية ، و لكن لزوم إكمال
فصول المسرحية ) كانت محاربة
الفساد ، و ملاحقة المفسدين ، و
في ذلك الوقت ، و على حياة الأسد
الأب لم يجدوا في سوريا كلها إلا
مفسداً واحداً لا غير ، هو سبب
كل الأزمات و الكوارث
الاقتصادية و السياسية و
الاجتماعية و الثقافية التي
تحيق بالوطن و المواطن إنه
الرفيق / محمود الزعبي (عضو
القيادة القطرية لحزب البعث ، و
وزير سابق ، و رئيس لمجلس الشعب
ثم رئيس لمجلس الوزراء على مدى
أكثر من عشرين عاماً ) ، و بنحره
أو انتحاره ( لا فرق ) انقطع دابر
المفسدين ، و عادت الأمور إلى
مجاريها ، و الحقوق إلى
مستحقيها في طول البلاد و عرضها
و ساد العدل و انتصر الحق و زهق
الباطل !!! .
و منذ الانتقال السلس
للسلطة ، و استتباب الأمر للأسد
الثاني ، و منذ خطاب القسم و حتى
اليوم ، ما زالت محاربة الفساد
أولوية الرئيس ، ففي كل لقاء
صحفي أو تلفزيوني أو خطاب
جماهيري ( و ما أكثرها ) ، نسمع
الرئيس يقول : سنحارب الفساد ،
سوف نقضي على المفسدين ، سنحاكم
سارقي أموال الشعب ، سوف نعيد
الحق العام لأصحابه ، سنفسد على
المفسدين مؤامراتهم ، سوف نقض
مضاجع الشبيحة و مصاصي دماء
الشعب المسكين ، و سين و سوف و
سين و سوف و هكذا دواليك ..
و لكن أبشروا يا شباب ،
صبركم لم يذهب سدى ، فعلاً!! بدأت
محاربة الفساد ، و ها هي الصحف
الرسمية الثلاث في شامستان (
البعث و الثورة و تشرين ) ،
استيقظت من سباتها العميق ، و
بدأت تكشف المفسدين و تفضحهم ، و
ترفع الغطاء عنهم ، و تدك حصونهم
المنيعة ، و تسحبهم
كالصيصان من أوكارهم .
ألم تقرأوا على صفحاتها (
هذه حقيقة لا تندهشوا ) كشف و
اعتقال موظفين مفسدين نهبوا
المال العام في صوامع الحبوب في
القامشلي ؟ ، و مفسد لئيم أخر تم
إلقاء القبض عليه في مديرية من
مديريات الدولة في حلب بالجرم
المشهود ، كما تم فضح رئيس شركة
حكومية مفسد
في حماة أيضاً .
ألا يدل ذلك على البدء حقيقة
بمحاربة الفساد من جهة ؟ ، و على
حرية الصحافة و التعبير في
شامستان من جهة أخرى ( بضم
الهمزة لا فتحها ) ؟.
و الجواب : إن الشعب
السوري لم تعد تنطلي عليه مثل
هذه الأكاذيب المفضوحة ، و
الخدع الهوليودية السينمائية ،
و حقن المورفين المخدرة ، و هو
رغم طيبته و تسامحه لكنه ليس
غبياً إلى حد أن يصدق أن المفسد
سيحارب نفسه ، فالإنسان لا يفقأ
عينه بيده ، و حتى الحيوان لا
يأكل ذيله مهما جاع ، و كفاكم
استهزاءً و استخفافاً بعقول
الناس و رحم الله من قال : تجريب
المجرب تضييع للأيام .
كيف ترون المفسدين الصغار
في القامشلي و حلب و حماة ، و لا
ترون الهوامير الكبار ، و
الحيتان الزرقاء ، و الجواميس
المتوحشة ، التي أكلت الأخضر و
اليابس ؟ . أم أن طبيب العيون قد
أصيب بمد بصر شديد ؟ .
إذا كانت الحالة كذلك
فالعلاج واضح و بين و يعرفه
الدكتور جيداً ، و لا يحتاج لفرط
ذكاء ، و ما عليه إلا أن يجري فحص
نظر ، ثم يضع عدسات تصلّح البصر
، و عندها سيرى المفسدين أقرب
إليه من حبل الوريد .
و يبقى السؤال : هل لدى
الدكتور الإرادة الصادقة
لتصحيح و علاج مد البصر في عيونه
؟ ، و في حال وجود هذه الإرادة ،
هل سيسمح له أقرب المقربين إليه
بوضع العدسات التي ستفضحهم
جميعاً ؟ .
و حتى ينزل الدكتور من قصره
العاجي – قصر الشعب !! في جبل
المزّة - الذي
يطل على دمشق من علٍ ، و يجيبنا
بالفعل لا بالقول عن تساؤلاتنا
الموضوعية ، و استفساراتنا
المنطقية ، يبقى لسان حال شعب
سوريا المنهوب و المقهور وصاحب
الشأن الأول و الأخير في هذه
الأمـــور ، يوجز و يختصر كل ما
قاله الحكماء و الخبراء و
الأدباء و
الشعراء و المفكرون و السياسيون
و الاقتصاديون و الحقوقيون و
الصحفيون و المحللون و المبدعون
في هذا المجال حين يعبر
بعفويّته المعتادة ،و فطرته
السليمة ، وسخريته المحكمة ، و
ازدراءه الموجّه فيقول :
(( قال .. محاربة فساد .. قال )) .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|