ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 11/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

قصص أقصر من القصيرة

فِي الحَافِلَة

بقلم : الدكتور محمد بسام يوسف

وقف (سليم) في ممرّ الحافلة محشوراً بين عشرات الرجال، ممسكاً بقبضة يده اليمنى الجسرَ الحديديَّ المارَّ فوق رؤوس الرُكّاب، بينما يده اليسرى تقبض على مجموعةٍ من أوراق المحاضرات.. مادّاً عُنُقَهُ باتجاه الأعلى إلى أقصى درجةٍ ممكنة !..

الحافلة تقف عند كل موقف، لتنسَلَّ إلى داخلها مجموعة إضافية من الركاب، وصوت جابي التذاكر ينبعث كل دقيقة :

- إلى الأمام يا شباب.. إلى الأمام، تحرّكوا قليلاً إلى الأمام !..

لا يستطيع سليم أن يتحرّك أكثر من ثلاثة أو أربعة سنتيمترات.. فيما القوم حوله يتأفّفون، وكل منهم يعلّق تعليقاً يخرج من حَلْقِهِ مكبوتاً !..

- إلى الأمام يا شباب، أهلاً أبا أحمد.. اصعد.. اصعد، حاول أن تصعد.. (يقول الجابي)!..

القوم يتحرّكون بضعة سنتيمتراتٍ إضافيةٍ إلى الأمام !.. لكنّ سليماً يبدو وكأنه يفكّر في أمرٍ ما، مع أنّ التفكير في مثل هذه الأوضاع يُحسَبُ كارثةً وطنية، يمكن أن توصِلَ صاحبَهَا إلى هناك.. حيث يؤدَّب كل مَن لديه بعض الضعف في وطنيته وموالاته.. لكن مع ذلك.. فسليم يفكّر :

- خمسون دقيقةً حتى استطعتُ أن أجدَ لنفسي مكاناً، في حافلةٍ توصلني إلى ساحة المدينة، وأربعون دقيقةً حتى أصلَ إلى المحطة التالية، التي يجب أن أعثرَ عندها على مكانٍ في حافلةٍ ثانية، لأصلَ إلى أقرب نقطةٍ من الكليّة.. وعشرون دقيقةً مشياً على قدميّ لأصلَ إلى قاعة المحاضرات.. وبعد أربع ساعات، يجب أن أعودَ إلى بيتي بنفس الطريقة، لكن قد يستغرق ذلك وقتاً أطول.. وسأصل منهَكَاً، لأرتاح ساعةً بعد تناول طعام الغداء، ثم..

- إلى الأمام يا شباب.. إلى الأمام !..

يتمكّن سليم من ثُلُثِ التفاتةٍ إلى اليسار، يحاول أن يمرّر بضعَ كلماتٍ باتجاه الجابي.. فلا يستطيع.. يتنفّس، ثم يستحضر شكل سيارة المرسيدس السوداء ذات الستائر، التي يصل بها إلى الكلّية زميلُ دراسته (عماد)، نجل أحد ضباط الحرس الخاص.. يحاول سليم أن يتكلّم، لكنه يضبط أعصابه، فيما (لازِمَةُ) الجابي تنبعث من جديد :

- إلى الأمام يا شباب.. إلى الأمام !..

يُجيبُ (سليم) بصوته المخنوق، رداً على صوتِ الجابي :

- يعني يا أبا صهيب، قبضتَ من كلٍ منا (خمس ليراتٍ) أجرةً.. ومع ذلك تريدنا أن نصلَ مَشياً على الأقدام ؟!.. والله.. والله العظيم.. هذا ليس عدلاً !..

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ