(كرنفال
أمني بامتياز)
ليلة
29 نيسان في شهبا
مروان
حمزة
marwanhamza@maktoob.com
قبل سنة تقريبا بدأت السلطة
الأمنية في سوريا بتغيير نهجها
وسلوكها اتجاه أي مظهر ثقافي
على مساحة الوطن بالكامل ، من
منتدى جمال الأتاسي الذي أوقف
نشاطه واعتقل مجلس إدارته مثل
هذه الأيام من العام الماضي إلى
الآن ، وهذه السلطة تستمر بغيها
متسلحة بإعلان حالة الطوارئ
والأحكام العرفية التي تجاهر
باستمرار بأنها متعطلة ،أو على
الرف كما يقولون، رغم انه مفعل
بنشاط على مدار الساعة ، وخير
دليل على ذلك ما حصل في مدينة
شهبا ليلة 29 نيسان ، حيث كانت
السلطة الأمنية مستبسلة لمنع
عدد من الأشخاص بإقامة سهرة
ثقافية ، عادية يقيمها ملتقى
الحوار الوطني الديمقراطي في
محافظة السويداء ، لكنها
بالتأكيد ليست سهرة ( ورق ، أو
سكر ، أو عربدة ) لتتركها تمر
بسلام .
بدأت السهرة بقدوم قوات عناصر
أمنية من مختلف الفروع بالعشرات
لتحاصر منزل صاحب الدعوة عصام
خداج وامتد الحصار الأمني ليشمل
منزل كاتب السطور خوفا من لجوء
المدعوين إليه وسارعوا
بالانتشار ليصل إلى منطقة
الشرطة العسكرية والتي تشكل
نقطة وصل حيوية لأكثر من عشرة
قرى تتربط بطريق عام ( دمشق
السويداء) والحواجز تتقارب
لتقوم بتفتيش السيارات بكافة
أنواعها وطلب البطاقات الشخصية
، ومخاطبة المواطنين بنرفزة
وعنجهية وتذمر وأمر وقلة احترام
، ومنع الجيران من السؤال أو
الاطمئنان عنا ، حتى ابني
البالغ من العمر (16عاماَ) اضطر
أن يسأل أكثر من عنصر ليسمحوا له
الدخول إلى المنزل ، كل هذه
التصرفات التي حصلت ، جعلت
هؤلاء المواطنين يفسرون الأمر
كما يحلو لهم ، مع العلم بأن
هناك عدد من العناصر الأمنية ،
روجت بان هناك جريمة قتل
بالحارة ، وآخرين قالوا بأن
مشكلة حصلت مع صاحب المنزل ،
والذي جعل المواطنين المارين
بشبكة الطرق تلك يصدقون
أو يستغربون ذلك طبعاَ بسبب
العدد الهائل من السيارات
والأفراد وقوات حفظ نظام وأمن
جنائي وشرطة مدنية وشرطة مرور
وكل تلك المسميات لا تحضر
بالعادة إلا لعظائم الأمور ،
والذين ظنوا بأن هناك معتقلين
هو مشاهدتهم لقوائم بأسماء
الذين قد يأتون إلى تلك السهرة
المشوؤمة .
ليلة الذعر هذه ( للمواطنين
الآمنين ) من المسؤول عنها ؟؟!!
هل هي المعارضة التي ضاقت الدنيا
بها ؟ فلا المراكز الثقافية تود
استقبالها إلا بشروط تعجيزية ،
ولا في البيوت والتي درجت عادة
الناس على استقبال الضيوف فيها
!!؟ رغم دعوتنا المستمرة
للمسؤولين البعثيين للمشاركة
في هذه النشاطات وكان هناك أكثر
من سابقة في ذلك .
أم هي بالتأكيد السلطة الأمنية ؟
التي جعلت من العرض المفرط
للقوة مجالاَ مفتوحاَ على كل
الاحتمالات ، والتأويلات ومن
شأن هذا التصرف المثير
للاشمئزاز ، أن يحول الأمر إلى
سخرية على حد زعم أحد المواطنين
، الذي قال : والله لو كان كل
معارضة العالم في هذه السهرة
لما احتاجت كل هذه القوات والتي
قدرها بأكثر من مئة عنصر من
مختلف الأصناف !!! .وآليات لا تعد
استهلكت من الوقود ما يكفي شهبا
مؤونة الشتاء من المازوت .!! من
أجل ماذا ؟؟ منع سهرة ؟؟!
إن هذه الممارسات القمعية التي
لا يوجد مثيل لها حتى في ألبانيا
أيام ( إبراهيم خوجا ) والتي تشكل
انتهاكاَ صارخاَ لكل مبادئ حقوق
الإنسان في ممارسة حقه في إقامة
أنشطة لا تتعارض مع سيادة الوطن
وتعد من ابسط الحقوق الإنسانية
والتي نصت عليها كل مواثيق
العالم وخاصة شرعة حقوق الإنسان
،
وإن هذه التصرفات الأمنية
المتسرعة تعيق وتأخر انتقال
سوريا إلى فضاء الديمقراطية
الذي نحلم بيوم من الأيام أن
نكون فيه مواطنين لنا بالتساوي
كل الحقوق وكل الواجبات وإننا
نتطلع بفارغ الصبر إلى إعادة كل
المهتمين بأمر هذا الوطن إلى
دائرة العمل السياسي والاهتمام
بالشأن العام وتحمل المسؤولية
كاملة للنهوض بسوريا لتلحق
بمصافي الدول التي سبقتنا
أشواطا عديدة في كل المجالات
السياسية والاقتصادية
والثقافية والاجتماعية ، وأن
نكون وطنا حراَ لا يوجد فيه
معتقل رأي واحد أمثال الدكتور
عارف دليلة والدكتور كمال
اللبواني وحبيب صالح وعلي العبد
الله وولديه وفاتح جاموس وآخرين
قد أعجز عذراَ عن ذكر أسمائهم
.
إن شرعية العمل السياسي لا تكون
منة أو عطاء من أحد ، حيث من
خلالها يتاح لكل المواطنين
الحوار بكل ما يستجد بهذا الوطن
من إحداث وأمور، ومناقشة أي
موضوع كان دون خوف أو وجل ،
والإشارة إلى مواقع الفساد
والمفسدين والسارقين لخيرات
الوطن ومقدراته الذين
ضجت البلاد بهم على كل الصعد
والمستويات، وهذا
طبعاَ يستدعي وجود آلية لتنظيم
العمل السياسي وقانون للأحزاب
الذي نسمع به منذ خمسة أعوام من
مسؤولين رفيعي المستوى في
السلطة السياسية وهو على ما أظن
إلى الآن ، يطبخ على نار
شمعة في القطب المتجمد الشمالي
تذكرني ( بطبخة بهلول) التي لا
ولن تنضج أبداَ .
فكل ما
نريده ياسادة : عملاَ تدريجياَ
باتجاه الديمقراطية الصحيحة ،
وطبعاَ هذا لا يمكن أن يتم في ظل
قانون الطوارئ والأحكام
العرفية القابض على رقاب العباد
منذ أكثر من 43 عاماَ متواصلة
بنشاط قل
نظيره إلا في هذا الأمر فقط ،
وقانون جائر للمطبوعات لا
يتناسب مع متطلبات العصر بوجود
الانترنيت والفضائيات
.
وأخيراَ ، لابد لنا من القول : إن
السلطة في أي مكان أو وطن يجب أن
تكون مثال الأم التي لا تفرق بين
أبنائها حتى ولو كانوا مختلفين
، لأن حق الاختلاف أمر مشروع ،
فأملنا في هذا الوطن أن نكون
أخوة بكل ما للكلمة من معنى ،
حيث الوطنية امتيازاَ لا يحس به
إلا من يتألم لوضع هذا الوطن .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|