عندما
تصبح الخشبية منهجا ً...!.
د.
نصر حسن
يوصف الإنسان الذي يتمتع يقدر من
ضبط النفس بإستجاباته للمؤثرات
الخارجية السلبية والإيجابية
المريحة أوالمزعجة ويتعامل
معها بواقعية وسلوك هادئ وتوازن
وحكمة ودراية بتصرفاته وقدرته
على احتواء المواقف نسبيا ً ...
بأنه مثقف , وبالمقابل وعلى
النقيض من هذا المثقف يوصف
الإنسان المنفلت
والمنهارالأعصاب والفالت لنفسه
عقلها وعقالها ويتعامل مع
الأمور بتوتروانفعال وسلوك غير
فعال ,والعصبي والعصابي في
أقواله وأفعاله وتصرفاته
واتهاماته ...يوصف ببساطة.. بأنه
جاهل , والجهل أنواع وأشكال
وأطواروفنون لانريد أن ندخل
بالظنون لتوضيح ملامحها وقد
يطول الكلام لأنها مسألة نفسية
سلوكية قيمية ...أي ثقافية
بامتياز , ونراها بشكل حي
ومباشرشاهده الكثيرون على
الشاشة الصغيرة وعبرعنها بوضوح
شديد...وهوالحديث الذي جرى
بالصوت والصورة على إحدى
القنوات الفضائية العربية بين
أطراف من المعارضة السورية وبين
أحد أخشاب ( أعضاء ) الثقافة
والقيادة في النظام الخشبي
الحطبي الحجري و......
يبدو كأن الإستبداد يقف في ظل
الجهل وينمو فيه ويستمد قدرته
على الإستمرار منه , لأنه وعبر
سنوات طويلة من إلغاء إنسانية
الفرد بالقمع والظلم والتشويه
أنتج سلوكية نمطية مقننة وثابتة
مقيتة وهي بدورها أنتجت التماثل
السلبي بين الإستبداد والأفراد
بحيث يلغي وجودهم الإنساني
ويحولهم إلى أفراد أشبه بقطيع ,
غير منتجين وعالة ومعلولين
ومنافقين ومهرجين ومصفقين
للجلاد باستمرار أي إلى فاعلين
سلبيين وتشويهيين في ثقافة
المجتمع ومنهمكين في تثبيت
الإستبداد الذي يجردهم هم أيضا
ًمن كل أبعاد الإنسان ,ولايبقي
لديهم سوى إتقان الهذيان
وعبودية الطغيان .
الغريب في هذا الحوارهو نبرته
وشكله ومضمونة , حيث حاول السيد
الصحفي الناطق إراديا ً باسم
الإستبداد ,ويبدوأنه مقتنعا ً
بما يقول وبما يتهم به المعارضة
, والحقيقة لم يقل شيئا ً غير
كيل التهم للمعارضة وبشكل يثير
الإشمئزاز , يصادر الوطنية
ويسجنها معه في سجنه الكبير ,
ويحصر الشعب كله في عباءة
الديكتاتورية بارتباك
ويكابرويغالب تصنعه بامتلاك
حرية النقاش والقدرة على الكلام
ويلف ويدوربكلمات حفظها عن ظهر
قلب يرددها خشية نسيانها ورإضاء
ً لكهنتها ودفاعا ً عنهم .
والغريب أيضا ً أنه اتهم
المعارضة السورية بالخيانة رغم
أن الجميع يعرفها وأولهم
المتكلم باسم الإستبداد ومعه
المثقفون والجاهلون ,والمتعلمون
والأميون , والمحبون والكارهون
بأن مواقفها وطنية مستقلة
تستعين بشعب سورية وتتمسك بوحدة
الوطن وتحريرمااحتل في هزائم
النظام ورفض التعاون مع أية جهة
دولية وتقف
ضد الديكتاتورية والجريمة
والفساد والظلم والتمزق ,وكل
تياراتها أجمعت على حتمية
التغيير وإسقاط الإستبداد
واختارت الطريق الديموقراطي
التعددي الإطار الوحيد الذي
ينقذ سورية من حالة الإنهيار
التي أوصلها الإستبداد إليها .
والذي شاهدناه هو أن هذا الناطق
باسم الإستبداد ولشدة ارتباكه
فقد توازنه أو أنه بدون توازن
أصلا ً مثله مثل أسياده ..الطيش
ملهمهم ..والإرتباك منظرهم
..والإنهيار حالتهم ..
والنفاق على الدوام ملازمهم ,
ومع استمرارالحوار فقد قدرته
على الإستمرارمع بقية
المحاورين وخاصة مع مقدم
البرنامج الذي ضاق زرعا ً به
لعدم احترام الحد الأدنى من
الطقوس العامة المعروفة في مثل
هذه الحوارات , وشعربأنه يحاول
إضاعة الوقت والإجابة عن أسئلة
لم يطرحها مقدم البرنامج بل على
ما يبدوا أنه يرددها عن ظهر قلب
ويوجهها إلى أجهزة رصد الإخلاص
المتعددة , جواب واحد لكل
الأسئلة ولكل المتحاورين , هو ذا
الإستبداد يحول الناس إلى أجهزة
تسجيل قديمة خشبية تجيد الترديد
المشوه للكلمات والوصيات, أي
ينتج أفراد عديمي التفكير
والقدرة على التقرير .
والأكثر غرابة ً هو قصورفهمه
للعمل السياسي والوطني وحصره في
إطار مايسمى بالحزب (الذي لم
يخجل من ذكر إسمه لأن الإستبداد
لم يبق منه حتى العظام وأطنان من
الكتب يغمرها الغبار والنسيان
وأطنان من الشعارات التي لها
وقع الهزائم لدى عامة الشعب )
والجبهة الوطنية ومواخير
الفساد الأخرى من الهياكل
الخشبية التابعة
للنظام , وألغى كل المعارضة
الداخلية بما يوحي بأن الأمور
في سورية تسير بمنتهى المقاييس
الوطنية والنزاهة والحفاظ على
مصلحة الشعب بتوفير الحد الأدنى
من الحياة التي تحفظ كرامته ,وبطفولية
وخشبية عجيبة وكأننا بعصور
ماقبل التاريخ حيث أن الإنسان
لايستطيع أن يعرف التفاصيل إلا
بحدود جغرافية أين يعيش , وأن
المعارضة الموجودة في الخارج
تعيش على كوكب آخر وليس لها أي
جذور أو روابط حتى إجتماعية على
أقل تقدير ولا تدري عن حال الوطن
شيء ,وهي عميلة ومدفوعة الأجر من
أمريكا وكل الدول التي تحقد على
منجزات الإستبداد العلمية
والحضارية واحترامه لكرامة
الشعب وحريته وهذا المستوى
الرفيع من احترام حقوق الإنسان ,وتريد
أن تنتقم منه على هذا المستوى
المتطور من الرفاهية والتقدم
والرخاء ( معدل دخل الفرد وحسب
الإحصائيات الرسمية يعادل /1000/
دولار ) , وتنفذ مخططات خارجية
مشبوهة لوقف المشاريع
الإقتصادية المتطورة والنهضة
الثقافية المثيرة والمشاريع
العلمية والتكنولوجية والنووية
التي بلغت آخر مراحلها , ومدفوعة
من الخارج في هذه الظروف
الخطيرة حيث القدرات العسكرية
على أهبة الإستعداد لتحرير
الجولان واللواء وإكمال الطريق
لتحرير العراق وفلسطين وإقامة
الوحدة العربية التي بناها حجرة
حجرة على مدى أكثر من أربعين
عاما ًوقائمة الإنجازات
الثورية تطول وتكبر بحجم مأساة
هذا الشعب الذي يعيش غريبا ً
بينه هذا المثقف الوطني العنيد .
على من تعزف مزاميرك ...يامن تعيش
أواخر لحظات الهذيان
والإستبداد واستلاب الإرادة ,العبد
للإستبداد لايحق له أن يتهم
الأحرار والشرفاء ,والذي يعمل
بأجر لايحق له أن يتكلم عن
النزاهة , والظالم لايحق له أن
يتكلم عن العدالة , والعملاء
المعروفين باتصالاتهم السرية
والعلنية وبنتائج أفعالهم التي
دمرت سورية وأعادتها إلى العصور
الوسطى لايحق لهم أن يتهموا
الوطنيون الأحرار المدافعين عن
سورية في وجه الإستبداد والتدخل
الخارحي والإنهيار الذي تمهدون
له ليل نهار , والبعيدون عن هموم
الشعب والراضون له بهذا المستوى
المعيشي المذل ( معدل دخل
الحيوان /1500/ دولار في دول مثل
سورية ....!. ) , وعبدة الفردية
وغياب القانون لايحق لهم أن
يتهموا دعاة بناء دولة القانون
والعمل الديموقراطي التعددي .
بقي أن نقول : فاقد الشيء لايعطيه
, كفاكم تزويرا ً ونفاقا ً
وتغطية الإستبداد التي أصبحت
روائحه الكريهة تزكم الأنوف في
سورية وخارجها , حاولوا في
اللحظات الأخيرة أن تنظروا في
أحوال الناس وما أوصلتم إليه
سورية من هزائم وفقدان الأرض
الوطنية ,وتخلف وأمية وفقر
وحالة معاشية تلامس الإهانة
الإنسانية , وفوضى وطيش وانهيار
على كافة المسارات , كفاكم تضليل
لهذا الشعب وتطبيل لجلاديه
الذين دمروا المدن فوق ساكينيها
واغتالوا الأحرار في السجون
التي أصبحت بمساحة سورية والذي
دخلها أكثرية الشعب ,وقضى بعضهم
نصف عمره في سجون الصمود
والتحرير والتصدي , الإستبداد
أصبح في حالة استحقاق الرحيل
وأنتم مخلصون ومصرون على
التزويروالتبرير.
المعارضة السورية قد تكون
استثناء ً في تاريخ العمل
السياسي الحديث هدفها
إنقاذالشعب والوطن وبرغم كل
القتل والسجن والتشريد والمآسي
الإجتماعية والمدنية
والإنسانية التي عاشتها
وتعيشها بقيت ثوابتها وطنية ولم
تتآمر ولن تمد يدها لأعداء
الشعب وهي تملك إيمانها بالله
وحب الشعب والوطن والإخلاص
إليهما , في حين ملكتم كل أدوات
الجريمة واستعنتم بالأجنبي
وبكل أعداء الشعب والوطن دولا ً
وأجهزة ًوعصابات قتل مأجورة بكل
بقاع الأرض وتاريخ الإستبداد
معروف للجميع , إنكم تلعبون في
الوقت الضائع وللهدف الضائع
وللكرسي الضائع وتلعب المعارضة
للمستقبل الذي تحرص عليه بأن
لايضيع .
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|