ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 15/05/2006


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

إصدارات

 

 

    ـ مجتمع الشريعة

 

 

   ـ أبحاث    ـ كتب

 

 

    ـ رجال الشرق

 

 

المستشرقون الجدد

 

 

جســور

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

صُنع في أسدستان

أبو عمر الأسدستاني

من المثير للعجب والدهشة أسلوب المسؤولين في قيادتنا الحكيمة وعلى اختلاف مستوياتهم في التعاطي مع مواطنيهم و تماديهم في معاملة شعبهم على أنهم مجموعة من  الرعاع أو البهائم  ُخلقوا و وجدوا لخدمتهم وخدمة عائلاتهم وهم بالضرورة لا يفهمون ولا يفكرون , مجردين من المشاعر و الأحاسيس , لا يوجد لديهم طموح مستقبلي أو أية متطلبات معيشية آنية , قنوعين ودودين ومسالمين لا يفتحون فمهم إلا لتناول الطعام هذا إن وجودوا ما يأكلونه .

ولكن استمرار هذه الظاهرة الشاذة و الطريقة الفوقية في التعامل مع المواطنين المغلوبين على أمرهم لأكثر من أربعة عقود دفع بعض المتنورين من عامة الشعب  للبحث عن تفسير لها فقصدوا العرافين والمنجمين وخبراء  قراءة الكف و الفنجان وفك السحر والذين بدورهم اختلفت آراؤهم حول تفسير هذه الظاهرة ,  فمنهم بالطبع المعتدلون بآرائهم  ومنهم المتطرفون ,  حيث طرح المعتدلون منهم عدة نظريات لتفسير ما يحدث فالنظرية الأولى ترى أن المسؤولين في أسدستان على ما يبدو خُلقوا صماً بكماً و عمياناً من الذين رُفع عنهم التكليف فهم لا يستطيعون أن  يسمعوا أنّات الشعب ولا يَرون معاناته فالمنطقي أن لا يتحدثوا باسمه ولا يحسنوا طريقة معاملته .

أما النظرية الثانية فلا تختلف كثيراً عن الأولى ولكنها ترى أن مسؤولينا العظام كانوا أناساً طبيعيين أصحاء لم يُخلقوا بعاهة ولكن اكتسبوها بدهائهم عن عمد بأن خرموا آذانهم وفقؤا عيونهم وقطعوا ألسنتهم لكي يمتهنوا تسوّل المناصب ويمدوا بذلٍ أياديهم لسادتهم طالبين منصبا(لوجه الله) .

ولعل النظرية الثالثة للعرافين أو كما يحلو للبعض تسميتها بنظرية المؤامرة فتحوي بداخلها كثيراً من الشك والريبة في أصل المسؤولين طيبي الذكر, فمناصروها يقسمون  بأنه من المستحيل على أي مسؤول منهم أن يكون قد وُلد في سوريا أو تعلم فيها,  بل ذهب بعضهم إلى القول بأن معظمهم ولدوا وتربوا وتعلموا في تل أبيب ؟ بل ويؤكدون أن لديهم شهادات ميلاد عبرية موثقة من كبار الحاخامات , مؤيدو هذه النظرية يستندون إلى أفعال المسؤولين أنفسهم لدعم وجهة نظرهم التي تقول  بأنه من المستحيل على أي شخص وُلد في سوريا أن يُمعن في سلب ونهب وتدمير بلده وقتل أهلها بهذا الشكل الفظيع و المُستهتر والمستمر كما يفعلون ؟  أما المعارضون للنظرية فيعتمدون على نفس الفكرة السابقة لتأكيد وجهة نظرهم إذ يتحدّون المؤيدين لها بأنهم حتى ولو أحضروا شارون نفسه ليتولى حُكم سوريا فلن يستطيع التخريب والتدمير والسلب والنهب والقتل بقدر ما خربوا ودمروا وقتلوا وسلبوا ونهبوا بلدهم .

و لنعد إلى النظرية الرابعة أو نظرية (كفاية) والتي تعتمد بتحليلها على الغيبيات إذ ُيرجح مناصروها أن يكون أصل هؤلاء هو البلاء الأعظم في الدنيا و الذي يتم من خلاله امتحان صبر العباد وقوة إيمانهم عن طريق تحملهم للذل والجلد والسجن والقتل و ضنك العيش  ,  وبدورهم يستند المعارضون لها على فكرة أن الله سبحانه وتعالى جعل قوم موسى عليه الصلاة والسلام في التيه لأربعين عاماً فقط  فمن الصعب التصديق أن يبقينا نهيم على وجوهنا في التيه لأكثر من تلك المدة أي لثلاث وأربعين سنة ؟ يعني خلاص .....كفاية (ندعوه ونبتهل إليه سبحانه).

أما النظرية الخامسة والتي تسمى تحبباً بنظرية أرضنا الخضراء ويُسمى مناصروها بالخُضر فمن اسمها ُيستدل على مضمونها فلدى أصحاب هذه النظرية من العرافين قناعة تامة بأن مسؤوليهم عبارة عن ُمرابعين في مزرعة آل الحاكم ولذلك فهم يتصرفون كما يتصرف أي مرابع َضمِن قطعة أرض من المزرعة الكبيرة لآل الحاكم أي يستغلون فترة توليهم مناصبهم لأقصى درجة ممكنة لتحقيق أعلى المكاسب منها غير عابئين بالنتائج المترتبة على عملهم لأن المزرعة أولاً وأخيراً لآل الحاكم وهم كما أسلفنا سابقاً مجرد مُرابعين فيها .

هذه النظريات الخمس السابقة  تعبر بشكل عام عن رأي الأغلبية المعتدلة من المنجمين والعرافين , أما الأقلية المؤيدة للنظام من العرافين وهي حُكماً الفئة المستفيدة والمنتفعة منه بشكل أو بآخر والتي تعتاش على الفُتات من الكعكة السورية الدسمة , إضافة ً لمكافأة أفرادها من قبل آل الحاكم  بإعطائهم مناصب ديكورية تجميلية ليكونوا أبواقاً إعلامية للنظام ولإضفاء صبغة ديمقراطية على مظهره العام أمام العالم , فقد أصبحوا بمباركة وتأييد النظام رؤساءً لمراكز الأبحاث و الدراسات ونواباً في البرلمان وصحفيين ورؤساء للغرف التجارية والنقابات .....الخ هؤلاء الموالون ينقسمون أيضاً إلى جناحين رئيسيين : الجناح الأول والملقب أفراده بـ (سوا ربينا)  فيعتبر أن المسؤولين هم أناس شرفاء وطنيون و بسيطون وطيبون ونظيفو الكف  في الأصل ولكن وجودهم في جو موغل في الفساد ومليء بالمفسدين والمُتكبرين والمرتشين جعلهم أخيراً ينغمسون فيه تحت ضغط الإغراء (أي دّبروا حالهم)  وهم بالتالي لا ذنب لهم ولا يُلامون في أي شيء ارتكبوه فالنفس البشرية أمّارة بالسوء وحُجتهم القوية أمام خصومهم هي (حط حالك محله وشوف كيف راح تصير مثله أو أسوأ منه) .

أما الجناح الثاني ( أو جناح بابا زمانه جاي)  فيتفق مع الأول بالتسليم بفكرة أن المسؤولين هم أناس شرفاء وطنيون وبسيطون وطيبون ونظيفو الكف واليد ، ولكن يُلقون باللوم على كل ما حصل من سلب ونهب وخراب  في البلد على بطانتهم الفاسدة المتكبرة و المتجبرة  والتي ترتكب كافة أنواع الموبقات باسمهم وبدون علم منهم ؟ والتي ما زالت  تحجب عنهم رؤية معاناة الشعب وآلامه ؟؟ فالتخلص من البطانة الفاسدة برأيهم يحل كافة المشاكل دفعة واحدة (بما فيها مشكلة الحريري) وتصبح أسدستان فوراً أفضل من الدول الإسكندنافية ؟ وُحجتهم الدامغة في ذلك أنه لا يمكن التصديق بأن الأب مهما كان سيئاً أو قاسياً  لو علم أن أولاده عاطلون عن العمل و يعيشون في فقر مدقع أسود يبحثون عن طعامهم في القمامة و بأن أولادهم (وهم بالتالي أحفاده) يُعانون من سوء التغذية المزمن و سوء التعليم والتربية والصحة,  أو لو علم أيضاً بما يجري من تجاوزات وانتهاكات غير آدمية وغير إنسانية وغير مسبوقة في تاريخ سوريا في حق أولاده وأحفاده معاً وخاصة من قبل العناصر السادية في فروع الأمن والمخابرات وفي السجون والمعتقلات (هذا إذا افترضنا أساساً أنه يعلم بوجودها) , فمن غير المعقول أو المنطقي أن يقبل أو يرضى بذلك أي أب حتى ولو كان (سفن أب) ولابد حينها عندما تدق ساعة الحقيقة وأن تتحرك عاطفة الأبوة الجياشة عنده ليزأر ويثأر لأبنائه عن كرامتهم وآدميتهم المهدورة ويقتص لهم بشدة وحزم من جلاديهم وزبانيتهم ؟ راجياً منهم الصفح والغفران لأن بابا ببساطة لم يكن يعلم ؟.

أخيراً نصل إلى القسم المتطرف من العرافين لنشرح وجهة نظرهم أيضاً وقبل الحديث عنها لا بد من التنويه بأنهم ينقسمون إلى تيارين رئيسيين  تتمحور عقيدة التيار الأول منهم على التشكيك بانتماء المسؤولين إلى الجنس البشري أساساً ,  ويدعمون نظريتهم بسلوك المسؤولين أنفسهم فالجلوس على القوائم الخلفية أمام أولياء نعمتهم والتمسح بهم والانبطاح لهم وهز الرأس والطاعة العمياء ولعق الأيدي.......الخ  ليست بحال من الأحوال من طبيعة الجنس البشري , ويختلف معهم في هذا الطرح مؤيدو التيار الثاني الذين يعتبرون كل ما سبق ذكره أمر لا بد منه و بروتوكول متعارف عليه في بلاط آل الحاكم مع الجميع دون استثناء وهم بداهة ينسِبون المسؤولين إلى الجنس البشري ولكن باعتقادهم الراسخ أنهم الحُثالة من البشر ويدعمون نظريتهم بسلوك المسؤولين أنفسهم أيضاً فالكذب والغش والسلب والنهب والفساد والرشوة والقتل والسادية .....الخ  هي صفات لا تمت بأي حال من الأحوال  للناس العاديين الكرام .

خلاصة القول مهما تعددت النظريات وتشعّبت في محاولة لتفسير سلوك المسؤولين تجاه مواطنيهم  يبقى القاسم المشترك والأكيد لها عبارة صُنع في أسدستان .

ويستمر آل الحاكم في الحكم ......وتستمر المأساة .

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها    

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ