كي
تصنع وردة ربيعاً
إبراهيم
اليوسف
مند أن استلم السيد عمرو سالم
وزير الاتصالات السوري حقيبة
وزارته ، بات مواطننا السوري
يسمع أنباء عن وجود خطة طموحة ،
و وطنية ، لديه ، لخدمة المواطن
السوري ضمن مجال عمله
لاأخفي أنني أحد هؤلاء المواطنين
ممن تشكل الاتصالات عصب حياتهم
اليومي ، لدرجة أنني ممن ينفقون
ما لايقل عن ستين بالمئة من
مردودهم الشهري،
على اتصالاتهم،
وهو رقم كبير ،
دعاني منذ سنوات أن اكتب
مقالا بعنوان:
أعمل كي أتكلم – أبين فيه كل هذا
وغيره..!
ولقد حاولت أكثر من مرّة ، أن
أكتب عن مشروع وزير الاتصالات ،
بيد أنني كنت أتردد في كل مرة
،ولعلّ سبب هذا التردد ،
يكمن في أنني كمواطن ، وككاتب ،
وصحافيّ ،
أجد نفسي قبل كل شيء" حكومة
كاملة" لا مجرد وزير، أو
وزراة ، وأنني تعودت أن أكتب عن
مواطن الخلل، أنى كانت ، وما
أكثرها !، دون أن أخشى في الحق
لومة لائم ، دافعا ً ضريبة ذلك
على حساب لقمة أولادي ، وراحتى ،
بل وأمني الشخصي ، و أن موطناً
إيجابياً، إذا وجد، فإنني لأرى
بأنني لمعنيّ بتسليط الضوء عليه
، وهو ما لم أفعله من قبل ، لأنني
لم أر – وهي وجهة نظر شخصية – من
هو واضح بإنحيازه الى أبناء
بلده إلى درجة العشق ، كما أروم
.....!
بيد أن ما جعلني أكسر هذا التردد
،هو ذهابي في صباح هذا اليوم
الأحد 14-5-2006 إلى مبنى بريد
ومؤسسة هاتف القامشلي ، للحصول
على خط هاتفي جديد، وليس باسمي
،تحاشياً من جور الرقابة التي
قد تتنصت
على المكالمات ،
بل وأن
من بين التهم الموجّهة إلى
صديقي محمد غانم - فك الله
أسره - كما
سمعت، هو اصغاء
أحد الآذان
الطويلة ،على ذبذبات
صوته، و تحويرها،
وهو موضوع آخر.
أجل، إن
ما جعلني أكسر هذا التردّد، هو
أنني تفا جأت بعدد من الأصدقاء،
في مبنى هاتف ـ قامشلي ـ
يعلمونني بأن وزير المواصلات
موجود , في صالة المبنى , وسط حشد
من المواطنين , يصيخ إليهم السمع
, بكل تواضع ، في صالة المواطنين
واقفاً على قدميه ، على امتداد
ساعة كاملة
وليس من وراء طاولة ..!
شعور عارم , امتلكني . وأنا أقول
في نفسي : أمعقول أنني في سوريا ؟,
أمعقول أن يأتي وزير، نعم وزير...
بشحمه ولحمه ،
ويلتقي المواطنين؟
, أين
رجال" المخابرات "الذين
يحيطون عادة بأماكن تواجد مجرد
مسؤول قصير القامة , ويمنعون
الناس من الالتقاء به.....!
أين المداهنون ، والمتزلفون،
والممالقون ، ومساحو الجوخ
، والمهرولون وراء
الاستثناءات التي قصمت ظهر
بلدنا سوريا؟
فجأةً، وجدت نفسي أتقدم منه , كي
يعرفنني به بعض المواطنين ,
وأسأله بعد المصافحة الحميمة ,
وهو يربت بيده على كتفي
،كأنّه يعرفني منذ سنين
طويلة , محققا
بهذه الحميمية ، من
طرفه،العلاقة المطلوبة – أصلاً-
بين المواطن والمسؤول ، وأنا
الفت نظره إلى بعض المطالب
الجماهيرية, و
لأشكره لأنه يكسر تقاليد
المسؤولين , رفيعي المستوى ,
وينزل إلى الشارع , نعم إلى
الشارع..، يستمع إلى المواطنين
بنفسه , يعد الجميع بما لديه من
حلول مريحة ، ولمن لا يعرف هذا
الوزير، أحب أن أشير
بأنه هو من وعد
بتخفيض تسعيرة المكالمة
الدولية , وتسعيرة الهاتف
النقال , بل وتخفيض الاشتراك في
الهاتف الثابت إلى 1500 ل.س ،
بدلاً عن خمسة آلاف ليرة سورية ,
ناهيك عن تخفيض الاشتراك بخدمة الـ ..... adcl. ليكون
مجرد. ألف ليرة سورية بدلاً عن
بضعة آلاف ....
عموما ً ، عندما يقول وزير ،
ولأول مرة في تاريخ سوريا، بعد
كل ما يبديه من وعود فردوسية ،
تتعلق بالخدمات: حاسبونا ان لم
نحقق هذه
الوعود.....! ، ان هذا الوزير
ليستحق منا التشجيع ، و
الاحترام، بل وأن نعلن مثل هذا
الموقف ، لأكثر من سبب ، واعداً
أن أكون من
أوائل الذين سينقدون الرجل في
ما إذا بدا حالما ً ، طوباويا ً ،
مدغدغ مشاعر ، قائلاً ما لا يفعل
، أو
" ضاحكاً على الدقون ".........!
أؤكّد ، أنني- الرجل الذي لا يعرف
إلا النقد - عندما أشيد وعبر
طفرة استثنائية بمواقف – طفرة
وزارية استثنائية – في
تاريخ سوريا ، كما أزعم ، وكما
يخيل إلي ،مع احترامي لمن "عمل"
بصمت ، وبمصداقية ، دون أن نعلم
كمواطنين ، فإن ذلك لكي أشير إلى
هذه الحالة – كقدوة حسنة –و لكي
أدعو كي يحذو حذوها، سواه ، ممن
يفكرون ، كالعادة بعدد السيارات
التي سيستلمونها
، بعد توزيرهم ، بل والمكاسب
التي سيجنونها على حساب تجويع
الملايين من بلد التجويع
والتخويف ، كي يكون هم كل وزير
سواه في الوزارات الأخرى أن
يهبط سعر المواد التموينية
إلى الثلث – وهو الأهم لدى سواد
الجماهير من الاتصالات الترفية
قياساً إلى الحاجة إلى"
الرغيف" ضالة ملايين
السوريين رغم
أنها ضرورية- ويكون لكل مواطن
سوري مورده ، عاملا ً كان أو
عاطلاً عن العمل ضمن إهاب
الضمان الاجتماعي ، وتكفّ أجهزة
الأمن عن مضايقة المواطن
،وتحميله " الظرف المختوم "
على طريقة مسرحية" رأس
المملوك جابر "، وتعكير صفو
أمنه، بدعوى الحفاظ على
الأمن ، ويكون القضاء
النزيه ، غير المؤدلج ، فيصلاً
في كل قضية، لا فروع الأمن
ومراكزالتحقيق، بناء على تقرير
كيدي ، أوأضغان حاقد .....
وأحب أن أشير- أخيراً - إلى أن مثل
هذه الحالة ، تبدو – مجرد طفرة
– قد لاتتكرّر ، وقد
مازحني أحد أصدقائي ، وهو
يراني في مبنى البريد قائلا ً:
أرجو ألا تكتب عن الرجل ، سيحسّ
به الفاسدون ، وسيطير.....لاسمح
الله....لاسمح الله . ألا تتذكر ما جرى ل د . عصام الزعيم، مثلاً،
صاحب الظاهرة العصامية التي تم
وأدهاوووووووالإساءة إليها.....!
-
يقيناً هذا هو الانموذج الذي نريد، من
سيشكل لنا حكومة صرفة من
انموذجه؟...من ؟...!
المشاركات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|